(
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=53إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم جميع لدينا محضرون nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=54فاليوم لا تظلم نفس شيئا ولا تجزون إلا ما كنتم تعملون ) .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=53إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم جميع لدينا محضرون ) .
أي
nindex.php?page=treesubj&link=30293ما كانت النفخة إلا صيحة واحدة ، يدل على النفخة قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=51ونفخ في الصور ) ويحتمل أن يقال : إن كانت الواقعة ، وقرئت الصيحة مرفوعة على أن كان هي التامة ، بمعنى ما وقعت إلا صيحة ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : لو كان كذلك لكان الأحسن أن يقال : إن كان ، لأن المعنى حينئذ ما وقع شيء إلا صيحة ، لكن التأنيث جائز إحالة على الظاهر ، ويمكن أن يقول الذي قرأ بالرفع أن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=1إذا وقعت الواقعة ) [ الواقعة : 1 ] تأنيث تهويل ومبالغة ، يدل عليه قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=2ليس لوقعتها كاذبة ) [ الواقعة : 2 ] فإنها للمبالغة فكذلك ههنا قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=53إن كانت إلا صيحة ) مؤنثة تأنيث تهويل ، ولهذا
nindex.php?page=treesubj&link=30291جاءت أسماء يوم الحشر كلها مؤنثة كالقيامة والقارعة والحاقة والطامة والصاخة إلى غيرها ،
nindex.php?page=showalam&ids=14423والزمخشري يقول : كاذبة بمعنى ليس لوقعتها نفس كاذبة ، وتأنيث أسماء الحشر لكون الحشر مسمى بالقيامة ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=53محضرون ) دل على كونهم (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=51ينسلون ) إجباري لا اختياري .
ثم بين ما يكون في ذلك اليوم بقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=54فاليوم لا تظلم نفس شيئا ولا تجزون إلا ما كنتم تعملون ) .
[ ص: 80 ] فقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=54لا تظلم نفس ) ليأمن المؤمن (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=54ولا تجزون إلا ما كنتم تعملون ) لييأس المجرم الكافر وفيه مسائل :
المسألة الأولى : ما الفائدة في الخطاب عند الإشارة إلى يأس المجرم بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=54ولا تجزون ) وترك الخطاب في الإشارة إلى أمان المؤمن من العذاب بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=54لا تظلم ) ولم يقل ولا تظلمون أيها المؤمنون ؟ نقول : لأن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=54لا تظلم نفس شيئا ) يفيد العموم وهو كذلك فإنها لا تظلم أبدا (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=54ولا تجزون ) مختص بالكافر ، فإن الله يجزي المؤمن وإن لم يفعل فإن لله فضلا مختصا بالمؤمن وعدلا عاما ، وفيه بشارة .
المسألة الثانية : ما
nindex.php?page=treesubj&link=34077المقتضي لذكر فاء التعقيب ؟ نقول لما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=53محضرون ) مجموعون ، والجمع للفصل والحساب ، فكأنه تعالى قال : إذا جمعوا لم يجمعوا إلا للفصل بالعدل ، فلا ظلم عند الجمع للعدل ، فصار عدم الظلم مترتبا على الإحضار للعدل ، ولهذا يقول القائل للوالي أو للقاضي : جلست للعدل فلا تظلم ، أي ذلك يقتضي هذا ويستعقبه .
المسألة الثالثة : لا يجزون عين ما كانوا يعملون ، بل يجزون بما كانوا أو على ما كانوا
nindex.php?page=treesubj&link=29468_29007وقوله : ( nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=54ولا تجزون إلا ما كنتم تعملون ) يدل على أن الجزاء بعين العمل ، لا يقال : جزى يتعدى بنفسه وبالباء ، يقال : جزيته خيرا وجزيته بخير ، لأن ذلك ليس من هذا لأنك إذا قلت : جزيته بخير لا يكون الخير مفعولك ، بل تكون الباء للمقابلة والسببية كأنك تقول : جزيته جزاء بسبب ما فعل ، فنقول : الجواب عنه من وجهين :
أحدهما : أن يكون ذلك إشارة على وجه المبالغة إلى عدم الزيادة ، وذلك لأن الشيء لا يزيد على عينه ، فنقول : قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=147يجزون إلا ما كانوا يعملون ) [ الأعراف : 147 ] في المساواة كأنه عين ما عملوا يقال : فلان يجاوبني حرفا بحرف أي لا يترك شيئا ، وهذا يوجب اليأس العظيم .
