(
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=15أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=16اصلوها فاصبروا أو لا تصبروا سواء عليكم إنما تجزون ما كنتم تعملون nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=17إن المتقين في جنات ونعيم )
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=15أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون ) تحقيقا للأمر ، وذلك لأن من يرى شيئا ولا يكون الأمر على ما يراه ، فذلك الخطأ يكون لأجل أحد أمرين إما لأمر عائد إلى المرئي وإما لأمر عائد إلى الرائي، فقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=15أفسحر هذا ) أي هل في المرئي شك أم هل في بصركم خلل ؟ استفهام إنكار ، أي لا واحد منهما ثابت ، فالذي ترونه حق وقد كنتم تقولون إنه ليس بحق ، وإنما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=15أفسحر ) وذلك أنهم كانوا
nindex.php?page=treesubj&link=30549_31788_29284ينسبون المرئيات إلى السحر فكانوا يقولون بأن انشقاق القمر وأمثاله سحر وفي ذلك اليوم لما تعلق بهم مع البصر الألم المدرك بحس اللمس وبلغ الإيلام الغاية لم يمكنهم أن يقولوا هذا سحر ، وإلا لما صح منهم طلب الخلاص من النار .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=16اصلوها فاصبروا أو لا تصبروا سواء عليكم إنما تجزون ما كنتم تعملون ) أي إذا لم يمكنكم إنكارها وتحقق أنه ليس بسحر ولا خلل في أبصاركم فاصلوها . وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=16فاصبروا أو لا تصبروا ) فيه فائدتان إحداهما : بيان عدم الخلاص وانتفاء المناص فإن من لا يصبر يدفع الشيء عن نفسه إما بأن يدفع المعذب فيمنعه وإما بأن يغضبه فيقتله ويريحه ولا شيء من ذلك يفيد في
nindex.php?page=treesubj&link=30539_30530_30531_30364_30433عذاب الآخرة فإن من لا يغلب المعذب فيدفعه ولا يتخلص بالإعدام فإنه لا يقضى عليه فيموت ، فإذن الصبر كعدمه ، لأن من يصبر يدوم فيه ، ومن لا يصبر يدوم فيه . الثانية : بيان ما يتفاوت به عذاب الآخرة عن عذاب الدنيا ، فإن المعذب في الدنيا إن صبر ربما انتفع بالصبر إما بالجزاء في الآخرة ، وإما بالحمد في الدنيا ، فيقال له ما أشجعه وما أقوى قلبه ، وإن جزع يذم ، فيقال يجزع كالصبيان والنسوان ، وأما في الآخرة لا مدح ولا ثواب على الصبر ، وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=16سواء عليكم ) ( سواء ) خبر ، ومبتدؤه مدلول عليه بقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=16فاصبروا أو لا تصبروا ) كأنه يقول : الصبر وعدمه سواء ، فإن قيل يلزم الزيادة في التعذيب ، ويلزم التعذيب على المنوي الذي لم يفعله ، نقول فيه لطيفة ، وهي أن المؤمن بإيمانه استفاد أن الخير الذي ينويه يثاب عليه ، والشر الذي ينويه ولا يحققه لا يعاقب عليه ، والكافر بكفره صار على الضد ، فالخير الذي ينويه ولا يعمله لا يثاب عليه ، والشر الذي يقصده ولا يقع منه يعاقب عليه ولا ظلم ، فإن الله تعالى أخبره به ، وهو اختار ذلك ودخل فيه باختياره ، كأن الله تعالى قال : فإن من كفر ومات كافرا أعذبه أبدا فاحذروا ، ومن آمن أثيبه دائما ، فمن ارتكب الكفر ودام عليه بعدما
