(
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=24هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين )
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=24هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين ) إشارة إلى
nindex.php?page=treesubj&link=30614_32016تسلية قلب النبي - صلى الله عليه وسلم - ببيان أن غيره من الأنبياء عليهم السلام كان مثله ، واختار
إبراهيم لكونه شيخ المرسلين وكون النبي - عليه الصلاة والسلام - على سنته في بعض الأشياء ، وإنذارا لقومه بما جرى من الضيف ، ومن إنزال الحجارة على المذنبين المضلين ، وفيه مسائل :
المسألة الأولى : إذا كان المراد ما ذكرت من التسلية والإنذار فأي فائدة في حكاية الضيافة ؟ نقول ليكون ذلك إشارة إلى
nindex.php?page=treesubj&link=29677_30525الفرج في حق الأنبياء ، والبلاء على الجهلة والأغبياء ، إذا جاءهم من حيث لا يحتسب .
[ ص: 181 ] قال الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=2فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا ) [ الحشر : 2 ]
nindex.php?page=treesubj&link=30175_31851فلم يكن عند إبراهيم عليه السلام خبر من إنزال العذاب مع ارتفاع مكانته .
المسألة الثانية : كيف سماهم ضيفا ولم يكونوا ؟ نقول
nindex.php?page=treesubj&link=31851_29676_32626لما حسبهم إبراهيم عليه السلام ضيفا لم يكذبه الله تعالى في حسابه إكراما له ، يقال في كلمات المحققين : الصادق يكون ما يقول ، والصديق يقول ما يكون .
المسألة الثالثة : "
nindex.php?page=treesubj&link=34077_28908_28914ضيف " لفظ واحد والمكرمين جمع ، فكيف وصف الواحد بالجمع ؟ نقول الضيف يقع على القوم ، يقال قوم ضيف ولأنه مصدر فيكون كلفظ الرزق مصدرا ، وإنما
nindex.php?page=treesubj&link=29747_28734وصفهم بالمكرمين إما لكونهم عبادا مكرمين كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=26بل عباد مكرمون ) [ الأنبياء : 26 ] وإما لإكرام
إبراهيم عليه السلام إياهم ، فإن قيل : بماذا أكرمهم ؟ قلنا ببشاشة الوجه أولا ، وبالإجلاس في أحسن المواضع وألطفها ، ثانيا وتعجيل القرى ثالثا ، وبعد التكليف للضيف بالأكل والجلوس . وكانوا عدة من الملائكة في قول : ثلاثة
جبريل وميكائيل وثالث ، وفي قول عشرة ، وفي آخر اثنا عشرة .
المسألة الرابعة : هم أرسلوا للعذاب بدليل قولهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=32إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين ) [ الذاريات : 32 ] وهم لم يكونوا من قوم
إبراهيم عليه السلام ، وإنما كانوا من قوم
لوط فما الحكمة في مجيئهم إلى
إبراهيم عليه السلام ؟ نقول فيه حكمة بالغة ، وبيانها من وجهين :
أحدهما :
nindex.php?page=treesubj&link=31851_31853أن إبراهيم عليه السلام شيخ المرسلين وكان
لوط من قومه ومن إكرام الملك للذي في عهدته وتحت طاعته إذا كان يرسل رسولا إلى غيره يقول له اعبر على فلان الملك وأخبره برسالتك وخذ فيها رأيه .
وثانيهما : هو أن الله تعالى لما قدر أن يهلك قوما كثيرا وجما غفيرا ، وكان ذلك مما يحزن
إبراهيم عليه السلام شفقة منه على عباده قال لهم بشروه بغلام يخرج من صلبه أضعاف ما يهلك ، ويكون من صلبه خروج الأنبياء عليهم السلام .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=24هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ )
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=24هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ ) إِشَارَةً إِلَى
nindex.php?page=treesubj&link=30614_32016تَسْلِيَةِ قَلْبِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِبَيَانِ أَنَّ غَيْرَهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ كَانَ مِثْلَهُ ، وَاخْتَارَ
إِبْرَاهِيمَ لِكَوْنِهِ شَيْخَ الْمُرْسَلِينَ وَكَوْنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَلَى سُنَّتِهِ فِي بَعْضِ الْأَشْيَاءِ ، وَإِنْذَارًا لِقَوْمِهِ بِمَا جَرَى مِنَ الضَّيْفِ ، وَمِنْ إِنْزَالِ الْحِجَارَةِ عَلَى الْمُذْنِبِينَ الْمُضِلِّينَ ، وَفِيهِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : إِذَا كَانَ الْمُرَادُ مَا ذَكَرْتَ مِنَ التَّسْلِيَةِ وَالْإِنْذَارِ فَأَيُّ فَائِدَةٍ فِي حِكَايَةِ الضِّيَافَةِ ؟ نَقُولُ لِيَكُونَ ذَلِكَ إِشَارَةً إِلَى
nindex.php?page=treesubj&link=29677_30525الْفَرَجِ فِي حَقِّ الْأَنْبِيَاءِ ، وَالْبَلَاءِ عَلَى الْجَهَلَةِ وَالْأَغْبِيَاءِ ، إِذَا جَاءَهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يُحْتَسَبُ .
[ ص: 181 ] قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=2فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا ) [ الْحَشْرِ : 2 ]
nindex.php?page=treesubj&link=30175_31851فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ خَبَرٌ مِنْ إِنْزَالِ الْعَذَابِ مَعَ ارْتِفَاعِ مَكَانَتِهِ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : كَيْفَ سَمَّاهُمْ ضَيْفًا وَلَمْ يَكُونُوا ؟ نَقُولُ
nindex.php?page=treesubj&link=31851_29676_32626لَمَّا حَسِبَهُمْ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ضَيْفًا لَمْ يُكَذِّبْهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي حِسَابِهِ إِكْرَامًا لَهُ ، يُقَالُ فِي كَلِمَاتِ الْمُحَقِّقِينَ : الصَّادِقُ يَكُونُ مَا يَقُولُ ، وَالصِّدِّيقِ يَقُولُ مَا يَكُونُ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : "
nindex.php?page=treesubj&link=34077_28908_28914ضَيْفُ " لَفْظٌ وَاحِدٌ وَالْمُكْرَمِينَ جَمْعٌ ، فَكَيْفَ وَصَفَ الْوَاحِدَ بِالْجَمْعِ ؟ نَقُولُ الضَّيْفُ يَقَعُ عَلَى الْقَوْمِ ، يُقَالُ قَوْمٌ ضَيْفٌ وَلِأَنَّهُ مَصْدَرٌ فَيَكُونُ كَلَفْظِ الرِّزْقُ مَصْدَرًا ، وَإِنَّمَا
nindex.php?page=treesubj&link=29747_28734وَصَفَهُمْ بِالْمُكْرَمِينَ إِمَّا لِكَوْنِهِمْ عِبَادًا مُكْرَمِينَ كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=26بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ ) [ الْأَنْبِيَاءِ : 26 ] وَإِمَّا لِإِكْرَامِ
إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِيَّاهُمْ ، فَإِنْ قِيلَ : بِمَاذَا أَكْرَمَهُمْ ؟ قُلْنَا بِبَشَاشَةِ الْوَجْهِ أَوَّلًا ، وَبِالْإِجْلَاسِ فِي أَحْسَنِ الْمَوَاضِعِ وَأَلْطَفِهَا ، ثَانِيًا وَتَعْجِيلِ الْقِرَى ثَالِثًا ، وَبَعْدُ التَّكْلِيفُ لِلضَّيْفِ بِالْأَكْلِ وَالْجُلُوسِ . وَكَانُوا عِدَّةً مِنَ الْمَلَائِكَةِ فِي قَوْلٍ : ثَلَاثَةٌ
جِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ وَثَالِثٌ ، وَفِي قَوْلٍ عَشَرَةٌ ، وَفِي آخَرَ اثْنَا عَشْرَةَ .
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ : هُمْ أُرْسِلُوا لِلْعَذَابِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=32إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ ) [ الذَّارِيَاتِ : 32 ] وَهُمْ لَمْ يَكُونُوا مِنْ قَوْمِ
إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَإِنَّمَا كَانُوا مِنْ قَوْمِ
لُوطٍ فَمَا الْحِكْمَةُ فِي مَجِيئِهِمْ إِلَى
إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ؟ نَقُولُ فِيهِ حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ ، وَبَيَانُهَا مِنْ وَجْهَيْنِ :
أَحَدُهُمَا :
nindex.php?page=treesubj&link=31851_31853أَنَّ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ شَيْخُ الْمُرْسَلِينَ وَكَانَ
لُوطٌ مِنْ قَوْمِهِ وَمِنْ إِكْرَامِ الْمَلِكِ لِلَّذِي فِي عُهْدَتِهِ وَتَحْتَ طَاعَتِهِ إِذَا كَانَ يُرْسِلُ رَسُولًا إِلَى غَيْرِهِ يَقُولُ لَهُ اعْبُرْ عَلَى فُلَانٍ الْمَلِكِ وَأَخْبِرْهُ بِرِسَالَتِكَ وَخُذْ فِيهَا رَأْيَهُ .
وَثَانِيهِمَا : هُوَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا قَدَّرَ أَنْ يُهْلِكَ قَوْمًا كَثِيرًا وَجَمًّا غَفِيرًا ، وَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا يُحْزِنُ
إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ شَفَقَةً مِنْهُ عَلَى عِبَادِهِ قَالَ لَهُمْ بَشِّرُوهُ بِغُلَامٍ يَخْرُجُ مِنْ صُلْبِهِ أَضْعَافُ مَا يَهْلِكُ ، وَيَكُونُ مِنْ صُلْبِهِ خُرُوجُ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ .