(
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=20وفي الأرض آيات للموقنين ) .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=20وفي الأرض آيات للموقنين ) وهو يحتمل وجهين :
أحدهما : أن يكون متعلقا بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=5إنما توعدون لصادق nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=6وإن الدين لواقع ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=20وفي الأرض آيات للموقنين ) تدلهم على أن الحشر كائن كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=39ومن آياته أنك ترى الأرض خاشعة ) إلى أن قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=39إن الذي أحياها لمحيي الموتى ) [فصلت : 39 ] .
وثانيهما : أن يكون متعلقا بأفعال المتقين ، فإنهم خافوا الله فعظموه فأظهروا الشفقة على عباده ، وكان لهم آيات في الأرض ، وفي أنفسهم على إصابتهم الحق في ذلك ، فإن من يكون له
nindex.php?page=treesubj&link=32438_19787_28659في الأرض الآيات العجيبة يكون له القدرة التامة فيخشى ويتقى ، ومن له في أنفس الناس حكم بالغة ونعم سابغة يستحق أن يعبد ويترك الهجوع لعبادته ، وإذا قابل العبد العبادة بالنعمة يجدها دون حد الشكر فيستغفر على التقصير ، وإذا علم أن الرزق من السماء لا يبخل بماله ، فالآيات الثلاثة المتأخرة فيها تقرير ما تقدم ، وعلى هذا فقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=23فورب السماء والأرض ) [ الذاريات : 23 ] يكون عود الكلام بعد اعتراض الكلام الأول أقوى وأظهر ، وفيه مسائل :
المسألة الأولى : كيف خصص الموقنين بكون الآيات لهم مع أن الآيات حاصلة للكل قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=33وآية لهم الأرض الميتة أحييناها ) [ يس : 33 ] نقول قد ذكرنا أن اليمين آخر ما يأتي به المبرهن ، وذلك لأنه أولا يأتي بالبرهان ، فإن صدق فذلك وإن لم يصدق لا بد له من أن ينسبه الخصم إلى إصرار على الباطل لأنه إذا لم يقدر على قدح فيه ولم يصدقه يعترف له بقوة الجدل وينسبه إلى المكابرة فيتعين طريقه في اليمين ، فإذا آيات الأرض لم تفدهم لأن اليمين بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=1والذاريات ذروا ) دلت على سبق إقامة البينات وذكر الآيات ولم يفد فقال فيها : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=20وفي الأرض آيات للموقنين ) وإن لم يحصل للمصر المعاند منها فائدة ، وأما في سورة يس وغيرها من المواضع التي جعل فيها آيات الأرض للعامة لم يحصل فيها اليمين وذكر الآيات قبله فجاز أن يقال إن الأرض آيات لمن ينظر فيها .
الجواب الثاني : وهو الأصح أن هنا
nindex.php?page=treesubj&link=32438الآيات بالفعل والاعتبار للمؤمنين أي حصل ذلك لهم وحيث قال لكل معناه إن فيها آيات لهم إن نظروا وتأملوا .
المسألة الثانية : ههنا قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=20وفي الأرض آيات ) وقال هناك : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=33وآية لهم الأرض ) [ يس : 33 ] نقول لما جعل الآية (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=20للموقنين ) ذكر بلفظ الجمع لأن الموقن لا يغفل عن الله تعالى في حال ويرى في كل شيء آيات دالة ، وأما الغافل فلا يتنبه إلا بأمور كثيرة فيكون الكل له كالآية الواحدة .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=20وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ ) .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=20وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ ) وَهُوَ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : أَنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقًا بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=5إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=6وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=20وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ ) تَدُلُّهُمْ عَلَى أَنَّ الْحَشْرَ كَائِنٌ كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=39وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً ) إِلَى أَنْ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=39إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى ) [فُصِّلَتْ : 39 ] .
وَثَانِيهِمَا : أَنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقًا بِأَفْعَالِ الْمُتَّقِينَ ، فَإِنَّهُمْ خَافُوا اللَّهَ فَعَظَّمُوهُ فَأَظْهَرُوا الشَّفَقَةَ عَلَى عِبَادِهِ ، وَكَانَ لَهُمْ آيَاتٌ فِي الْأَرْضِ ، وَفِي أَنْفُسِهِمْ عَلَى إِصَابَتِهِمُ الْحَقَّ فِي ذَلِكَ ، فَإِنَّ مَنْ يَكُونُ لَهُ
nindex.php?page=treesubj&link=32438_19787_28659فِي الْأَرْضِ الْآيَاتُ الْعَجِيبَةُ يَكُونُ لَهُ الْقُدْرَةُ التَّامَّةُ فَيُخْشَى وَيُتَّقَى ، وَمَنْ لَهُ فِي أَنْفُسِ النَّاسِ حِكَمٌ بَالِغَةٌ وَنِعَمٌ سَابِغَةٌ يَسْتَحِقُّ أَنْ يُعْبَدَ وَيُتْرُكَ الْهُجُوعُ لِعِبَادَتِهِ ، وَإِذَا قَابَلَ الْعَبْدُ الْعِبَادَةَ بِالنِّعْمَةِ يَجِدُهَا دُونَ حَدِّ الشُّكْرِ فَيَسْتَغْفِرُ عَلَى التَّقْصِيرِ ، وَإِذَا عَلِمَ أَنَّ الرِّزْقَ مِنَ السَّمَاءِ لَا يَبْخَلُ بِمَالِهِ ، فَالْآيَاتُ الثَّلَاثَةُ الْمُتَأَخِّرَةُ فِيهَا تَقْرِيرُ مَا تَقَدَّمَ ، وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=23فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ) [ الذَّارِيَاتِ : 23 ] يَكُونُ عَوْدُ الْكَلَامِ بَعْدَ اعْتِرَاضِ الْكَلَامِ الْأَوَّلِ أَقْوَى وَأَظْهَرَ ، وَفِيهِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : كَيْفَ خَصَّصَ الْمُوقِنِينَ بِكَوْنِ الْآيَاتِ لَهُمْ مَعَ أَنَّ الْآيَاتِ حَاصِلَةٌ لِلْكُلِّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=33وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا ) [ يس : 33 ] نَقُولُ قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الْيَمِينَ آخَرُ مَا يَأْتِي بِهِ الْمُبَرْهِنُ ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ أَوَّلًا يَأْتِي بِالْبُرْهَانِ ، فَإِنْ صُدِّقَ فَذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُصَدَّقْ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ أَنْ يَنْسُبَهُ الْخَصْمُ إِلَى إِصْرَارٍ عَلَى الْبَاطِلِ لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى قَدْحٍ فِيهِ وَلَمْ يُصَدِّقْهُ يَعْتَرِفْ لَهُ بِقُوَّةِ الْجَدَلِ وَيَنْسُبْهُ إِلَى الْمُكَابَرَةِ فَيَتَعَيَّنُ طَرِيقُهُ فِي الْيَمِينِ ، فَإِذًا آيَاتُ الْأَرْضِ لَمْ تُفْدِهُمْ لِأَنَّ الْيَمِينَ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=1وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا ) دَلَّتْ عَلَى سَبْقِ إِقَامَةِ الْبَيِّنَاتِ وَذِكْرِ الْآيَاتِ وَلَمْ يُفِدْ فَقَالَ فِيهَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=20وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ ) وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ لِلْمُصِرِّ الْمُعَانِدِ مِنْهَا فَائِدَةٌ ، وَأَمَّا فِي سُورَةِ يس وَغَيْرِهَا مِنَ الْمَوَاضِعِ الَّتِي جَعَلَ فِيهَا آيَاتِ الْأَرْضِ لِلْعَامَّةِ لَمْ يَحْصُلْ فِيهَا الْيَمِينُ وَذِكْرُ الْآيَاتِ قَبْلَهُ فَجَازَ أَنْ يُقَالَ إِنَّ الْأَرْضَ آيَاتٌ لِمَنْ يَنْظُرُ فِيهَا .
الْجَوَابُ الثَّانِي : وَهُوَ الْأَصَحُّ أَنَّ هُنَا
nindex.php?page=treesubj&link=32438الْآيَاتُ بِالْفِعْلِ وَالِاعْتِبَارِ لِلْمُؤْمِنِينَ أَيْ حَصَلَ ذَلِكَ لَهُمْ وَحَيْثُ قَالَ لِكُلٍّ مَعْنَاهُ إِنَّ فِيهَا آيَاتٍ لَهُمْ إِنْ نَظَرُوا وَتَأَمَّلُوا .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : هَهُنَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=20وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ ) وَقَالَ هُنَاكَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=33وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ ) [ يس : 33 ] نَقُولُ لَمَّا جَعَلَ الْآيَةَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=20لِلْمُوقِنِينَ ) ذَكَرَ بِلَفْظِ الْجَمْعِ لِأَنَّ الْمُوقِنَ لَا يَغْفُلُ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى فِي حَالٍ وَيَرَى فِي كُلِّ شَيْءٍ آيَاتٍ دَالَّةً ، وَأَمَّا الْغَافِلُ فَلَا يَتَنَبَّهُ إِلَّا بِأُمُورٍ كَثِيرَةٍ فَيَكُونُ الْكُلُّ لَهُ كَالْآيَةِ الْوَاحِدَةِ .