(
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=55إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=56هم وأزواجهم في ظلال على الأرائك متكئون nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=57لهم فيها فاكهة ولهم ما يدعون ) .
ثم بين حال المحسن وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=55إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=56هم وأزواجهم في ظلال على الأرائك متكئون nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=57لهم فيها فاكهة ولهم ما يدعون ) .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=55في شغل ) يحتمل وجوها :
أحدها : في شغل عن هول اليوم بأخذ ما آتاهم الله من الثواب ، فما عندهم خبر من عذاب ولا حساب ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=55فاكهون ) يكون متمما لبيان سلامتهم فالله لو قال : ( في شغل ) جاز أن يقال هم في ( شغل ) عظيم من التفكر في اليوم وأهواله ، فإن من يصيبه فتنة عظيمة ثم يعرض عليه أمر من أموره ويخبر بخسران وقع في ماله ، يقول أنا مشغول عن هذا بأهم منه ، فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=55فاكهون ) أي شغلوا عنه باللذة والسرور لا بالويل والثبور .
وثانيها : أن يكون ذلك بيانا لحالهم ولا يريد أنهم شغلوا عن
[ ص: 81 ] شيء بل يكون معناه هم في عمل ، ثم بين عملهم بأنه ليس بشاق ، بل هو ملذ محبوب .
وثالثها : في شغل عما توقعوه فإنهم تصوروا في الدنيا أمورا ، وقالوا : نحن إذا دخلنا الجنة لا نطلب إلا كذا وكذا ، فرأوا ما لم يخطر ببالهم فاشتغلوا به .
وفيه وجوه غير هذه ضعيفة :
أحدها : قيل : افتضاض الأبكار ، وهذا ما ذكرناه في الوجه الثالث أن الإنسان قد يترجح في نظره الآن مداعبة الكواعب فيقول في الجنة ألتذ بها ، ثم إن الله ربما يؤتيه ما يشغله عنها .
وثانيها : قيل في ضرب الأوتار وهو من قبيل ما ذكرناه توهم .
وثالثها : في التزاور .
ورابعها : في ضيافة الله وهو قريب مما قلنا ؛ لأن ضيافة الله تكون بألذ ما يمكن وحينئذ تشغله تلك عما توهمه في دنياه وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=55فاكهون ) خبر إن ، و (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=55شغل ) بيان ما فكاهتهم فيه يقال : زيد على عمله مقبل ، وفي بيته جالس فلا يكون الجار والمجرور خبرا ، ولو نصبت جالسا لكان الجار والمجرور خبرا .
وكذلك لو قال : في شغل فاكهين لكان معناه :
nindex.php?page=treesubj&link=30387أصحاب الجنة مشغولون ، فاكهين على الحال ، وقرئ بالنصب ، والفاكه الملتذ المتنعم به ، ومنه الفاكهة ؛ لأنها لا تكون في السعة إلا للذة فلا تؤكل لدفع ألم الجوع ، وفيه معنى لطيف . وهو أنه أشار بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=55في شغل ) عن عدمهم الألم فلا ألم عندهم ، ثم بين بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=55فاكهون ) عن وجدانهم اللذة ، وعادم الألم قد لا يكون واجدا للذة ، فبين أنهم على أتم حال .
ثم بين الكمال بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=56هم وأزواجهم ) وذلك لأن من يكون في لذة قد تتنغص عليه بسبب تفكره في حال من يهمه أمره فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=56هم وأزواجهم ) أيضا فلا يبقى لهم تعلق قلب ، وأما من في النار من أقاربهم وإخوانهم فيكونون هم عنهم في شغل ، ولا يكون منهم عندهم ألم ولا يشتهون حضورهم .
والأزواج يحتمل وجهين :
أحدهما : أشكالهم في الإحسان وأمثالهم في الإيمان كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=58من شكله أزواج ) [ ص : 58 ] .
