(
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=34ادخلوها بسلام ذلك يوم الخلود nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=35لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد )
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=34ادخلوها بسلام ) .
فالضمير عائد إلى الجنة التي في (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=31وأزلفت الجنة ) أي لما تكامل حسنها وقربها وقيل لهم إنها منزلكم بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=32هذا ما توعدون ) أذن لهم في دخولها وفيه مسائل :
المسألة الأولى : الخطاب مع من ؟ نقول : إن قرئ: " ما توعدون " بالتاء فهو ظاهر إذ لا يخفى أن الخطاب مع الموعودين ، وإن قرئ بالياء فالخطاب مع المتقين أي يقال للمتقين ادخلوها .
المسألة الثانية : هذا يدل على أن ذلك يتوقف على الإذن ، وفيه من الانتظار ما لا يليق بالإكرام ، نقول ليس كذلك ، فإن من دعا مكرما إلى بستانه يفتح له الباب ويجلس في موضعه ، ولا يقف على الباب من
[ ص: 155 ] يرحبه ، ويقول إذا بلغت بستاني فادخله ، وإن لم يكن هناك أحد يكون قد أخل بإكرامه بخلاف من يقف على باب قوم يقولون : ادخل باسم الله ، يدل على الإكرام قوله تعالى : ( بسلام ) كما يقول المضيف : ادخل مصاحبا بالسلامة والسعادة والكرامة ، والباء للمصاحبة في معنى الحال ، أي سالمين مقرونين بالسلامة ، أو معناه ادخلوها مسلما عليكم ، ويسلم الله وملائكته عليكم ، ويحتمل عندي وجها آخر ، وهو أن يكون ذلك إرشادا للمؤمنين إلى
nindex.php?page=treesubj&link=18300مكارم الأخلاق في ذلك اليوم كما أرشدوا إليها في الدنيا ، حيث قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=27لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ) [ النور : 27 ] فكأنه تعالى قال : هذه داركم ومنزلكم ، ولكن لا تتركوا حسن عادتكم ، ولا تخلوا بمكارم أخلاقكم ، فادخلوها بسلام ، ويصيحون سلاما على من فيها ، ويسلم من فيها عليهم ، ويقولون : السلام عليكم ، ويدل عليه قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=26إلا قيلا سلاما سلاما ) [ الواقعة : 26 ] أي يسلمون على من فيها ، ويسلم من فيها عليهم ، وهذا الوجه إن كان منقولا فنعم ، وإن لم يكن منقولا فهو مناسب معقول أيده دليل منقول .
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=34ذلك يوم الخلود ) .
حتى لا يدخل في قلبهم أن ذلك ربما ينقطع عنهم فتبقى في قلبهم حسرته ، فإن قيل
nindex.php?page=treesubj&link=30386_30394المؤمن قد علم أنه إذا دخل الجنة خلد فيها ، فما الفائدة في التذكير ؟ والجواب : عنه من وجهين .
أحدهما : أن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=34ذلك يوم الخلود ) قول قاله الله في الدنيا إعلاما وإخبارا ، وليس ذلك قولا يقوله عند قوله : ( ادخلوها ) فكأنه تعالى أخبرنا في يومنا أن ذلك اليوم (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=34يوم الخلود ) .
ثانيهما : اطمئنان القلب بالقول أكثر ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=34يوم الخلود ) إضمار تقديره : ذلك يوم تقدير الخلود ، ويحتمل أن يقال اليوم يذكر ، ويراد الزمان المطلق سواء كان يوما أو ليلا ، نقول : يوم يولد لفلان ابن يكون السرور العظيم ، ولو ولد له بالليل لكان السرور حاصلا ، فتريد به الزمان ، فكأنه تعالى قال : ذلك زمان الإقامة الدائمة .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=35لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد ) .
وفي الآية ترتيب في غاية الحسن ، وذلك لأنه تعالى بدأ ببيان إكرامهم حيث قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=31وأزلفت الجنة للمتقين ) ولم يقل : قرب المتقون من الجنة بيانا للإكرام حيث جعلهم ممن تنقل إليهم الجنان بما فيها من الحسان ، ثم قال لهم هذا لكم ، بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=32هذا ما توعدون ) ثم بين أنه أجر أعمالهم الصالحة بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=32لكل أواب حفيظ ) قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=33من خشي الرحمن ) فإن تصرف المالك الذي ملك شيئا بعوض أتم فيه من تصرف من ملك بغير عوض ، لإمكان الرجوع في التمليك بغير عوض ، ثم زاد في الإكرام بقوله : ( ادخلوها ) كما بينا أن ذلك إكرام ; لأن من فتح بابه للناس ، ولم يقف ببابه من يرحب الداخلين ، لا يكون قد أتى بالإكرام التام ، ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=34ذلك يوم الخلود ) أي لا تخافوا ما لحقكم من قبل حيث أخرج أبويكم منها ، فهذا دخول لا خروج بعده منها .
ثم لما بين أنهم ( فيها خالدون ) قال : لا تخافوا انقطاع أرزاقكم وبقاءكم في حاجة ، كما كنتم في الدنيا من كان يعمر ينكس ويحتاج ، بل لكم الخلود ، ولا ينفد ما تتمتعون به فلكم ما تشاءون في أي وقت تشاءون ، وإلى الله المنتهى ، وعند الوصول إليه ، والمثول بين يديه ، فلا يوصف ما لديه ، ولا يطلع أحد عليه ، وعظمة من عنده تدلك على فضيلة ما عنده ، هذا هو الترتيب ، وأما التفسير ، ففيه مسألتان :
[ ص: 156 ] المسألة الأولى : قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=34ادخلوها بسلام ) على سبيل المخاطبة ، ثم قال : ( لهم ) ولم يقل لكم ما الحكمة فيه ؟ الجواب : عنه من وجوه :
الأول : هو أن قوله تعالى : ( ادخلوها ) مقدر فيه يقال لهم ، أي يقال لهم : ( ادخلوها ) فلا يكون على هذا التفاتا .
الثاني : هو أنه من باب الالتفات والحكمة الجمع بين الطرفين ، كأنه تعالى يقول : أكرمهم به في حضورهم ، ففي حضورهم الحبور ، وفي غيبتهم الحور والقصور .
والثالث : هو أن يقال قوله تعالى : ( لهم ) جاز أن يكون كلاما مع الملائكة ، يقول للملائكة : توكلوا بخدمتهم ، واعلموا أن لهم ما يشاءون فيها ، فأحضروا بين أيديهم ما يشاءون ، وأما أنا فعندي ما لا يخطر ببالهم ، ولا تقدرون أنتم عليه .
المسألة الثانية : قد ذكرنا أن لفظ (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=35مزيد ) يحتمل أن يكون معناه الزيادة ، فيكون كما في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=26للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ) [ يونس : 26 ] ويحتمل أن يكون بمعنى المفعول ، أي عندنا ما نزيده على ما يرجون وما يكون مما يشتهون :
(
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=34ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=35لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ )
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=34ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ) .
فَالضَّمِيرُ عَائِدٌ إِلَى الْجَنَّةِ الَّتِي فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=31وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ ) أَيْ لَمَّا تَكَامَلَ حُسْنُهَا وَقُرْبُهَا وَقِيلَ لَهُمْ إِنَّهَا مَنْزِلُكُمْ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=32هَذَا مَا تُوعَدُونَ ) أُذِنَ لَهُمْ فِي دُخُولِهَا وَفِيهِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : الْخِطَابُ مَعَ مَنْ ؟ نَقُولُ : إِنْ قُرِئَ: " مَا تُوعَدُونَ " بِالتَّاءِ فَهُوَ ظَاهِرٌ إِذْ لَا يَخْفَى أَنَّ الْخِطَابَ مَعَ الْمَوْعُودِينَ ، وَإِنْ قُرِئَ بِالْيَاءِ فَالْخِطَابُ مَعَ الْمُتَّقِينَ أَيْ يُقَالُ لِلْمُتَّقِينَ ادْخُلُوهَا .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِذْنِ ، وَفِيهِ مِنَ الِانْتِظَارِ مَا لَا يَلِيقُ بِالْإِكْرَامِ ، نَقُولُ لَيْسَ كَذَلِكَ ، فَإِنَّ مَنْ دَعَا مُكْرَمًا إِلَى بُسْتَانِهِ يَفْتَحُ لَهُ الْبَابَ وَيَجْلِسُ فِي مَوْضِعِهِ ، وَلَا يَقِفُ عَلَى الْبَابِ مَنْ
[ ص: 155 ] يُرَحِّبُهُ ، وَيَقُولُ إِذَا بَلَغْتَ بُسْتَانِي فَادْخُلْهُ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ أَحَدٌ يَكُونُ قَدْ أَخَلَّ بِإِكْرَامِهِ بِخِلَافِ مَنْ يَقِفُ عَلَى بَابِ قَوْمٍ يَقُولُونَ : ادْخُلْ بِاسْمِ اللَّهِ ، يَدُلُّ عَلَى الْإِكْرَامِ قَوْلُهُ تَعَالَى : ( بِسَلَامٍ ) كَمَا يَقُولُ الْمُضِيفُ : ادْخُلْ مُصَاحَبًا بِالسَّلَامَةِ وَالسَّعَادَةِ وَالْكَرَامَةِ ، وَالْبَاءُ لِلْمُصَاحَبَةِ فِي مَعْنَى الْحَالِ ، أَيْ سَالِمِينَ مَقْرُونِينَ بِالسَّلَامَةِ ، أَوْ مَعْنَاهُ ادْخُلُوهَا مُسَلَّمًا عَلَيْكُمْ ، وَيُسَلِّمُ اللَّهُ وَمَلَائِكَتُهُ عَلَيْكُمْ ، وَيَحْتَمِلُ عِنْدِي وَجْهًا آخَرَ ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ إِرْشَادًا لِلْمُؤْمِنِينَ إِلَى
nindex.php?page=treesubj&link=18300مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ كَمَا أُرْشِدُوا إِلَيْهَا فِي الدُّنْيَا ، حَيْثُ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=27لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ) [ النُّورِ : 27 ] فَكَأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ : هَذِهِ دَارُكُمْ وَمَنْزِلُكُمْ ، وَلَكِنْ لَا تَتْرُكُوا حَسَنَ عَادَتِكُمْ ، وَلَا تُخِلُّوا بِمَكَارِمِ أَخْلَاقِكُمْ ، فَادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ، وَيَصِيحُونَ سَلَامًا عَلَى مَنْ فِيهَا ، وَيُسَلِّمُ مِنْ فِيهَا عَلَيْهِمْ ، وَيَقُولُونَ : السَّلَامُ عَلَيْكُمْ ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=26إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا ) [ الْوَاقِعَةِ : 26 ] أَيْ يُسَلِّمُونَ عَلَى مَنْ فِيهَا ، وَيُسَلِّمُ مَنْ فِيهَا عَلَيْهِمْ ، وَهَذَا الْوَجْهُ إِنْ كَانَ مَنْقُولًا فَنِعْمَ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَنْقُولًا فَهُوَ مُنَاسِبٌ مَعْقُولٌ أَيَّدَهُ دَلِيلٌ مَنْقُولٌ .
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=34ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ ) .
حَتَّى لَا يَدْخُلَ فِي قَلْبِهِمْ أَنَّ ذَلِكَ رُبَّمَا يَنْقَطِعُ عَنْهُمْ فَتَبْقَى فِي قَلْبِهِمْ حَسْرَتُهُ ، فَإِنْ قِيلَ
nindex.php?page=treesubj&link=30386_30394الْمُؤْمِنُ قَدْ عَلِمَ أَنَّهُ إِذَا دَخَلَ الْجَنَّةَ خُلِّدَ فِيهَا ، فَمَا الْفَائِدَةُ فِي التَّذْكِيرِ ؟ وَالْجَوَابُ : عَنْهُ مِنْ وَجْهَيْنِ .
أَحَدُهُمَا : أَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=34ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ ) قَوْلٌ قَالَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا إِعْلَامًا وَإِخْبَارًا ، وَلَيْسَ ذَلِكَ قَوْلًا يَقُولُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ : ( ادْخُلُوهَا ) فَكَأَنَّهُ تَعَالَى أَخْبَرَنَا فِي يَوْمِنَا أَنَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=34يَوْمُ الْخُلُودِ ) .
ثَانِيهِمَا : اطْمِئْنَانُ الْقَلْبِ بِالْقَوْلِ أَكْثَرُ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=34يَوْمُ الْخُلُودِ ) إِضْمَارٌ تَقْدِيرُهُ : ذَلِكَ يَوْمُ تَقْدِيرِ الْخُلُودِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ الْيَوْمُ يُذَكَّرُ ، وَيُرَادُ الزَّمَانُ الْمُطْلَقُ سَوَاءٌ كَانَ يَوْمًا أَوْ لَيْلًا ، نَقُولُ : يَوْمَ يُولَدُ لِفُلَانٍ ابْنٌ يَكُونُ السُّرُورُ الْعَظِيمُ ، وَلَوْ وُلِدَ لَهُ بِاللَّيْلِ لَكَانَ السُّرُورُ حَاصِلًا ، فَتُرِيدُ بِهِ الزَّمَانَ ، فَكَأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ : ذَلِكَ زَمَانٌ الْإِقَامَةِ الدَّائِمَةِ .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=35لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ ) .
وَفِي الْآيَةِ تَرْتِيبٌ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ تَعَالَى بَدَأَ بِبَيَانِ إِكْرَامِهِمْ حَيْثُ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=31وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ ) وَلَمْ يَقُلْ : قُرِّبَ الْمُتَّقُونَ مِنَ الْجَنَّةِ بَيَانًا لِلْإِكْرَامِ حَيْثُ جَعَلَهُمْ مِمَّنْ تُنْقَلُ إِلَيْهِمُ الْجِنَانُ بِمَا فِيهَا مِنَ الْحِسَانِ ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ هَذَا لَكُمْ ، بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=32هَذَا مَا تُوعَدُونَ ) ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّهُ أَجْرُ أَعْمَالِهِمُ الصَّالِحَةِ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=32لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ ) قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=33مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ ) فَإِنَّ تَصَرُّفَ الْمَالِكِ الَّذِي مَلَكَ شَيْئًا بِعِوَضٍ أَتَمُّ فِيهِ مِنْ تَصَرُّفِ مَنْ مَلَكَ بِغَيْرِ عِوَضٍ ، لِإِمْكَانِ الرُّجُوعِ فِي التَّمْلِيكِ بِغَيْرِ عِوَضٍ ، ثُمَّ زَادَ فِي الْإِكْرَامِ بِقَوْلِهِ : ( ادْخُلُوهَا ) كَمَا بَيَّنَّا أَنَّ ذَلِكَ إِكْرَامٌ ; لِأَنَّ مَنْ فَتَحَ بَابَهُ لِلنَّاسِ ، وَلَمْ يَقِفْ بِبَابِهِ مَنْ يُرَحِّبُ الدَّاخِلِينَ ، لَا يَكُونُ قَدْ أَتَى بِالْإِكْرَامِ التَّامِّ ، ثُمَّ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=34ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ ) أَيْ لَا تَخَافُوا مَا لَحِقَكُمْ مِنْ قَبْلُ حَيْثُ أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنْهَا ، فَهَذَا دُخُولٌ لَا خُرُوجَ بَعْدَهُ مِنْهَا .
ثُمَّ لَمَّا بَيَّنَ أَنَّهُمْ ( فِيهَا خَالِدُونَ ) قَالَ : لَا تَخَافُوا انْقِطَاعَ أَرْزَاقِكُمْ وَبَقَاءَكُمْ فِي حَاجَةٍ ، كَمَا كُنْتُمْ فِي الدُّنْيَا مَنْ كَانَ يُعَمَّرُ يُنَكَّسُ وَيَحْتَاجُ ، بَلْ لَكُمُ الْخُلُودُ ، وَلَا يَنْفَدُ مَا تَتَمَتَّعُونَ بِهِ فَلَكُمْ مَا تَشَاءُونَ فِي أَيِّ وَقْتٍ تَشَاءُونَ ، وَإِلَى اللَّهِ الْمُنْتَهَى ، وَعِنْدَ الْوُصُولِ إِلَيْهِ ، وَالْمُثُولِ بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَلَا يُوَصَفُ مَا لَدَيْهِ ، وَلَا يَطَّلِعُ أَحَدٌ عَلَيْهِ ، وَعَظَمَةُ مَنْ عِنْدَهُ تَدُلُّكَ عَلَى فَضِيلَةِ مَا عِنْدَهُ ، هَذَا هُوَ التَّرْتِيبُ ، وَأَمَّا التَّفْسِيرُ ، فَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ :
[ ص: 156 ] الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=34ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ) عَلَى سَبِيلِ الْمُخَاطَبَةِ ، ثُمَّ قَالَ : ( لَهُمْ ) وَلَمْ يَقُلْ لَكُمْ مَا الْحِكْمَةُ فِيهِ ؟ الْجَوَابُ : عَنْهُ مِنْ وُجُوهٍ :
الْأَوَّلُ : هُوَ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى : ( ادْخُلُوهَا ) مُقَدَّرٌ فِيهِ يُقَالُ لَهُمْ ، أَيْ يُقَالُ لَهُمْ : ( ادْخُلُوهَا ) فَلَا يَكُونُ عَلَى هَذَا الْتِفَاتًا .
الثَّانِي : هُوَ أَنَّهُ مِنْ بَابِ الِالْتِفَاتِ وَالْحِكْمَةِ الْجَمْعُ بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ ، كَأَنَّهُ تَعَالَى يَقُولُ : أَكْرَمَهُمْ بِهِ فِي حُضُورِهِمْ ، فَفِي حُضُورِهِمُ الْحُبُورُ ، وَفِي غَيْبَتِهِمُ الْحُورُ وَالْقُصُورُ .
وَالثَّالِثُ : هُوَ أَنْ يُقَالَ قَوْلُهُ تَعَالَى : ( لَهُمْ ) جَازَ أَنْ يَكُونَ كَلَامًا مَعَ الْمَلَائِكَةِ ، يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ : تَوَكَّلُوا بِخِدْمَتِهِمْ ، وَاعْلَمُوا أَنَّ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا ، فَأَحْضِرُوا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ مَا يَشَاءُونَ ، وَأَمَّا أَنَا فَعِنْدِي مَا لَا يَخْطُرُ بِبَالِهِمْ ، وَلَا تَقْدِرُونَ أَنْتُمْ عَلَيْهِ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ لَفْظَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=35مَزِيدٌ ) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ الزِّيَادَةَ ، فَيَكُونُ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=26لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ ) [ يُونُسَ : 26 ] وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ ، أَيْ عِنْدِنَا مَا نَزِيدُهُ عَلَى مَا يَرْجُونَ وَمَا يَكُونُ مِمَّا يَشْتَهُونَ :