(
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=139وإن يونس لمن المرسلين nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=140إذ أبق إلى الفلك المشحون nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=141فساهم فكان من المدحضين nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=142فالتقمه الحوت وهو مليم nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=143فلولا أنه كان من المسبحين nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=144للبث في بطنه إلى يوم يبعثون nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=145فنبذناه بالعراء وهو سقيم nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=146وأنبتنا عليه شجرة من يقطين nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=147وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=148فآمنوا فمتعناهم إلى حين )
قصة
يونس عليه السلام
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=139وإن يونس لمن المرسلين nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=140إذ أبق إلى الفلك المشحون nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=141فساهم فكان من المدحضين nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=142فالتقمه الحوت وهو مليم nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=143فلولا أنه كان من المسبحين nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=144للبث في بطنه إلى يوم يبعثون nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=145فنبذناه بالعراء وهو سقيم nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=146وأنبتنا عليه شجرة من يقطين nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=147وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=148فآمنوا فمتعناهم إلى حين )
واعلم أن هذا هو القصة السادسة وهو آخر القصص المذكورة في هذه السورة ، وإنما صارت هذه القصة خاتمة للقصص ، لأجل أنه لما لم يصبر على أذى قومه وأبق إلى الفلك وقع في تلك الشدائد فيصير هذا سببا لتصبر النبي صلى الله عليه وسلم على أذى قومه .
أما
nindex.php?page=treesubj&link=31975_29008قوله : ( nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=139وإن يونس لمن المرسلين nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=140إذ أبق إلى الفلك المشحون ) ففيه مسائل :
المسألة الأولى : قال صاحب "الكشاف" قرئ "يونس" بضم النون وكسرها .
[ ص: 143 ] المسألة الثانية : دلت هذه الآية على أن هذه الواقعة إنما وقعت
ليونس عليه السلام بعد أن صار رسولا ، لأن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=139وإن يونس لمن المرسلين nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=140إذ أبق إلى الفلك ) معناه أنه كان من المرسلين حينما أبق إلى الفلك ، ويمكن أن يقال : إنه جاء في كثير من الروايات أنه أرسله ملك زمانه إلى أولئك القوم ليدعوهم إلى الله ، ثم أبق والتقمه الحوت ، فعند ذلك أرسله الله تعالى ، والحاصل أن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=139لمن المرسلين ) لا يدل على أنه كان في ذلك الوقت مرسلا من عند الله تعالى ، ويمكن أن يجاب بأنه سبحانه وتعالى ذكر هذا الوصف في معرض تعظيمه ، ولن يفيد هذه الفائدة إلا إذا كان المراد من قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=139لمن المرسلين ) أنه من المرسلين عند الله تعالى .
المسألة الثالثة : أبق من إباق العبد وهو هربه من سيده ، ثم اختلف المفسرون فقال بعضهم : إنه أبق من الله تعالى ، وهذا بعيد لأن ذلك لا يقال إلا فيمن يتعمد مخالفة ربه ، وذلك لا يجوز على الأنبياء ، واختلفوا فيما لأجله صار مخطئا ، فقيل : لأنه أمر بالخروج إلى
بني إسرائيل فلم يقبل ذلك التكليف وخرج مغاضبا لربه ، وهذا بعيد سواء أمره الله تعالى بذلك بوحي أو بلسان نبي آخر ، وقيل : إن ذنبه أنه ترك دعاء قومه ، ولم يصبر عليهم . وهذا أيضا بعيد لأن الله تعالى لما أمره بهذا العمل فلا يجوز أن يتركه ، والأقرب فيه وجهان :
الأول : أن ذنبه كان لأن الله تعالى وعده إنزال الإهلاك بقومه الذين كذبوه فظن أنه نازل لا محالة ، فلأجل هذا الظن لم يصبر على دعائهم ، فكان الواجب عليه أن يستمر على الدعاء لجواز أن لا يهلكهم الله بالعذاب وإن أنزله ، وهذا هو الأقرب لأنه إقدام على أمر ظهرت أماراته فلا يكون تعمدا للمعصية ، وإن كان الأولى في مثل هذا الباب أن لا يعمل فيه بالظن ، ثم انكشف
ليونس من بعد أنه أخطأ في ذلك الظن ، لأجل أنه ظهر الإيمان منهم ، فمعنى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=140إذ أبق إلى الفلك ) ما ذكرناه .
الوجه الثاني : أن
يونس كان وعد قومه بالعذاب ، فلما تأخر عنهم العذاب خرج كالمستور عنهم فقصد البحر وركب السفينة ، فذلك هو قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=140إذ أبق إلى الفلك ) وتمام الكلام في مشكلات هذه الآية ذكرناه في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه ) ( الأنبياء : 87 ) وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=140إلى الفلك المشحون ) مفسر في سورة يونس ، والسفينة إذا كان فيها الحمل الكثير والناس يقال إنها مشحونة ، ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=141فساهم ) المساهمة هي المقارعة ، يقال : أسهم القوم إذا اقترعوا ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=15153المبرد : وإنما أخذ من السهام التي تجال للقرعة (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=141فكان من المدحضين ) أي : المغلوبين يقال : أدحض الله حجته فدحضت أي : أزالها فزالت ، وأصل الكلمة من الدحض الذي هو الزلق ، يقال : دحضت رجل البعير إذا زلقت ، وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في قصة
يونس عليه السلام أنه كان يسكن مع قومه
فلسطين فغزاهم ملك وسبى منهم تسعة أسباط ونصفا ، وبقي سبطان ونصف ، وكان الله تعالى أوحى إلى
بني إسرائيل إذا أسركم عدوكم أو أصابتكم مصيبة فادعوني أستجب لكم ، فلما نسوا ذلك وأسروا أوحى الله تعالى بعد حين إلى نبي من أنبيائهم أن اذهب إلى ملك هؤلاء الأقوام وقل له حتى يبعث إلى
بني إسرائيل نبيا ، فاختار
يونس عليه السلام لقوته وأمانته ، قال
يونس : آلله أمرك بهذا ؟ قال : لا ولكن أمرت أن أبعث قويا أمينا وأنت كذلك ، فقال
يونس : وفي
بني إسرائيل من هو أقوى مني فلم لا تبعثه ، فألح الملك عليه فغضب
يونس منه ، وخرج حتى أتى
بحر الروم ووجد سفينة مشحونة فحملوه فيها ، فلما دخلت لجة البحر أشرفت على الغرق ، فقال الملاحون : إن فيكم عاصيا وإلا لم يحصل في السفينة ما نراه من غير ريح ولا سبب ظاهر ، وقال التجار : قد جربنا مثل هذا فإذا رأيناه نقترع ، فمن خرج سهمه نغرقه ، فلأن يغرق واحد خير من غرق الكل ، فخرج سهم
يونس ، فقال التجار : نحن
[ ص: 144 ] أولى بالمعصية من نبي الله ، ثم عادوا ثانيا وثالثا يقترعون فيخرج سهم
يونس ، فقال : يا هؤلاء أنا العاصي وتلفف في كساء ورمى بنفسه فابتلعته السمكة ، فأوحى الله تعالى إلى الحوت : "لا تكسر منه عظما ولا تقطع له وصلا " ثم إن السمكة أخرجته إلى
نيل مصر ثم إلى
بحر فارس ثم إلى
بحر البطائح ثم
دجلة فصعدت به ورمته
بأرض نصيبين بالعراء ، وهو كالفرخ المنتوف لا شعر ولا لحم ، فأنبت الله عليه شجرة من يقطين ، فكان يستظل بها ويأكل من ثمرها حتى تشدد ، ثم إن الأرض أكلتها فخرت من أصلها ، فحزن
يونس لذلك حزنا شديدا ، فقال : يا رب كنت أستظل تحت هذه الشجرة من الشمس والريح وأمص من ثمرها وقد سقطت ، فقيل له يا
يونس تحزن على شجرة أنبتت في ساعة واقتلعت في ساعة ولا تحزن على مائة ألف أو يزيدون تركتهم ! انطلق إليهم . والله أعلم بحقيقة الواقعة .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=142فالتقمه الحوت وهو مليم ) يقال : التقمه والتهمه والكل بمعنى واحد ، وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=142وهو مليم ) يقال : ألام إذا أتى بما يلام عليه ، فالمليم المستحق للوم الآتي بما يلام عليه .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=143nindex.php?page=treesubj&link=29008_31975فلولا أنه كان من المسبحين nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=144للبث في بطنه إلى يوم يبعثون ) وفي تفسير كونه من المسبحين قولان :
الأول : أن المراد منه ما حكى الله تعالى عنه في آية أخرى أنه كان يقول في تلك الظلمات (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ) .
