(
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=28قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=29قالوا بل لم تكونوا مؤمنين nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=30وما كان لنا عليكم من سلطان بل كنتم قوما طاغين nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=31فحق علينا قول ربنا إنا لذائقون nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=32فأغويناكم إنا كنا غاوين )
[ ص: 117 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=33فإنهم يومئذ في العذاب مشتركون nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=34إنا كذلك نفعل بالمجرمين nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=35إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=36ويقولون أئنا لتاركو آلهتنا لشاعر مجنون nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=37بل جاء بالحق وصدق المرسلين nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=38إنكم لذائقو العذاب الأليم nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=39وما تجزون إلا ما كنتم تعملون nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=40إلا عباد الله المخلصين ) .
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=28قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=29قالوا بل لم تكونوا مؤمنين nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=30وما كان لنا عليكم من سلطان بل كنتم قوما طاغين nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=31فحق علينا قول ربنا إنا لذائقون nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=32فأغويناكم إنا كنا غاوين nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=33فإنهم يومئذ في العذاب مشتركون nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=34إنا كذلك نفعل بالمجرمين nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=35إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=36ويقولون أئنا لتاركو آلهتنا لشاعر مجنون nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=37بل جاء بالحق وصدق المرسلين nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=38إنكم لذائقو العذاب الأليم nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=39وما تجزون إلا ما كنتم تعملون nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=40إلا عباد الله المخلصين ) .
واعلم أن الله تعالى لما حكى عنهم أنه أقبل بعضهم على بعض يتساءلون شرح كيفية ذلك التساؤل فقالوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=28إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين ) وهذا قول الأتباع لمن دعاهم إلى الضلالة ، وفي تفسير اليمين وجوه :
الأول : أن لفظ اليمين ههنا استعارة عن الخيرات والسعادات ، وبيان كيفية هذه الاستعارة ، أن
nindex.php?page=treesubj&link=26883الجانب الأيمن أفضل من الجانب الأيسر لوجوه :
أحدها : اتفاق الكل على أن أشرف الجانبين هو اليمين .
والثاني : لا يباشرون الأعمال الشريفة إلا باليمين مثل مصافحة الأخيار والأكل والشرب وما على العكس منه يباشرونه باليد اليسرى .
الثالث : أنهم كانوا يتفاءلون وكانوا يتيمنون بالجانب الأيمن ويسمونه بالبارح .
الرابع : أن النبي - صلى الله عليه وسلم -
nindex.php?page=treesubj&link=26883كان يحب التيامن في كل شيء .
الخامس : أن الشريعة حكمت بأن الجانب الأيمن لكاتب الحسنات والأيسر لكاتب السيئات .
السادس : أن الله تعالى وعد المحسن أن يؤتى كتابه بيمينه ، والمسيء أن يؤتى كتابه بيساره ، فثبت أن الجانب الأيمن أفضل من الجانب الأيسر ، وإذا كان كذلك لا جرم ، استعير لفظ اليمين للخيرات والحسنات والطاعات ، فقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=28إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين ) يعني أنكم كنتم تخدعوننا وتوهمون لنا أن مقصودكم من الدعوة إلى تلك الأديان نصرة الحق وتقوية الصدق .
والوجه الثاني : في التأويل أنه يقال : فلان يمين فلان ، إذا كان عنده بالمنزلة الحسنة ، فقال هؤلاء الكفار لأئمتهم الذين أضلوهم وزينوا لهم الكفر : إنكم كنتم تخدعوننا وتوهمون لنا ، أننا عندكم بمنزلة اليمين ، أي بالمنزلة الحسنة ، فوثقنا بكم وقبلنا عنكم .
الوجه الثالث : أن أئمة الكفار كانوا قد حلفوا لهؤلاء المستضعفين أن ما يدعونهم إليه هو الحق ، فوثقوا بأيمانهم وتمسكوا بعهودهم التي عهدوها لهم ، فمعنى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=28كنتم تأتوننا عن اليمين ) أي من ناحية المواثيق والأيمان التي قدمتموها لنا .
الوجه الرابع : أن لفظ اليمين مستعار من القوة والقهر ؛ لأن اليمين موصوفة بالقهر وبها يقع البطش ، والمعنى أنكم كنتم تأتوننا عن القوة والقهر ، وتقصدوننا عن السلطان والغلبة حتى تحملونا على الضلال وتعيرونا عليه ، ثم حكى الله تعالى عن الرؤساء أنهم أجابوا الأتباع من وجوه :
الأول : أنهم قالوا لهم (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=29بل لم تكونوا مؤمنين ) يعني أنكم ما كنتم موصوفين بالإيمان حتى يقال إنا أزلناكم عنه .
الثاني : قولهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=30وما كان لنا عليكم من سلطان ) يعني لا قدرة لنا عليكم حتى نقهركم ونجبركم .
الثالث : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=30بل كنتم قوما طاغين ) أي : ضالين غالين في معصية الله .
الرابع : قولهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=31nindex.php?page=treesubj&link=29008_30539فحق علينا قول ربنا إنا لذائقون )
[ ص: 118 ] والمعنى أن الله تعالى لما أخبر عن وقوعنا في العذاب ، فلو لم يحصل وقوعنا في العذاب لما كان خبر الله حقا ، بل كان باطلا ، ولما كان خبر الله أمرا واجبا لا جرم كان الوقوع في العذاب الأليم لازما ، قال
مقاتل : قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=31فحق علينا قول ربنا ) إشارة إلى قول الله لإبليس : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=85لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين ) [ ص : 85 ] وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=31إنا لذائقون ) يعني لما وجب أن يحق علينا قول ربنا وجب أن نكون ذائقين لهذا العذاب .
الخامس : قولهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=32فأغويناكم إنا كنا غاوين ) والمعنى أنا إنما أقدمنا على إغوائكم لأنا كنا موصوفين في أنفسنا بالغواية ، وفيه دقيقة أخرى ، كأنهم قالوا : إن اعتقدتم أن غوايتكم بسبب إغوائنا فغوايتنا إن كانت بسبب إغواء غاو آخر ولزم التسلسل وذلك محال ، فعلمنا أن حصول الغواية والرشاد ليس من قبلنا ، بل من قبل غيرنا ، وذلك الغير هو الذي ذكره فيما قبل ، وهو قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=31فحق علينا قول ربنا ) ولما حكى الله تعالى كلام الأتباع للرؤساء وكلام الرؤساء للأتباع قال بعده : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=33فإنهم يومئذ في العذاب مشتركون ) يعني فالمتبوع والتابع والمخدوم والخادم مشتركون في الوقوع في العذاب كما كانوا في الدنيا مشتركين في الغواية ، ثم قال أيضا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=34إنا كذلك نفعل بالمجرمين ) وعنى بالمجرمين ههنا الكفار ، بدليل أنه تعالى قال بعد هذه الكلمة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=35إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون ) والضمير في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=35إنهم ) عائد إلى المذكور السابق وهو قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=34بالمجرمين ) وهذا يدل على أن لفظ المجرم المطلق مختص في القرآن بالكافر ، ثم بين تعالى أنهم إنما وقعوا في ذلك العذاب ؛ لأنهم كانوا مكذبين بالتوحيد وبالنبوة ، أما التكذيب بالتوحيد فهو قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=35nindex.php?page=treesubj&link=29008_30539إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون ) يعني ينكرون ويتعصبون لإثبات الشرك ويستنكفون عن الإقرار بالتوحيد .
وأما التكذيب بالنبوة فهو قولهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=36أئنا لتاركو آلهتنا لشاعر مجنون ) ويعنون
محمدا ، ثم إنه تعالى كذبهم في ذلك الكلام فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=37بل جاء بالحق وصدق المرسلين ) وتقرير هذا الكلام أنه جاء بالدين الحق ؛ لأنه ثبت بالعقل أنه تعالى منزه عن الضد والند والشريك ، فلما جاء
محمد - صلى الله عليه وسلم - بتقرير هذه المعاني كان مجيئه بالدين الحق ، قرأ
ابن كثير : " أينا لتاركوا آلهتنا " بهمزة وياء بعدها خفيفة ساكنة بلا مد ، وقرأ
نافع في رواية
nindex.php?page=showalam&ids=16810قالون وأبي عمرو على هذا التفسير يمدان والباقون بهمزتين بلا مد وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=37وصدق المرسلين ) يعني صدقهم في مجيئهم بالتوحيد ونفي الشريك ، وهذا تنبيه على أن
nindex.php?page=treesubj&link=28749_31789_28639القول بالتوحيد دين لكل الأنبياء ، ولما حكى الله عنهم تكذيبهم بالتوحيد والنبوة نقل الكلام من الغيبة إلى الحضور فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=38إنكم لذائقو العذاب الأليم ) كأنه قيل : فكيف يليق بالرحيم الكريم المتعالي عن النفع والضر أن يعذب عباده فأجاب عنه بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=39وما تجزون إلا ما كنتم تعملون ) والمعنى أن الحكم يقتضي الأمر بالحسن والطاعة والنهي عن القبيح والمعصية ، والأمر والنهي لا يكمل المقصود منهما إلا بالترغيب في الثواب والترهيب بالعقاب ، وإذا وقع الإخبار عنه وجب تحقيقه صونا للكلام عن الكذب ، فلهذا السبب وقعوا في العذاب ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=40إلا عباد الله المخلصين ) يعني ولكن عباد الله [ المخلصين ناجون وهو ] من الاستثناء المنقطع .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=28قَالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=29قَالُوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=30وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بَلْ كُنْتُمْ قَوْمًا طَاغِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=31فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَا إِنَّا لَذَائِقُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=32فَأَغْوَيْنَاكُمْ إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ )
[ ص: 117 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=33فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=34إِنَّا كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=35إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=36وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=37بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=38إِنَّكُمْ لَذَائِقُو الْعَذَابِ الْأَلِيمِ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=39وَمَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=40إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ ) .
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=28قَالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=29قَالُوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=30وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بَلْ كُنْتُمْ قَوْمًا طَاغِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=31فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَا إِنَّا لَذَائِقُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=32فَأَغْوَيْنَاكُمْ إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=33فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=34إِنَّا كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=35إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=36وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=37بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=38إِنَّكُمْ لَذَائِقُو الْعَذَابِ الْأَلِيمِ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=39وَمَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=40إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ ) .
وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا حَكَى عَنْهُمْ أَنَّهُ أَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ شَرَحَ كَيْفِيَّةَ ذَلِكَ التَّسَاؤُلِ فَقَالُوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=28إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ ) وَهَذَا قَوْلُ الْأَتْبَاعِ لِمَنْ دَعَاهُمْ إِلَى الضَّلَالَةِ ، وَفِي تَفْسِيرِ الْيَمِينِ وُجُوهٌ :
الْأَوَّلُ : أَنَّ لَفْظَ الْيَمِينِ هَهُنَا اسْتِعَارَةٌ عَنِ الْخَيْرَاتِ وَالسَّعَادَاتِ ، وَبَيَانُ كَيْفِيَّةِ هَذِهِ الِاسْتِعَارَةِ ، أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=26883الْجَانِبَ الْأَيْمَنَ أَفْضَلُ مِنَ الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ لِوُجُوهٍ :
أَحَدُهَا : اتِّفَاقُ الْكُلِّ عَلَى أَنَّ أَشْرَفَ الْجَانِبَيْنِ هُوَ الْيَمِينُ .
وَالثَّانِي : لَا يُبَاشِرُونَ الْأَعْمَالَ الشَّرِيفَةَ إِلَّا بِالْيَمِينِ مِثْلَ مُصَافَحَةِ الْأَخْيَارِ وَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَمَا عَلَى الْعَكْسِ مِنْهُ يُبَاشِرُونَهُ بِالْيَدِ الْيُسْرَى .
الثَّالِثُ : أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَفَاءَلُونَ وَكَانُوا يَتَيَمَّنُونَ بِالْجَانِبِ الْأَيْمَنِ وَيُسَمُّونَهُ بِالْبَارِحِ .
الرَّابِعُ : أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
nindex.php?page=treesubj&link=26883كَانَ يُحِبُّ التَّيَامُنَ فِي كُلِّ شَيْءٍ .
الْخَامِسُ : أَنَّ الشَّرِيعَةَ حَكَمَتْ بِأَنَّ الْجَانِبَ الْأَيْمَنَ لِكَاتِبِ الْحَسَنَاتِ وَالْأَيْسَرَ لِكَاتِبِ السَّيِّئَاتِ .
السَّادِسُ : أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَعَدَ الْمُحْسِنَ أَنْ يُؤْتَى كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ ، وَالْمُسِيءَ أَنْ يُؤْتَى كِتَابَهُ بِيَسَارِهِ ، فَثَبَتَ أَنَّ الْجَانِبَ الْأَيْمَنَ أَفْضَلُ مِنَ الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَا جَرَمَ ، اسْتُعِيرَ لَفْظُ الْيَمِينِ لِلْخَيْرَاتِ وَالْحَسَنَاتِ وَالطَّاعَاتِ ، فَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=28إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ ) يَعْنِي أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْدَعُونَنَا وَتُوهِمُونَ لَنَا أَنَّ مَقْصُودَكُمْ مِنَ الدَّعْوَةِ إِلَى تِلْكَ الْأَدْيَانِ نُصْرَةُ الْحَقِّ وَتَقْوِيَةُ الصِّدْقِ .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي : فِي التَّأْوِيلِ أَنَّهُ يُقَالُ : فُلَانٌ يَمِينُ فُلَانٍ ، إِذَا كَانَ عِنْدَهُ بِالْمَنْزِلَةِ الْحَسَنَةِ ، فَقَالَ هَؤُلَاءِ الْكُفَّارُ لِأَئِمَّتِهِمُ الَّذِينَ أَضَلُّوهُمْ وَزَيَّنُوا لَهُمُ الْكُفْرَ : إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْدَعُونَنَا وَتُوهِمُونَ لَنَا ، أَنَّنَا عِنْدَكُمْ بِمَنْزِلَةِ الْيَمِينِ ، أَيْ بِالْمَنْزِلَةِ الْحَسَنَةِ ، فَوَثِقْنَا بِكُمْ وَقَبِلْنَا عَنْكُمْ .
الْوَجْهُ الثَّالِثُ : أَنَّ أَئِمَّةَ الْكُفَّارِ كَانُوا قَدْ حَلَفُوا لِهَؤُلَاءِ الْمُسْتَضْعَفِينَ أَنَّ مَا يَدْعُونَهُمْ إِلَيْهِ هُوَ الْحَقُّ ، فَوَثِقُوا بِأَيْمَانِهِمْ وَتَمَسَّكُوا بِعُهُودِهِمُ الَّتِي عَهِدُوهَا لَهُمْ ، فَمَعْنَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=28كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ ) أَيْ مِنْ نَاحِيَةِ الْمَوَاثِيقِ وَالْأَيْمَانِ الَّتِي قَدَّمْتُمُوهَا لَنَا .
الْوَجْهُ الرَّابِعُ : أَنَّ لَفْظَ الْيَمِينِ مُسْتَعَارٌ مِنَ الْقُوَّةِ وَالْقَهْرِ ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ مَوْصُوفَةٌ بِالْقَهْرِ وَبِهَا يَقَعُ الْبَطْشُ ، وَالْمَعْنَى أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْقُوَّةِ وَالْقَهْرِ ، وَتَقْصِدُونَنَا عَنِ السُّلْطَانِ وَالْغَلَبَةِ حَتَّى تَحْمِلُونَا عَلَى الضَّلَالِ وَتُعَيِّرُونَا عَلَيْهِ ، ثُمَّ حَكَى اللَّهُ تَعَالَى عَنِ الرُّؤَسَاءِ أَنَّهُمْ أَجَابُوا الْأَتْبَاعَ مِنْ وُجُوهٍ :
الْأَوَّلُ : أَنَّهُمْ قَالُوا لَهُمْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=29بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ) يَعْنِي أَنَّكُمْ مَا كُنْتُمْ مَوْصُوفِينَ بِالْإِيمَانِ حَتَّى يُقَالَ إِنَّا أَزَلْنَاكُمْ عَنْهُ .
الثَّانِي : قَوْلُهُمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=30وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ ) يَعْنِي لَا قُدْرَةَ لَنَا عَلَيْكُمْ حَتَّى نَقْهَرَكُمْ وَنُجْبِرَكُمْ .
الثَّالِثُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=30بَلْ كُنْتُمْ قَوْمًا طَاغِينَ ) أَيْ : ضَالِّينَ غَالِّينَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ .
الرَّابِعُ : قَوْلُهُمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=31nindex.php?page=treesubj&link=29008_30539فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَا إِنَّا لَذَائِقُونَ )
[ ص: 118 ] وَالْمَعْنَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا أَخْبَرَ عَنْ وُقُوعِنَا فِي الْعَذَابِ ، فَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ وُقُوعُنَا فِي الْعَذَابِ لَمَا كَانَ خَبَرُ اللَّهِ حَقًّا ، بَلْ كَانَ بَاطِلًا ، وَلَمَّا كَانَ خَبَرُ اللَّهِ أَمْرًا وَاجِبًا لَا جَرَمَ كَانَ الْوُقُوعُ فِي الْعَذَابِ الْأَلِيمِ لَازِمًا ، قَالَ
مُقَاتِلٌ : قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=31فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَا ) إِشَارَةٌ إِلَى قَوْلِ اللَّهِ لِإِبْلِيسَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=85لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ ) [ ص : 85 ] وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=31إِنَّا لَذَائِقُونَ ) يَعْنِي لَمَّا وَجَبَ أَنْ يَحِقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَا وَجَبَ أَنْ نَكُونَ ذَائِقِينَ لِهَذَا الْعَذَابِ .
الْخَامِسُ : قَوْلُهُمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=32فَأَغْوَيْنَاكُمْ إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ ) وَالْمَعْنَى أَنَّا إِنَّمَا أَقْدَمْنَا عَلَى إِغْوَائِكُمْ لِأَنَّا كُنَّا مَوْصُوفِينَ فِي أَنْفُسِنَا بِالْغَوَايَةِ ، وَفِيهِ دَقِيقَةٌ أُخْرَى ، كَأَنَّهُمْ قَالُوا : إِنِ اعْتَقَدْتُمْ أَنَّ غَوَايَتَكُمْ بِسَبَبِ إِغْوَائِنَا فَغَوَايَتُنَا إِنْ كَانَتْ بِسَبَبِ إِغْوَاءِ غَاوٍ آخَرَ وَلَزِمَ التَّسَلْسُلُ وَذَلِكَ مُحَالٌ ، فَعَلِمْنَا أَنَّ حُصُولَ الْغَوَايَةِ وَالرَّشَادِ لَيْسَ مِنْ قِبَلِنَا ، بَلْ مِنْ قِبَلِ غَيْرِنَا ، وَذَلِكَ الْغَيْرُ هُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ فِيمَا قَبْلُ ، وَهُوَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=31فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَا ) وَلَمَّا حَكَى اللَّهُ تَعَالَى كَلَامَ الْأَتْبَاعِ لِلرُّؤَسَاءِ وَكَلَامَ الرُّؤَسَاءِ لِلْأَتْبَاعِ قَالَ بَعْدَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=33فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ ) يَعْنِي فَالْمَتْبُوعُ وَالتَّابِعُ وَالْمَخْدُومُ وَالْخَادِمُ مُشْتَرِكُونَ فِي الْوُقُوعِ فِي الْعَذَابِ كَمَا كَانُوا فِي الدُّنْيَا مُشْتَرِكِينَ فِي الْغَوَايَةِ ، ثُمَّ قَالَ أَيْضًا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=34إِنَّا كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ ) وَعَنَى بِالْمُجْرِمِينَ هَهُنَا الْكُفَّارَ ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ تَعَالَى قَالَ بَعْدَ هَذِهِ الْكَلِمَةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=35إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ ) وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=35إِنَّهُمْ ) عَائِدٌ إِلَى الْمَذْكُورِ السَّابِقِ وَهُوَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=34بِالْمُجْرِمِينَ ) وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لَفْظَ الْمُجْرِمِ الْمُطْلَقَ مُخْتَصٌّ فِي الْقُرْآنِ بِالْكَافِرِ ، ثُمَّ بَيَّنَ تَعَالَى أَنَّهُمْ إِنَّمَا وَقَعُوا فِي ذَلِكَ الْعَذَابِ ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا مُكَذِّبِينَ بِالتَّوْحِيدِ وَبِالنُّبُوَّةِ ، أَمَّا التَّكْذِيبُ بِالتَّوْحِيدِ فَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=35nindex.php?page=treesubj&link=29008_30539إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ ) يَعْنِي يُنْكِرُونَ وَيَتَعَصَّبُونَ لِإِثْبَاتِ الشِّرْكِ وَيَسْتَنْكِفُونَ عَنِ الْإِقْرَارِ بِالتَّوْحِيدِ .
وَأَمَّا التَّكْذِيبُ بِالنُّبُوَّةِ فَهُوَ قَوْلُهُمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=36أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ ) وَيَعْنُونَ
مُحَمَّدًا ، ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى كَذَّبَهُمْ فِي ذَلِكَ الْكَلَامِ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=37بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ ) وَتَقْرِيرُ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّهُ جَاءَ بِالدِّينِ الْحَقِّ ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ بِالْعَقْلِ أَنَّهُ تَعَالَى مُنَزَّهٌ عَنِ الضِّدِّ وَالنِّدِّ وَالشَّرِيكِ ، فَلَمَّا جَاءَ
مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِتَقْرِيرِ هَذِهِ الْمَعَانِي كَانَ مَجِيئُهُ بِالدِّينِ الْحَقِّ ، قَرَأَ
ابْنُ كَثِيرٍ : " أَيْنَا لَتَارِكُوا آلِهَتَنَا " بِهَمْزَةٍ وَيَاءٍ بَعْدَهَا خَفِيفَةٍ سَاكِنَةٍ بِلَا مَدٍّ ، وَقَرَأَ
نَافِعٌ فِي رِوَايَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=16810قَالُونَ وَأَبِي عَمْرٍو عَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ يَمُدَّانِ وَالْبَاقُونَ بِهَمْزَتَيْنِ بِلَا مَدٍّ وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=37وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ ) يَعْنِي صَدَّقَهُمْ فِي مَجِيئِهِمْ بِالتَّوْحِيدِ وَنَفْيِ الشَّرِيكِ ، وَهَذَا تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28749_31789_28639الْقَوْلَ بِالتَّوْحِيدِ دِينٌ لِكُلِّ الْأَنْبِيَاءِ ، وَلَمَّا حَكَى اللَّهُ عَنْهُمْ تَكْذِيبَهُمْ بِالتَّوْحِيدِ وَالنُّبُوَّةِ نَقَلَ الْكَلَامَ مِنَ الْغَيْبَةِ إِلَى الْحُضُورِ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=38إِنَّكُمْ لَذَائِقُو الْعَذَابِ الْأَلِيمِ ) كَأَنَّهُ قِيلَ : فَكَيْفَ يَلِيقُ بِالرَّحِيمِ الْكَرِيمِ الْمُتَعَالِي عَنِ النَّفْعِ وَالضُّرِّ أَنْ يُعَذِّبَ عِبَادَهُ فَأَجَابَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=39وَمَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) وَالْمَعْنَى أَنَّ الْحُكْمَ يَقْتَضِي الْأَمْرَ بِالْحَسَنِ وَالطَّاعَةِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْقَبِيحِ وَالْمَعْصِيَةِ ، وَالْأَمْرُ وَالنَّهْيُ لَا يَكْمُلُ الْمَقْصُودُ مِنْهُمَا إِلَّا بِالتَّرْغِيبِ فِي الثَّوَابِ وَالتَّرْهِيبِ بِالْعِقَابِ ، وَإِذَا وَقَعَ الْإِخْبَارُ عَنْهُ وَجَبَ تَحْقِيقُهُ صَوْنًا لِلْكَلَامِ عَنِ الْكَذِبِ ، فَلِهَذَا السَّبَبِ وَقَعُوا فِي الْعَذَابِ ثُمَّ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=40إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ ) يَعْنِي وَلَكِنَّ عِبَادَ اللَّهِ [ الْمُخْلَصِينَ نَاجُونَ وَهُوَ ] مِنَ الِاسْتِثْنَاءِ الْمُنْقَطِعِ .