وثانيهما : الأزواج هم المفهومون من زوج المرأة وزوجة الرجل كما في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=30إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم ) [ المعارج : 30 ] وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=234ويذرون أزواجا ) [ البقرة : 234 ] فإن المراد ليس هو الأشكال ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=56في ظلال ) جمع ظل ، وظلل جمع ظلة ، والمراد به الوقاية عن مكان الألم ، فإن الجالس تحت كن لا يخشى المطر ولا حر الشمس ، فيكون مستعدا لدفع الألم ، فكذلك لهم من ظل الله ما يقيهم الأسواء ، كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=35لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب ) [ فاطر : 35 ] وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=13لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا ) [ الإنسان : 13 ] إشارة إلى عدم الآلام . وفيه لطيفة أيضا ، وهي أن حال المكلف ، إما أن يكون اختلالها بسبب ما فيه من الشغل ، وإن كان في مكان عال كالقاعد في حر الشمس في البستان المتنزه ، أو يكون بسبب المكان ، وإن كان الشغل مطلوبا كملاعبة الكواعب في المكان المكشوف ، وإما أن يكون بسبب المأكل كالمتفرج في البستان إذا أعوزه الطعام ، وإما بسبب فقد الحبيب ، وإلى هذا يشير أهل القلب في شرائط السماع بقولهم : الزمان والمكان والإخوان فقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=55في شغل فاكهون ) إشارة إلى أنهم ليسوا في تعب وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=56هم وأزواجهم ) إشارة إلى عدم الوحدة الموحشة وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=56في ظلال على الأرائك متكئون ) إشارة إلى المكان وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=57nindex.php?page=treesubj&link=30387_29007لهم فيها فاكهة ولهم ما يدعون ) إشارة إلى دفع جميع حوائجهم وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=56متكئون ) إشارة إلى أدل وضع على القوة والفراغة ، فإن القائم قد يقوم لشغل والقاعد قد يقعد لهم . وأما المتكئ فلا يتكئ إلا عند الفراغ والقدرة لأن المريض لا يقدر على الاتكاء ، وإنما يكون مضطجعا أو مستلقيا " والأرائك " جمع أريكة وهي السرير الذي عليه الفرش وهو تحت الحجلات فيكون مرئيا هو وما فوقه . وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=57لهم فيها فاكهة ) إشارة إلى أن لا جوع هناك ، وليس الأكل لدفع
[ ص: 82 ] ألم الجوع ، وإنما مأكولهم فاكهة ، ولو كان لحما طريا ، لا يقال : قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=21ولحم طير مما يشتهون ) [ الواقعة : 21 ] يدل على التغاير وصدق الشهوة وهو الجوع ؛ لأنا نقول : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=21مما يشتهون ) [ الواقعة : 21 ] يؤكد معنى عدم الألم ؛ لأن أكل الشيء قد يكون للتداوي من غير شهوة ، فقال مما يشتهون ؛ لأن لحم الطير في الدنيا يؤكل في حالتين :
إحداهما : حالة التنعم .
والثانية : حالة ضعف المعدة .
وحينئذ لا يأكل لحم طير يشتهيه ، وإنما يأكل ما يوافقه ويأمره به الطبيب ، وأما أنه يدل على التغاير ، فنقول نسلم ذلك ؛ لأن الخاص يخالف العام ، على أن ذلك لا يقدح في غرضنا ؛ لأنا نقول : إنما اختار من أنواع المأكول الفاكهة في هذا الموضع ؛ لأنها أدل على التنعم والتلذذ وعدم الجوع ، والتنكير لبيان الكمال ، وقد ذكرناه مرارا . وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=57لهم فيها فاكهة ) ولم يقل : يأكلون ، إشارة إلى كون زمام الاختيار بيدهم وكونهم مالكين وقادرين .
nindex.php?page=treesubj&link=30387_29007وقوله : ( nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=57ولهم ما يدعون ) فيه وجوه :
أحدها : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=57ولهم ما يدعون ) لأنفسهم أي دعاؤهم مستجاب ، وحينئذ يكون هذا افتعالا بمعنى الفعل كالاحتمال بمعنى الحمل والارتحال بمعنى الرحيل ، وعلى هذا فليس معناه أنهم يدعون لأنفسهم دعاء فيستجاب دعاؤهم بعد الطلب ، بل معناه : ولهم ما يدعون لأنفسهم أي ذلك لهم فلا حاجة لهم إلى الدعاء والطلب ، كما أن الملك إذا طلب منه مملوكه شيئا يقول لك ذلك فيفهم منه تارة أن طلبك مجاب وأن هذا أمر هين بأن تعطى ما طلبت ، ويفهم تارة منه الرد وبيان أن ذلك لك حاصل فلم تطلبه ؟ ، فقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=57ولهم ما يدعون ) ويطلبون فلا طلب لهم ، وتقريره هو أن يكون ما يدعون بمعنى ما يصح أن يطلب ويدعى ، يعني كل ما يصح أن يطلب فهو حاصل لهم قبل الطلب ، أو نقول : المراد الطلب والإجابة ، وذلك لأن الطلب من الله أيضا فيه لذة ، فلو قطع الله الأسباب بينهم وبينه لما كان يطيب لهم فأبقى أشياء يعطيهم إياها عند الطلب ليكون لهم عند الطلب لذة وعند العطاء ، فإن كون المملوك بحيث يتمكن من أن يخاطب الملك في حوائجه منصب عظيم ، والملك الجبار قد يدفع حوائج المماليك بأسرها قصدا منه لئلا يخاطب .
الثاني : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=57ما يدعون ) ما يتداعون وحينئذ يكون افتعالا بمعنى التفاعل ، كالاقتتال بمعنى التقاتل ، ومعناه ما ذكرناه أن كل ما يصح أن يدعو أحد صاحبه إليه ، أو يطلبه أحد من صاحبه فهو حاصل لهم .
الثالث : ما يتمنونه .
الرابع : بمعنى الدعوى ، ومعناه حينئذ أنهم كانوا يدعون في الدنيا أن لهم الله وهو مولاهم وأن الكافرين لا مولى لهم ، فقال لهم في الجنة ما يدعون به في الدنيا ، فتكون الحكاية محكية في الدنيا ، كأنه يقول : في يومنا هذا لكم أيها المؤمنون غدا ما تدعون اليوم ، لا يقال : بأن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=55إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=56هم وأزواجهم في ظلال ) يدل على أن القول يوم القيامة ؛ لأنا نقول : الجواب عنه من وجهين :
أحدهما : أن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=56هم ) مبتدأ (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=56وأزواجهم ) عطف عليهم فيحتمل أن يكون هذا الكلام في يومنا هذا يخبرنا أن
nindex.php?page=treesubj&link=30387المؤمن وأزواجه في ظلال غدا وله ما يدعيه .
الجواب الثاني : وهو أولى هو أن نقول : معناه لهم ما يدعون أي ما كانوا يدعون . لا يقال بأنه إضمار حيث لا ضرورة ، وإنه غير جائز لأنا نقول على ما ذكرنا يبقى الادعاء مستعملا في معناه المشهور ؛ لأن الدعاء هو الإتيان بالدعوى ، وإنما قلنا : إن هذا أولى ؛ لأن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=58سلام قولا من رب رحيم ) هو في دار الآخرة وهو كالتفسير لقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=57ما يدعون ) ولأن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=57ما يدعون ) مذكور بين جمل كلها في الآخرة فما يدعون أيضا ينبغي أن يكون في الآخرة ، وفي الآخرة لا يبقى دعوى وبينة لظهور الأمور والفصل بين أهل الثبور والحبور .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=55إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=56هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=57لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ ) .