الثاني : أنه لولا أنه كان قبل أن التقمه الحوت من المسبحين يعني المصلين ، وكان في أكثر الأوقات مواظبا على ذكر الله وطاعته للبث في بطن ذلك الحوت ، وكان بطنه قبرا له إلى يوم البعث ، قال بعضهم :
nindex.php?page=treesubj&link=24582اذكروا الله في الرخاء يذكركم في الشدة ، فإن
يونس عليه السلام كان عبدا صالحا ذاكرا لله تعالى ، فلما وقع في بطن الحوت قال الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=143فلولا أنه كان من المسبحين nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=144للبث في بطنه إلى يوم يبعثون ) وإن
فرعون كان عبدا طاغيا ناسيا ، فلما أدركه الغرق قال (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=90آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل ) [يونس : 90] قال الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=91آلآن وقد عصيت قبل ) [يونس : 91] ، واختلفوا في أنه كم لبث في بطن الحوت ، ولفظ القرآن لا يدل عليه . قال
الحسن : لم يلبث إلا قليلا ، وأخرج من بطنه بعد الوقت الذي التقمه ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=17132مقاتل بن حيان ثلاثة أيام ، وعن
عطاء سبعة أيام ، وعن
الضحاك عشرين يوما ، وقيل شهرا ، ولا أدري بأي دليل عينوا هذه المقادير ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013613سبح يونس في بطن الحوت فسمعت الملائكة تسبيحه فقالوا : ربنا إنا نسمع صوتا ضعيفا بأرض غريبة ، فقال : ذاك عبدي يونس عصاني فحبسته في بطن الحوت في البحر ، فقالوا : العبد الصالح الذي كان يصعد إليك منه في كل يوم وليلة عمل صالح ؟ قال : نعم ، فشفعوا له ، فأمر الحوت فقذفه في الساحل " فذاك هو قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=145فنبذناه بالعراء ) وفيه مباحث :
الأول : العراء المكان الخالي ، قال
أبو عبيدة : إنما قيل له العراء لأنه لا شجر فيه ولا شيء يغطيه .
الثاني : أنه تعالى قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=145فنبذناه بالعراء ) فأضاف ذلك النبذ إلى نفسه ، والنبذ إنما حصل بفعل الحوت ، وهذا يدل على أن
nindex.php?page=treesubj&link=28785فعل العبد مخلوق الله تعالى .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=145وهو سقيم ) قيل : المراد أنه بلي لحمه وصار ضعيفا كالطفل المولود كالفرخ الممعط الذي ليس عليه ريش ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : سقيم : أي سليب .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=146nindex.php?page=treesubj&link=31975_29008وأنبتنا عليه شجرة من يقطين ) ظاهر اللفظ يدل على أن الحوت لما نبذه في العراء فالله تعالى أنبت عليه شجرة من يقطين وذلك المعجز له ، قال :
nindex.php?page=showalam&ids=15153المبرد والزجاج : كل شجر لا يقوم على ساق وإنما
[ ص: 145 ] يمتد على وجه الأرض فهو يقطين ، نحو الدباء والحنظل والبطيخ ، قال
الزجاج : أحسب اشتقاقها من قطن بالمكان إذا أقام به ، وهذا الشجر ورقه كله على وجه الأرض فلذلك قيل له اليقطين ، وروى
الفراء أنه قيل عند
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس هو ورق القرع ، فقال : ومن جعل القرع من بين الشجر يقطينا ، كل ورقة اتسعت وسترت فهي يقطين ، قال
الواحدي - رحمه الله - : والآية تقتضي شيئين لم يذكرهما المفسرون :
أحدهما : أن هذا اليقطين لم يكن قبل فأنبته الله لأجله .
والآخر : أن اليقطين كان معروشا ليحصل له ظل ، لأنه لو كان منبسطا على الأرض لم يمكن أن يستظل به .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=147nindex.php?page=treesubj&link=29008_31975وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون ) وفيه مباحث :
الأول : يحتمل أن يكون المراد وأرسلناه قبل أن يلتقمه الحوت ، وعلى هذا الإرسال وإن ذكر بعد الالتقام ، فالمراد به التقديم والواو معناها الجمع ، ويحتمل أن يكون المراد به الإرسال بعد الالتقام ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : كانت رسالة
يونس عليه السلام بعد ما نبذه الحوت ، وعلى هذا التقدير يجوز أن يكون أرسل إلى قوم آخرين سوى القوم الأول ، ويجوز أن يكون أرسل إلى الأولين ثانيا بشريعة فآمنوا بها .