الثاني : هو أن ما غير راجع إلى الخصوص ، وإنما هي للجنس تقديره ولا تجزون إلا جنس العمل أي إن كان حسنة فحسنة ، وإن كانت سيئة فسيئة ، فتجزون ما تعملون من السيئة والحسنة ، وهذا كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=40وجزاء سيئة سيئة مثلها ) [ الشورى : 40 ] .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=53إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=54فَالْيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=53إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ ) .
أَيْ
nindex.php?page=treesubj&link=30293مَا كَانَتِ النَّفْخَةُ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً ، يَدُلُّ عَلَى النَّفْخَةِ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=51وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ) وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ : إِنْ كَانَتِ الْوَاقِعَةُ ، وَقُرِئَتِ الصَّيْحَةُ مَرْفُوعَةً عَلَى أَنَّ كَانَ هِيَ التَّامَّةُ ، بِمَعْنَى مَا وَقَعَتْ إِلَّا صَيْحَةٌ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَ الْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ : إِنْ كَانَ ، لِأَنَّ الْمَعْنَى حِينَئِذٍ مَا وَقَعَ شَيْءٌ إِلَّا صَيْحَةٌ ، لَكِنَّ التَّأْنِيثَ جَائِزٌ إِحَالَةً عَلَى الظَّاهِرِ ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَقُولَ الَّذِي قَرَأَ بِالرَّفْعِ أَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=1إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ ) [ الْوَاقِعَةِ : 1 ] تَأْنِيثُ تَهْوِيلٍ وَمُبَالَغَةٍ ، يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=2لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ ) [ الْوَاقِعَةِ : 2 ] فَإِنَّهَا لِلْمُبَالَغَةِ فَكَذَلِكَ هَهُنَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=53إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً ) مُؤَنَّثَةٌ تَأْنِيثَ تَهْوِيلٍ ، وَلِهَذَا
nindex.php?page=treesubj&link=30291جَاءَتْ أَسْمَاءُ يَوْمِ الْحَشْرِ كُلُّهَا مُؤَنَّثَةً كَالْقِيَامَةِ وَالْقَارِعَةِ وَالْحَاقَّةِ وَالطَّامَّةِ وَالصَّاخَّةِ إِلَى غَيْرِهَا ،
nindex.php?page=showalam&ids=14423وَالزَّمَخْشَرِيُّ يَقُولُ : كَاذِبَةٌ بِمَعْنَى لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا نَفْسٌ كَاذِبَةٌ ، وَتَأْنِيثُ أَسْمَاءِ الْحَشْرِ لِكَوْنِ الْحَشْرِ مُسَمًّى بِالْقِيَامَةِ ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=53مُحْضَرُونَ ) دَلَّ عَلَى كَوْنِهِمْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=51يَنْسِلُونَ ) إِجْبَارِيٌّ لَا اخْتِيَارِيٌّ .
ثُمَّ بَيَّنَ مَا يَكُونُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=54فَالْيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) .
[ ص: 80 ] فَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=54لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ ) لِيَأْمَنَ الْمُؤْمِنُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=54وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) لِيَيْأَسَ الْمُجْرِمُ الْكَافِرُ وَفِيهِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : مَا الْفَائِدَةُ فِي الْخِطَابِ عِنْدَ الْإِشَارَةِ إِلَى يَأْسِ الْمُجْرِمِ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=54وَلَا تُجْزَوْنَ ) وَتَرْكِ الْخِطَابِ فِي الْإِشَارَةِ إِلَى أَمَانِ الْمُؤْمِنِ مِنَ الْعَذَابِ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=54لَا تُظْلَمُ ) وَلَمْ يَقُلْ وَلَا تُظْلَمُونَ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ ؟ نَقُولُ : لِأَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=54لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا ) يُفِيدُ الْعُمُومَ وَهُوَ كَذَلِكَ فَإِنَّهَا لَا تُظْلَمُ أَبَدًا (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=54وَلَا تُجْزَوْنَ ) مُخْتَصٌّ بِالْكَافِرِ ، فَإِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُؤْمِنَ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَإِنَّ لِلَّهِ فَضْلًا مُخْتَصًّا بِالْمُؤْمِنِ وَعَدْلًا عَامًّا ، وَفِيهِ بِشَارَةٌ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : مَا
nindex.php?page=treesubj&link=34077الْمُقْتَضِي لِذِكْرِ فَاءِ التَّعْقِيبِ ؟ نَقُولُ لَمَّا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=53مُحْضَرُونَ ) مَجْمُوعُونَ ، وَالْجَمْعُ لِلْفَصْلِ وَالْحِسَابِ ، فَكَأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ : إِذَا جُمِعُوا لَمْ يُجْمَعُوا إِلَّا لِلْفَصْلِ بِالْعَدْلِ ، فَلَا ظُلْمَ عِنْدَ الْجَمْعِ لِلْعَدْلِ ، فَصَارَ عَدَمُ الظُّلْمِ مُتَرَتِّبًا عَلَى الْإِحْضَارِ لِلْعَدْلِ ، وَلِهَذَا يَقُولُ الْقَائِلُ لِلْوَالِيِّ أَوْ لِلْقَاضِي : جَلَسْتَ لِلْعَدْلِ فَلَا تَظْلِمْ ، أَيْ ذَلِكَ يَقْتَضِي هَذَا وَيَسْتَعْقِبُهُ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : لَا يُجْزَوْنَ عَيْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ، بَلْ يُجْزَوْنَ بِمَا كَانُوا أَوْ عَلَى مَا كَانُوا
nindex.php?page=treesubj&link=29468_29007وَقَوْلُهُ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=54وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْجَزَاءَ بِعَيْنِ الْعَمَلِ ، لَا يُقَالُ : جَزَى يَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ وَبِالْبَاءِ ، يُقَالُ : جَزَيْتُهُ خَيْرًا وَجَزَيْتُهُ بِخَيْرٍ ، لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ هَذَا لِأَنَّكَ إِذَا قُلْتَ : جَزَيْتُهُ بِخَيْرٍ لَا يَكُونُ الْخَيْرُ مَفْعُولَكَ ، بَلْ تَكُونُ الْبَاءُ لِلْمُقَابَلَةِ وَالسَّبَبِيَّةِ كَأَنَّكَ تَقُولُ : جَزَيْتُهُ جَزَاءً بِسَبَبِ مَا فَعَلَ ، فَنَقُولُ : الْجَوَابُ عَنْهُ مِنْ وَجْهَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ إِشَارَةً عَلَى وَجْهِ الْمُبَالَغَةِ إِلَى عَدَمِ الزِّيَادَةِ ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الشَّيْءَ لَا يَزِيدُ عَلَى عَيْنِهِ ، فَنَقُولُ : قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=147يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) [ الْأَعْرَافِ : 147 ] فِي الْمُسَاوَاةِ كَأَنَّهُ عَيْنُ مَا عَمِلُوا يُقَالُ : فُلَانٌ يُجَاوِبُنِي حَرْفًا بِحَرْفٍ أَيْ لَا يَتْرُكُ شَيْئًا ، وَهَذَا يُوجِبُ الْيَأْسَ الْعَظِيمَ .
الثَّانِي : هُوَ أَنَّ مَا غَيْرُ رَاجِعٍ إِلَى الْخُصُوصِ ، وَإِنَّمَا هِيَ لِلْجِنْسِ تَقْدِيرُهُ وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا جِنْسَ الْعَمَلِ أَيْ إِنْ كَانَ حَسَنَةً فَحَسَنَةً ، وَإِنْ كَانَتْ سَيِّئَةً فَسَيِّئَةً ، فَتُجْزَوْنَ مَا تَعْمَلُونَ مِنَ السَّيِّئَةِ وَالْحَسَنَةِ ، وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=40وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا ) [ الشُّورَى : 40 ] .