[ ص: 213 ] سمع ذلك ، فإذا عاقبه المعاقب دائما تحقيقا لما أوعده به لا يكون ظالما .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=17إن المتقين في جنات ونعيم ) على ما هو عادة القرآن من بيان
nindex.php?page=treesubj&link=29680_30387حال المؤمن بعد بيان حال الكافر ، وذكر الثواب عقيب ذكر العقاب ليتم أمر الترهيب والترغيب ، وقد ذكرنا تفسير المتقين في مواضع ، والجنة وإن كانت موضع السرور ، لكن الناطور قد يكون في البستان الذي هو غاية الطيبة وهو غير متنعم ، فقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=17ونعيم ) يفيد أنهم فيها يتنعمون ، كما يكون المتفرج لا كما يكون الناطور .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=15أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لَا تُبْصِرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=16اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=17إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ )
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=15أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لَا تُبْصِرُونَ ) تَحْقِيقًا لِلْأَمْرِ ، وَذَلِكَ لِأَنَّ مَنْ يَرَى شَيْئًا وَلَا يَكُونُ الْأَمْرُ عَلَى مَا يَرَاهُ ، فَذَلِكَ الْخَطَأُ يَكُونُ لِأَجْلِ أَحَدِ أَمْرَيْنِ إِمَّا لِأَمْرٍ عَائِدٍ إِلَى الْمَرْئِيِّ وَإِمَّا لِأَمْرٍ عَائِدٍ إِلَى الرَّائِي، فَقَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=15أَفَسِحْرٌ هَذَا ) أَيْ هَلْ فِي الْمَرْئِيِّ شَكٌّ أَمْ هَلْ فِي بَصَرِكُمْ خَلَلٌ ؟ اسْتِفْهَامُ إِنْكَارٍ ، أَيْ لَا وَاحِدَ مِنْهُمَا ثَابِتٌ ، فَالَّذِي تَرَوْنَهُ حَقٌّ وَقَدْ كُنْتُمْ تَقُولُونَ إِنَّهُ لَيْسَ بِحَقٍّ ، وَإِنَّمَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=15أَفَسِحْرٌ ) وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا
nindex.php?page=treesubj&link=30549_31788_29284يَنْسُبُونَ الْمَرْئِيَّاتِ إِلَى السِّحْرِ فَكَانُوا يَقُولُونَ بِأَنَّ انْشِقَاقَ الْقَمَرِ وَأَمْثَالَهُ سِحْرٌ وَفِي ذَلِكَ الْيَوْمِ لَمَّا تَعَلَّقَ بِهِمْ مَعَ الْبَصَرِ الْأَلَمُ الْمُدْرَكُ بِحِسِّ اللَّمْسِ وَبَلَغَ الْإِيلَامُ الْغَايَةَ لَمْ يُمْكِنْهُمْ أَنْ يَقُولُوا هَذَا سِحْرٌ ، وَإِلَّا لَمَا صَحَّ مِنْهُمْ طَلَبُ الْخَلَاصِ مِنَ النَّارِ .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=16اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) أَيْ إِذَا لَمْ يُمْكِنْكُمْ إِنْكَارُهَا وَتُحُقِّقَ أَنَّهُ لَيْسَ بِسِحْرٍ وَلَا خَلَلٍ فِي أَبْصَارِكُمْ فَاصَلَوْهَا . وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=16فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا ) فِيهِ فَائِدَتَانِ إِحْدَاهُمَا : بَيَانُ عَدَمِ الْخَلَاصِ وَانْتِفَاءِ الْمَنَاصِ فَإِنَّ مَنْ لَا يَصْبِرُ يَدْفَعُ الشَّيْءَ عَنْ نَفْسِهِ إِمَّا بِأَنْ يَدْفَعَ الْمُعَذِّبَ فَيَمْنَعَهُ وَإِمَّا بِأَنْ يُغْضِبَهُ فَيَقْتُلَهُ وَيُرِيحَهُ وَلَا شَيْءَ مِنْ ذَلِكَ يُفِيدُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=30539_30530_30531_30364_30433عَذَابِ الْآخِرَةِ فَإِنَّ مَنْ لَا يَغْلِبُ الْمُعَذِّبَ فَيَدْفَعُهُ وَلَا يَتَخَلَّصُ بِالْإِعْدَامِ فَإِنَّهُ لَا يُقْضَى عَلَيْهِ فَيَمُوتُ ، فَإِذَنِ الصَّبْرُ كَعَدَمِهِ ، لِأَنَّ مَنْ يَصْبِرُ يَدُومُ فِيهِ ، وَمَنْ لَا يَصْبِرُ يَدُومُ فِيهِ . الثَّانِيَةُ : بَيَانُ مَا يَتَفَاوَتُ بِهِ عَذَابُ الْآخِرَةِ عَنْ عَذَابِ الدُّنْيَا ، فَإِنَّ الْمُعَذَّبَ فِي الدُّنْيَا إِنْ صَبَرَ رُبَّمَا انْتَفَعَ بِالصَّبْرِ إِمَّا بِالْجَزَاءِ فِي الْآخِرَةِ ، وَإِمَّا بِالْحَمْدِ فِي الدُّنْيَا ، فَيُقَالُ لَهُ مَا أَشْجَعَهُ وَمَا أَقْوَى قَلْبَهُ ، وَإِنْ جَزِعَ يُذَمُّ ، فَيُقَالُ يَجْزَعُ كَالصِّبْيَانِ وَالنِّسْوَانِ ، وَأَمَّا فِي الْآخِرَةِ لَا مَدْحَ وَلَا ثَوَابَ عَلَى الصَّبْرِ ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=16سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ ) ( سَوَاءٌ ) خَبَرٌ ، وَمُبْتَدَؤُهُ مَدْلُولٌ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=16فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا ) كَأَنَّهُ يَقُولُ : الصَّبْرُ وَعَدَمُهُ سَوَاءٌ ، فَإِنْ قِيلَ يَلْزَمُ الزِّيَادَةُ فِي التَّعْذِيبِ ، وَيَلْزَمُ التَّعْذِيبُ عَلَى الْمَنْوِيِّ الَّذِي لَمْ يَفْعَلْهُ ، نَقُولُ فِيهِ لَطِيفَةٌ ، وَهِيَ أَنَّ الْمُؤْمِنَ بِإِيمَانِهِ اسْتَفَادَ أَنَّ الْخَيْرَ الَّذِي يَنْوِيهِ يُثَابُ عَلَيْهِ ، وَالشَّرَّ الَّذِي يَنْوِيهِ وَلَا يُحَقِّقُهُ لَا يُعَاقَبُ عَلَيْهِ ، وَالْكَافِرُ بِكُفْرِهِ صَارَ عَلَى الضِّدِّ ، فَالْخَيْرُ الَّذِي يَنْوِيهِ وَلَا يَعْمَلُهُ لَا يُثَابُ عَلَيْهِ ، وَالشَّرُّ الَّذِي يَقْصِدُهُ وَلَا يَقَعُ مِنْهُ يُعَاقَبُ عَلَيْهِ وَلَا ظُلْمَ ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَخْبَرَهُ بِهِ ، وَهُوَ اخْتَارَ ذَلِكَ وَدَخَلَ فِيهِ بِاخْتِيَارِهِ ، كَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ : فَإِنَّ مَنْ كَفَرَ وَمَاتَ كَافِرًا أُعَذِّبُهُ أَبَدًا فَاحْذَرُوا ، وَمَنْ آمَنَ أُثِيبُهُ دَائِمًا ، فَمَنِ ارْتَكَبَ الْكُفْرَ وَدَامَ عَلَيْهِ بَعْدَمَا
[ ص: 213 ] سَمِعَ ذَلِكَ ، فَإِذَا عَاقَبَهُ الْمُعَاقِبُ دَائِمًا تَحْقِيقًا لِمَا أَوْعَدَهُ بِهِ لَا يَكُونُ ظَالِمًا .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=17إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ ) عَلَى مَا هُوَ عَادَةُ الْقُرْآنِ مِنْ بَيَانِ
nindex.php?page=treesubj&link=29680_30387حَالِ الْمُؤْمِنِ بَعْدَ بَيَانِ حَالِ الْكَافِرِ ، وَذِكْرُ الثَّوَابِ عَقِيبَ ذِكْرِ الْعِقَابِ لِيَتِمَّ أَمْرُ التَّرْهِيبِ وَالتَّرْغِيبِ ، وَقَدْ ذَكَرْنَا تَفْسِيرَ الْمُتَّقِينَ فِي مَوَاضِعَ ، وَالْجَنَّةُ وَإِنْ كَانَتْ مَوْضِعَ السُّرُورِ ، لَكِنَّ النَّاطُورَ قَدْ يَكُونُ فِي الْبُسْتَانِ الَّذِي هُوَ غَايَةُ الطِّيبَةِ وَهُوَ غَيْرُ مُتَنَعِّمٍ ، فَقَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=17وَنَعِيمٍ ) يُفِيدُ أَنَّهُمْ فِيهَا يَتَنَعَّمُونَ ، كَمَا يَكُونُ الْمُتَفَرِّجُ لَا كَمَا يَكُونُ النَّاطُورُ .