(
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=6ويعذب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء وغضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم جهنم وساءت مصيرا nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=7ولله جنود السماوات والأرض وكان الله عزيزا حكيما ) .
ثم قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=6ويعذب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء وغضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم جهنم وساءت مصيرا nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=7ولله جنود السماوات والأرض وكان الله عزيزا حكيما ) .
[ ص: 73 ] واعلم أنه
nindex.php?page=treesubj&link=28912قدم المنافقين على المشركين في الذكر في كثير من المواضع لأمور أحدها : أنهم كانوا أشد على المؤمنين من الكافر المجاهر ؛ لأن المؤمن كان يتوقى المشرك المجاهر وكان يخالط المنافق لظنه بإيمانه ، وهو كان يفشي أسراره ، وإلى هذا أشار النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : "
أعدى عدوك نفسك التي بين جنبيك "
nindex.php?page=treesubj&link=28842والمنافق على صورة الشيطان فإنه لا يأتي الإنسان على أني عدوك ، وإنما يأتيه على أني صديقك ، والمجاهر على خلاف الشيطان من وجه ، ولأن المنافق كان يظن أن يتخلص للمخادعة ، والكافر لا يقطع بأن المؤمن إن غلب يفديه ، فأول ما أخبر الله أخبر عن المنافق ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=6الظانين بالله ظن السوء ) هذا الظن يحتمل وجوها :
أحدها : هو الظن الذي ذكره الله في هذه السورة بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=12بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول ) [الفتح : 12] .
ثانيها :
nindex.php?page=treesubj&link=30554ظن المشركين بالله في الإشراك كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=23إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم ) [النجم : 23] إلى أن قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=28إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئا ) [النجم : 28] . ثالثها : ظنهم أن الله لا يرى ولا يعلم كما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=22ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون ) [فصلت : 22] والأول أصح أو نقول : المراد جميع ظنونهم حتى يدخل فيه ظنهم الذي ظنوا أن الله لا يحيي الموتى ، وأن العالم خلقه باطل ، كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=27ذلك ظن الذين كفروا ) [ص : 27] ويؤيد هذا الوجه الألف واللام الذي في السوء وسنذكره في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=6ظن السوء ) وفيه وجوه :
أحدها : ما اختاره المحققون من الأدباء ، وهو أن السوء صار عبارة عن الفساد ، والصدق عبارة عن الصلاح يقال : مررت برجل سوء أي فاسد ، وسئلت عن رجل صدق أي صالح ، فإذا كان مجموع قولنا رجل سوء يؤدي معنى قولنا فاسد ، فالسوء وحده يكون بمعنى الفساد ، وهذا ما اتفق عليه
الخليل والزجاج واختاره
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري ، وتحقيق هذا أن السوء في المعاني كالفساد في الأجساد ، يقال : ساء مزاجه ، وساء خلقه ، وساء ظنه ، كما يقال : فسد اللحم وفسد الهواء ، بل كل ما ساء فقد فسد وكل ما فسد فقد ساء غير أن أحدهما كثير الاستعمال في المعاني والآخر في الأجرام قال الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=41ظهر الفساد في البر والبحر ) [الروم : 41] وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=9ساء ما كانوا يعملون ) [التوبة : 9] هذا ما يظهر لي من تحقيق كلامهم .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=6عليهم دائرة السوء ) أي دائرة الفساد وحاق بهم الفساد بحيث لا خروج لهم منه .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=6وغضب الله عليهم ) زيادة في الإفادة لأن من كان به بلاء فقد يكون مبتلى به على وجه الامتحان فيكون مصابا لكي يصير مثابا ، وقد يكون مصابا على وجه التعذيب فقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=6وغضب الله عليهم ) إشارة إلى أن الذي حاق بهم على وجه التعذيب وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=6ولعنهم ) زيادة إفادة لأن المغضوب عليه قد يكون بحيث يقنع الغاضب بالعتب والشتم أو الضرب ، ولا يفضي غضبه إلى إبعاد المغضوب عليه من جنابه وطرده من بابه ، وقد يكون بحيث يفضي إلى الطرد والإبعاد فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=6ولعنهم ) لكون الغضب شديدا ، ثم لما بين حالهم في الدنيا بين مآلهم في العقبى قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=6وأعد لهم جهنم وساءت مصيرا ) وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=66ساءت ) إشارة لمكان التأنيث في جهنم يقال : هذه الدار نعم المكان ، وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=7ولله جنود السماوات والأرض ) قد تقدم تفسيره ، وبقي فيه مسائل :
المسألة الأولى : ما الفائدة في الإعادة ؟ نقول : لله جنود الرحمة وجنود العذاب أو جنود الله إنزالهم قد يكون للرحمة ، وقد يكون للعذاب ، فذكرهم أولا لبيان الرحمة بالمؤمنين قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=43وكان بالمؤمنين رحيما ) [الأحزاب : 43] . وثانيا : لبيان
nindex.php?page=treesubj&link=30539إنزال العذاب على الكافرين .
[ ص: 74 ] المسألة الثانية : قال هناك : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=17وكان الله عليما حكيما ) [النساء : 17] وهنا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=7وكان الله عزيزا حكيما ) لأن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=7ولله جنود السماوات والأرض ) قد بينا أن المقصود من ذكرهم الإشارة إلى شدة العذاب فذكر العزة كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=37أليس الله بعزيز ذي انتقام ) [الزمر : 37] وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=42فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر ) [القمر : 42] وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=23العزيز الجبار ) [الحشر :23] .
المسألة الثالثة :
nindex.php?page=treesubj&link=28914_28912ذكر جنود السماوات والأرض قبل إدخال المؤمنين الجنة ، وذكرهم ههنا بعد ذكر تعذيب الكفار وإعداد جهنم ، نقول : فيه ترتيب حسن لأن الله تعالى ينزل جنود الرحمة فيدخل المؤمنين مكرمين معظمين الجنة ثم يلبسهم خلع الكرامة بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=5ويكفر عنهم سيئاتهم ) كما بينا ثم تكون لهم القربى والزلفى بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=5وكان ذلك عند الله فوزا عظيما ) وبعد حصول القرب والعندية لا تبقى واسطة الجنود ، فالجنود في الرحمة أولا ينزلون ويقربون آخرا . وأما في الكافر فيغضب عليه أولا فيبعد ويطرد إلى البلاد النائية عن ناحية الرحمة وهي جهنم ويسلط عليهم ملائكة العذاب وهم جنود الله كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=6عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ) [التحريم : 6] ولذلك ذكر جنود الرحمة أولا والقربة بقوله عند الله آخرا . وقال ههنا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=6وغضب الله عليهم ولعنهم ) وهو الإبعاد أولا وجنود السماوات والأرض آخرا .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=6وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=7وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ) .
ثُمَّ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=6وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=7وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ) .
[ ص: 73 ] وَاعْلَمْ أَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=28912قَدَّمَ الْمُنَافِقِينَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ فِي الذِّكْرِ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْمَوَاضِعِ لِأُمُورٍ أَحَدُهَا : أَنَّهُمْ كَانُوا أَشَدَّ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الْكَافِرِ الْمُجَاهِرِ ؛ لِأَنَّ الْمُؤْمِنَ كَانَ يَتَوَقَّى الْمُشْرِكَ الْمُجَاهِرَ وَكَانَ يُخَالِطُ الْمُنَافِقَ لِظَنِّهِ بِإِيمَانِهِ ، وَهُوَ كَانَ يُفْشِي أَسْرَارَهُ ، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ : "
أَعْدَى عَدُوِّكَ نَفْسُكُ الَّتِي بَيْنَ جَنْبَيْكَ "
nindex.php?page=treesubj&link=28842وَالْمُنَافِقُ عَلَى صُورَةِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ لَا يَأْتِي الْإِنْسَانَ عَلَى أَنِّي عَدُوُّكَ ، وَإِنَّمَا يَأْتِيهِ عَلَى أَنِّي صَدِيقُكَ ، وَالْمُجَاهِرُ عَلَى خِلَافِ الشَّيْطَانِ مِنْ وَجْهٍ ، وَلِأَنَّ الْمُنَافِقَ كَانَ يَظُنُّ أَنْ يَتَخَلَّصَ لِلْمُخَادَعَةِ ، وَالْكَافِرُ لَا يَقْطَعُ بِأَنَّ الْمُؤْمِنَ إِنْ غَلَبَ يَفْدِيهِ ، فَأَوَّلُ مَا أَخْبَرَ اللَّهُ أَخْبَرَ عَنِ الْمُنَافِقِ ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=6الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ ) هَذَا الظَّنُّ يَحْتَمِلُ وُجُوهًا :
أَحُدُهَا : هُوَ الظَّنُّ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ فِي هَذِهِ السُّورَةِ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=12بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ ) [الْفَتْحِ : 12] .
ثَانِيهَا :
nindex.php?page=treesubj&link=30554ظَنُّ الْمُشْرِكِينَ بِاللَّهِ فِي الْإِشْرَاكِ كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=23إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ ) [النَّجْمِ : 23] إِلَى أَنْ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=28إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا ) [النَّجْمِ : 28] . ثَالِثُهَا : ظَنُّهُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَرَى وَلَا يَعْلَمُ كَمَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=22وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ ) [فُصِّلَتْ : 22] وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ أَوْ نَقُولُ : الْمُرَادُ جَمِيعُ ظُنُونِهِمْ حَتَّى يَدْخُلَ فِيهِ ظَنُّهُمُ الَّذِي ظَنُّوا أَنَّ اللَّهَ لَا يُحْيِي الْمَوْتَى ، وَأَنَّ الْعَالَمَ خَلْقُهُ بَاطِلٌ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=27ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا ) [ص : 27] وَيُؤَيِّدُ هَذَا الْوَجْهَ الْأَلِفُ وَاللَّامُ الَّذِي فِي السُّوءِ وَسَنَذْكُرُهُ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=6ظَنَّ السَّوْءِ ) وَفِيهِ وُجُوهٌ :
أَحَدُهَا : مَا اخْتَارَهُ الْمُحَقِّقُونَ مِنَ الْأُدَبَاءِ ، وَهُوَ أَنَّ السُّوءَ صَارَ عِبَارَةً عَنِ الْفَسَادِ ، وَالصِّدْقَ عِبَارَةً عَنِ الصَّلَاحِ يُقَالُ : مَرَرْتُ بِرَجُلِ سُوءٍ أَيْ فَاسِدٍ ، وَسُئِلْتُ عَنْ رَجُلِ صِدْقٍ أَيْ صَالِحٍ ، فَإِذَا كَانَ مَجْمُوعُ قَوْلِنَا رَجُلُ سَوْءٍ يُؤَدِّي مَعْنَى قَوْلِنَا فَاسِدٌ ، فَالسُّوءُ وَحْدَهُ يَكُونُ بِمَعْنَى الْفَسَادِ ، وَهَذَا مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ
الْخَلِيلُ وَالزَّجَّاجُ وَاخْتَارَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ ، وَتَحْقِيقُ هَذَا أَنَّ السَّوْءَ فِي الْمَعَانِي كَالْفَسَادِ فِي الْأَجْسَادِ ، يُقَالُ : سَاءَ مِزَاجُهُ ، وَسَاءَ خُلُقُهُ ، وَسَاءَ ظَنُّهُ ، كَمَا يُقَالُ : فَسَدَ اللَّحْمُ وَفَسَدَ الْهَوَاءُ ، بَلْ كُلُّ مَا سَاءَ فَقَدْ فَسَدَ وَكُلُّ مَا فَسَدَ فَقَدْ سَاءَ غَيْرَ أَنَّ أَحَدَهُمَا كَثِيرُ الِاسْتِعْمَالِ فِي الْمَعَانِي وَالْآخَرَ فِي الْأَجْرَامِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=41ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ) [الرُّومِ : 41] وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=9سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) [التَّوْبَةِ : 9] هَذَا مَا يَظْهَرُ لِي مِنْ تَحْقِيقِ كَلَامِهِمْ .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=6عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ ) أَيْ دَائِرَةُ الْفَسَادِ وَحَاقَ بِهِمُ الْفَسَادُ بِحَيْثُ لَا خُرُوجَ لَهُمْ مِنْهُ .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=6وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ) زِيَادَةٌ فِي الْإِفَادَةِ لِأَنَّ مَنْ كَانَ بِهِ بَلَاءٌ فَقَدْ يَكُونُ مُبْتَلًى بِهِ عَلَى وَجْهِ الِامْتِحَانِ فَيَكُونُ مُصَابًا لِكَيْ يَصِيرَ مُثَابًا ، وَقَدْ يَكُونُ مُصَابًا عَلَى وَجْهِ التَّعْذِيبِ فَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=6وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ) إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الَّذِي حَاقَ بِهِمْ عَلَى وَجْهِ التَّعْذِيبِ وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=6وَلَعَنَهُمْ ) زِيَادَةُ إِفَادَةٍ لِأَنَّ الْمَغْضُوبَ عَلَيْهِ قَدْ يَكُونُ بِحَيْثُ يَقْنَعُ الْغَاضِبُ بِالْعَتَبِ وَالشَّتْمِ أَوِ الضَّرْبِ ، وَلَا يُفْضِي غَضَبُهُ إِلَى إِبْعَادِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِ مِنْ جَنَابِهِ وَطَرْدِهِ مِنْ بَابِهِ ، وَقَدْ يَكُونُ بِحَيْثُ يُفْضِي إِلَى الطَّرْدِ وَالْإِبْعَادِ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=6وَلَعَنَهُمْ ) لِكَوْنِ الْغَضَبِ شَدِيدًا ، ثُمَّ لَمَّا بَيَّنَ حَالَهُمْ فِي الدُّنْيَا بَيَّنَ مَآلَهُمْ فِي الْعُقْبَى قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=6وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ) وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=66سَاءَتْ ) إِشَارَةٌ لِمَكَانِ التَّأْنِيثِ فِي جَهَنَّمَ يُقَالُ : هَذِهِ الدَّارُ نِعْمَ الْمَكَانُ ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=7وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) قَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُهُ ، وَبَقِيَ فِيهِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : مَا الْفَائِدَةُ فِي الْإِعَادَةِ ؟ نَقُولُ : لِلَّهِ جُنُودُ الرَّحْمَةِ وَجُنُودُ الْعَذَابِ أَوْ جُنُودُ اللَّهِ إِنْزَالُهُمْ قَدْ يَكُونُ لِلرَّحْمَةِ ، وَقَدْ يَكُونُ لِلْعَذَابِ ، فَذَكَرَهُمْ أَوَّلًا لِبَيَانِ الرَّحْمَةِ بِالْمُؤْمِنِينَ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=43وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا ) [الْأَحْزَابِ : 43] . وَثَانِيًا : لِبَيَانِ
nindex.php?page=treesubj&link=30539إِنْزَالِ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ .
[ ص: 74 ] الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : قَالَ هُنَاكَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=17وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ) [النِّسَاءِ : 17] وَهُنَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=7وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ) لِأَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=7وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) قَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ ذِكْرِهِمُ الْإِشَارَةُ إِلَى شِدَّةِ الْعَذَابِ فَذَكَرَ الْعِزَّةَ كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=37أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ ) [الزُّمَرِ : 37] وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=42فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ ) [الْقَمَرِ : 42] وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=23الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ ) [الْحَشْرِ :23] .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ :
nindex.php?page=treesubj&link=28914_28912ذَكَرَ جُنُودَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قَبْلَ إِدْخَالِ الْمُؤْمِنِينَ الْجَنَّةَ ، وَذَكَرَهُمْ هَهُنَا بَعْدَ ذِكْرِ تَعْذِيبِ الْكُفَّارِ وَإِعْدَادِ جَهَنَّمَ ، نَقُولُ : فِيهِ تَرْتِيبٌ حَسَنٌ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُنْزِلُ جُنُودَ الرَّحْمَةِ فَيُدْخِلُ الْمُؤْمِنِينَ مُكَرَّمِينَ مُعَظَّمِينَ الْجَنَّةَ ثُمَّ يُلْبِسُهُمْ خِلَعَ الْكَرَامَةِ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=5وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ ) كَمَا بَيَّنَّا ثُمَّ تَكُونُ لَهُمُ الْقُرْبَى وَالزُّلْفَى بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=5وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا ) وَبَعْدَ حُصُولِ الْقُرْبِ وَالْعِنْدِيَّةِ لَا تَبْقَى وَاسِطَةُ الْجُنُودِ ، فَالْجُنُودُ فِي الرَّحْمَةِ أَوَّلًا يَنْزِلُونَ وَيُقَرَّبُونَ آخِرًا . وَأَمَّا فِي الْكَافِرِ فَيُغْضَبُ عَلَيْهِ أَوَّلًا فَيُبْعَدُ وَيُطْرَدُ إِلَى الْبِلَادِ النَّائِيَةِ عَنْ نَاحِيَةِ الرَّحْمَةِ وَهِيَ جَهَنَّمُ وَيُسَلَّطُ عَلَيْهِمْ مَلَائِكَةُ الْعَذَابِ وَهُمْ جُنُودُ اللَّهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=6عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ ) [التَّحْرِيمِ : 6] وَلِذَلِكَ ذَكَرَ جُنُودَ الرَّحْمَةِ أَوَّلًا وَالْقُرْبَةِ بِقَوْلِهِ عِنْدَ اللَّهِ آخِرًا . وَقَالَ هَهُنَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=6وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ ) وَهُوَ الْإِبْعَادُ أَوَّلًا وَجُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ آخِرًا .