[ ص: 179 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=21وفي أنفسكم أفلا تبصرون nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=22وفي السماء رزقكم وما توعدون nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=23فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون ) .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=21وفي أنفسكم أفلا تبصرون ) إشارة إلى دليل الأنفس ، وهو كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=53سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم ) [ فصلت : 53 ] وإنما اختار من دلائل الآفاق ما في الأرض لظهورها لمن على ظهورها فإن في أطرافها وأكنافها ما لا يمكن عد أصنافها فدليل الأنفس في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=21وفي أنفسكم ) عام ويحتمل أن يكون مع المؤمنين ، وإنما أتى بصيغة الخطاب لأنها أظهر لكون علم الإنسان بما في نفسه أتم وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=21وفي أنفسكم ) يحتمل أن يكون المراد وفيكم ، يقال الحجارة في نفسها صلبة ولا يراد بها النفس التي هي منبع الحياة والحس والحركات ، ويحتمل أن يكون المراد
nindex.php?page=treesubj&link=32438_19789_28659وفي نفوسكم التي بها حياتكم آيات وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=21أفلا تبصرون ) بالاستفهام إشارة إلى ظهورها .
وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=22وفي السماء رزقكم ) فيه وجوه .
أحدها : في السحاب المطر .
ثانيها : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=22وفي السماء رزقكم ) مكتوب .
ثالثها :
nindex.php?page=treesubj&link=32413_30455تقدير الأرزاق كلها من السماء ولولاه لما حصل في الأرض حبة قوت ، وفي الآيات الثلاث ترتيب حسن وذلك لأن الإنسان له أمور يحتاج إليها لا بد من سبقها حتى يوجد هو في نفسه وأمور تقارنه في الوجود وأمور تلحقه وتوجد بعده ليبقى بها ، فالأرض هي المكان وإليه يحتاج الإنسان ولا بد من سبقها فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=20وفي الأرض آيات ) ثم في نفس الإنسان أمور من الأجسام والأعراض فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=21وفي أنفسكم ) ثم بقاؤه بالرزق فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=22وفي السماء رزقكم ) ولولا السماء لما كان للناس البقاء .
وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=22وما توعدون ) فيه وجوه .
أحدها : الجنة الموعود بها لأنها في السماء .
ثانيها : هو من الإيعاد لأن البناء للمفعول من أوعد يوعد أي (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=22وما توعدون ) إما من الجنة والنار في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=13يوم هم على النار ) وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=15إن المتقين في جنات ) فيكون إيعادا عاما ، وإما من العذاب وحينئذ يكون الخطاب مع الكفار فيكون كأنه تعالى قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=20وفي الأرض آيات للموقنين ) كافية ، وأما أنتم أيها الكافرون ففي أنفسكم آيات هي أظهر الآيات وتكفرون بها لحطام الدنيا وحب الرياسة ، وفي السماء الأرزاق ، فلو نظرتم وتأملتم حق التأمل ، لما تركتم الحق لأجل الرزق ، فإنه واصل بكل طريق ولاجتنبتم الباطل اتقاء لما توعدون من العذاب النازل .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=23فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون ) .
وفي المقسم عليه وجوه .
أحدها : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=22وما توعدون ) أي
nindex.php?page=treesubj&link=33678_30347_33062ما توعدون لحق يؤيده قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=5إنما توعدون لصادق ) وعلى هذا يعود كل ما قلناه في وجوه (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=22وما توعدون ) إن قلنا إن ذلك هو الجنة فالمقسم عليه هو هي .
ثانيها : الضمير راجع إلى القرآن أي أن القرآن حق وفيما ذكرناه في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=9يؤفك عنه ) دليل هذه وعلى هذا فقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=23مثل ما أنكم تنطقون ) معناه تكلم به الملك النازل من عند الله به مثل ما أنكم تتكلمون وسنذكره .
ثالثها : أنه راجع إلى الدين كما في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=6وإن الدين لواقع ) .
رابعها : أنه راجع إلى اليوم المذكور في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=12أيان يوم الدين ) يدل عليه وصف الله اليوم بالحق في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=78&ayano=39ذلك اليوم الحق ) [ النبأ : 39 ] .
خامسها : أنه راجع
[ ص: 180 ] إلى القول الذي يقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=14هذا الذي كنتم به تستعجلون ) وفي التفسير مباحث :
الأول : الفاء تستدعي تعقيب أمر لأمر فما الأمر المتقدم ؟ نقول فيه وجهان :
أحدهما : الدليل المتقدم كأنه تعالى يقول : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=134إن ما توعدون ) لحق بالبرهان المبين ، ثم بالقسم واليمين .
ثانيهما : القسم المتقدم كأنه تعالى يقول : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=1والذاريات ) ثم (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=23فورب السماء والأرض ) وعلى هذا يكون الفاء حرف عطف أعيد معه حرف القسم كما يعاد الفعل إذ يصح أن يقال ومررت بعمرو ، فقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=1والذاريات ذروا nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=2فالحاملات وقرا ) عطف من غير إعادة حرف القسم ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=23فورب السماء ) مع إعادة حرفه ، والسبب فيه وقوع الفصل بين القسمين ، ويحتمل أن يقال الأمر المتقدم هو بيان الثواب في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=13يوم هم على النار يفتنون ) وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=15إن المتقين في جنات ) وفيه فائدة ، وهو أن الفاء تكون تنبيها على أن لا حاجة إلى اليمين مع ما تقدم من الكشف المبين ، فكأنه يقول ورب السماء والأرض إنه لحق ، كما يقول القائل بعدما يظهر دعواه هذا والله إن الأمر كما ذكرت فيؤكد قوله باليمين ، ويشير إلى ثبوته من غير يمين .
البحث الثاني : أقسم من قبل بالأمور الأرضية وهي الرياح وبالسماء في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=7والسماء ذات الحبك ) ولم يقسم بربها ، وههنا أقسم بربها نقول كذلك الترتيب يقسم المتكلم أولا بالأدنى فإن لم يصدق به يرتقي إلى الأعلى ، ولهذا قال بعض الناس إذا قال قائل وحياتك والله لا يكفر وإذا قال : والله وحياتك لا شك يكفر وهذا استشهاد ، وإن كان الأمر على خلاف ما قاله ذلك القائل ; لأن الكفر إما بالقلب ، أو باللفظ الظاهر في أمر القلب ، أو بالفعل الظاهر ، وما ذكره ليس بظاهر في تعظيم جانب غير الله ، والعجب من ذلك القائل أنه لا يجعل التأخير في الذكر مفيدا للترتيب في الوضوء وغيره .
البحث الثالث : قرئ " مثل " بالرفع وحينئذ يكون وصفا لقوله " لحق " ومثل وإن أضيف إلى المعرفة لا يخرجه عن جواز وصف المنكر به ، تقول رأيت رجلا مثل عمرو ; لأنه لا يفيده تعريفا لأنه في غاية الإبهام وقرئ :" مثل " بالنصب ، ويحتمل وجهين :
أحدهما : أن يكون مفتوحا لإضافته إلى ما هو ضعيف وإلا جاز أن يقال زيد قاتل من يعرفه أو ضارب من يشتمه .
ثانيهما : أن يكون منصوبا على البيان تقديره لحق حقا مثل ، ويحتمل أن يقال إنه منصوب على أنه صفة مصدر معلوم غير مذكور ، ووجهه أنا دللنا أن المراد من الضمير في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=23إنه ) هو القرآن فكأنه قال إن
nindex.php?page=treesubj&link=32238القرآن لحق نطق به الملك نطقا (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=23مثل ما أنكم تنطقون ) وما مجرور لا شك فيه .
[ ص: 179 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=21وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=22وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=23فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ ) .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=21وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ) إِشَارَةً إِلَى دَلِيلِ الْأَنْفُسِ ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=53سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ ) [ فُصِّلَتْ : 53 ] وَإِنَّمَا اخْتَارَ مِنْ دَلَائِلَ الْآفَاقِ مَا فِي الْأَرْضِ لِظُهُورِهَا لِمَنْ عَلَى ظُهُورِهَا فَإِنَّ فِي أَطْرَافِهَا وَأَكْنَافِهَا مَا لَا يُمْكِنُ عَدُّ أَصْنَافِهَا فَدَلِيلُ الْأَنْفُسِ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=21وَفِي أَنْفُسِكُمْ ) عَامٌّ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ ، وَإِنَّمَا أَتَى بِصِيغَةِ الْخِطَابِ لِأَنَّهَا أَظْهَرُ لِكَوْنِ عِلْمِ الْإِنْسَانِ بِمَا فِي نَفْسِهِ أَتَمَّ وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=21وَفِي أَنْفُسِكُمْ ) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ وَفِيكُمْ ، يُقَالُ الْحِجَارَةُ فِي نَفْسِهَا صُلْبَةٌ وَلَا يُرَادُ بِهَا النَّفْسُ الَّتِي هِيَ مَنْبَعُ الْحَيَاةِ وَالْحِسِّ وَالْحَرَكَاتِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ
nindex.php?page=treesubj&link=32438_19789_28659وَفِي نُفُوسِكُمُ الَّتِي بِهَا حَيَاتُكُمْ آيَاتٌ وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=21أَفَلَا تُبْصِرُونَ ) بِالِاسْتِفْهَامِ إِشَارَةٌ إِلَى ظُهُورِهَا .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=22وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ ) فِيهِ وُجُوهٌ .
أَحَدُهَا : فِي السَّحَابِ الْمَطَرُ .
ثَانِيهَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=22وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ ) مَكْتُوبٌ .
ثَالِثُهَا :
nindex.php?page=treesubj&link=32413_30455تَقْدِيرُ الْأَرْزَاقِ كُلِّهَا مِنَ السَّمَاءِ وَلَوْلَاهُ لَمَا حَصَلَ فِي الْأَرْضِ حَبَّةُ قُوتٍ ، وَفِي الْآيَاتِ الثَّلَاثِ تَرْتِيبٌ حَسَنٌ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَهُ أُمُورٌ يَحْتَاجُ إِلَيْهَا لَا بُدَّ مِنْ سَبْقِهَا حَتَّى يُوجَدَ هُوَ فِي نَفْسِهِ وَأُمُورٌ تُقَارِنُهُ فِي الْوُجُودِ وَأُمُورٌ تَلْحَقُهُ وَتُوجَدُ بَعْدَهُ لِيَبْقَى بِهَا ، فَالْأَرْضُ هِيَ الْمَكَانُ وَإِلَيْهِ يَحْتَاجُ الْإِنْسَانُ وَلَا بُدَّ مِنْ سَبْقِهَا فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=20وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ ) ثُمَّ فِي نَفْسِ الْإِنْسَانِ أُمُورٌ مِنَ الْأَجْسَامِ وَالْأَعْرَاضِ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=21وَفِي أَنْفُسِكُمْ ) ثُمَّ بَقَاؤُهُ بِالرِّزْقِ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=22وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ ) وَلَوْلَا السَّمَاءُ لَمَا كَانَ لِلنَّاسِ الْبَقَاءُ .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=22وَمَا تُوعَدُونَ ) فِيهِ وُجُوهٌ .
أَحَدُهَا : الْجَنَّةُ الْمَوْعُودُ بِهَا لِأَنَّهَا فِي السَّمَاءِ .
ثَانِيهَا : هُوَ مِنَ الْإِيعَادِ لِأَنَّ الْبِنَاءَ لِلْمَفْعُولِ مِنْ أَوْعَدَ يُوعِدُ أَيْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=22وَمَا تُوعَدُونَ ) إِمَّا مِنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=13يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ ) وَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=15إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ ) فَيَكُونُ إِيعَادًا عَامًّا ، وَإِمَّا مِنَ الْعَذَابِ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْخِطَابُ مَعَ الْكُفَّارِ فَيَكُونُ كَأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=20وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ ) كَافِيَةٌ ، وَأَمَّا أَنْتُمْ أَيُّهَا الْكَافِرُونَ فَفِي أَنْفُسِكُمْ آيَاتٌ هِيَ أَظْهَرُ الْآيَاتِ وَتَكْفُرُونَ بِهَا لِحُطَامِ الدُّنْيَا وَحُبِّ الرِّيَاسَةِ ، وَفِي السَّمَاءِ الْأَرْزَاقُ ، فَلَوْ نَظَرْتُمْ وَتَأَمَّلْتُمْ حَقَّ التَّأَمُّلِ ، لَمَا تَرَكْتُمُ الْحَقَّ لِأَجْلِ الرِّزْقِ ، فَإِنَّهُ وَاصِلٌ بِكُلِّ طَرِيقٍ وَلَاجْتَنَبْتُمُ الْبَاطِلَ اتِّقَاءً لِمَا تُوعِدُونَ مِنَ الْعَذَابِ النَّازِلِ .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=23فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ ) .
وَفِي الْمُقْسَمِ عَلَيْهِ وُجُوهٌ .
أَحَدُهَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=22وَمَا تُوعَدُونَ ) أَيْ
nindex.php?page=treesubj&link=33678_30347_33062مَا تُوعَدُونَ لَحَقٌّ يُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=5إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ ) وَعَلَى هَذَا يَعُودُ كُلُّ مَا قُلْنَاهُ فِي وُجُوهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=22وَمَا تُوعَدُونَ ) إِنْ قُلْنَا إِنَّ ذَلِكَ هُوَ الْجَنَّةُ فَالْمُقْسَمُ عَلَيْهِ هُوَ هِيَ .
ثَانِيهَا : الضَّمِيرُ رَاجِعٌ إِلَى الْقُرْآنِ أَيْ أَنَّ الْقُرْآنَ حَقٌّ وَفِيمَا ذَكَرْنَاهُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=9يُؤْفَكُ عَنْهُ ) دَلِيلُ هَذِهِ وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=23مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ ) مَعْنَاهُ تَكَلَّمَ بِهِ الْمَلَكُ النَّازِلُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ بِهِ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَتَكَلَّمُونَ وَسَنَذْكُرُهُ .
ثَالِثُهَا : أَنَّهُ رَاجِعٌ إِلَى الدِّينِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=6وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ ) .
رَابِعُهَا : أَنَّهُ رَاجِعٌ إِلَى الْيَوْمِ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=12أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ ) يَدُلُّ عَلَيْهِ وَصْفُ اللَّهِ الْيَوْمَ بِالْحَقِّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=78&ayano=39ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ ) [ النَّبَأِ : 39 ] .
خَامِسُهَا : أَنَّهُ رَاجِعٌ
[ ص: 180 ] إِلَى الْقَوْلِ الَّذِي يُقَالُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=14هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ ) وَفِي التَّفْسِيرِ مَبَاحِثُ :
الْأَوَّلُ : الْفَاءُ تَسْتَدْعِي تَعْقِيبَ أَمْرٍ لِأَمْرٍ فَمَا الْأَمْرُ الْمُتَقَدِّمُ ؟ نَقُولُ فِيهِ وَجْهَانِ :
أَحَدُهُمَا : الدَّلِيلُ الْمُتَقَدِّمُ كَأَنَّهُ تَعَالَى يَقُولُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=134إِنَّ مَا تُوعَدُونَ ) لَحَقٌّ بِالْبُرْهَانِ الْمُبِينِ ، ثُمَّ بِالْقَسَمِ وَالْيَمِينِ .
ثَانِيهِمَا : الْقَسَمُ الْمُتَقَدِّمُ كَأَنَّهُ تَعَالَى يَقُولُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=1وَالذَّارِيَاتِ ) ثُمَّ (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=23فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ) وَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْفَاءُ حَرْفَ عَطْفٍ أُعِيدَ مَعَهُ حَرْفُ الْقَسَمِ كَمَا يُعَادُ الْفِعْلُ إِذْ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ وَمَرَرْتُ بِعَمْرٍو ، فَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=1وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=2فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا ) عَطْفٌ مِنْ غَيْرِ إِعَادَةِ حَرْفِ الْقَسَمِ ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=23فَوَرَبِّ السَّمَاءِ ) مَعَ إِعَادَةِ حَرْفِهِ ، وَالسَّبَبُ فِيهِ وُقُوعُ الْفَصْلِ بَيْنَ الْقَسَمَيْنِ ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ الْأَمْرُ الْمُتَقَدِّمُ هُوَ بَيَانُ الثَّوَابِ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=13يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ ) وَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=15إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ ) وَفِيهِ فَائِدَةٌ ، وَهُوَ أَنَّ الْفَاءَ تَكُونُ تَنْبِيهًا عَلَى أَنْ لَا حَاجَةَ إِلَى الْيَمِينِ مَعَ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْكَشْفِ الْمُبِينِ ، فَكَأَنَّهُ يَقُولُ وَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ ، كَمَا يَقُولُ الْقَائِلُ بَعْدَمَا يُظْهِرُ دَعْوَاهُ هَذَا وَاللَّهِ إِنَّ الْأَمْرَ كَمَا ذَكَرْتُ فَيُؤَكِّدُ قَوْلَهُ بِالْيَمِينِ ، وَيُشِيرُ إِلَى ثُبُوتِهِ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ .
الْبَحْثُ الثَّانِي : أَقْسَمَ مِنْ قَبْلُ بِالْأُمُورِ الْأَرْضِيَّةِ وَهِيَ الرِّيَاحُ وَبِالسَّمَاءِ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=7وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ ) وَلَمْ يُقْسِمْ بِرَبِّهَا ، وَهَهُنَا أَقْسَمَ بِرَبِّهَا نَقُولُ كَذَلِكَ التَّرْتِيبُ يُقْسِمُ الْمُتَكَلِّمُ أَوَّلًا بِالْأَدْنَى فَإِنْ لَمْ يُصَدَّقْ بِهِ يَرْتَقِي إِلَى الْأَعْلَى ، وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُ النَّاسِ إِذَا قَالَ قَائِلٌ وَحَيَاتِكَ وَاللَّهِ لَا يَكْفُرُ وَإِذَا قَالَ : وَاللَّهِ وَحَيَاتِكَ لَا شَكَّ يَكْفُرُ وَهَذَا اسْتِشْهَادٌ ، وَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى خِلَافِ مَا قَالَهُ ذَلِكَ الْقَائِلُ ; لِأَنَّ الْكُفْرَ إِمَّا بِالْقَلْبِ ، أَوْ بِاللَّفْظِ الظَّاهِرِ فِي أَمْرِ الْقَلْبِ ، أَوْ بِالْفِعْلِ الظَّاهِرِ ، وَمَا ذَكَرَهُ لَيْسَ بِظَاهِرٍ فِي تَعْظِيمِ جَانِبِ غَيْرِ اللَّهِ ، وَالْعَجَبُ مِنْ ذَلِكَ الْقَائِلِ أَنَّهُ لَا يَجْعَلُ التَّأْخِيرَ فِي الذِّكْرِ مُفِيدًا لِلتَّرْتِيبِ فِي الْوُضُوءِ وَغَيْرِهِ .
الْبَحْثُ الثَّالِثُ : قُرِئَ " مِثْلُ " بِالرَّفْعِ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ وَصْفًا لِقَوْلِهِ " لَحَقٌّ " وَمِثْلُ وَإِنْ أُضِيفَ إِلَى الْمَعْرِفَةِ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ جَوَازِ وَصْفِ الْمُنْكَّرِ بِهِ ، تَقُولُ رَأَيْتُ رَجُلًا مِثْلَ عَمْرٍو ; لِأَنَّهُ لَا يُفِيدُهُ تَعْرِيفًا لِأَنَّهُ فِي غَايَةِ الْإِبْهَامِ وَقُرِئَ :" مِثْلَ " بِالنَّصْبِ ، وَيَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : أَنْ يَكُونَ مَفْتُوحًا لِإِضَافَتِهِ إِلَى مَا هُوَ ضَعِيفٌ وَإِلَّا جَازَ أَنْ يُقَالَ زَيْدٌ قَاتِلُ مَنْ يَعْرِفُهُ أَوْ ضَارِبُ مَنْ يَشْتُمُهُ .
ثَانِيهِمَا : أَنْ يَكُونَ مَنْصُوبًا عَلَى الْبَيَانِ تَقْدِيرُهُ لَحَقٌّ حَقًّا مِثْلَ ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ إِنَّهُ مَنْصُوبٌ عَلَى أَنَّهُ صِفَةُ مَصْدَرٍ مَعْلُومٍ غَيْرِ مَذْكُورٍ ، وَوَجْهُهُ أَنَّا دَلَّلَنَا أَنَّ الْمُرَادَ مِنَ الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=23إِنَّهُ ) هُوَ الْقُرْآنُ فَكَأَنَّهُ قَالَ إِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=32238الْقُرْآنَ لَحَقٌّ نَطَقَ بِهِ الْمَلَكُ نُطْقًا (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=23مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ ) وَمَا مَجْرُورٌ لَا شَكَّ فِيهِ .