(
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=20وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه وكف أيدي الناس عنكم ولتكون آية للمؤمنين ويهديكم صراطا مستقيما nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=21وأخرى لم تقدروا عليها قد أحاط الله بها وكان الله على كل شيء قديرا )
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=20nindex.php?page=treesubj&link=29019وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه وكف أيدي الناس عنكم ولتكون آية للمؤمنين ويهديكم صراطا مستقيما ) .
إشارة إلى أن ما أتاهم من الفتح والمغانم ليس هو كل الثواب ، بل الجزاء قدامهم ، وإنما هي العاجلة عجل بها ، وفي المغانم الموعود بها أقوال ، أصحها أنه وعدهم مغانم كثيرة من غير تعيين ، وكل ما غنموه كان منها والله كان عالما بها ، وهذا كما يقول الملك الجواد لمن يخدمه : يكون لك مني على ما فعلته الجزاء إن شاء الله ، ولا يريد شيئا بعينه ، ثم كل ما يأتي به ويؤتيه يكون داخلا تحت ذلك الوعد ، غير أن الملك لا يعلم تفاصيل ما يصل إليه وقت الوعد ، والله عالم بها ، وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=20وكف أيدي الناس عنكم ) لإتمام المنة ، كأنه قال: رزقتكم غنيمة باردة من غير مس حر القتال ، ولو تعبتم فيه لقلتم : هذا جزاء تعبنا . وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=20ولتكون آية للمؤمنين ) عطف على مفهوم ؛ لأنه لما قال الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=20فعجل لكم هذه ) واللام ينبئ عن النفع كما أن " على " ينبئ عن الضر القائل : لا علي ولا ليا ، بمعنى لا ما أتضرر به ولا ما أنتفع به ولا أضر به ولا أنفع ، فكذلك قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=20فعجل لكم هذه ) لتنفعكم (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=20ولتكون آية للمؤمنين ) وفيه معنى لطيف ، وهو أن المغانم الموعود بها كل ما يأخذه المسلمون ، فقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=20ولتكون آية للمؤمنين ) يعني لينفعكم بها ، وليجعلها لمن بعدكم آية تدلهم على أن ما وعدهم الله يصل إليهم كما وصل إليكم ، أو نقول : معناه : لتنفعكم في الظاهر وتنفعكم في الباطن ، حيث يزداد يقينكم إذا رأيتم صدق الرسول في إخباره عن الغيوب ، فتجمل أخباركم ويكمل اعتقادكم ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=20ويهديكم صراطا مستقيما ) وهو التوكل عليه ، والتفويض إليه ، والاعتزاز به .
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=21وأخرى لم تقدروا عليها قد أحاط الله بها وكان الله على كل شيء قديرا ) .
[ ص: 84 ] قيل : غنيمة
هوازن ، وقيل : غنائم
فارس والروم . وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري في أخرى ثلاثة أوجه :
أن تكون منصوبة بفعل مضمر يفسره (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=21قد أحاط ) و (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=21لم تقدروا عليها ) صفة لأخرى ، كأنه يقول : وغنيمة أخرى غير مقدورة (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=21قد أحاط الله بها ) .
ثانيها : أن تكون مرفوعة ، وخبرها (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=21قد أحاط الله بها ) وحسن جعلها مبتدأ مع كونه نكرة ؛ لكونها موصوفة ب (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=21لم تقدروا ) .
وثالثها : الجر بإضمار " رب " . ويحتمل أن يقال : منصوبة بالعطف على منصوب ، وفيه وجهان :
أحدهما : كأنه تعالى قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=20فعجل لكم هذه ) وأخرى ما قدرتم عليها ، وهذا ضعيف ؛ لأن أخرى لم يعجل بها .
وثانيهما : على مغانم كثيرة تأخذونها ، وأخرى أي وعدكم الله أخرى ، وحينئذ كأنه قال : وعدكم الله مغانم تأخذونها ومغانم لا تأخذونها أنتم ولا تقدرون عليها ، وإنما يأخذها من يجيء بعدكم من المؤمنين . وعلى هذا تبين لقول
الفراء حسن ؛ وذلك لأنه فسر قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=21قد أحاط الله بها ) أي : حفظها للمؤمنين لا يجري عليها هلاك إلى أن يأخذها المسلمون كإحاطة الحراس بالخزائن .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=20وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=21وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا )
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=20nindex.php?page=treesubj&link=29019وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا ) .
إِشَارَةً إِلَى أَنَّ مَا أَتَاهُمْ مِنَ الْفَتْحِ وَالْمَغَانِمِ لَيْسَ هُوَ كُلَّ الثَّوَابِ ، بَلِ الْجَزَاءُ قُدَّامَهُمْ ، وَإِنَّمَا هِيَ الْعَاجِلَةُ عَجَّلَ بِهَا ، وَفِي الْمَغَانِمِ الْمَوْعُودِ بِهَا أَقْوَالٌ ، أَصَحُّهَا أَنَّهُ وَعَدَهُمْ مَغَانِمَ كَثِيرَةً مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ ، وَكُلُّ مَا غَنِمُوهُ كَانَ مِنْهَا وَاللَّهُ كَانَ عَالِمًا بِهَا ، وَهَذَا كَمَا يَقُولُ الْمَلِكُ الْجَوَادُ لِمَنْ يَخْدِمُهُ : يَكُونُ لَكَ مِنِّي عَلَى مَا فَعَلْتَهُ الْجَزَاءُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، وَلَا يُرِيدُ شَيْئًا بِعَيْنِهِ ، ثُمَّ كَلُّ مَا يَأْتِي بِهِ وَيُؤْتِيهِ يَكُونُ دَاخِلًا تَحْتَ ذَلِكَ الْوَعْدِ ، غَيْرَ أَنَّ الْمَلِكَ لَا يَعْلَمُ تَفَاصِيلَ مَا يَصِلُ إِلَيْهِ وَقْتَ الْوَعْدِ ، وَاللَّهَ عَالِمٌ بِهَا ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=20وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ ) لِإِتْمَامِ الْمِنَّةِ ، كَأَنَّهُ قَالَ: رَزَقْتُكُمْ غَنِيمَةً بَارِدَةً مِنْ غَيْرِ مَسِّ حَرِّ الْقِتَالِ ، وَلَوْ تَعِبْتُمْ فِيهِ لَقُلْتُمْ : هَذَا جَزَاءُ تَعَبِنَا . وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=20وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ ) عَطْفٌ عَلَى مَفْهُومٍ ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=20فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ ) وَاللَّامُ يُنْبِئُ عَنِ النَّفْعِ كَمَا أَنَّ " عَلَى " يُنْبِئُ عَنِ الضُّرِّ الْقَائِلِ : لَا عَلَيَّ وَلَا لِيَّا ، بِمَعْنَى لَا مَا أَتَضَرَّرُ بِهِ وَلَا مَا أَنْتَفِعُ بِهِ وَلَا أَضُرُّ بِهِ وَلَا أَنْفَعُ ، فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=20فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ ) لِتَنْفَعَكُمْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=20وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ ) وَفِيهِ مَعْنًى لَطِيفٌ ، وَهُوَ أَنَّ الْمَغَانِمَ الْمَوْعُودَ بِهَا كُلُّ مَا يَأْخُذُهُ الْمُسْلِمُونَ ، فَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=20وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ ) يَعْنِي لِيَنْفَعَكُمْ بِهَا ، وَلِيَجْعَلَهَا لِمَنْ بَعْدَكُمْ آيَةً تَدُلُّهُمْ عَلَى أَنَّ مَا وَعَدَهُمُ اللَّهُ يَصِلُ إِلَيْهِمْ كَمَا وَصَلَ إِلَيْكُمْ ، أَوْ نَقُولُ : مَعْنَاهُ : لِتَنْفَعَكُمْ فِي الظَّاهِرِ وَتَنْفَعَكُمْ فِي الْبَاطِنِ ، حَيْثُ يَزْدَادُ يَقِينُكُمْ إِذَا رَأَيْتُمْ صِدْقَ الرَّسُولِ فِي إِخْبَارِهِ عَنِ الْغُيُوبِ ، فَتَجْمُلُ أَخْبَارُكُمْ وَيَكْمُلُ اعْتِقَادُكُمْ ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=20وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا ) وَهُوَ التَّوَكُّلُ عَلَيْهِ ، وَالتَّفْوِيضُ إِلَيْهِ ، وَالِاعْتِزَازُ بِهِ .
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=21وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا ) .
[ ص: 84 ] قِيلَ : غَنِيمَةُ
هَوَازِنَ ، وَقِيلَ : غَنَائِمُ
فَارِسَ وَالرُّومِ . وَذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ فِي أُخْرَى ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ :
أَنْ تَكُونَ مَنْصُوبَةً بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ يُفَسِّرُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=21قَدْ أَحَاطَ ) وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=21لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا ) صِفَةً لِأُخْرَى ، كَأَنَّهُ يَقُولُ : وَغَنِيمَةً أُخْرَى غَيْرَ مَقْدُورَةٍ (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=21قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا ) .
ثَانِيهَا : أَنْ تَكُونَ مَرْفُوعَةً ، وَخَبَرُهَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=21قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا ) وَحَسُنَ جَعْلُهَا مُبْتَدَأً مَعَ كَوْنِهِ نَكِرَةً ؛ لِكَوْنِهَا مَوْصُوفَةً بِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=21لَمْ تَقْدِرُوا ) .
وَثَالِثُهَا : الْجَرُّ بِإِضْمَارِ " رُبَّ " . وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ : مَنْصُوبَةٌ بِالْعَطْفِ عَلَى مَنْصُوبٍ ، وَفِيهِ وَجْهَانِ :
أَحَدُهُمَا : كَأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=20فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ ) وَأُخْرَى مَا قَدَرْتُمْ عَلَيْهَا ، وَهَذَا ضَعِيفٌ ؛ لِأَنَّ أُخْرَى لَمْ يُعَجِّلْ بِهَا .
وَثَانِيهُمَا : عَلَى مَغَانِمَ كَثِيرَةٍ تَأْخُذُونَهَا ، وَأُخْرَى أَيْ وَعَدَكُمُ اللَّهَ أُخْرَى ، وَحِينَئِذٍ كَأَنَّهُ قَالَ : وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ تَأْخُذُونَهَا وَمَغَانِمَ لَا تَأْخُذُونَهَا أَنْتُمْ وَلَا تَقْدِرُونَ عَلَيْهَا ، وَإِنَّمَا يَأْخُذُهَا مَنْ يَجِيءُ بَعْدَكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ . وَعَلَى هَذَا تَبَيَّنَ لِقَوْلِ
الْفَرَّاءِ حُسْنٌ ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ فَسَّرَ قَوْلَهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=21قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا ) أَيْ : حَفِظَهَا لِلْمُؤْمِنِينَ لَا يَجْرِي عَلَيْهَا هَلَاكٌ إِلَى أَنْ يَأْخُذَهَا الْمُسْلِمُونَ كَإِحَاطَةِ الْحُرَّاسِ بِالْخَزَائِنِ .