قال المصنف  رحمه الله تعالى ( ثم يروح إلى عرفة  ويقف ، والوقوف ركن من أركان الحج  ، لما روى عبد الرحمن الديلي  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { الحج عرفات  ، فمن أدرك عرفة  قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك الحج   } والمستحب أن يغتسل ، لما روى  نافع  أن  ابن عمر  رضي الله عنهما " كان يغتسل إذا راح إلى عرفة " ولأنه قربة يجتمع لها الخلق في موضع واحد فشرع لها الغسل كصلاة الجمعة والعيد ، ويصح الوقوف في جميع عرفة ، لما روى  ابن عباس  رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { عرفة  كلها موقف   } والأفضل أن يقف عند الصخرات لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم { وقف عند الصخرات وجعل بطن ناقته إلى الصخرات   } ويستحب  [ ص: 123 ] أن يستقبل القبلة لأن النبي صلى الله عليه وسلم استقبل القبلة ، ولأنه إذا لم يكن بد من جهة فجهة القبلة أولى ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال { خير المجالس ما استقبل به القبلة   } ويستحب الإكثار من الدعاء ، وأفضله لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، لما روى  طلحة بن عبيد الله  أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { أفضل الدعاء يوم عرفة  ، وأفضل ما قلته أنا والنبيون من قبلي : لا إله إلا الله وحده لا شريك له   } . ويستحب أن يرفع يديه ، لما روى  ابن عباس   وابن عمر  رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { ترفع الأيدي عند الموقفين ، يعني عرفة  والمشعر الحرام    } وهل الأفضل أن يكون راكبا أم لا ؟ فيه قولان ، قال في الأم : النازل والراكب سواء . وقال في القديم والإملاء : الوقوف راكبا أفضل ، وهو الصحيح ; لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم " وقف راكبا " ولأن الراكب أقوى على الدعاء ، فكان الركوب أولى ، ولهذا كان الإفطار بعرفة  أفضل ; لأن المفطر أقوى على الوقوف والدعاء . 
وأول وقته إذا زالت الشمس ; لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم " وقف بعد الزوال " وقد قال صلى الله عليه وسلم { خذوا عني مناسككم   } وأخر وقته إلى أن يطلع الفجر الثاني لحديث عبد الرحمن الديلي  ، فإن حصل بعرفة  في وقت الوقوف قائما أو قاعدا أو مجتازا فقد أدرك الحج ، لقوله صلى الله عليه وسلم { من صلى هذه الصلاة معنا وقد قام قبل ذلك ليلا أو نهارا ، فقد تم حجه وقضى تفثه   } وإن وقف وهو مغمى عليه لم يدرك الحج ، وإن وقف وهو نائم فقد أدرك الحج لأن المغمى عليه ليس من أهل العبادات ، والنائم من أهل العبادات ، ولهذا لو أغمي عليه في جميع نهار الصوم لم يصح صومه ، وإن نام في جميع النهار صح صومه ، وإن وقف وهو لا يعلم أنه عرفة فقد أدرك لأنه وقف بها وهو مكلف ، فأشبه إذا علم أنها عرفة . والسنة أن يقف بعد الزوال إلى أن تغرب الشمس لما روى  علي  كرم الله وجهه قال { وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة  ثم أفاض حين غابت الشمس   } فإن دفع منها قبل الغروب ; نظرت فإن رجع إليها قبل طلوع الفجر : لم يلزمه شيء لأنه جمع في الوقوف بين الليل والنهار ، فأشبه إذا قام بها إلى أن غربت الشمس ، وإن لم يرجع قبل طلوع الفجر أراق دما . وهل يجب ذلك أو يستحب ؟ فيه قولان ( أحدهما ) يجب ، لما روى  [ ص: 124 ]  ابن عباس  رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { من ترك نسكا فعليه دم ،   } ولأنه نسك يختص بمكان فجاز أن يجب بتركه الدم كالإحرام من الميقات ( والثاني ) أنه يستحب لأنه وقف في أحد زماني الوقوف فلا يلزمه دم للزمان الآخر ، كما لو وقف في الليل دون النهار ) . 
     	
		
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					