(
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=23إن يردن الرحمن بضر لا تغن عني شفاعتهم شيئا ولا ينقذون )
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=23إن يردن الرحمن بضر لا تغن عني شفاعتهم شيئا ولا ينقذون ) وفيه مسائل :
المسألة الأولى : قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=23إن يردن الرحمن بضر ) ( الزمر : 38 ) ولم يقل : إن أراد الله بي ضرا ، نقول : الفعل إذا كان متعديا إلى مفعول واحد تعدى إلى مفعولين بحرف كاللازم يتعدى بحرف في قولهم : ذهب به وخرج به ، ثم إن المتكلم البليغ يجعل المفعول بغير حرف ما هو أولى بوقوع الفعل عليه ، ويجعل الآخر مفعولا لا بحرف ، فإذا قال القائل مثلا : كيف حال فلان ؟ يقول اختصه الملك بالكرامة والنعمة ، فإذا قال : كيف كرامة الملك ؟ يقول : اختصها بزيد ، فيجعل المسؤول مفعولا بغير حرف ؛ لأنه هو المقصود ، إذا علمت هذا ، فالمقصود فيما نحن فيه بيان
nindex.php?page=treesubj&link=28783كون العبد تحت تصرف الله يقلبه كيف يشاء في البؤس والرخاء ، وليس الضر بمقصود بيانه ، كيف والقائل مؤمن يرجو الرحمة والنعمة بناء على إيمانه بحكم وعد الله ويؤيد هذا قوله من قبل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=22الذي فطرني ) حيث جعل نفسه مفعول الفطرة ، فكذلك جعلها مفعول الإرادة ، وذكر الضر وقع تبعا ، وكذا القول في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=38إن أرادني الله بضر ) ( الزمر : 38 ) المقصود بيان أنه يكون كما يريد الله ، وليس الضر بخصوصه مقصودا بالذكر ويؤيده ما تقدم حيث قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=36أليس الله بكاف عبده ) ( الزمر : 36 ) يعني هو تحت إرادته ويتأيد ما ذكرناه بالنظر في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=17قل من ذا الذي يعصمكم من الله إن أراد بكم سوءا )
[ ص: 52 ] ( الأحزاب : 17 ) حيث خالف هذا النظم وجعل المفعول من غير حرف السوء ، وهو كالضر ، والمفعول بحرف هو المكلف ، وذلك لأن المقصود ذكر الضر للتخويف وكونهم محلا له ، وكيف لا وهم كفرة استحقوا العذاب بكفرهم فجعل الضر مقصودا بالذكر لزجرهم ، فإن قيل : فقد ذكر الله الرحمة أيضا حيث قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=17أو أراد بكم رحمة ) ( الأحزاب : 17 ) وإنما ذكر الرحمة تتمة للأمر بالتقسيم الحاصر ، وكذلك إذا تأملت في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=11يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم قل فمن يملك لكم من الله شيئا إن أراد بكم ضرا أو أراد بكم نفعا ) ( الفتح : 11 ) فإن الكلام أيضا مع الكفار ، وذكر النفع وقع تبعا لحصر الأمر بالتقسيم ، ويدل عليه قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=11بل كان الله بما تعملون خبيرا ) ( الفتح : 11 ) فإنه للتخويف ، وهذا كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=24وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين ) ( سبأ : 24 ) ، والمقصود : إني على هدى وأنتم في ضلال ، ولو قال هكذا لمنع مانع ، فقال بالتقسيم كذلك ههنا المقصود الضر واقع بكم ولأجل دفع المانع قال الضر والنفع .
المسألة الثانية : قال ههنا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=23إن يردن الرحمن ) وقال في الزمر : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=38إن أرادني الله ) ( الزمر : 38 ) فما الحكمة في اختيار صيغة الماضي هنالك ، واختيار صيغة المضارع ههنا ، وذكر المريد باسم الرحمن هنا ، وذكر المريد باسم الله هناك ؟ نقول : أما الماضي والمستقبل فإن إن في الشرط تصير الماضي مستقبلا ، وذلك لأن المذكور ههنا من قبل بصيغة الاستقبال في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=23أأتخذ ) وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=22وما لي لا أعبد ) والمذكور هناك من قبل بصيغة الماضي في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=19أفرأيتم ) ( النجم : 19 ) وكذلك في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=107وإن يمسسك الله بضر ) ( يونس : 107 ) لكون المتقدم عليه مذكورا بصيغة المستقبل ، وهو قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=16من يصرف عنه ) ( الأنعام : 16 ) وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=15إني أخاف إن عصيت ) ( الأنعام : 15 ) والحكمة فيه هو أن الكفار كانوا يخوفون النبي صلى الله عليه وسلم بضر يصيبه من آلهتهم فكأنه قال : صدر منكم التخويف ، وهذا ما سبق منكم ، وههنا ابتداء كلام صدر من المؤمن للتقرير ، والجواب : ما كان يمكن صدوره منهم فافترق الأمران ، وأما قوله هناك : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=38إن أرادني الله ) ( الزمر : 38 ) فنقول : قد ذكرنا أن الاسمين المختصين بواجب الوجود الله والرحمن ، كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=110قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن ) ( الإسراء : 110 ) والله للهيبة والعظمة ، والرحمن للرأفة والرحمة ، وهناك وصف الله بالعزة والانتقام في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=37أليس الله بعزيز ذي انتقام ) ( الزمر : 37 ) وذكر ما يدل على العظمة بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=25ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ) ( لقمان : 25 ) فذكر الاسم الدال على العظمة ، وقال ههنا ما يدل على الرحمة ، بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=22الذي فطرني ) فإنه نعمة هي شرط سائر النعم ، فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=23إن يردن الرحمن بضر ) ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=23لا تغن عني شفاعتهم شيئا ولا ينقذون ) على ترتيب ما يقع من العقلاء ، وذلك لأن من يريد دفع الضر عن شخص أضر به شخص يدفع بالوجه الأحسن فيشفع أولا ، فإن قبله وإلا يدفع ، فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=23لا تغن عني شفاعتهم ) ولا يقدرون على إنقاذي بوجه من الوجوه ، وفي هذه الآيات حصل بيان أن
nindex.php?page=treesubj&link=30489_28678الله تعالى معبود من كل وجه إن كان نظرا إلى جانبه ، فهو فاطر ورب مالك يستحق العبادة سواء أحسن بعد ذلك ، أو لم يحسن وإن كان نظرا إلى إحسانه فهو رحمن ، وإن كان نظرا إلى الخوف فهو يدفع ضره ، وحصل بيان أن غيره لا يصلح أن يعبد بوجه من الوجوه ، فإن أدنى مراتبه أن يعد ذلك ليوم كريهة ، وغير الله لا يدفع شيئا إلا إذا أراد الله ، وإن يرد فلا حاجة إلى دافع .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=23إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ )
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=23إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ ) وَفِيهِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=23إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ ) ( الزُّمَرِ : 38 ) وَلَمْ يَقُلْ : إِنْ أَرَادَ اللَّهُ بِي ضُرًّا ، نَقُولُ : الْفِعْلُ إِذَا كَانَ مُتَعَدِّيًا إِلَى مَفْعُولٍ وَاحِدٍ تَعَدَّى إِلَى مَفْعُولَيْنِ بِحَرْفٍ كَاللَّازِمِ يَتَعَدَّى بِحَرْفٍ فِي قَوْلِهِمْ : ذَهَبَ بِهِ وَخَرَجَ بِهِ ، ثُمَّ إِنَّ الْمُتَكَلِّمَ الْبَلِيغَ يَجْعَلُ الْمَفْعُولَ بِغَيْرِ حَرْفٍ مَا هُوَ أَوْلَى بِوُقُوعِ الْفِعْلِ عَلَيْهِ ، وَيَجْعَلُ الْآخَرَ مَفْعُولًا لَا بِحَرْفٍ ، فَإِذَا قَالَ الْقَائِلُ مَثَلًا : كَيْفَ حَالُ فُلَانٍ ؟ يَقُولُ اخْتَصَّهُ الْمَلِكُ بِالْكَرَامَةِ وَالنِّعْمَةِ ، فَإِذَا قَالَ : كَيْفَ كَرَامَةُ الْمَلِكِ ؟ يَقُولُ : اخْتَصَّهَا بِزَيْدٍ ، فَيَجْعَلُ الْمَسْؤُولَ مَفْعُولًا بِغَيْرِ حَرْفٍ ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمَقْصُودُ ، إِذَا عَلِمْتَ هَذَا ، فَالْمَقْصُودُ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ بَيَانُ
nindex.php?page=treesubj&link=28783كَوْنِ الْعَبْدِ تَحْتَ تَصَرُّفِ اللَّهِ يُقَلِّبُهُ كَيْفَ يَشَاءُ فِي الْبُؤْسِ وَالرَّخَاءِ ، وَلَيْسَ الضُّرُّ بِمَقْصُودٍ بَيَانُهُ ، كَيْفَ وَالْقَائِلُ مُؤْمِنٌ يَرْجُو الرَّحْمَةَ وَالنِّعْمَةَ بِنَاءً عَلَى إِيمَانِهِ بِحُكْمِ وَعْدِ اللَّهِ وَيُؤَيِّدُ هَذَا قَوْلُهُ مِنْ قَبْلُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=22الَّذِي فَطَرَنِي ) حَيْثُ جَعَلَ نَفْسَهُ مَفْعُولَ الْفِطْرَةِ ، فَكَذَلِكَ جَعَلَهَا مَفْعُولَ الْإِرَادَةِ ، وَذِكْرُ الضُّرِّ وَقَعَ تَبَعًا ، وَكَذَا الْقَوْلُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=38إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ ) ( الزُّمَرِ : 38 ) الْمَقْصُودُ بَيَانُ أَنَّهُ يَكُونُ كَمَا يُرِيدُ اللَّهُ ، وَلَيْسَ الضُّرُّ بِخُصُوصِهِ مَقْصُودًا بِالذِّكْرِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا تَقَدَّمَ حَيْثُ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=36أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ) ( الزُّمَرِ : 36 ) يَعْنِي هُوَ تَحْتَ إِرَادَتِهِ وَيَتَأَيَّدُ مَا ذَكَرْنَاهُ بِالنَّظَرِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=17قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا )
[ ص: 52 ] ( الْأَحْزَابِ : 17 ) حَيْثُ خَالَفَ هَذَا النَّظْمَ وَجَعَلَ الْمَفْعُولَ مِنْ غَيْرِ حَرْفِ السُّوءِ ، وَهُوَ كَالضُّرِّ ، وَالْمَفْعُولُ بِحَرْفٍ هُوَ الْمُكَلَّفُ ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ ذِكْرُ الضُّرِّ لِلتَّخْوِيفِ وَكَوْنُهُمْ مَحَلًّا لَهُ ، وَكَيْفَ لَا وَهُمْ كَفَرَةٌ اسْتَحَقُّوا الْعَذَابَ بِكُفْرِهِمْ فَجَعَلَ الضُّرَّ مَقْصُودًا بِالذِّكْرِ لِزَجْرِهِمْ ، فَإِنْ قِيلَ : فَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ الرَّحْمَةَ أَيْضًا حَيْثُ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=17أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً ) ( الْأَحْزَابِ : 17 ) وَإِنَّمَا ذَكَرَ الرَّحْمَةَ تَتِمَّةً لِلْأَمْرِ بِالتَّقْسِيمِ الْحَاصِرِ ، وَكَذَلِكَ إِذَا تَأَمَّلْتَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=11يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا ) ( الْفَتْحِ : 11 ) فَإِنَّ الْكَلَامَ أَيْضًا مَعَ الْكُفَّارِ ، وَذِكْرُ النَّفْعِ وَقَعَ تَبَعًا لِحَصْرِ الْأَمْرِ بِالتَّقْسِيمِ ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=11بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ) ( الْفَتْحِ : 11 ) فَإِنَّهُ لِلتَّخْوِيفِ ، وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=24وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ) ( سَبَأٍ : 24 ) ، وَالْمَقْصُودُ : إِنِّي عَلَى هُدًى وَأَنْتُمْ فِي ضَلَالٍ ، وَلَوْ قَالَ هَكَذَا لَمَنَعَ مَانِعٌ ، فَقَالَ بِالتَّقْسِيمِ كَذَلِكَ هَهُنَا الْمَقْصُودُ الضُّرُّ وَاقِعٌ بِكُمْ وَلِأَجْلِ دَفْعِ الْمَانِعِ قَالَ الضُّرُّ وَالنَّفْعُ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : قَالَ هَهُنَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=23إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ ) وَقَالَ فِي الزُّمَرِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=38إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ ) ( الزُّمَرِ : 38 ) فَمَا الْحِكْمَةُ فِي اخْتِيَارِ صِيغَةِ الْمَاضِي هُنَالِكَ ، وَاخْتِيَارِ صِيغَةِ الْمُضَارِعِ هَهُنَا ، وَذِكْرِ الْمُرِيدِ بِاسْمِ الرَّحْمَنِ هُنَا ، وَذِكْرِ الْمُرِيدِ بِاسْمِ اللَّهِ هُنَاكَ ؟ نَقُولُ : أَمَّا الْمَاضِي وَالْمُسْتَقْبَلُ فَإِنَّ إِنْ فِي الشَّرْطِ تُصَيِّرُ الْمَاضِيَ مُسْتَقْبَلًا ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَذْكُورَ هَهُنَا مِنْ قَبْلُ بِصِيغَةِ الِاسْتِقْبَالِ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=23أَأَتَّخِذُ ) وَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=22وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ ) وَالْمَذْكُورُ هُنَاكَ مِنْ قَبْلُ بِصِيغَةِ الْمَاضِي فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=19أَفَرَأَيْتُمُ ) ( النَّجْمِ : 19 ) وَكَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=107وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ ) ( يُونُسَ : 107 ) لِكَوْنِ الْمُتَقَدِّمِ عَلَيْهِ مَذْكُورًا بِصِيغَةِ الْمُسْتَقْبَلِ ، وَهُوَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=16مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ ) ( الْأَنْعَامِ : 16 ) وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=15إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ ) ( الْأَنْعَامِ : 15 ) وَالْحِكْمَةُ فِيهِ هُوَ أَنَّ الْكُفَّارَ كَانُوا يُخَوِّفُونَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِضُرٍّ يُصِيبُهُ مِنْ آلِهَتِهِمْ فَكَأَنَّهُ قَالَ : صَدَرَ مِنْكُمُ التَّخْوِيفُ ، وَهَذَا مَا سَبَقَ مِنْكُمْ ، وَهَهُنَا ابْتِدَاءُ كَلَامٍ صَدَرَ مِنَ الْمُؤْمِنِ لِلتَّقْرِيرِ ، وَالْجَوَابُ : مَا كَانَ يُمْكِنُ صُدُورُهُ مِنْهُمْ فَافْتَرَقَ الْأَمْرَانِ ، وَأَمَّا قَوْلُهُ هُنَاكَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=38إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ ) ( الزُّمَرِ : 38 ) فَنَقُولُ : قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الِاسْمَيْنِ الْمُخْتَصَّيْنِ بِوَاجِبِ الْوُجُودِ اللَّهُ وَالرَّحْمَنُ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=110قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ ) ( الْإِسْرَاءِ : 110 ) وَاللَّهُ لِلْهَيْبَةِ وَالْعَظَمَةِ ، وَالرَّحْمَنُ لِلرَّأْفَةِ وَالرَّحْمَةِ ، وَهُنَاكَ وُصِفَ اللَّهُ بِالْعِزَّةِ وَالِانْتِقَامِ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=37أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ ) ( الزُّمَرِ : 37 ) وَذَكَرَ مَا يَدُلُّ عَلَى الْعَظَمَةِ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=25وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ) ( لُقْمَانَ : 25 ) فَذَكَرَ الِاسْمَ الدَّالَّ عَلَى الْعَظَمَةِ ، وَقَالَ هَهُنَا مَا يَدُلُّ عَلَى الرَّحْمَةِ ، بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=22الَّذِي فَطَرَنِي ) فَإِنَّهُ نِعْمَةٌ هِيَ شَرْطُ سَائِرِ النِّعَمِ ، فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=23إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ ) ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=23لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ ) عَلَى تَرْتِيبِ مَا يَقَعُ مِنَ الْعُقَلَاءِ ، وَذَلِكَ لِأَنَّ مَنْ يُرِيدُ دَفْعَ الضُّرِّ عَنْ شَخْصٍ أَضَرَّ بِهِ شَخْصٌ يَدْفَعُ بِالْوَجْهِ الْأَحْسَنِ فَيَشْفَعُ أَوَّلًا ، فَإِنْ قَبِلَهُ وَإِلَّا يَدْفَعُ ، فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=23لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ ) وَلَا يَقْدِرُونَ عَلَى إِنْقَاذِي بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ ، وَفِي هَذِهِ الْآيَاتِ حَصَلَ بَيَانُ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=30489_28678اللَّهَ تَعَالَى مَعْبُودٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ إِنْ كَانَ نَظَرًا إِلَى جَانِبِهِ ، فَهُوَ فَاطِرٌ وَرَبٌّ مَالِكٌ يَسْتَحِقُّ الْعِبَادَةَ سَوَاءٌ أَحْسَنَ بَعْدَ ذَلِكَ ، أَوْ لَمْ يُحْسِنْ وَإِنْ كَانَ نَظَرًا إِلَى إِحْسَانِهِ فَهُوَ رَحْمَنٌ ، وَإِنْ كَانَ نَظَرًا إِلَى الْخَوْفِ فَهُوَ يَدْفَعُ ضَرَّهُ ، وَحَصَلَ بَيَانُ أَنَّ غَيْرَهُ لَا يَصْلُحُ أَنْ يُعْبَدَ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ ، فَإِنَّ أَدْنَى مَرَاتِبِهِ أَنْ يُعِدَّ ذَلِكَ لِيَوْمِ كَرِيهَةٍ ، وَغَيْرُ اللَّهِ لَا يَدْفَعُ شَيْئًا إِلَّا إِذَا أَرَادَ اللَّهُ ، وَإِنْ يُرِدْ فَلَا حَاجَةَ إِلَى دَافِعٍ .