(
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=21وحلوا أساور من فضة )
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=21وحلوا أساور من فضة ) ، وفيه سؤالات :
السؤال الأول : قال تعالى في سورة الكهف : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=31أولئك لهم جنات عدن تجري من تحتهم الأنهار يحلون فيها من أساور من ذهب ) [ الكهف : 31 ] فكيف جعل تلك الأساور ههنا من فضة ؟ ( والجواب ) من ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه لا منافاة بين الأمرين ، فلعلهم يسورون بالجنسين ؛ إما على المعاقبة أو على الجمع كما تفعل النساء في الدنيا .
وثانيها : أن الطباع مختلفة ، فرب إنسان يكون استحسانه لبياض الفضة فوق استحسانه لصفرة الذهب ، فالله تعالى يعطي كل أحد ما تكون رغبته فيه أتم ، وميله إليه أشد .
وثالثها : أن هذه الأسورة من الفضة إنما تكون للولدان ، الذين هم الخدم ، وأسورة الذهب للناس .
السؤال الثاني : السوار إنما يليق بالنساء ، وهو عيب للرجال ، فكيف ذكر الله تعالى ذلك في معرض الترغيب ؟ ( الجواب ) :
nindex.php?page=treesubj&link=30414_30387_30395أهل الجنة جرد مرد شباب ، فلا يبعد أن يحلوا ذهبا وفضة ، وإن كانوا رجالا ، وقيل : هذه الأسورة من الفضة والذهب إنما تكون لنساء أهل الجنة وللصبيان فقط ، ثم غلب في اللفظ جانب التذكير . وفي الآية وجه آخر ، وهو أن آلة أكثر الأعمال هي اليد ، وتلك الأعمال والمجاهدات هي التي يتوسل بها إلى تحصيل المعارف الإلهية والأنوار الصمدية ، فتكون تلك الأعمال جارية مجرى الذهب والفضة التي يتوسل بهما إلى تحصيل المطالب ، فلما كانت تلك الأعمال صادرة من اليد كانت تلك الأعمال جارية مجرى سوار
[ ص: 225 ] الذهب والفضة ، فسميت الأعمال والمجاهدات بسوار الذهب والفضة ، وعبر عن تلك الأنوار الفائضة عن الحضرة الصمدية بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=21وسقاهم ربهم شرابا طهورا ) ، وبالجملة فقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=21وحلوا أساور من فضة ) إشارة إلى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=69والذين جاهدوا فينا ) [ العنكبوت : 69 ] ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=21وسقاهم ربهم شرابا طهورا ) إشارة إلى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=69لنهدينهم سبلنا ) [ العنكبوت : 69 ] فهذا احتمال خطر بالبال ، والله أعلم بمراده .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=21وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ )
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=21وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ ) ، وَفِيهِ سُؤَالَاتٌ :
السُّؤَالُ الْأَوَّلُ : قَالَ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْكَهْفِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=31أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ ) [ الْكَهْفِ : 31 ] فَكَيْفَ جَعَلَ تِلْكَ الْأَسَاوِرَ هَهُنَا مِنْ فِضَّةٍ ؟ ( وَالْجَوَابُ ) مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ :
أَحَدُهَا : أَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ ، فَلَعَلَّهُمْ يُسَوَّرُونَ بِالْجِنْسَيْنِ ؛ إِمَّا عَلَى الْمُعَاقَبَةِ أَوْ عَلَى الْجَمْعِ كَمَا تَفْعَلُ النِّسَاءُ فِي الدُّنْيَا .
وَثَانِيهَا : أَنَّ الطِّبَاعَ مُخْتَلِفَةٌ ، فَرُبَّ إِنْسَانٍ يَكُونُ اسْتِحْسَانُهُ لِبَيَاضِ الْفِضَّةِ فَوْقَ اسْتِحْسَانِهِ لِصُفْرَةِ الذَّهَبِ ، فَاللَّهُ تَعَالَى يُعْطِي كُلَّ أَحَدٍ مَا تَكُونُ رَغْبَتُهُ فِيهِ أَتَمَّ ، وَمَيْلُهُ إِلَيْهِ أَشَدَّ .
وَثَالِثُهَا : أَنَّ هَذِهِ الْأَسْوِرَةَ مِنَ الْفِضَّةِ إِنَّمَا تَكُونُ لَلْوِلْدَانِ ، الَّذِينَ هُمُ الْخَدَمُ ، وَأَسْوِرَةُ الذَّهَبِ لِلنَّاسِ .
السُّؤَالُ الثَّانِي : السُّوَارُ إِنَّمَا يَلِيقُ بِالنِّسَاءِ ، وَهُوَ عَيْبٌ لِلرِّجَالِ ، فَكَيْفَ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ فِي مَعْرِضِ التَّرْغِيبِ ؟ ( الْجَوَابُ ) :
nindex.php?page=treesubj&link=30414_30387_30395أَهْلُ الْجَنَّةِ جُرْدٌ مُرْدٌ شَبَابٌ ، فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُحَلَّوْا ذَهَبًا وَفِضَّةً ، وَإِنْ كَانُوا رِجَالًا ، وَقِيلَ : هَذِهِ الْأَسْوِرَةُ مِنَ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ إِنَّمَا تَكُونُ لِنِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَلِلصِّبْيَانِ فَقَطْ ، ثُمَّ غَلَبَ فِي اللَّفْظِ جَانِبُ التَّذْكِيرِ . وَفِي الْآيَةِ وَجْهٌ آخَرُ ، وَهُوَ أَنَّ آلَةَ أَكْثَرِ الْأَعْمَالِ هِيَ الْيَدُ ، وَتِلْكَ الْأَعْمَالُ وَالْمُجَاهَدَاتُ هِيَ الَّتِي يُتَوَسَّلُ بِهَا إِلَى تَحْصِيلِ الْمَعَارِفِ الْإِلَهِيَّةِ وَالْأَنْوَارِ الصَّمَدِيَّةِ ، فَتَكُونُ تِلْكَ الْأَعْمَالُ جَارِيَةً مَجْرَى الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ الَّتِي يُتَوَسَّلُ بِهِمَا إِلَى تَحْصِيلِ الْمَطَالِبِ ، فَلَمَّا كَانَتْ تِلْكَ الْأَعْمَالُ صَادِرَةً مِنَ الْيَدِ كَانَتْ تِلْكَ الْأَعْمَالُ جَارِيَةً مَجْرَى سِوَارِ
[ ص: 225 ] الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ، فَسُمِّيَتِ الْأَعْمَالُ وَالْمُجَاهَدَاتُ بِسِوَارِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ، وَعَبَّرَ عَنْ تِلْكَ الْأَنْوَارِ الْفَائِضَةِ عَنِ الْحَضْرَةِ الصَّمَدِيَّةِ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=21وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا ) ، وَبِالْجُمْلَةِ فَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=21وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ ) إِشَارَةٌ إِلَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=69وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا ) [ الْعَنْكَبُوتِ : 69 ] ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=21وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا ) إِشَارَةٌ إِلَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=69لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ) [ الْعَنْكَبُوتِ : 69 ] فَهَذَا احْتِمَالٌ خَطَرَ بِالْبَالِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمُرَادِهِ .