(
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=28وما لهم به من علم إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئا nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=29فأعرض عن من تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا )
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=28وما لهم به من علم إن يتبعون إلا الظن ) وفيما يعود إليه الضمير في ( به ) وجوه :
أحدها : ما نقله
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري وهو أنه عائد إلى ما كانوا يقولون من غير علم .
ثانيها : أنه عائد إلى ما تقدم في الآية المتقدمة من علم ، أي ما لهم بالله من علم فيشركون ، وقرئ " ما لهم بها " . وفيه وجوه أيضا :
أحدها : ما لهم بالآخرة .
وثانيها : ما لهم بالتسمية .
ثالثها : ما لهم بالملائكة ، فإن قلنا (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=102ما له في الآخرة ) [ الشورى : 20] فهو جواب لما قلنا إنهم وإن كانوا يقولون الأصنام شفعاؤنا عند الله وكانوا يربطون الإبل على قبور الموتى ليركبوها ، لكن ما كانوا يقولون به عن علم ، وإن قلنا بالتسمية قد تكون وهو أن العلم بالتسمية حاصل لهم ، فإنهم يعلمون أنهم ليسوا في شك ، إذ التسمية قد تكون وضعا أوليا وهو لا يكون بالظن بل بالعلم بأنه
[ ص: 268 ] وضع ، وقد يكون استعمالا معنويا ، ويتطرق إليه الكذب والصدق والعلم ، مثال الأول : من وضع أولا اسم السماء لموضوعها وقال هذه سماء ، مثال الثاني : إذا قلنا بعد ذلك للماء والحجر هذا سماء ، فإنه كذب ، ومن يعتقده فهو جاهل ، وكذلك قولهم في الملائكة إنها بنات الله ، لم تكن تسمية وضعية ، وإنما أرادوا به أنهم موصوفون بأمر يجب استعمال لفظ البنات فيهم ، وذلك كذب ومعتقده جاهل ، فهذا هو المراد بما ذكرنا أن الظن يتبع في الأمور المصلحية ، والأفعال العرفية أو الشرعية عند عدم الوصول إلى اليقين ، وأما في الاعتقادات فلا يغني الظن شيئا من الحق ، فإن قيل : أليس الظن قد يصيب ، فكيف يحكم عليه بأنه لا يغني أصلا ؟ نقول المكلف يحتاج إلى يقين يميز الحق من الباطل ، ليعتقد الحق ويميز الخير من الشر ليفعل الخير ، لكن في الحق ينبغي أن يكون جازما لاعتقاد مطابقه ، والظان لا يكون جازما ، وفي الخير ربما يعتبر الظن في مواضع ، ويحتمل أن يقال المراد من الحق هو الله تعالى ، ومعناه أن الظن لا يفيد شيئا من الله تعالى ، أي الأوصاف الإلهية لا تستخرج بالظنون يدل عليه قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=6ذلك بأن الله هو الحق ) [ الحج : 6] وفيه لطيفة ، وهي أن
nindex.php?page=treesubj&link=18793الله تعالى في ثلاثة مواضع منع من الظن ، وفي جميع تلك المواضع كان المنع عقيب التسمية ، والدعاء باسم موضعان منها في هذه السورة ، أحدهما : قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=23إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إن يتبعون إلا الظن ) . والثاني : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=28إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئا ) ، والثالث : في الحجرات ، قال الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=11ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=12ياأيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن ) [ الحجرات : 11 12] عقيب الدعاء بالقلب ، وكل ذلك دليل على أن
nindex.php?page=treesubj&link=27140حفظ اللسان أولى من حفظ غيره من الأركان ، وأن
nindex.php?page=treesubj&link=18981الكذب أقبح من السيئات الظاهرة من الأيدي والأرجل ، وهذه المواضع الثلاثة أحدها : مدح من لا يستحق المدح كاللات والعزى من العز . وثانيها : ذم من لا يستحق الذم ، وهم الملائكة الذين هم عباد الرحمن يسمونهم تسمية الأنثى . وثالثها : ذم من لم يعلم حاله ، وأما مدح من حاله لا يعلم ، فلم يقل فيه : لا يتبعون إلا الظن ، بل الظن فيه معتبر ، والأخذ بظاهر حال العاقل واجب .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=29فأعرض عن من تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا ) أي اترك مجادلتهم فقد بلغت وأتيت بما كان عليك ، وأكثر المفسرين يقولون : بأن كل ما في القرآن من قوله تعالى : ( فأعرض ) منسوخ بآية القتل وهو باطل ، فإن الأمر بالإعراض موافق لآية القتال ، فكيف ينسخ به ؟ وذلك لأن
nindex.php?page=treesubj&link=32022النبي صلى الله عليه وسلم كان مأمورا بالدعاء بالحكمة والموعظة الحسنة ، فلما عارضوه بأباطيلهم قيل له (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=125وجادلهم بالتي هي أحسن ) [ النحل : 125] ثم لما لم ينفع ، قال له ربه : فأعرض عنهم ولا تقابلهم بالدليل والبرهان ، فإنهم لا يتبعون إلا الظن ، ولا يتبعون الحق ، وقابلهم بالإعراض عن المناظرة بشرط جواز المقابلة ، فكيف يكون منسوخا ، والإعراض من باب أشكاه والهمزة فيه للسلب ، كأنه قال : أزل العرض ، ولا تعرض عليهم بعد هذا أمرا ، وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=29عن من تولى عن ذكرنا ) لبيان تقديم فائدة العرض والمناظرة ، لأن من لا يصغي إلى القول كيف يفهم معناه ؟ وفي ( ذكرنا ) وجوه :
الأول : القرآن .
الثاني : الدليل والبرهان .
الثالث : ذكر الله تعالى ، فإن من لا ينظر في الشيء كيف يعرف صفاته ؟ وهم كانوا يقولون : نحن لا نتفكر في آلاء الله لعدم تعلقنا بالله ، وإنما أمرنا مع من خلقنا ، وهم الملائكة أو الدهر على اختلاف أقاويلهم وتباين أباطيلهم ، وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=29ولم يرد إلا الحياة الدنيا ) إشارة إلى إنكارهم الحشر ، كما قالوا (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=37إن هي إلا حياتنا الدنيا ) [ المؤمنون : 37] وقال تعالى :
[ ص: 269 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=38أرضيتم بالحياة الدنيا ) [ التوبة : 38] يعني لم يثبتوا وراءها شيئا آخر يعملون له ، فقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=29عن من تولى عن ذكرنا ) إشارة إلى إنكارهم الحشر ، لأنه إذا ترك النظر في آلاء الله تعالى لا يعرفه فلا يتبع رسوله فلا ينفعه كلامه . وإذا لم يقل بالحشر والحساب لا يخاف فلا يرجع عما هو عليه ، فلا يبقى إذن فائدة في الدعاء ، واعلم أن
nindex.php?page=treesubj&link=31031النبي صلى الله عليه وسلم كان طبيب القلوب ، فأتى على ترتيب الأطباء ، وترتيبهم أن الحال إذا أمكن إصلاحه بالغذاء لا يستعملون الدواء ، وما أمكن إصلاحه بالدواء الضعيف لا يستعملون الدواء القوي ، ثم إذا عجزوا عن المداواة بالمشروبات وغيرها عدلوا إلى الحديد والكي ، وقيل آخر الدواء الكي ، فالنبي صلى الله عليه وسلم أولا أمر القلوب بذكر الله فحسب فإن (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=28بذكر الله تطمئن القلوب ) [ الرعد : 28] كما أن بالغذاء تطمئن النفوس ،
nindex.php?page=treesubj&link=24582فالذكر غذاء القلب ، ولهذا قال أولا : قولوا لا إله إلا الله ، أمر بالذكر لمن انتفع مثل أبي بكر وغيره ممن انتفع ، ومن لم ينتفع ذكر لهم الدليل ، وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=184أولم يتفكروا ) [ الأعراف : 184] (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=101قل انظروا ) [ يونس : 101] (
nindex.php?page=tafseer&surano=88&ayano=17أفلا ينظرون ) [ الغاشية : 17] إلى غير ذلك ، ثم أتى بالوعيد والتهديد ، فلما لم ينفعهم قال : أعرض عن المعالجة ، واقطع الفاسد لئلا يفسد الصالح .
تم الجزء الثامن والعشرون ، ويليه الجزء التاسع والعشرون وأوله تفسير قوله تعالى ( ذلك مبلغهم من العلم )
(
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=28وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=29فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا )
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=28وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ ) وَفِيمَا يَعُودُ إِلَيْهِ الضَّمِيرُ فِي ( بِهِ ) وُجُوهٌ :
أَحَدُهَا : مَا نَقَلَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ وَهُوَ أَنَّهُ عَائِدٌ إِلَى مَا كَانُوا يَقُولُونَ مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ .
ثَانِيهَا : أَنَّهُ عَائِدٌ إِلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْآيَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ مِنْ عِلْمٍ ، أَيْ مَا لَهُمْ بِاللَّهِ مِنْ عِلْمٍ فَيُشْرِكُونَ ، وَقُرِئَ " مَا لَهُمْ بِهَا " . وَفِيهِ وُجُوهٌ أَيْضًا :
أَحَدُهَا : مَا لَهُمْ بِالْآخِرَةِ .
وَثَانِيهَا : مَا لَهُمْ بِالتَّسْمِيَةِ .
ثَالِثُهَا : مَا لَهُمْ بِالْمَلَائِكَةِ ، فَإِنْ قُلْنَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=102مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ ) [ الشُّورَى : 20] فَهُوَ جَوَابٌ لِمَا قُلْنَا إِنَّهُمْ وَإِنْ كَانُوا يَقُولُونَ الْأَصْنَامُ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ وَكَانُوا يَرْبُطُونَ الْإِبِلَ عَلَى قُبُورِ الْمَوْتَى لِيَرْكَبُوهَا ، لَكِنْ مَا كَانُوا يَقُولُونَ بِهِ عَنْ عِلْمٍ ، وَإِنْ قُلْنَا بِالتَّسْمِيَةِ قَدْ تَكُونُ وَهُوَ أَنَّ الْعِلْمَ بِالتَّسْمِيَةِ حَاصِلٌ لَهُمْ ، فَإِنَّهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّهُمْ لَيْسُوا فِي شَكٍّ ، إِذِ التَّسْمِيَةُ قَدْ تَكُونُ وَضْعًا أَوَّلِيًّا وَهُوَ لَا يَكُونُ بِالظَّنِّ بَلْ بِالْعِلْمِ بِأَنَّهُ
[ ص: 268 ] وَضْعٌ ، وَقَدْ يَكُونُ اسْتِعْمَالًا مَعْنَوِيًّا ، وَيَتَطَرَّقُ إِلَيْهِ الْكَذِبُ وَالصِّدْقُ وَالْعِلْمُ ، مِثَالُ الْأَوَّلِ : مَنْ وَضَعَ أَوَّلًا اسْمَ السَّمَاءِ لِمَوْضُوعِهَا وَقَالَ هَذِه سَمَاءٌ ، مِثَالُ الثَّانِي : إِذَا قُلْنَا بَعْدَ ذَلِكَ لِلْمَاءِ وَالْحَجَرِ هَذَا سَمَاءٌ ، فَإِنَّهُ كَذِبٌ ، وَمَنْ يَعْتَقِدُهُ فَهُوَ جَاهِلٌ ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُمْ فِي الْمَلَائِكَةِ إِنَّهَا بَنَاتُ اللَّهِ ، لَمْ تَكُنْ تَسْمِيَةً وَضْعِيَّةً ، وَإِنَّمَا أَرَادُوا بِهِ أَنَّهُمْ مَوْصُوفُونَ بِأَمْرٍ يَجِبُ اسْتِعْمَالُ لَفْظِ الْبَنَاتِ فِيهِمْ ، وَذَلِكَ كَذِبٌ وَمُعْتَقِدُهُ جَاهِلٌ ، فَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الظَّنَّ يُتَّبَعُ فِي الْأُمُورِ الْمَصْلَحِيَّةِ ، وَالْأَفْعَالِ الْعُرْفِيَّةِ أَوِ الشَّرْعِيَّةِ عِنْدَ عَدَمِ الْوُصُولِ إِلَى الْيَقِينِ ، وَأَمَّا فِي الِاعْتِقَادَاتِ فَلَا يُغْنِي الظَّنُّ شَيْئًا مِنَ الْحَقِّ ، فَإِنْ قِيلَ : أَلَيْسَ الظَّنُّ قَدْ يُصِيبُ ، فَكَيْفَ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَا يُغْنِي أَصْلًا ؟ نَقُولُ الْمُكَلَّفُ يَحْتَاجُ إِلَى يَقِينٍ يُمَيِّزُ الْحَقَّ مِنَ الْبَاطِلِ ، لِيَعْتَقِدَ الْحَقَّ وَيُمَيِّزَ الْخَيْرَ مِنَ الشَّرِّ لِيَفْعَلَ الْخَيْرَ ، لَكِنَّ فِي الْحَقِّ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ جَازِمًا لِاعْتِقَادِ مُطَابِقِهِ ، وَالظَّانُّ لَا يَكُونُ جَازِمًا ، وَفِي الْخَيْرِ رُبَّمَا يُعْتَبَرُ الظَّنُّ فِي مَوَاضِعَ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ مِنَ الْحَقِّ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى ، وَمَعْنَاهُ أَنَّ الظَّنَّ لَا يُفِيدُ شَيْئًا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ، أَيِ الْأَوْصَافُ الْإِلَهِيَّةُ لَا تُسْتَخْرَجُ بِالظُّنُونِ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=6ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ ) [ الْحَجِّ : 6] وَفِيهِ لَطِيفَةٌ ، وَهِيَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=18793اللَّهَ تَعَالَى فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ مَنَعَ مِنَ الظَّنِّ ، وَفِي جَمِيعِ تِلْكَ الْمَوَاضِعِ كَانَ الْمَنْعُ عَقِيبَ التَّسْمِيَةِ ، وَالدُّعَاءُ بِاسْمٍ مَوْضِعَانِ مِنْهَا فِي هَذِهِ السُّورَةِ ، أَحَدُهُمَا : قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=23إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ ) . وَالثَّانِي : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=28إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا ) ، وَالثَّالِثُ : فِي الْحُجُرَاتِ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=11وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=12يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ ) [ الْحُجُرَاتِ : 11 12] عَقِيبَ الدُّعَاءِ بِالْقَلْبِ ، وَكُلُّ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=27140حِفْظَ اللِّسَانِ أَوْلَى مِنْ حِفْظِ غَيْرِهِ مِنَ الْأَرْكَانِ ، وَأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=18981الْكَذِبَ أَقْبَحُ مِنَ السَّيِّئَاتِ الظَّاهِرَةِ مِنَ الْأَيْدِي وَالْأَرْجُلِ ، وَهَذِهِ الْمَوَاضِعُ الثَّلَاثَةُ أَحَدُهَا : مَدْحُ مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ الْمَدْحَ كَاللَّاتِ وَالْعُزَّى مِنَ الْعِزِّ . وَثَانِيهَا : ذَمُّ مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ الذَّمَّ ، وَهُمُ الْمَلَائِكَةُ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ يُسَمُّونَهُمْ تَسْمِيَةَ الْأُنْثَى . وَثَالِثُهَا : ذَمُّ مَنْ لَمْ يُعْلَمْ حَالُهُ ، وَأَمَّا مَدْحُ مَنْ حَالُهُ لَا يُعْلَمُ ، فَلَمْ يَقُلْ فِيهِ : لَا يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ ، بَلِ الظَّنُّ فِيهِ مُعْتَبَرٌ ، وَالْأَخْذُ بِظَاهِرِ حَالِ الْعَاقِلِ وَاجِبٌ .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=29فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ) أَيِ اتْرُكْ مُجَادَلَتَهُمْ فَقَدْ بَلَّغْتَ وَأَتَيْتَ بِمَا كَانَ عَلَيْكَ ، وَأَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ يَقُولُونَ : بِأَنَّ كُلَّ مَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى : ( فَأَعْرِضْ ) مَنْسُوخٌ بِآيَةِ الْقَتْلِ وَهُوَ بَاطِلٌ ، فَإِنَّ الْأَمْرَ بِالْإِعْرَاضِ مُوَافِقٌ لِآيَةِ الْقِتَالِ ، فَكَيْفَ يُنْسَخُ بِهِ ؟ وَذَلِكَ لِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=32022النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مَأْمُورًا بِالدُّعَاءِ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ، فَلَمَّا عَارَضُوهُ بِأَبَاطِيلِهِمْ قِيلَ لَهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=125وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) [ النَّحْلِ : 125] ثُمَّ لَمَّا لَمْ يَنْفَعْ ، قَالَ لَهُ رَبُّهُ : فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَلَا تُقَابِلْهُمْ بِالدَّلِيلِ وَالْبُرْهَانِ ، فَإِنَّهُمْ لَا يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ ، وَلَا يَتَّبِعُونَ الْحَقَّ ، وَقَابِلْهُمْ بِالْإِعْرَاضِ عَنِ الْمُنَاظَرَةِ بِشَرْطِ جَوَازِ الْمُقَابَلَةِ ، فَكَيْفَ يَكُونُ مَنْسُوخًا ، وَالْإِعْرَاضُ مِنْ بَابِ أَشْكَاهُ وَالْهَمْزَةُ فِيهِ لِلسَّلْبِ ، كَأَنَّهُ قَالَ : أَزِلِ الْعَرْضَ ، وَلَا تُعْرِضْ عَلَيْهِمْ بَعْدَ هَذَا أَمْرًا ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=29عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا ) لِبَيَانِ تَقْدِيمِ فَائِدَةِ الْعَرْضِ وَالْمُنَاظَرَةِ ، لِأَنَّ مَنْ لَا يُصْغِي إِلَى الْقَوْلِ كَيْفَ يَفْهَمُ مَعْنَاهُ ؟ وَفِي ( ذِكْرِنَا ) وُجُوهٌ :
الْأَوَّلُ : الْقُرْآنُ .
الثَّانِي : الدَّلِيلُ وَالْبُرْهَانُ .
الثَّالِثُ : ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى ، فَإِنَّ مَنْ لَا يَنْظُرُ فِي الشَّيْءِ كَيْفَ يَعْرِفُ صِفَاتِهِ ؟ وَهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ : نَحْنُ لَا نَتَفَكَّرُ فِي آلَاءِ اللَّهِ لِعَدَمِ تَعَلُّقِنَا بِاللَّهِ ، وَإِنَّمَا أَمْرُنَا مَعَ مَنْ خَلَقَنَا ، وَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوِ الدَّهْرُ عَلَى اخْتِلَافِ أَقَاوِيلِهِمْ وَتَبَايُنِ أَبَاطِيلِهِمْ ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=29وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ) إِشَارَةٌ إِلَى إِنْكَارِهِمُ الْحَشْرَ ، كَمَا قَالُوا (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=37إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا ) [ الْمُؤْمِنُونَ : 37] وَقَالَ تَعَالَى :
[ ص: 269 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=38أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) [ التَّوْبَةِ : 38] يَعْنِي لَمْ يُثْبِتُوا وَرَاءَهَا شَيْئًا آخَرَ يَعْمَلُونَ لَهُ ، فَقَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=29عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا ) إِشَارَةٌ إِلَى إِنْكَارِهِمُ الْحَشْرَ ، لِأَنَّهُ إِذَا تَرَكَ النَّظَرَ فِي آلَاءِ اللَّهِ تَعَالَى لَا يَعْرِفُهُ فَلَا يَتَّبِعُ رَسُولَهُ فَلَا يَنْفَعُهُ كَلَامُهُ . وَإِذَا لَمْ يَقُلْ بِالْحَشْرِ وَالْحِسَابِ لَا يَخَافُ فَلَا يَرْجِعُ عَمَّا هُوَ عَلَيْهِ ، فَلَا يَبْقَى إِذَنْ فَائِدَةٌ فِي الدُّعَاءِ ، وَاعْلَمْ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=31031النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ طَبِيبَ الْقُلُوبِ ، فَأَتَى عَلَى تَرْتِيبِ الْأَطِبَّاءِ ، وَتَرْتِيبُهُمْ أَنَّ الْحَالَ إِذَا أَمْكَنَ إِصْلَاحُهُ بِالْغِذَاءِ لَا يَسْتَعْمِلُونَ الدَّوَاءَ ، وَمَا أَمْكَنَ إِصْلَاحُهُ بِالدَّوَاءِ الضَّعِيفِ لَا يَسْتَعْمِلُونَ الدَّوَاءَ الْقَوِيَّ ، ثُمَّ إِذَا عَجَزُوا عَنِ الْمُدَاوَاةِ بِالْمَشْرُوبَاتِ وَغَيْرِهَا عَدَلُوا إِلَى الْحَدِيدِ وَالْكَيِّ ، وَقِيلَ آخِرُ الدَّوَاءِ الْكَيُّ ، فَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَّلًا أَمَرَ الْقُلُوبَ بِذِكْرِ اللَّهِ فَحَسْبُ فَإِنَّ (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=28بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ) [ الرَّعْدِ : 28] كَمَا أَنَّ بِالْغِذَاءِ تَطْمَئِنُّ النُّفُوسُ ،
nindex.php?page=treesubj&link=24582فَالذِّكْرُ غِذَاءُ الْقَلْبِ ، وَلِهَذَا قَالَ أَوَّلًا : قُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، أَمَرَ بِالذِّكْرِ لِمَنِ انْتَفَعَ مِثْلُ أَبِي بَكْرٍ وَغَيْرِهِ مِمَّنِ انْتَفَعَ ، وَمَنْ لَمْ يَنْتَفِعْ ذَكَرَ لَهُمُ الدَّلِيلَ ، وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=184أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا ) [ الْأَعْرَافِ : 184] (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=101قُلِ انْظُرُوا ) [ يُونُسَ : 101] (
nindex.php?page=tafseer&surano=88&ayano=17أَفَلَا يَنْظُرُونَ ) [ الْغَاشِيَةِ : 17] إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ ، ثُمَّ أَتَى بِالْوَعِيدِ وَالتَّهْدِيدِ ، فَلَمَّا لَمْ يَنْفَعْهُمْ قَالَ : أَعْرِضْ عَنِ الْمُعَالَجَةِ ، وَاقْطَعِ الْفَاسِدَ لِئَلَّا يُفْسِدَ الصَّالِحَ .
تَمَّ الْجُزْءُ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ ، وَيَلِيهِ الْجُزْءُ التَّاسِعُ وَالْعِشْرُونَ وَأَوَّلُهُ تَفْسِيرُ قَوْلِهِ تَعَالَى ( ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ )