(
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=5ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ويكفر عنهم سيئاتهم وكان ذلك عند الله فوزا عظيما ) .
وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=5ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ويكفر عنهم سيئاتهم وكان ذلك عند الله فوزا عظيما ) .
يستدعي فعلا سابقا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=5ليدخل ) فإن من قال ابتداء : لتكرمني لا يصح ما لم يقل قبله جئتك أو ما يقوم مقامه ، وفي ذلك الفعل وجوه ، وضبط الأحوال فيه بأن تقول : ذلك الفعل إما أن يكون مذكورا بصريحه أو لا يكون ، وحينئذ ينبغي أن يكون مفهوما ، فإما أن يكون مفهوما من لفظ يدل عليه بل فهم بقرينة حالية فإن كان مذكورا فهو يحتمل وجوها :
أحدها : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=4ليزدادوا إيمانا ) كأنه تعالى أنزل السكينة ليزدادوا إيمانا بسبب الإنزال ليدخلهم بسبب الإيمان جنات ، فإن قيل فقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=6ويعذب ) [الفتح : 6] عطف على قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=5ليدخل ) وازدياد إيمانهم لا يصلح سببا لتعذيبهم ، نقول : بلى وذلك من وجهين أحدهما : أن التعذيب مذكور لكونه مقصودا للمؤمنين ، كأنه تعالى يقول :
nindex.php?page=treesubj&link=29680_29468_30415بسبب ازديادكم في الإيمان يدخلكم في الآخرة جنات ويعذب بأيديكم في الدنيا الكفار والمنافقين .
الثاني : تقديره ويعذب بسبب ما لكم من الازدياد ، يقال : فعلته لأجرب به العدو والصديق ، أي لأعرف بوجوده الصديق وبعدمه العدو فكذلك ليزداد المؤمن إيمانا فيدخله الجنة ويزداد الكافر كفرا فيعذبه به . : ( ووجه آخر ) ثالث : وهو أن سبب زيادة إيمان المؤمنين بكثرة صبرهم وثباتهم فيعيى المنافق والكافر معه ويتعذب وهو قريب مما ذكرنا .
الثاني : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=3وينصرك الله ) كأنه تعالى قال : وينصرك الله بالمؤمنين ليدخل المؤمنين جنات .
الثالث : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=2ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك ) على قولنا المراد ذنب المؤمن كأنه تعالى قال : ليغفر لك ذنب المؤمنين ، ليدخل المؤمنين جنات ، وأما إن قلنا : هو مفهوم من لفظ غير صريح فيحتمل وجوها أيضا أحدها : قوله " حكيما " يدل على ذلك كأنه تعالى قال : الله حكيم ، فعل ما فعل ليدخل المؤمنين جنات .
وثانيها : قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=2ويتم نعمته عليك ) في الدنيا والآخرة ، فيستجيب دعاءك في الدنيا ويقبل شفاعتك في العقبى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=5ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات ) . ثالثها : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=1إنا فتحنا لك ) ووجهه هو أنه
روي أن المؤمنين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم هنيئا لك إن الله غفر لك فماذا لنا ؟ فنزلت هذه الآية كأنه تعالى قال : إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك ، وفتحنا للمؤمنين ليدخلهم جنات ، وأما إن قلنا : إن ذلك مفهوم من غير مقال بل من قرينة الحال ، فنقول : هو الأمر بالقتال لأن من ذكر الفتح والنصر علم أن الحال حال القتال ، فكأنه تعالى قال : إن الله تعالى أمر بالقتال ليدخل المؤمنين ، أو نقول : عرف من قرينة الحال أن الله اختار المؤمنين ليدخلهم جنات .
