(
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=70لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=71أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاما فهم لها مالكون nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=72وذللناها لهم فمنها ركوبهم ومنها يأكلون nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=73ولهم فيها منافع ومشارب أفلا يشكرون ) .
[ ص: 93 ] ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=70لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين ) .
قرئ بالتاء والياء ، خطابا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وبالياء على وجهين :
أحدهما : أن يكون
nindex.php?page=treesubj&link=32026المنذر هو النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث سبق ذكره في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=69وما علمناه ) وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=69وما ينبغي له ) .
وثانيهما : أن يكون المراد أن القرآن ينذر ، والأول أقرب إلى المعنى ، والثاني أقرب إلى اللفظ ؛ أما الأول فلأن المنذر صفة للرسل أكثر ورودا من المنذر صفة للكتب ، وأما الثاني فلأن القرآن أقرب المذكورين إلى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=70لينذر ) .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=70من كان حيا ) أي : من كان حي القلب ، ويحتمل وجهين :
أحدهما : أن يكون المراد من كان حيا في علم الله فينذره به فيؤمن .
الثاني : أن يكون المراد لينذر به من كان حيا في نفس الأمر ، أي : من آمن فينذره بما على المعاصي من العقاب وبما على الطاعة من الثواب (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=70ويحق القول على الكافرين ) أما قول العذاب وكلمته كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=13ولكن حق القول مني لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين ) [ السجدة : 13 ] وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=71حقت كلمة العذاب ) [ الزمر : 71 ] وذلك ؛ لأن الله تعالى قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=15وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ) [ الإسراء : 15 ] فإذا جاء حق التعذيب على من وجد منه التكذيب ، وأما القول المقول في الوحدانية والرسالة والحشر وسائر المسائل الأصولية الدينية فإن القرآن فيه ذكر الدلائل التي بها تثبت المطالب .
ثم إنه تعالى أعاد
nindex.php?page=treesubj&link=28658_29426الوحدانية ودلائل دالة عليها فقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=71أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاما ) .
أي : من جملة ما عملت أيدينا أي : ما عملناه من غير معين ولا ظهير بل عملناه بقدرتنا وإرادتنا .
nindex.php?page=treesubj&link=29007وقوله تعالى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=71فهم لها مالكون ) إشارة إلى إتمام الإنعام في خلق الأنعام ، فإنه تعالى لو خلقها ولم يملكها الإنسان ما كان ينتفع بها .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=72وذللناها لهم ) زيادة إنعام فإن المملوك إذا كان آبيا متمردا لا ينفع ، فلو كان الإنسان يملك الأنعام وهي نادة صادة لما تم الإنعام الذي في الركوب وإن كان يحصل الأكل كما في الحيوانات الوحشية ، بل ما كان يكمل نعمة الأكل أيضا إلا بالتعب الذي في الاصطياد ، ولعل ذلك لا يتهيأ [ إلا ] للبعض وفي البعض .
وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=72فمنها ركوبهم ومنها يأكلون ) بيان لمنفعة التذليل إذ لولا التذليل لما وجدت إحدى المنفعتين وكانت الأخرى قليلة الوجود .
ثم بين تعالى غير الركوب والأكل من الفوائد بقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=73ولهم فيها منافع ومشارب ) وذلك لأن من الحيوانات ما لا يركب كالغنم فقال : منافع لتعمها ، والمشارب كذلك عامة ، إن قلنا بأن المراد جمع مشرب وهو الآنية ، فإن من الجلود ما يتخذ أواني للشرب والأدوات من القرب [ وغيرها ] ، وإن قلنا : إن المراد المشروب وهو الألبان والأسمان فهي مختصة بالإناث ولكن بسبب الذكور فإن ذلك متوقف على الحمل وهو بالذكور والإناث .
[ ص: 94 ] ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=73أفلا يشكرون ) هذه
nindex.php?page=treesubj&link=29485النعم التي توجب العبادة شكرا ، ولو شكرتم لزادكم من فضله ، ولو كفرتم لسلبها منكم ، فما قولكم ، أفلا تشكرون استدامة لها واستزادة فيها ؟ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=70لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=71أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=72وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=73وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلَا يَشْكُرُونَ ) .
[ ص: 93 ] ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=70لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ ) .
قُرِئَ بِالتَّاءِ وَالْيَاءِ ، خِطَابًا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبِالْيَاءِ عَلَى وَجْهَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : أَنْ يَكُونَ
nindex.php?page=treesubj&link=32026الْمُنْذِرُ هُوَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَيْثُ سَبَقَ ذِكْرُهُ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=69وَمَا عَلَّمْنَاهُ ) وَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=69وَمَا يَنْبَغِي لَهُ ) .
وَثَانِيهِمَا : أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّ الْقُرْآنَ يُنْذِرُ ، وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ إِلَى الْمَعْنَى ، وَالثَّانِي أَقْرَبُ إِلَى اللَّفْظِ ؛ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ الْمُنْذِرَ صِفَةً لِلرُّسُلِ أَكْثَرُ وُرُودًا مِنَ الْمُنْذِرِ صِفَةً لِلْكُتُبِ ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ الْقُرْآنَ أَقْرَبُ الْمَذْكُورِينَ إِلَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=70لِيُنْذِرَ ) .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=70مَنْ كَانَ حَيًّا ) أَيْ : مَنْ كَانَ حَيَّ الْقَلْبِ ، وَيَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مَنْ كَانَ حَيًّا فِي عِلْمِ اللَّهِ فَيُنْذِرُهُ بِهِ فَيُؤْمِنُ .
الثَّانِي : أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ لِيُنْذِرَ بِهِ مَنْ كَانَ حَيًّا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ ، أَيْ : مَنْ آمَنَ فَيَنْذُرُهُ بِمَا عَلَى الْمَعَاصِي مِنَ الْعِقَابِ وَبِمَا عَلَى الطَّاعَةِ مِنَ الثَّوَابِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=70وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ ) أَمَّا قَوْلُ الْعَذَابِ وَكَلِمَتُهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=13وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ) [ السَّجْدَةِ : 13 ] وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=71حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ ) [ الزُّمَرِ : 71 ] وَذَلِكَ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=15وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ) [ الْإِسْرَاءِ : 15 ] فَإِذَا جَاءَ حَقَّ التَّعْذِيبُ عَلَى مَنْ وُجِدَ مِنْهُ التَّكْذِيبُ ، وَأَمَّا الْقَوْلُ الْمَقُولُ فِي الْوَحْدَانِيَّةِ وَالرِّسَالَةِ وَالْحَشْرِ وَسَائِرِ الْمَسَائِلِ الْأُصُولِيَّةِ الدِّينِيَّةِ فَإِنَّ الْقُرْآنَ فِيهِ ذِكْرُ الدَّلَائِلِ الَّتِي بِهَا تَثْبُتُ الْمَطَالِبُ .
ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى أَعَادَ
nindex.php?page=treesubj&link=28658_29426الْوَحْدَانِيَّةَ وَدَلَائِلَ دَالَّةً عَلَيْهَا فَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=71أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا ) .
أَيْ : مِنْ جُمْلَةِ مَا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَيْ : مَا عَمِلْنَاهُ مِنْ غَيْرِ مُعِينٍ وَلَا ظَهِيرٍ بَلْ عَمِلْنَاهُ بِقُدْرَتِنَا وَإِرَادَتِنَا .
nindex.php?page=treesubj&link=29007وَقَوْلُهُ تَعَالَى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=71فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ ) إِشَارَةٌ إِلَى إِتْمَامِ الْإِنْعَامِ فِي خَلْقِ الْأَنْعَامِ ، فَإِنَّهُ تَعَالَى لَوْ خَلَقَهَا وَلَمْ يُمَلِّكْهَا الْإِنْسَانَ مَا كَانَ يَنْتَفِعُ بِهَا .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=72وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ ) زِيَادَةُ إِنْعَامٍ فَإِنَّ الْمَمْلُوكَ إِذَا كَانَ آبِيًا مُتَمَرِّدًا لَا يَنْفَعُ ، فَلَوْ كَانَ الْإِنْسَانُ يَمْلِكُ الْأَنْعَامَ وَهِيَ نَادَّةٌ صَادَّةٌ لَمَا تَمَّ الْإِنْعَامُ الَّذِي فِي الرُّكُوبِ وَإِنْ كَانَ يَحْصُلُ الْأَكْلُ كَمَا فِي الْحَيَوَانَاتِ الْوَحْشِيَّةِ ، بَلْ مَا كَانَ يَكْمُلُ نِعْمَةُ الْأَكْلِ أَيْضًا إِلَّا بِالتَّعَبِ الَّذِي فِي الِاصْطِيَادِ ، وَلَعَلَّ ذَلِكَ لَا يَتَهَيَّأُ [ إِلَّا ] لِلْبَعْضِ وَفِي الْبَعْضِ .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=72فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ ) بَيَانٌ لِمَنْفَعَةِ التَّذْلِيلِ إِذْ لَوْلَا التَّذْلِيلُ لَمَا وُجِدَتْ إِحْدَى الْمَنْفَعَتَيْنِ وَكَانَتِ الْأُخْرَى قَلِيلَةَ الْوُجُودِ .
ثُمَّ بَيَّنَ تَعَالَى غَيْرَ الرُّكُوبِ وَالْأَكْلِ مِنَ الْفَوَائِدِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=73وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ ) وَذَلِكَ لِأَنَّ مِنَ الْحَيَوَانَاتِ مَا لَا يُرْكَبُ كَالْغَنَمِ فَقَالَ : مَنَافِعُ لِتَعُمَّهَا ، وَالْمَشَارِبُ كَذَلِكَ عَامَّةٌ ، إِنْ قُلْنَا بِأَنَّ الْمُرَادَ جَمْعُ مِشْرَبٍ وَهُوَ الْآنِيَةُ ، فَإِنَّ مِنَ الْجُلُودِ مَا يُتَّخَذُ أَوَانِيَ لِلشُّرْبِ وَالْأَدَوَاتِ مِنَ الْقِرَبِ [ وَغَيْرِهَا ] ، وَإِنْ قُلْنَا : إِنَّ الْمُرَادَ الْمَشْرُوبُ وَهُوَ الْأَلْبَانُ وَالْأَسْمَانُ فَهِيَ مُخْتَصَّةٌ بِالْإِنَاثِ وَلَكِنْ بِسَبَبِ الذُّكُورِ فَإِنَّ ذَلِكَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى الْحَمْلِ وَهُوَ بِالذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ .
[ ص: 94 ] ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=73أَفَلَا يَشْكُرُونَ ) هَذِهِ
nindex.php?page=treesubj&link=29485النِّعَمُ الَّتِي تُوجِبُ الْعِبَادَةَ شُكْرًا ، وَلَوْ شَكَرْتُمْ لَزَادَكُمْ مِنْ فَضْلِهِ ، وَلَوْ كَفَرْتُمْ لَسَلَبَهَا مِنْكُمْ ، فَمَا قَوْلُكُمْ ، أَفَلَا تَشْكُرُونَ اسْتِدَامَةً لَهَا وَاسْتِزَادَةً فِيهَا ؟ .