قال المصنف  رحمه الله تعالى : ( وفي الحب الذي يخرجه ثلاثة أوجه .    ( أحدها ) : أنه يجوز من كل قوت ; لما روى  أبو سعيد الخدري  قال : { كنا نخرج صاعا من طعام ، أو صاعا من أقط ، أو صاعا من شعير ، أو صاعا من تمر ، أو صاعا من زبيب   } ومعلوم : أن ذلك كله لم يكن قوت أهل المدينة  ، فدل على أنه مخير بين الجميع ، وقال أبو عبيد بن حرب    : تجب من غالب قوته ، وهو ظاهر النص ; لأنه لما وجب أداء ما فضل عن قوته وجب أن تكون من قوته ، وقال أبو العباس   وأبو إسحاق    : تجب من غالب قوت البلد ; لأنه حق يجب في الذمة تعلق بالطعام فوجب من غالب قوت البلد ، كالطعام في الكفارة ، فإن عدل عن قوت البلد إلى قوت بلد آخر نظرت - فإن كان الذي انتقل إليه أجود - أجزأه ، وإن كان دونه لم يجزئه ، فإن كان أهل البلد يقتاتون أجناسا مختلفة ليس بعضها بأغلب  [ ص: 91 ] من بعض ، فالأفضل أن يخرج من أفضلها ; لقوله عز وجل : { لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ،    } ومن أيها أخرج أجزأه . 
وإن كان في موضع قوتهم الأقط ففيه طريقان ، قال  أبو إسحاق    : يجزئه قولا واحدا ; لحديث  أبي سعيد  ، وقال القاضي  أبو حامد :  فيه قولان ( أظهرهما ) : أنه يجزئه للخبر ( والثاني ) : لا يجزئه ; لأنه لا تجب فيه الزكاة فأشبه اللحم ، فإذا قلنا : يجزئه فأخرج اللبن أجزأه ; لأنه أكمل منه ; لأنه يجيء منه الأقط وغيره ، وإن أخرج الجبن جاز ; لأنه مثله ، وإن أخرج المصل لم يجزه ; لأنه أنقص من الأقط ; لأنه لبن منزوع الزبد ، وإن كان في موضع لا قوت فيه أخرج من قوت أقرب البلاد إليه ، فإن كان بقربه بلدان متساويان في القوت أخرج من قوت أيهما شاء ، ولا يجوز في فطرة واحدة أن يخرج من جنسين ; لأن ما خير فيه بين جنسين لم يجز أن يخرج من كل واحد منهما بعضه ككفارة اليمين لا يجوز أن يطعم خمسة ويكسو خمسة ، فإن كان عبد بين نفسين في بلدين قوتهما مختلف ، ففيه ثلاثة أوجه ( أحدها ) : لا يجوز أن يخرج كل واحد من قوته ، بل يخرجان من أدنى القوتين ، وقال  أبو إسحاق    : يجوز أن يخرج كل واحد منهما نصف صاع من قوته ; لأن كل واحد منهما لم يبعض ما وجب عليه ، ( ومن ) أصحابنا من قال : يعتبر فيه قوت العبد أو البلد الذي فيه العبد ; لأنها تجب لحقه ، فاعتبر فيه قوته أو قوت بلده كالحر في حق نفسه ، ولا يجوز إخراج حب مسوس ; لأن السوس أكل جوفه فيكون الصاع منه أقل من صاع ، ولا يجوز إخراج الدقيق . 
وقال أبو القاسم الأنماطي    : يجوز ; لأنه منصوص عليه في حديث  أبي سعيد الخدري  ، والمذهب : أنه لا يجوز ; لأنه ناقص المنفعة عن الحب فلم يجز كالخبز ، ( وأما ) حديث  أبي سعيد    ( فقد ) قال أبو داود    : روى سفيان  الدقيق ووهم فيه ثم رجع ) . 
     	
		
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					