البحث الثاني : ظاهر قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=147أو يزيدون ) يوجب الشك ، وذلك على الله تعالى محال ، ونظيره قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=77&ayano=6عذرا أو نذرا ) [المرسلات : 6] وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=44لعله يتذكر أو يخشى ) [طه : 44] وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=113لعلهم يتقون أو يحدث لهم ذكرا ) [طه : 113] وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=77وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب ) [النحل : 77] وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=9فكان قاب قوسين أو أدنى ) [النجم : 9] وأجابوا عنه من وجوه كثيرة ، والأصح منها وجه واحد وهو أن يكون المعنى أو يزيدون في تقديركم بمعنى أنهم إذا رآهم الرائي قال : هؤلاء مائة ألف أو يزيدون على المائة ، وهذا هو الجواب عن كل ما يشبه هذا .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=148فآمنوا فمتعناهم إلى حين ) والمعنى : أن أولئك الأقوام لما آمنوا أزال الله الخوف عنهم وآمنهم من العذاب ومتعهم الله إلى حين ، أي : إلى الوقت الذي جعله الله أجلا لكل واحد منهم .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=139وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=140إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=141فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=142فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=143فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=144لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=145فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=146وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=147وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=148فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ )
قِصَّةُ
يُونُسَ عَلَيْهِ السَّلَامُ
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=139وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=140إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=141فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=142فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=143فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=144لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=145فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=146وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=147وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=148فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ )
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا هُوَ الْقِصَّةُ السَّادِسَةُ وَهُوَ آخِرُ الْقِصَصِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذِهِ السُّورَةِ ، وَإِنَّمَا صَارَتْ هَذِهِ الْقِصَّةُ خَاتِمَةً لِلْقِصَصِ ، لِأَجْلِ أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَصْبِرْ عَلَى أَذَى قَوْمِهِ وَأَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ وَقَعَ فِي تِلْكَ الشَّدَائِدِ فَيَصِيرُ هَذَا سَبَبًا لِتَصَبُّرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَذَى قَوْمِهِ .
أَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=31975_29008قَوْلُهُ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=139وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=140إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ ) فَفِيهِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : قَالَ صَاحِبُ "الْكَشَّافِ" قُرِئَ "يُونُسَ" بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِهَا .
[ ص: 143 ] الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : دَلَّتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْوَاقِعَةَ إِنَّمَا وَقَعَتْ
لِيُونُسَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَعْدَ أَنْ صَارَ رَسُولًا ، لِأَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=139وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=140إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ ) مَعْنَاهُ أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ حِينَمَا أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ : إِنَّهُ جَاءَ فِي كَثِيرٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ أَرْسَلَهُ مَلِكُ زَمَانِهِ إِلَى أُولَئِكَ الْقَوْمِ لِيَدْعُوَهُمْ إِلَى اللَّهِ ، ثُمَّ أَبَقَ وَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ أَرْسَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=139لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ) لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مُرْسَلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ذَكَرَ هَذَا الْوَصْفَ فِي مَعْرِضِ تَعْظِيمِهِ ، وَلَنْ يُفِيدَ هَذِهِ الْفَائِدَةَ إِلَّا إِذَا كَانَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=139لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ) أَنَّهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : أَبَقَ مِنْ إِبَاقِ الْعَبْدِ وَهُوَ هَرَبُهُ مِنْ سَيِّدِهِ ، ثُمَّ اخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ : إِنَّهُ أَبَقَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ، وَهَذَا بَعِيدٌ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُقَالُ إِلَّا فِيمَنْ يَتَعَمَّدُ مُخَالَفَةَ رَبِّهِ ، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ ، وَاخْتَلَفُوا فِيمَا لِأَجْلِهِ صَارَ مُخْطِئًا ، فَقِيلَ : لِأَنَّهُ أُمِرَ بِالْخُرُوجِ إِلَى
بَنِي إِسْرَائِيلَ فَلَمْ يَقْبَلْ ذَلِكَ التَّكْلِيفَ وَخَرَجَ مُغَاضِبًا لِرَبِّهِ ، وَهَذَا بَعِيدٌ سَوَاءٌ أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِذَلِكَ بِوَحْيٍ أَوْ بِلِسَانِ نَبِيٍّ آخَرَ ، وَقِيلَ : إِنَّ ذَنْبَهُ أَنَّهُ تَرَكَ دُعَاءَ قَوْمِهِ ، وَلَمْ يَصْبِرْ عَلَيْهِمْ . وَهَذَا أَيْضًا بَعِيدٌ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا أَمَرَهُ بِهَذَا الْعَمَلِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتْرُكَهُ ، وَالْأَقْرَبُ فِيهِ وَجْهَانِ :
الْأَوَّلُ : أَنَّ ذَنْبَهُ كَانَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَعَدَهُ إِنْزَالَ الْإِهْلَاكِ بِقَوْمِهِ الَّذِينَ كَذَّبُوهُ فَظَنَّ أَنَّهُ نَازِلٌ لَا مَحَالَةَ ، فَلِأَجْلِ هَذَا الظَّنِّ لَمْ يَصْبِرْ عَلَى دُعَائِهِمْ ، فَكَانَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَمِرَّ عَلَى الدُّعَاءِ لِجَوَازِ أَنْ لَا يُهْلِكَهُمُ اللَّهُ بِالْعَذَابِ وَإِنْ أَنْزَلَهُ ، وَهَذَا هُوَ الْأَقْرَبُ لِأَنَّهُ إِقْدَامٌ عَلَى أَمْرٍ ظَهَرَتْ أَمَارَاتُهُ فَلَا يَكُونُ تَعَمُّدًا لِلْمَعْصِيَةِ ، وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى فِي مِثْلِ هَذَا الْبَابِ أَنْ لَا يُعْمَلَ فِيهِ بِالظَّنِّ ، ثُمَّ انْكَشَفَ
لِيُونُسَ مِنْ بَعْدُ أَنَّهُ أَخْطَأَ فِي ذَلِكَ الظَّنِّ ، لِأَجْلِ أَنَّهُ ظَهَرَ الْإِيمَانُ مِنْهُمْ ، فَمَعْنَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=140إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ ) مَا ذَكَرْنَاهُ .
الْوَجْهُ الثَّانِي : أَنَّ
يُونُسَ كَانَ وَعَدَ قَوْمَهُ بِالْعَذَابِ ، فَلَمَّا تَأَخَّرَ عَنْهُمُ الْعَذَابُ خَرَجَ كَالْمَسْتُورِ عَنْهُمْ فَقَصَدَ الْبَحْرَ وَرَكِبَ السَّفِينَةَ ، فَذَلِكَ هُوَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=140إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ ) وَتَمَامُ الْكَلَامِ فِي مُشْكِلَاتِ هَذِهِ الْآيَةِ ذَكَرْنَاهُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ ) ( الْأَنْبِيَاءِ : 87 ) وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=140إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ ) مُفَسَّرٌ فِي سُورَةِ يُونُسَ ، وَالسَّفِينَةُ إِذَا كَانَ فِيهَا الْحِمْلُ الْكَثِيرُ وَالنَّاسُ يُقَالُ إِنَّهَا مَشْحُونَةٌ ، ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=141فَسَاهَمَ ) الْمُسَاهَمَةُ هِيَ الْمُقَارَعَةُ ، يُقَالُ : أَسْهَمَ الْقَوْمُ إِذَا اقْتَرَعُوا ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15153الْمُبَرَّدُ : وَإِنَّمَا أُخِذَ مِنَ السِّهَامِ الَّتِي تُجَالُ لِلْقُرْعَةِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=141فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ ) أَيِ : الْمَغْلُوبِينَ يُقَالُ : أَدْحَضَ اللَّهُ حُجَّتَهُ فَدُحِضَتْ أَيْ : أَزَالَهَا فَزَالَتْ ، وَأَصْلُ الْكَلِمَةِ مِنَ الدَّحْضِ الَّذِي هُوَ الزَّلَقُ ، يُقَالُ : دَحَضَتْ رِجْلُ الْبَعِيرِ إِذَا زَلَقَتْ ، وَذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ فِي قِصَّةِ
يُونُسَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ كَانَ يَسْكُنُ مَعَ قَوْمِهِ
فِلَسْطِينَ فَغَزَاهُمْ مَلِكٌ وَسَبَى مِنْهُمْ تِسْعَةَ أَسْبَاطٍ وَنِصْفًا ، وَبَقِيَ سِبْطَانِ وَنِصْفٌ ، وَكَانَ اللَّهُ تَعَالَى أَوْحَى إِلَى
بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذَا أَسَرَكُمْ عَدُوُّكُمْ أَوْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ فَادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ، فَلَمَّا نَسُوا ذَلِكَ وَأُسِرُوا أَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى بَعْدَ حِينٍ إِلَى نَبِيٍّ مِنْ أَنْبِيَائِهِمْ أَنِ اذْهَبْ إِلَى مَلِكِ هَؤُلَاءِ الْأَقْوَامِ وَقُلْ لَهُ حَتَّى يَبْعَثَ إِلَى
بَنِي إِسْرَائِيلَ نَبِيًّا ، فَاخْتَارَ
يُونُسَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِقُوَّتِهِ وَأَمَانَتِهِ ، قَالَ
يُونُسُ : آللَّهُ أَمَرَكَ بِهَذَا ؟ قَالَ : لَا وَلَكِنْ أُمِرْتُ أَنْ أَبْعَثَ قَوِيًّا أَمِينًا وَأَنْتَ كَذَلِكَ ، فَقَالَ
يُونُسُ : وَفِي
بَنِي إِسْرَائِيلَ مَنْ هُوَ أَقْوَى مِنِّي فَلِمَ لَا تَبْعَثُهُ ، فَأَلَحَّ الْمَلِكُ عَلَيْهِ فَغَضِبَ
يُونُسُ مِنْهُ ، وَخَرَجَ حَتَّى أَتَى
بَحْرَ الرُّومِ وَوَجَدَ سَفِينَةً مَشْحُونَةً فَحَمَلُوهُ فِيهَا ، فَلَمَّا دَخَلَتْ لُجَّةَ الْبَحْرِ أَشْرَفَتْ عَلَى الْغَرَقِ ، فَقَالَ الْمَلَّاحُونَ : إِنَّ فِيكُمْ عَاصِيًا وَإِلَّا لَمْ يَحْصُلْ فِي السَّفِينَةِ مَا نَرَاهُ مِنْ غَيْرِ رِيحٍ وَلَا سَبَبٍ ظَاهِرٍ ، وَقَالَ التُّجَّارُ : قَدْ جَرَّبْنَا مِثْلَ هَذَا فَإِذَا رَأَيْنَاهُ نَقْتَرِعُ ، فَمَنْ خَرَجَ سَهْمُهُ نُغْرِقُهُ ، فَلَأَنْ يَغْرَقَ وَاحِدٌ خَيْرٌ مِنْ غَرَقِ الْكُلِّ ، فَخَرَجَ سَهْمُ
يُونُسَ ، فَقَالَ التُّجَّارُ : نَحْنُ
[ ص: 144 ] أَوْلَى بِالْمَعْصِيَةِ مِنْ نَبِيِّ اللَّهِ ، ثُمَّ عَادُوا ثَانِيًا وَثَالِثًا يَقْتَرِعُونَ فَيَخْرُجُ سَهْمُ
يُونُسَ ، فَقَالَ : يَا هَؤُلَاءِ أَنَا الْعَاصِي وَتَلَفَّفَ فِي كِسَاءٍ وَرَمَى بِنَفْسِهِ فَابْتَلَعَتْهُ السَّمَكَةُ ، فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَى الْحُوتِ : "لَا تَكْسِرْ مِنْهُ عَظْمًا وَلَا تَقْطَعْ لَهُ وَصْلًا " ثُمَّ إِنَّ السَّمَكَةَ أَخْرَجَتْهُ إِلَى
نِيلِ مِصْرَ ثُمَّ إِلَى
بَحْرِ فَارِسَ ثُمَّ إِلَى
بَحْرِ الْبَطَائِحِ ثُمَّ
دِجْلَةَ فَصَعِدَتْ بِهِ وَرَمَتْهُ
بِأَرْضِ نَصِيبِينَ بِالْعَرَاءِ ، وَهُوَ كَالْفَرْخِ الْمَنْتُوفِ لَا شَعَرَ وَلَا لَحْمَ ، فَأَنْبَتَ اللَّهُ عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ ، فَكَانَ يَسْتَظِلُّ بِهَا وَيَأْكُلُ مِنْ ثَمَرِهَا حَتَّى تَشَدَّدَ ، ثُمَّ إِنَّ الْأَرْضَ أَكَلَتْهَا فَخَرَّتْ مِنْ أَصْلِهَا ، فَحَزِنَ
يُونُسُ لِذَلِكَ حُزْنًا شَدِيدًا ، فَقَالَ : يَا رَبِّ كُنْتُ أَسْتَظِلُّ تَحْتَ هَذِهِ الشَّجَرَةِ مِنَ الشَّمْسِ وَالرِّيحِ وَأَمُصُّ مِنْ ثَمَرِهَا وَقَدْ سَقَطَتْ ، فَقِيلَ لَهُ يَا
يُونُسُ تَحْزَنُ عَلَى شَجَرَةٍ أُنْبِتَتْ فِي سَاعَةٍ وَاقْتُلِعَتْ فِي سَاعَةٍ وَلَا تَحْزَنُ عَلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ تَرَكْتَهُمْ ! انْطَلِقْ إِلَيْهِمْ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ الْوَاقِعَةِ .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=142فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ ) يُقَالُ : الْتَقَمَهُ وَالْتَهَمَهُ وَالْكُلُّ بِمَعْنًى وَاحِدٍ ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=142وَهُوَ مُلِيمٌ ) يُقَالُ : أَلَامَ إِذَا أَتَى بِمَا يُلَامُ عَلَيْهِ ، فَالْمُلِيمُ الْمُسْتَحِقُّ لِلَّوْمِ الْآتِي بِمَا يُلَامُ عَلَيْهِ .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=143nindex.php?page=treesubj&link=29008_31975فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=144لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) وَفِي تَفْسِيرِ كَوْنِهِ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ قَوْلَانِ :
الْأَوَّلُ : أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ مَا حَكَى اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي آيَةٍ أُخْرَى أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي تِلْكَ الظُّلُمَاتِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ) .
الثَّانِي : أَنَّهُ لَوْلَا أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ أَنِ الْتَقَمَهُ الْحُوتُ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ يَعْنِي الْمُصَلِّينَ ، وَكَانَ فِي أَكْثَرِ الْأَوْقَاتِ مُوَاظِبًا عَلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَطَاعَتِهِ لَلَبِثَ فِي بَطْنِ ذَلِكَ الْحُوتِ ، وَكَانَ بَطْنُهُ قَبْرًا لَهُ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ ، قَالَ بَعْضُهُمُ :
nindex.php?page=treesubj&link=24582اذْكُرُوا اللَّهَ فِي الرَّخَاءِ يَذْكُرُكُمْ فِي الشِّدَّةِ ، فَإِنَّ
يُونُسَ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ عَبْدًا صَالِحًا ذَاكِرًا لِلَّهِ تَعَالَى ، فَلَمَّا وَقَعَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=143فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=144لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) وَإِنَّ
فِرْعَوْنَ كَانَ عَبْدًا طَاغِيًا نَاسِيًا ، فَلَمَّا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=90آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ ) [يُونُسَ : 90] قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=91آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ ) [يُونُسَ : 91] ، وَاخْتَلَفُوا فِي أَنَّهُ كَمْ لَبِثَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ ، وَلَفْظُ الْقُرْآنِ لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ . قَالَ
الْحَسَنُ : لَمْ يَلْبَثْ إِلَّا قَلِيلًا ، وَأُخْرِجَ مِنْ بَطْنِهِ بَعْدَ الْوَقْتِ الَّذِي الْتَقَمَهُ ، وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17132مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ، وَعَنْ
عَطَاءٍ سَبْعَةَ أَيَّامٍ ، وَعَنِ
الضَّحَّاكِ عِشْرِينَ يَوْمًا ، وَقِيلَ شَهْرًا ، وَلَا أَدْرِي بِأَيِّ دَلِيلٍ عَيَّنُوا هَذِهِ الْمَقَادِيرَ ، وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013613سَبَّحَ يُونُسُ فِي بَطْنِ الْحُوتِ فَسَمِعَتِ الْمَلَائِكَةُ تَسْبِيحَهُ فَقَالُوا : رَبَّنَا إِنَّا نَسْمَعُ صَوْتًا ضَعِيفًا بِأَرْضٍ غَرِيبَةٍ ، فَقَالَ : ذَاكَ عَبْدِي يُونُسُ عَصَانِي فَحَبَسْتُهُ فِي بَطْنِ الْحُوتِ فِي الْبَحْرِ ، فَقَالُوا : الْعَبْدُ الصَّالِحُ الَّذِي كَانَ يَصْعَدُ إِلَيْكَ مِنْهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ عَمَلٌ صَالِحٌ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، فَشَفَعُوا لَهُ ، فَأَمَرَ الْحُوتَ فَقَذَفَهُ فِي السَّاحِلِ " فَذَاكَ هُوَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=145فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ ) وَفِيهِ مَبَاحِثُ :
الْأَوَّلُ : الْعَرَاءُ الْمَكَانُ الْخَالِي ، قَالَ
أَبُو عُبَيْدَةَ : إِنَّمَا قِيلَ لَهُ الْعَرَاءُ لِأَنَّهُ لَا شَجَرَ فِيهِ وَلَا شَيْءَ يُغَطِّيهِ .