ثُمَّ بَيَّنَ حَالَ الْمُحْسِنِ وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=55إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=56هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=57لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ ) .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=55فِي شُغُلٍ ) يَحْتَمِلُ وُجُوهًا :
أَحَدُهَا : فِي شُغُلٍ عَنْ هَوْلِ الْيَوْمِ بِأَخْذِ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنَ الثَّوَابِ ، فَمَا عِنْدَهُمْ خَبَرٌ مِنْ عَذَابٍ وَلَا حِسَابٍ ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=55فَاكِهُونَ ) يَكُونُ مُتَمِّمًا لِبَيَانِ سَلَامَتِهِمْ فَاللَّهُ لَوْ قَالَ : ( فِي شُغُلٍ ) جَازَ أَنْ يُقَالَ هُمْ فِي ( شُغُلٍ ) عَظِيمٍ مِنَ التَّفَكُّرِ فِي الْيَوْمِ وَأَهْوَالِهِ ، فَإِنَّ مَنْ يُصِيبُهُ فِتْنَةٌ عَظِيمَةٌ ثُمَّ يُعْرَضُ عَلَيْهِ أَمْرٌ مِنْ أُمُورِهِ وَيُخْبَرُ بِخُسْرَانٍ وَقَعَ فِي مَالِهِ ، يَقُولُ أَنَا مَشْغُولٌ عَنْ هَذَا بِأَهَمَّ مِنْهُ ، فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=55فَاكِهُونَ ) أَيْ شُغِلُوا عَنْهُ بِاللَّذَّةِ وَالسُّرُورِ لَا بِالْوَيْلِ وَالثُّبُورِ .
وَثَانِيهَا : أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بَيَانًا لِحَالِهِمْ وَلَا يُرِيدُ أَنَّهُمْ شُغِلُوا عَنْ
[ ص: 81 ] شَيْءٍ بَلْ يَكُونُ مَعْنَاهُ هُمْ فِي عَمَلٍ ، ثُمَّ بَيَّنَ عَمَلَهُمْ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِشَاقٍّ ، بَلْ هُوَ مُلِذٌّ مَحْبُوبٌ .
وَثَالِثُهَا : فِي شُغُلٍ عَمَّا تَوَقَّعُوهُ فَإِنَّهُمْ تَصَوَّرُوا فِي الدُّنْيَا أُمُورًا ، وَقَالُوا : نَحْنُ إِذَا دَخَلْنَا الْجَنَّةَ لَا نَطْلُبُ إِلَّا كَذَا وَكَذَا ، فَرَأَوْا مَا لَمْ يَخْطُرْ بِبَالِهِمْ فَاشْتَغَلُوا بِهِ .
وَفِيهِ وُجُوهٌ غَيْرُ هَذِهِ ضَعِيفَةٌ :
أَحَدُهَا : قِيلَ : افْتِضَاضُ الْأَبْكَارِ ، وَهَذَا مَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْوَجْهِ الثَّالِثِ أَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَتَرَجَّحُ فِي نَظَرِهِ الْآنَ مُدَاعَبَةُ الْكَوَاعِبِ فَيَقُولُ فِي الْجَنَّةِ أَلْتَذُّ بِهَا ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ رُبَّمَا يُؤْتِيهِ مَا يَشْغَلُهُ عَنْهَا .
وَثَانِيهَا : قِيلَ فِي ضَرْبِ الْأَوْتَارِ وَهُوَ مِنْ قَبِيلِ مَا ذَكَرْنَاهُ تَوَهُّمٌ .
وَثَالِثُهَا : فِي التَّزَاوُرِ .
وَرَابِعُهَا : فِي ضِيَافَةِ اللَّهِ وَهُوَ قَرِيبٌ مِمَّا قُلْنَا ؛ لِأَنَّ ضِيَافَةَ اللَّهِ تَكُونُ بِأَلَذِّ مَا يُمْكِنُ وَحِينَئِذٍ تَشْغَلُهُ تِلْكَ عَمَّا تَوَهَّمَهُ فِي دُنْيَاهُ وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=55فَاكِهُونَ ) خَبَرُ إِنَّ ، وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=55شُغُلٍ ) بَيَانُ مَا فَكَاهَتُهُمْ فِيهِ يُقَالُ : زَيْدٌ عَلَى عَمَلِهِ مُقْبِلٌ ، وَفِي بَيْتِهِ جَالِسٌ فَلَا يَكُونُ الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ خَبَرًا ، وَلَوْ نَصَبْتَ جَالِسًا لَكَانَ الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ خَبَرًا .
وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ : فِي شُغُلٍ فَاكِهِينَ لَكَانَ مَعْنَاهُ :
nindex.php?page=treesubj&link=30387أَصْحَابُ الْجَنَّةِ مَشْغُولُونَ ، فَاكِهِينَ عَلَى الْحَالِ ، وَقُرِئَ بِالنَّصْبِ ، وَالْفَاكِهُ الْمُلْتَذُّ الْمُتَنَعِّمُ بِهِ ، وَمِنْهُ الْفَاكِهَةُ ؛ لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ فِي السَّعَةِ إِلَّا لِلَذَّةٍ فَلَا تُؤْكَلُ لِدَفْعِ أَلَمِ الْجُوعِ ، وَفِيهِ مَعْنًى لَطِيفٌ . وَهُوَ أَنَّهُ أَشَارَ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=55فِي شُغُلٍ ) عَنْ عُدْمِهِمُ الْأَلَمَ فَلَا أَلَمَ عِنْدَهُمْ ، ثُمَّ بَيَّنَ بُقُولِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=55فَاكِهُونَ ) عَنْ وِجْدَانِهِمُ اللَّذَّةَ ، وَعَادِمُ الْأَلَمِ قَدْ لَا يَكُونُ وَاجِدًا لِلَذَّةٍ ، فَبَيَّنَ أَنَّهُمْ عَلَى أَتَمِّ حَالٍ .
ثُمَّ بَيَّنَ الْكَمَالَ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=56هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ ) وَذَلِكَ لِأَنَّ مَنْ يَكُونُ فِي لَذَّةٍ قَدْ تَتَنَغَّصُ عَلَيْهِ بِسَبَبِ تَفَكُّرِهِ فِي حَالِ مَنْ يُهِمُّهُ أَمْرُهُ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=56هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ ) أَيْضًا فَلَا يَبْقَى لَهُمْ تَعَلُّقُ قَلْبٍ ، وَأَمَّا مَنْ فِي النَّارِ مِنْ أَقَارِبِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ فَيَكُونُونَ هُمْ عَنْهُمْ فِي شُغُلٍ ، وَلَا يَكُونُ مِنْهُمْ عِنْدَهُمْ أَلَمٌ وَلَا يَشْتَهُونَ حُضُورَهُمْ .
وَالْأَزْوَاجُ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : أَشْكَالُهُمْ فِي الْإِحْسَانِ وَأَمْثَالُهُمْ فِي الْإِيمَانِ كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=58مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ ) [ ص : 58 ] .
وَثَانِيهِمَا : الْأَزْوَاجُ هُمُ الْمَفْهُومُونَ مِنْ زَوْجِ الْمَرْأَةِ وَزَوْجَةِ الرَّجُلِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=30إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ ) [ الْمَعَارِجِ : 30 ] وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=234وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا ) [ الْبَقَرَةِ : 234 ] فَإِنَّ الْمُرَادَ لَيْسَ هُوَ الْأَشْكَالَ ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=56فِي ظِلَالٍ ) جَمْعُ ظِلٍّ ، وَظُلَلٌ جَمْعُ ظُلَّةٍ ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْوِقَايَةُ عَنْ مَكَانِ الْأَلَمِ ، فَإِنَّ الْجَالِسَ تَحْتَ كِنٍّ لَا يَخْشَى الْمَطَرَ وَلَا حَرَّ الشَّمْسِ ، فَيَكُونُ مُسْتَعِدًّا لِدَفْعِ الْأَلَمِ ، فَكَذَلِكَ لَهُمْ مِنْ ظِلِّ اللَّهِ مَا يَقِيهِمُ الْأَسْوَاءَ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=35لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ ) [ فَاطِرٍ : 35 ] وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=13لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا ) [ الْإِنْسَانِ : 13 ] إِشَارَةً إِلَى عَدَمِ الْآلَامِ . وَفِيهِ لَطِيفَةٌ أَيْضًا ، وَهِيَ أَنَّ حَالَ الْمُكَلَّفِ ، إِمَّا أَنْ يَكُونَ اخْتِلَالُهَا بِسَبَبِ مَا فِيهِ مِنَ الشُّغُلِ ، وَإِنْ كَانَ فِي مَكَانٍ عَالٍ كَالْقَاعِدِ فِي حَرِّ الشَّمْسِ فِي الْبُسْتَانِ الْمُتَنَزَّهِ ، أَوْ يَكُونَ بِسَبَبِ الْمَكَانِ ، وَإِنْ كَانَ الشُّغُلُ مَطْلُوبًا كَمُلَاعَبَةِ الْكَوَاعِبِ فِي الْمَكَانِ الْمَكْشُوفِ ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ بِسَبَبِ الْمَأْكَلِ كَالْمُتَفَرِّجِ فِي الْبُسْتَانِ إِذَا أَعْوَزَهُ الطَّعَامُ ، وَإِمَّا بِسَبَبِ فَقْدِ الْحَبِيبِ ، وَإِلَى هَذَا يُشِيرُ أَهْلُ الْقَلْبِ فِي شَرَائِطِ السَّمَاعِ بِقَوْلِهِمُ : الزَّمَانُ وَالْمَكَانُ وَالْإِخْوَانُ فَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=55فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ ) إِشَارَةً إِلَى أَنَّهُمْ لَيْسُوا فِي تَعَبٍ وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=56هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ ) إِشَارَةً إِلَى عَدَمِ الْوَحْدَةِ الْمُوحِشَةِ وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=56فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ ) إِشَارَةً إِلَى الْمَكَانِ وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=57nindex.php?page=treesubj&link=30387_29007لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ ) إِشَارَةً إِلَى دَفْعِ جَمِيعِ حَوَائِجِهِمْ وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=56مُتَّكِئُونَ ) إِشَارَةٌ إِلَى أَدَلِّ وَضْعٍ عَلَى الْقُوَّةِ وَالْفَرَاغَةِ ، فَإِنَّ الْقَائِمَ قَدْ يَقُومُ لِشُغُلٍ وَالْقَاعِدَ قَدْ يَقْعُدُ لَهُمْ . وَأَمَّا الْمُتَّكِئُ فَلَا يَتَّكِئُ إِلَّا عِنْدَ الْفَرَاغِ وَالْقُدْرَةِ لِأَنَّ الْمَرِيضَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الِاتِّكَاءِ ، وَإِنَّمَا يَكُونُ مُضْطَجِعًا أَوْ مُسْتَلْقِيًا " وَالْأَرَائِكُ " جَمْعُ أَرِيكَةٍ وَهِيَ السَّرِيرُ الَّذِي عَلَيْهِ الْفَرْشُ وَهُوَ تَحْتَ الْحَجَلَاتِ فَيَكُونُ مَرْئِيًّا هُوَ وَمَا فَوْقَهُ . وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=57لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ ) إِشَارَةٌ إِلَى أَنْ لَا جُوعَ هُنَاكَ ، وَلَيْسَ الْأَكْلُ لِدَفْعِ
[ ص: 82 ] أَلَمِ الْجُوعِ ، وَإِنَّمَا مَأْكُولُهُمْ فَاكِهَةٌ ، وَلَوْ كَانَ لَحْمًا طَرِيًّا ، لَا يُقَالُ : قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=21وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ ) [ الْوَاقِعَةِ : 21 ] يَدُلُّ عَلَى التَّغَايُرِ وَصِدْقِ الشَّهْوَةِ وَهُوَ الْجُوعُ ؛ لِأَنَّا نَقُولُ : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=21مِمَّا يَشْتَهُونَ ) [ الْوَاقِعَةِ : 21 ] يُؤَكِّدُ مَعْنَى عَدَمِ الْأَلَمِ ؛ لِأَنَّ أَكْلَ الشَّيْءِ قَدْ يَكُونُ لِلتَّدَاوِي مِنْ غَيْرِ شَهْوَةٍ ، فَقَالَ مِمَّا يَشْتَهُونَ ؛ لِأَنَّ لَحْمَ الطَّيْرِ فِي الدُّنْيَا يُؤْكَلُ فِي حَالَتَيْنِ :
إِحْدَاهُمَا : حَالَةُ التَّنَعُّمِ .
وَالثَّانِيَةُ : حَالَةُ ضَعْفِ الْمَعِدَةِ .
وَحِينَئِذٍ لَا يَأْكُلُ لَحْمَ طَيْرٍ يَشْتَهِيهِ ، وَإِنَّمَا يَأْكُلُ مَا يُوَافِقُهُ وَيَأْمُرُهُ بِهِ الطَّبِيبُ ، وَأَمَّا أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى التَّغَايُرِ ، فَنَقُولُ نُسَلِّمُ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الْخَاصَّ يُخَالِفُ الْعَامَّ ، عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يَقْدَحُ فِي غَرَضِنَا ؛ لِأَنَّا نَقُولُ : إِنَّمَا اخْتَارَ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَأْكُولِ الْفَاكِهَةَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ ؛ لِأَنَّهَا أَدَلُّ عَلَى التَّنَعُّمِ وَالتَّلَذُّذِ وَعَدَمِ الْجُوعِ ، وَالتَّنْكِيرُ لِبَيَانِ الْكَمَالِ ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ مِرَارًا . وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=57لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ ) وَلَمْ يَقُلْ : يَأْكُلُونَ ، إِشَارَةً إِلَى كَوْنِ زِمَامِ الِاخْتِيَارِ بِيَدِهِمْ وَكَوْنِهِمْ مَالِكِينَ وَقَادِرِينَ .
nindex.php?page=treesubj&link=30387_29007وَقَوْلُهُ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=57وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ ) فِيهِ وُجُوهٌ :
أَحَدُهَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=57وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ ) لِأَنْفُسِهِمْ أَيْ دُعَاؤُهُمْ مُسْتَجَابٌ ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ هَذَا افْتِعَالًا بِمَعْنَى الْفِعْلِ كَالِاحْتِمَالِ بِمَعْنَى الْحَمْلِ وَالِارْتِحَالِ بِمَعْنَى الرَّحِيلِ ، وَعَلَى هَذَا فَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ يَدْعُونَ لِأَنْفُسِهِمْ دُعَاءً فَيُسْتَجَابُ دُعَاؤُهُمْ بَعْدَ الطَّلَبِ ، بَلْ مَعْنَاهُ : وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ لِأَنْفُسِهِمْ أَيْ ذَلِكَ لَهُمْ فَلَا حَاجَةَ لَهُمْ إِلَى الدُّعَاءِ وَالطَّلَبِ ، كَمَا أَنَّ الْمَلِكَ إِذَا طَلَبَ مِنْهُ مَمْلُوكُهُ شَيْئًا يَقُولُ لَكَ ذَلِكَ فَيُفْهَمُ مِنْهُ تَارَةً أَنَّ طَلَبَكَ مُجَابٌ وَأَنَّ هَذَا أَمْرٌ هَيِّنٌ بِأَنْ تُعْطَى مَا طَلَبْتَ ، وَيُفْهَمُ تَارَةً مِنْهُ الرَّدُّ وَبَيَانُ أَنَّ ذَلِكَ لَكَ حَاصِلٌ فَلِمَ تَطْلُبُهُ ؟ ، فَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=57وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ ) وَيَطْلُبُونَ فَلَا طَلَبَ لَهُمْ ، وَتَقْرِيرُهُ هُوَ أَنْ يَكُونَ مَا يَدَّعُونَ بِمَعْنَى مَا يَصِحُّ أَنْ يُطْلَبَ وَيُدَّعَى ، يَعْنِي كُلَّ مَا يَصِحُّ أَنْ يُطْلَبَ فَهُوَ حَاصِلٌ لَهُمْ قَبْلَ الطَّلَبِ ، أَوْ نَقُولُ : الْمُرَادُ الطَّلَبُ وَالْإِجَابَةُ ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الطَّلَبَ مِنَ اللَّهِ أَيْضًا فِيهِ لَذَّةٌ ، فَلَوْ قَطَعَ اللَّهُ الْأَسْبَابَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ لَمَا كَانَ يَطِيبُ لَهُمْ فَأَبْقَى أَشْيَاءَ يُعْطِيهِمْ إِيَّاهَا عِنْدَ الطَّلَبِ لِيَكُونَ لَهُمْ عِنْدَ الطَّلَبِ لَذَّةٌ وَعِنْدَ الْعَطَاءِ ، فَإِنَّ كَوْنَ الْمَمْلُوكِ بِحَيْثُ يَتَمَكَّنُ مِنْ أَنْ يُخَاطِبَ الْمَلِكَ فِي حَوَائِجِهِ مَنْصِبٌ عَظِيمٌ ، وَالْمَلِكُ الْجَبَّارُ قَدْ يَدْفَعُ حَوَائِجَ الْمَمَالِيكِ بِأَسْرِهَا قَصْدًا مِنْهُ لِئَلَّا يُخَاطَبَ .
الثَّانِي : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=57مَا يَدَّعُونَ ) مَا يَتَدَاعُونَ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ افْتِعَالًا بِمَعْنَى التَّفَاعُلِ ، كَالِاقْتِتَالِ بِمَعْنَى التَّقَاتُلِ ، وَمَعْنَاهُ مَا ذَكَرْنَاهُ أَنَّ كُلَّ مَا يَصِحُّ أَنْ يَدْعُوَ أَحَدٌ صَاحِبَهُ إِلَيْهِ ، أَوْ يَطْلُبَهُ أَحَدٌ مِنْ صَاحِبِهِ فَهُوَ حَاصِلٌ لَهُمْ .
الثَّالِثُ : مَا يَتَمَنَّوْنَهُ .
الرَّابِعُ : بِمَعْنَى الدَّعْوَى ، وَمَعْنَاهُ حِينَئِذٍ أَنَّهُمْ كَانُوا يَدَّعُونَ فِي الدُّنْيَا أَنَّ لَهُمُ اللَّهَ وَهُوَ مَوْلَاهُمْ وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ ، فَقَالَ لَهُمْ فِي الْجَنَّةِ مَا يَدَّعُونَ بِهِ فِي الدُّنْيَا ، فَتَكُونُ الْحِكَايَةُ مَحْكِيَّةً فِي الدُّنْيَا ، كَأَنَّهُ يَقُولُ : فِي يَوْمِنَا هَذَا لَكُمْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ غَدًا مَا تَدَّعُونَ الْيَوْمَ ، لَا يُقَالُ : بِأَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=55إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=56هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقَوْلَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ ؛ لِأَنَّا نَقُولُ : الْجَوَابُ عَنْهُ مِنْ وَجْهَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=56هُمْ ) مُبْتَدَأٌ (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=56وَأَزْوَاجُهُمْ ) عَطْفٌ عَلَيْهِمْ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْكَلَامُ فِي يَوْمِنَا هَذَا يُخْبِرُنَا أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=30387الْمُؤْمِنَ وَأَزْوَاجَهُ فِي ظِلَالٍ غَدًا وَلَهُ مَا يَدَّعِيهِ .
الْجَوَابُ الثَّانِي : وَهُوَ أَوْلَى هُوَ أَنْ نَقُولَ : مَعْنَاهُ لَهُمْ مَا يَدَّعُونَ أَيْ مَا كَانُوا يَدَّعُونَ . لَا يُقَالُ بِأَنَّهُ إِضْمَارٌ حَيْثُ لَا ضَرُورَةَ ، وَإِنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ لِأَنَّا نَقُولُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا يَبْقَى الِادِّعَاءُ مُسْتَعْمَلًا فِي مَعْنَاهُ الْمَشْهُورِ ؛ لِأَنَّ الدُّعَاءَ هُوَ الْإِتْيَانُ بِالدَّعْوَى ، وَإِنَّمَا قُلْنَا : إِنَّ هَذَا أَوْلَى ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=58سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ ) هُوَ فِي دَارِ الْآخِرَةِ وَهُوَ كَالتَّفْسِيرِ لِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=57مَا يَدَّعُونَ ) وَلِأَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=57مَا يَدَّعُونَ ) مَذْكُورٌ بَيْنَ جُمَلٍ كُلُّهَا فِي الْآخِرَةِ فَمَا يَدَّعُونَ أَيْضًا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي الْآخِرَةِ ، وَفِي الْآخِرَةِ لَا يَبْقَى دَعْوَى وَبَيِّنَةٌ لِظُهُورِ الْأُمُورِ وَالْفَصْلِ بَيْنَ أَهْلِ الثُّبُورِ وَالْحُبُورِ .