[ ص: 72 ] المسألة الرابعة : قال ههنا وفي بعض المواضع : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=5المؤمنين والمؤمنات ) وفي بعض المواضع اكتفى بذكر المؤمنين ودخلت المؤمنات فيهم كما في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=47وبشر المؤمنين ) [الأحزاب : 47] وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=1قد أفلح المؤمنون ) [المؤمنون : 1] فما الحكمة فيه ؟ نقول : في المواضع التي فيها ما يوهم اختصاص المؤمنين بالجزاء الموعود به مع كون المؤمنات يشتركن معهم ذكرهن الله صريحا ، وفي المواضع التي ليس فيها ما يوهم ذلك اكتفى بدخولهم في المؤمنين فقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=47وبشر المؤمنين ) مع أنه علم من قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=28وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا ) [سبأ : 28] العموم لا يوهم خروج المؤمنات عن البشارة ، وأما ههنا فلما كان قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=5ليدخل المؤمنين ) لفعل سابق وهو إما الأمر بالقتال أو الصبر فيه أو النصر للمؤمنين أو الفتح بأيديهم على ما كان يتوهم ؛ لأن إدخال المؤمنين كان للقتال ، والمرأة لا تقاتل فلا تدخل الجنة الموعود بها ، صرح الله بذكرهن ، وكذلك في المنافقات والمشركات ، والمنافقة والمشركة لم تقاتل فلا تعذب فصرح الله تعالى بذكرهن ، وكذلك في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=35إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات ) [الأحزاب : 35] لأن الموضع موضع ذكر النساء وأحوالهن لقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=33ولا تبرجن ) [الأحزاب : 33] ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=33وأقمن ) [الأحزاب : 33] ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=33وآتين ) [الأحزاب : 33] ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=33وأطعن ) [الأحزاب : 33] . وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=34واذكرن ما يتلى في بيوتكن ) [الأحزاب : 34] فكان ذكرهن هناك أصلا ، لكن الرجال لما كان لهم ما للنساء من الأجر العظيم ذكرهم وذكرهن بلفظ مفرد من غير تبعية لما بينا أن الأصل ذكرهن في ذلك الموضع .
المسألة الخامسة : قال الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=5ويكفر عنهم سيئاتهم ) بعد ذكر الإدخال مع أن تكفير السيئات قبل الإدخال ؟ نقول : الجواب عنه من وجهين أحدهما : الواو لا تقتضي الترتيب .
الثاني :
nindex.php?page=treesubj&link=29680تكفير السيئات والمغفرة وغيرهما من توابع كون المكلف من أهل الجنة ، فقدم الإدخال في الذكر بمعنى أنه من أهل الجنة .
الثالث : وهو أن التكفير يكون بإلباس خلع الكرامة وهي في الجنة ، وكان الإنسان في الجنة تزال عنه قبائح البشرية الجرمية كالفضلات ، والمعنوية كالغضب والشهوة وهو التكفير ، وتثبت فيه الصفات الملكية وهي أشرف أنواع الخلع .
وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=5وكان ذلك عند الله فوزا عظيما ) فيه وجهان :
أحدهما مشهور : وهو أن الإدخال والتكفير في الله فوز عظيم ، يقال : عندي هذا الأمر على هذا الوجه ، أي في اعتقادي .
وثانيهما : أغرب منه وأقرب منه عقلا ، وهو أن يجعل عند الله كالوصف لذلك كأنه تعالى يقول ذلك عند الله ، أي بشرط أن يكون عند الله تعالى ويوصف أن يكون عند الله فوز عظيم حتى إن دخول الجنة لو لم يكن فيه قرب من الله بالعندية لما كان فوزا .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=5لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا ) .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=5لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا ) .
يَسْتَدْعِي فِعْلًا سَابِقًا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=5لِيُدْخِلَ ) فَإِنَّ مَنْ قَالَ ابْتِدَاءً : لِتُكْرِمَنِي لَا يَصِحُّ مَا لَمْ يَقُلْ قَبْلَهُ جِئْتُكَ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ ، وَفِي ذَلِكَ الْفِعْلِ وُجُوهٌ ، وَضَبْطُ الْأَحْوَالِ فِيهِ بِأَنْ تَقُولَ : ذَلِكَ الْفِعْلُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مَذْكُورًا بِصَرِيحِهِ أَوْ لَا يَكُونَ ، وَحِينَئِذٍ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَفْهُومًا ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مَفْهُومًا مَنْ لَفْظٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ بَلْ فُهِمَ بِقَرِينَةٍ حَالِيَّةٍ فَإِنْ كَانَ مَذْكُورًا فَهُوَ يَحْتَمِلُ وُجُوهًا :
أَحُدُهَا : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=4لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا ) كَأَنَّهُ تَعَالَى أَنْزَلَ السَّكِينَةَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا بِسَبَبِ الْإِنْزَالِ لِيُدْخِلَهُمْ بِسَبَبِ الْإِيمَانِ جَنَّاتٍ ، فَإِنْ قِيلَ فَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=6وَيُعَذِّبَ ) [الْفَتْحِ : 6] عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=5لِيُدْخِلَ ) وَازْدِيَادُ إِيمَانِهِمْ لَا يَصْلُحُ سَبَبًا لِتَعْذِيبِهِمْ ، نَقُولُ : بَلَى وَذَلِكَ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا : أَنَّ التَّعْذِيبَ مَذْكُورٌ لِكَوْنِهِ مَقْصُودًا لِلْمُؤْمِنِينَ ، كَأَنَّهُ تَعَالَى يَقُولُ :
nindex.php?page=treesubj&link=29680_29468_30415بِسَبَبِ ازْدِيَادِكُمْ فِي الْإِيمَانِ يُدْخِلُكُمْ فِي الْآخِرَةِ جَنَّاتٍ وَيُعَذِّبُ بِأَيْدِيكُمْ فِي الدُّنْيَا الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ .
الثَّانِي : تَقْدِيرُهُ وَيُعَذِّبُ بِسَبَبِ مَا لَكُمْ مِنَ الِازْدِيَادِ ، يُقَالُ : فَعَلْتُهُ لِأُجَرِّبَ بِهِ الْعَدُوَّ وَالصَّدِيقَ ، أَيْ لِأَعْرِفَ بِوُجُودِهِ الصَّدِيقَ وَبِعَدَمِهِ الْعَدُوَّ فَكَذَلِكَ لِيَزْدَادَ الْمُؤْمِنُ إِيمَانًا فَيُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ وَيَزْدَادَ الْكَافِرُ كُفْرًا فَيُعَذِّبَهُ بِهِ . : ( وَوَجْهٌ آخَرُ ) ثَالِثٌ : وَهُوَ أَنْ سَبَبَ زِيَادَةِ إِيمَانِ الْمُؤْمِنِينَ بِكَثْرَةِ صَبْرِهِمْ وَثَبَاتِهِمْ فَيَعْيَى الْمُنَافِقُ وَالْكَافِرُ مَعَهُ وَيَتَعَذَّبُ وَهُوَ قَرِيبٌ مِمَّا ذَكَرْنَا .
الثَّانِي : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=3وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ ) كَأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ : وَيَنْصُرُكَ اللَّهُ بِالْمُؤْمِنِينَ لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ جَنَّاتٍ .
الثَّالِثُ : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=2لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ ) عَلَى قَوْلِنَا الْمُرَادُ ذَنْبُ الْمُؤْمِنِ كَأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ : لِيَغْفِرَ لَكَ ذَنْبَ الْمُؤْمِنِينَ ، لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ جَنَّاتٍ ، وَأَمَّا إِنْ قُلْنَا : هُوَ مَفْهُومٌ مِنْ لَفْظٍ غَيْرِ صَرِيحٍ فَيَحْتَمِلُ وُجُوهًا أَيْضًا أَحَدُهَا : قَوْلُهُ " حَكِيمًا " يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ كَأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ : اللَّهُ حَكِيمٌ ، فَعَلَ مَا فَعَلَ لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ جَنَّاتٍ .
وَثَانِيهَا : قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=2وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ ) فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، فَيَسْتَجِيبُ دُعَاءَكَ فِي الدُّنْيَا وَيَقْبَلُ شَفَاعَتَكَ فِي الْعُقْبَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=5لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ ) . ثَالِثُهَا : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=1إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ ) وَوَجْهُهُ هُوَ أَنَّهُ
رُوِيَ أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ قَالُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَنِيئًا لَكَ إِنَّ اللَّهَ غَفَرَ لَكَ فَمَاذَا لَنَا ؟ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ كَأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ : إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا لِيَغْفِرَ لَكَ ، وَفَتَحْنَا لِلْمُؤْمِنِينَ لِيُدْخِلَهُمْ جَنَّاتٍ ، وَأَمَّا إِنْ قُلْنَا : إِنَّ ذَلِكَ مَفْهُومٌ مِنْ غَيْرِ مَقَالٍ بَلْ مِنْ قَرِينَةِ الْحَالِ ، فَنَقُولُ : هُوَ الْأَمْرُ بِالْقِتَالِ لِأَنَّ مِنْ ذِكْرِ الْفَتْحِ وَالنَّصْرِ عُلِمَ أَنَّ الْحَالَ حَالُ الْقِتَالِ ، فَكَأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِالْقِتَالِ لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ ، أَوْ نَقُولُ : عُرِفَ مِنْ قَرِينَةِ الْحَالِ أَنَّ اللَّهَ اخْتَارَ الْمُؤْمِنِينَ لِيُدْخِلَهُمْ جَنَّاتٍ .
[ ص: 72 ] الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ : قَالَ هَهُنَا وَفِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=5الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ) وَفِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ اكْتَفَى بِذِكْرِ الْمُؤْمِنِينَ وَدَخَلَتِ الْمُؤْمِنَاتُ فِيهِمْ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=47وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ) [الْأَحْزَابِ : 47] وَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=1قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ) [الْمُؤْمِنُونُ : 1] فَمَا الْحِكْمَةُ فِيهِ ؟ نَقُولُ : فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي فِيهَا مَا يُوهِمُ اخْتِصَاصَ الْمُؤْمِنِينَ بِالْجَزَاءِ الْمَوْعُودِ بِهِ مَعَ كَوْنِ الْمُؤْمِنَاتِ يَشْتَرِكْنَ مَعَهُمْ ذَكَرَهُنَّ اللَّهُ صَرِيحًا ، وَفِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا مَا يُوهِمُ ذَلِكَ اكْتَفَى بِدُخُولِهِمْ فِي الْمُؤْمِنِينَ فَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=47وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ) مَعَ أَنَّهُ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=28وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا ) [سَبَأٍ : 28] الْعُمُومُ لَا يُوهِمُ خُرُوجَ الْمُؤْمِنَاتِ عَنِ الْبِشَارَةِ ، وَأَمَّا هَهُنَا فَلَمَّا كَانَ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=5لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ ) لِفِعْلٍ سَابِقٍ وَهُوَ إِمَّا الْأَمْرُ بِالْقِتَالِ أَوِ الصَّبْرُ فِيهِ أَوِ النَّصْرُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَوِ الْفَتْحُ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى مَا كَانَ يُتَوَهَّمُ ؛ لِأَنَّ إِدْخَالَ الْمُؤْمِنِينَ كَانَ لِلْقِتَالِ ، وَالْمَرْأَةُ لَا تُقَاتِلُ فَلَا تَدْخُلُ الْجَنَّةَ الْمَوْعُودَ بِهَا ، صَرَّحَ اللَّهُ بِذِكْرِهِنَّ ، وَكَذَلِكَ فِي الْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكَاتِ ، وَالْمُنَافِقَةُ وَالْمُشْرِكَةُ لَمْ تُقَاتِلْ فَلَا تُعَذَّبُ فَصَرَّحَ اللَّهُ تَعَالَى بِذِكْرِهِنَّ ، وَكَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=35إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ) [الْأَحْزَابِ : 35] لِأَنَّ الْمَوْضِعَ مَوْضِعُ ذِكْرِ النِّسَاءِ وَأَحْوَالِهِنَّ لِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=33وَلَا تَبَرَّجْنَ ) [الْأَحْزَابِ : 33] ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=33وَأَقِمْنَ ) [الْأَحْزَابِ : 33] ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=33وآتِينَ ) [الْأَحْزَابِ : 33] ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=33وَأَطِعْنَ ) [الْأَحْزَابِ : 33] . وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=34وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ ) [الْأَحْزَابِ : 34] فَكَانَ ذِكْرُهُنَّ هُنَاكَ أَصْلًا ، لَكِنَّ الرِّجَالَ لَمَّا كَانَ لَهُمْ مَا لِلنِّسَاءِ مِنَ الْأَجْرِ الْعَظِيمِ ذَكَرَهُمْ وَذَكَرَهُنَّ بِلَفْظٍ مُفْرَدٍ مِنْ غَيْرِ تَبَعِيَّةٍ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ الْأَصْلَ ذِكْرُهُنَّ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ .
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ : قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=5وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ ) بَعْدَ ذِكْرِ الْإِدْخَالِ مَعَ أَنَّ تَكْفِيرَ السَّيِّئَاتِ قَبْلَ الْإِدْخَالِ ؟ نَقُولُ : الْجَوَابُ عَنْهُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا : الْوَاوُ لَا تَقْتَضِي التَّرْتِيبَ .
الثَّانِي :
nindex.php?page=treesubj&link=29680تَكْفِيرُ السَّيِّئَاتِ وَالْمَغْفِرَةُ وَغَيْرُهُمَا مِنْ تَوَابِعِ كَوْنِ الْمُكَلَّفِ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، فَقَدَّمَ الْإِدْخَالَ فِي الذِّكْرِ بِمَعْنَى أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ .
الثَّالِثُ : وَهُوَ أَنَّ التَّكْفِيرَ يَكُونُ بِإِلْبَاسِ خُلَعِ الْكَرَامَةِ وَهِيَ فِي الْجَنَّةِ ، وَكَانَ الْإِنْسَانُ فِي الْجَنَّةِ تُزَالُ عَنْهُ قَبَائِحُ الْبَشَرِيَّةِ الْجِرْمِيَّةِ كَالْفَضَلَاتِ ، وَالْمَعْنَوِيَّةِ كَالْغَضَبِ وَالشَّهْوَةِ وَهُوَ التَّكْفِيرُ ، وَتَثْبُتُ فِيهِ الصِّفَاتُ الْمَلَكِيَّةُ وَهِيَ أَشْرَفُ أَنْوَاعِ الْخُلَعِ .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=5وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا ) فِيهِ وَجْهَانِ :
أَحَدُهُمَا مَشْهُورٌ : وَهُوَ أَنَّ الْإِدْخَالَ وَالتَّكْفِيرَ فِي اللَّهِ فَوْزٌ عَظِيمٌ ، يُقَالُ : عِنْدِي هَذَا الْأَمْرُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ ، أَيْ فِي اعْتِقَادِي .
وَثَانِيهِمَا : أَغْرَبُ مِنْهُ وَأَقْرَبُ مِنْهُ عَقْلًا ، وَهُوَ أَنْ يُجْعَلَ عِنْدَ اللَّهِ كَالْوَصْفِ لِذَلِكَ كَأَنَّهُ تَعَالَى يَقُولُ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ ، أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَيُوصَفُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ اللَّهِ فَوْزٌ عَظِيمٌ حَتَّى إِنَّ دُخُولَ الْجَنَّةِ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ قُرْبٌ مِنَ اللَّهِ بِالْعِنْدِيَّةِ لَمَا كَانَ فَوْزًا .