(
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=21وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=22إذ دخلوا على داود ففزع منهم قالوا لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=23إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزني في الخطاب nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=24قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم وظن داود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=25فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب )
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=21وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=22إذ دخلوا على داود ففزع منهم قالوا لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=23إن هذا أخي له )
[ ص: 165 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=23تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزني في الخطاب nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=24قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم وظن داود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=25فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب ) اعلم أن الله تعالى لما مدحه وأثنى عليه من الوجوه العشرة أردفه بذكر قصة ليبين بها أن الأحوال الواقعة في هذه القصة لا يبين شيء منها كونه عليه السلام مستحقا للثناء والمدح العظيم .
أما
nindex.php?page=treesubj&link=29009_31966قوله تعالى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=21وهل أتاك نبأ الخصم ) فهو نظير قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=15هل أتاك حديث موسى ) [طه : 9] وفائدة هذا الاستفهام التنبيه على جلالة القصة المستفهم عنها ، ليكون داعيا إلى الإصغاء لها والاعتبار بها ، وأقول للناس في هذه القصة ثلاثة أقوال :
أحدها : ذكر هذه القصة على وجه يدل على صدور الكبيرة عنه .
وثانيها : دلالتها على الصغيرة .
وثالثها : بحيث لا تدل على الكبيرة ولا على الصغيرة .
فأما القول الأول فحاصل كلامهم فيها : أن
داود عشق
امرأة أوريا ، فاحتال بالوجوه الكثيرة حتى قتل زوجها ثم تزوج بها فأرسل الله إليه ملكين في صورة المتخاصمين في واقعة شبيهة بواقعته ، وعرضا تلك الواقعة عليه . فحكم
داود بحكم لزم منه اعترافه بكونه مذنبا ، ثم تنبه لذلك فاشتغل بالتوبة .
والذي أدين به وأذهب إليه أن ذلك باطل ويدل عليه وجوه .
الأول : أن هذه الحكاية لو نسبت إلى أفسق الناس وأشدهم فجورا لاستنكف منها ، والرجل الحوشي الخبيث الذي يقرر تلك القصة لو نسب إلى مثل هذا العمل لبالغ في تنزيه نفسه وربما لعن من ينسبه إليها ، وإذا كان الأمر كذلك فكيف يليق بالعاقل نسبة المعصوم إليه .
الثاني : أن حاصل القصة يرجع إلى أمرين : إلى السعي في قتل رجل مسلم بغير حق ، وإلى الطمع في زوجته ، أما الأول : فأمر منكر قال صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013618من nindex.php?page=treesubj&link=18070_18081سعى في دم مسلم ولو بشطر كلمة جاء يوم القيامة مكتوبا بين عينيه آيس من رحمة الله .
وأما الثاني : فمنكر عظيم ، قال صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013619المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده وإن
أوريا لم يسلم من
داود لا في روحه ولا في منكوحه .
والثالث : أن الله تعالى وصف
داود عليه السلام قبل ذكر هذه القصة بالصفات العشر المذكورة ، ووصفه أيضا بصفات كثيرة بعد ذكر هذه القصة ، وكل هذه الصفات تنافي كونه عليه السلام موصوفا بهذا الفعل المنكر والعمل القبيح ، ولا بأس بإعادة هذه الصفات لأجل المبالغة في البيان .
فنقول : أما الصفات الأولى : فهي
nindex.php?page=treesubj&link=31957أنه تعالى أمر محمدا صلى الله عليه وسلم بأن يقتدي بداود في المصابرة مع المكابدة ، ولو قلنا : إن
داود لم يصبر على مخالفة النفس بل سعى في إراقة دم امرئ مسلم لغرض شهوته فكيف يليق بأحكم الحاكمين أن يأمر
محمدا أفضل الرسل بأن يقتدي
بداود في الصبر على طاعة الله .
وأما الصفة الثانية : فهي أنه وصفه بكونه عبدا له ، وقد بينا أن المقصود من هذا الوصف بيان كون ذلك الموصوف كاملا في موقف العبودية ، تاما في القيام بأداء الطاعات والاحتراز عن المحظورات ، ولو قلنا إن
داود عليه السلام اشتغل بتلك الأعمال الباطلة ، فحينئذ ما كان
داود كاملا في عبوديته لله تعالى ، بل كان كاملا في طاعة الهوى والشهوة .
الصفة الثالثة : هو قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=17ذا الأيد ) أي ذا القوة ، ولا شك أن المراد منه القوة في الدين ، لأن القوة في غير الدين كانت موجودة في ملوك الكفار ، ولا معنى للقوة في الدين إلا القوة الكاملة على أداء الواجبات ،
[ ص: 166 ] والاجتناب عن المحظورات ، وأي قوة لمن لم يملك نفسه عن القتل والرغبة في زوجة المسلم ؟
الصفة الرابعة : كونه أوابا كثير الرجوع إلى الله تعالى ، وكيف يليق هذا بمن يكون قلبه مشغوفا بالقتل والفجور ؟
الصفة الخامسة : قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=18إنا سخرنا الجبال معه ) أفترى أنه سخرت له الجبال ليتخذه وسيلة إلى القتل والفجور ؟
الصفة السادسة : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=19والطير محشورة ) ، وقيل إنه كان محرما عليه صيد شيء من الطير وكيف يعقل أن يكون الطير آمنا منه ولا ينجو منه الرجل المسلم على روحه ومنكوحه ؟
الصفة السابعة : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=20وشددنا ملكه ) ومحال أن يكون المراد أنه تعالى شدد ملكه بأسباب الدنيا ، بل المراد أنه تعالى شدد ملكه بما يقوي الدين وأسباب سعادة الآخرة ، والمراد تشديد ملكه في الدين والدنيا ومن لا يملك نفسه عن القتل والفجور كيف يليق به ذلك ؟
الصفة الثامنة : قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=20وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب ) والحكمة اسم جامع لكل ما ينبغي علما وعملا ، فكيف يجوز أن يقول الله تعالى : إنا (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=20وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب ) مع إصراره على ما يستنكف عنه الخبيث الشيطان من مزاحمة أخلص أصحابه في الروح والمنكوح ، فهذه الصفات المذكورة قبل شرح تلك القصة دالة على
nindex.php?page=treesubj&link=31956براءة ساحته عن تلك الأكاذيب .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=21وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=22إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=23إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=24قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُدُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=25فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ )
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=21وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=22إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=23إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ )
[ ص: 165 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=23تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=24قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُدُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=25فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ ) اعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا مَدَحَهُ وَأَثْنَى عَلَيْهِ مِنَ الْوُجُوهِ الْعَشَرَةِ أَرْدَفَهُ بِذِكْرِ قِصَّةٍ لِيُبَيِّنَ بِهَا أَنَّ الْأَحْوَالَ الْوَاقِعَةَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ لَا يُبَيِّنُ شَيْءٌ مِنْهَا كَوْنَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مُسْتَحِقًّا لِلثَّنَاءِ وَالْمَدْحِ الْعَظِيمِ .
أَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=29009_31966قَوْلُهُ تَعَالَى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=21وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ ) فَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=15هَلْ أتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى ) [طه : 9] وَفَائِدَةُ هَذَا الِاسْتِفْهَامِ التَّنْبِيهُ عَلَى جَلَالَةِ الْقِصَّةِ الْمُسْتَفْهَمِ عَنْهَا ، لِيَكُونَ دَاعِيًا إِلَى الْإِصْغَاءِ لَهَا وَالِاعْتِبَارِ بِهَا ، وَأَقُولُ لِلنَّاسِ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ :
أَحَدُهَا : ذَكَرَ هَذِهِ الْقِصَّةَ عَلَى وَجْهٍ يَدُلُّ عَلَى صُدُورِ الْكَبِيرَةِ عَنْهُ .
وَثَانِيهَا : دَلَالَتُهَا عَلَى الصَّغِيرَةِ .
وَثَالِثُهَا : بِحَيْثُ لَا تَدُلُّ عَلَى الْكَبِيرَةِ وَلَا عَلَى الصَّغِيرَةِ .
فَأَمَّا الْقَوْلُ الْأَوَّلُ فَحَاصِلُ كَلَامِهِمْ فِيهَا : أَنَّ
دَاوُدَ عَشِقَ
امْرَأَةَ أُورِيَا ، فَاحْتَالَ بِالْوُجُوهِ الْكَثِيرَةِ حَتَّى قَتَلَ زَوْجَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَ بِهَا فَأَرْسَلَ اللَّهُ إِلَيْهِ مَلَكَيْنِ فِي صُورَةِ الْمُتَخَاصِمَيْنِ فِي وَاقِعَةٍ شَبِيهَةٍ بِوَاقِعَتِهِ ، وَعَرَضَا تِلْكَ الْوَاقِعَةَ عَلَيْهِ . فَحَكَمَ
دَاوُدُ بِحُكْمٍ لَزِمَ مِنْهُ اعْتِرَافُهُ بِكَوْنِهِ مُذْنِبًا ، ثُمَّ تَنَبَّهَ لِذَلِكَ فَاشْتَغَلَ بِالتَّوْبَةِ .
وَالَّذِي أَدِينُ بِهِ وَأَذْهَبُ إِلَيْهِ أَنَّ ذَلِكَ بَاطِلٌ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ وُجُوهٌ .
الْأَوَّلُ : أَنَّ هَذِهِ الْحِكَايَةَ لَوْ نُسِبَتْ إِلَى أَفْسَقِ النَّاسِ وَأَشَدِّهِمْ فُجُورًا لَاسْتَنْكَفَ مِنْهَا ، وَالرَّجُلُ الْحُوشِيُّ الْخَبِيثُ الَّذِي يُقَرِّرُ تِلْكَ الْقِصَّةَ لَوْ نُسِبَ إِلَى مِثْلِ هَذَا الْعَمَلِ لَبَالَغَ فِي تَنْزِيهِ نَفْسِهِ وَرُبَّمَا لَعَنَ مَنْ يَنْسُبُهُ إِلَيْهَا ، وَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَكَيْفَ يَلِيقُ بِالْعَاقِلِ نِسْبَةُ الْمَعْصُومِ إِلَيْهِ .
الثَّانِي : أَنَّ حَاصِلَ الْقِصَّةِ يَرْجِعُ إِلَى أَمْرَيْنِ : إِلَى السَّعْيِ فِي قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ بِغَيْرِ حَقٍّ ، وَإِلَى الطَّمَعِ فِي زَوْجَتِهِ ، أَمَّا الْأَوَّلُ : فَأَمْرٌ مُنْكَرٌ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013618مَنْ nindex.php?page=treesubj&link=18070_18081سَعَى فِي دَمِ مُسْلِمٍ وَلَوْ بِشَطْرِ كَلِمَةٍ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَكْتُوبًا بَيْنَ عَيْنَيْهِ آيِسٌ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ .
وَأَمَّا الثَّانِي : فَمُنْكَرٌ عَظِيمٌ ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013619الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ وَإِنَّ
أُورِيَا لَمْ يَسْلَمْ مِنْ
دَاوُدَ لَا فِي رُوحِهِ وَلَا فِي مَنْكُوحِهِ .
وَالثَّالِثُ : أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَصَفَ
دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَبْلَ ذِكْرِ هَذِهِ الْقِصَّةِ بِالصِّفَاتِ الْعَشْرِ الْمَذْكُورَةِ ، وَوَصَفَهُ أَيْضًا بِصِفَاتٍ كَثِيرَةٍ بَعْدَ ذِكْرِ هَذِهِ الْقِصَّةِ ، وَكُلُّ هَذِهِ الصِّفَاتِ تُنَافِي كَوْنَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَوْصُوفًا بِهَذَا الْفِعْلِ الْمُنْكَرِ وَالْعَمَلِ الْقَبِيحِ ، وَلَا بَأْسَ بِإِعَادَةِ هَذِهِ الصِّفَاتِ لِأَجْلِ الْمُبَالَغَةِ فِي الْبَيَانِ .
فَنَقُولُ : أَمَّا الصِّفَاتُ الْأُولَى : فَهِيَ
nindex.php?page=treesubj&link=31957أَنَّهُ تَعَالَى أَمَرَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنْ يَقْتَدِيَ بِدَاوُدَ فِي الْمُصَابَرَةِ مَعَ الْمُكَابَدَةِ ، وَلَوْ قُلْنَا : إِنَّ
دَاوُدَ لَمْ يَصْبِرْ عَلَى مُخَالَفَةِ النَّفْسِ بَلْ سَعَى فِي إِرَاقَةِ دَمِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لِغَرَضِ شَهْوَتِهِ فَكَيْفَ يَلِيقُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ أَنْ يَأْمُرَ
مُحَمَّدًا أَفْضَلَ الرُّسُلِ بِأَنْ يَقْتَدِيَ
بِدَاوُدَ فِي الصَّبْرِ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ .
وَأَمَّا الصِّفَةُ الثَّانِيَةُ : فَهِيَ أَنَّهُ وَصَفَهُ بِكَوْنِهِ عَبْدًا لَهُ ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ هَذَا الْوَصْفِ بَيَانُ كَوْنِ ذَلِكَ الْمَوْصُوفِ كَامِلًا فِي مَوْقِفِ الْعُبُودِيَّةِ ، تَامًّا فِي الْقِيَامِ بِأَدَاءِ الطَّاعَاتِ وَالِاحْتِرَازِ عَنِ الْمَحْظُورَاتِ ، وَلَوْ قُلْنَا إِنَّ
دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ اشْتَغَلَ بِتِلْكَ الْأَعْمَالِ الْبَاطِلَةِ ، فَحِينَئِذٍ مَا كَانَ
دَاوُدُ كَامِلًا فِي عُبُودِيَّتِهِ لِلَّهِ تَعَالَى ، بَلْ كَانَ كَامِلًا فِي طَاعَةِ الْهَوَى وَالشَّهْوَةِ .
الصِّفَةُ الثَّالِثَةُ : هُوَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=17ذَا الْأَيْدِ ) أَيْ ذَا الْقُوَّةِ ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ الْقُوَّةُ فِي الدِّينِ ، لِأَنَّ الْقُوَّةَ فِي غَيْرِ الدِّينِ كَانَتْ مَوْجُودَةً فِي مُلُوكِ الْكُفَّارِ ، وَلَا مَعْنَى لِلْقُوَّةِ فِي الدِّينِ إِلَّا الْقُوَّةَ الْكَامِلَةَ عَلَى أَدَاءِ الْوَاجِبَاتِ ،
[ ص: 166 ] وَالِاجْتِنَابِ عَنِ الْمَحْظُورَاتِ ، وَأَيُّ قُوَّةٍ لِمَنْ لَمْ يَمْلِكْ نَفْسَهُ عَنِ الْقَتْلِ وَالرَّغْبَةِ فِي زَوْجَةِ الْمُسْلِمِ ؟
الصِّفَةُ الرَّابِعَةُ : كَوْنُهُ أَوَّابًا كَثِيرَ الرُّجُوعِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى ، وَكَيْفَ يَلِيقُ هَذَا بِمَنْ يَكُونُ قَلْبُهُ مَشْغُوفًا بِالْقَتْلِ وَالْفُجُورِ ؟
الصِّفَةُ الْخَامِسَةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=18إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ ) أَفَتَرَى أَنَّهُ سُخِّرَتْ لَهُ الْجِبَالُ لِيَتَّخِذَهُ وَسِيلَةً إِلَى الْقَتْلِ وَالْفُجُورِ ؟
الصِّفَةُ السَّادِسَةُ : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=19وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً ) ، وَقِيلَ إِنَّهُ كَانَ مُحَرَّمًا عَلَيْهِ صَيْدُ شَيْءٍ مِنَ الطَّيْرِ وَكَيْفَ يُعْقَلُ أَنْ يَكُونَ الطَّيْرُ آمِنًا مِنْهُ وَلَا يَنْجُو مِنْهُ الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ عَلَى رُوحِهِ وَمَنْكُوحِهِ ؟
الصِّفَةُ السَّابِعَةُ : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=20وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ ) وَمُحَالٌ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّهُ تَعَالَى شَدَدَ مُلْكَهُ بِأَسْبَابِ الدُّنْيَا ، بَلِ الْمُرَادُ أَنَّهُ تَعَالَى شَدَدَ مُلْكَهُ بِمَا يُقَوِّي الدِّينَ وَأَسْبَابِ سَعَادَةِ الْآخِرَةِ ، وَالْمُرَادُ تَشْدِيدُ مُلْكِهِ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا وَمَنْ لَا يَمْلِكُ نَفْسَهُ عَنِ الْقَتْلِ وَالْفُجُورِ كَيْفَ يَلِيقُ بِهِ ذَلِكَ ؟
الصِّفَةُ الثَّامِنَةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=20وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ ) وَالْحِكْمَةُ اسْمٌ جَامِعٌ لِكُلِّ مَا يَنْبَغِي عِلْمًا وَعَمَلًا ، فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ اللَّهُ تَعَالَى : إِنَّا (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=20وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ ) مَعَ إِصْرَارِهِ عَلَى مَا يَسْتَنْكِفُ عَنْهُ الْخَبِيثُ الشَّيْطَانُ مِنْ مُزَاحَمَةِ أَخْلَصِ أَصْحَابِهِ فِي الرُّوحِ وَالْمَنْكُوحِ ، فَهَذِهِ الصِّفَاتُ الْمَذْكُورَةُ قَبْلَ شَرْحِ تِلْكَ الْقِصَّةِ دَالَّةٌ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=31956بَرَاءَةِ سَاحَتِهِ عَنْ تِلْكَ الْأَكَاذِيبِ .