الثَّانِي : أَنَّهُ تَعَالَى قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=145فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ ) فَأَضَافَ ذَلِكَ النَّبْذَ إِلَى نَفْسِهِ ، وَالنَّبْذُ إِنَّمَا حَصَلَ بِفِعْلِ الْحُوتِ ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28785فِعْلَ الْعَبْدِ مَخْلُوقُ اللَّهِ تَعَالَى .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=145وَهُوَ سَقِيمٌ ) قِيلَ : الْمُرَادُ أَنَّهُ بَلِيَ لَحْمُهُ وَصَارَ ضَعِيفًا كَالطِّفْلِ الْمَوْلُودِ كَالْفَرْخِ الْمُمَعَّطِ الَّذِي لَيْسَ عَلَيْهِ رِيشٌ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٌ : سَقِيمٌ : أَيْ سَلِيبٌ .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=146nindex.php?page=treesubj&link=31975_29008وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ ) ظَاهِرُ اللَّفْظِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحُوتَ لَمَّا نَبَذَهُ فِي الْعَرَاءِ فَاللَّهُ تَعَالَى أَنْبَتَ عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ وَذَلِكَ الْمُعْجِزُ لَهُ ، قَالَ :
nindex.php?page=showalam&ids=15153الْمُبَرَّدُ وَالزَّجَّاجُ : كُلُّ شَجَرٍ لَا يَقُومُ عَلَى سَاقٍ وَإِنَّمَا
[ ص: 145 ] يَمْتَدُّ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فَهُوَ يَقْطِينٌ ، نَحْوُ الدُّبَّاءِ وَالْحَنْظَلِ وَالْبِطِّيخِ ، قَالَ
الزَّجَّاجُ : أَحْسَبُ اشْتِقَاقَهَا مِنْ قَطَنَ بِالْمَكَانِ إِذَا أَقَامَ بِهِ ، وَهَذَا الشَّجَرُ وَرَقُهُ كُلُّهُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فَلِذَلِكَ قِيلَ لَهُ الْيَقْطِينُ ، وَرَوَى
الْفَرَّاءُ أَنَّهُ قِيلَ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ هُوَ وَرَقُ الْقَرْعِ ، فَقَالَ : وَمَنْ جَعَلَ الْقَرْعَ مِنْ بَيْنِ الشَّجَرِ يَقْطِينًا ، كُلُّ وَرَقَةٍ اتَّسَعَتْ وَسَتَرَتْ فَهِيَ يَقْطِينٌ ، قَالَ
الْوَاحِدِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - : وَالْآيَةُ تَقْتَضِي شَيْئَيْنِ لَمْ يَذْكُرْهُمَا الْمُفَسِّرُونَ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّ هَذَا الْيَقْطِينَ لَمْ يَكُنْ قَبْلُ فَأَنْبَتَهُ اللَّهُ لِأَجْلِهِ .
وَالْآخَرُ : أَنَّ الْيَقْطِينَ كَانَ مَعْرُوشًا لِيَحْصُلَ لَهُ ظِلٌّ ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مُنْبَسِطًا عَلَى الْأَرْضِ لَمْ يُمْكِنْ أَنْ يَسْتَظِلَّ بِهِ .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=147nindex.php?page=treesubj&link=29008_31975وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ) وَفِيهِ مَبَاحِثُ :
الْأَوَّلُ : يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ وَأَرْسَلْنَاهُ قَبْلَ أَنْ يَلْتَقِمَهُ الْحُوتُ ، وَعَلَى هَذَا الْإِرْسَالِ وَإِنْ ذُكِرَ بَعْدَ الِالْتِقَامِ ، فَالْمُرَادُ بِهِ التَّقْدِيمُ وَالْوَاوُ مَعْنَاهَا الْجَمْعُ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ الْإِرْسَالَ بَعْدَ الِالْتِقَامِ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ : كَانَتْ رِسَالَةُ
يُونُسَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَعْدَ مَا نَبَذَهُ الْحُوتُ ، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أُرْسِلَ إِلَى قَوْمٍ آخَرِينَ سِوَى الْقَوْمِ الْأُوَلِ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أُرْسِلَ إِلَى الْأَوَّلِينَ ثَانِيًا بِشَرِيعَةٍ فَآمَنُوا بِهَا .
الْبَحْثُ الثَّانِي : ظَاهِرُ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=147أَوْ يَزِيدُونَ ) يُوجِبُ الشَّكَّ ، وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى مُحَالٌ ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=77&ayano=6عُذْرًا أَوْ نُذْرًا ) [الْمُرْسَلَاتِ : 6] وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=44لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ) [طه : 44] وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=113لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا ) [طه : 113] وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=77وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ ) [النَّحْلِ : 77] وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=9فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى ) [النَّجْمِ : 9] وَأَجَابُوا عَنْهُ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ ، وَالْأَصَحُّ مِنْهَا وَجْهٌ وَاحِدٌ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى أَوْ يَزِيدُونَ فِي تَقْدِيرِكُمْ بِمَعْنَى أَنَّهُمْ إِذَا رَآهُمُ الرَّائِي قَالَ : هَؤُلَاءِ مِائَةُ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ عَلَى الْمِائَةِ ، وَهَذَا هُوَ الْجَوَابُ عَنْ كُلِّ مَا يُشْبِهُ هَذَا .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=148فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ ) وَالْمَعْنَى : أَنَّ أُولَئِكَ الْأَقْوَامَ لَمَّا آمَنُوا أَزَالَ اللَّهُ الْخَوْفَ عَنْهُمْ وَآمَنَهُمْ مِنَ الْعَذَابِ وَمَتَّعَهُمُ اللَّهُ إِلَى حِينٍ ، أَيْ : إِلَى الْوَقْتِ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ أَجَلًا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ .