قال
المصنف رحمه الله تعالى ( وإن
nindex.php?page=treesubj&link=3890_3871_3902_3517_27697_3891أحصره العدو عن الوقوف أو الطواف أو السعي فإن كان له طريق آخر يمكنه الوصول منه إلى
مكة لم يجز له التحلل قرب أو بعد ، لأنه قادر على أداء النسك ، فلا يجوز له التحلل ، بل يمضي ويتمم النسك ، وإن سلك الطريق الآخر ففاته الحج تحلل بعمل عمرة ، وفي القضاء قولان : ( أحدهما ) يجب عليه . لأنه فاته الحج فأشبه إذا أخطأ الطريق أو أخطأ العدد .
[ ص: 290 ] والثاني ) لا يجب عليه لأنه تحلل من غير تفريط فلم يلزمه القضاء ، كما لو تحلل بالإحصار ، فإن أحصر ولم يكن له طريق آخر جاز له أن يتحلل لقوله عز وجل {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي } ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أحصره المشركون في
الحديبية فتحلل ، ولأنا لو ألزمناه البقاء على الإحرام ربما طال الحصر سنين فتلحقه المشقة العظيمة في البقاء على الإحرام . وقد قال الله عز وجل {
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=78وما جعل عليكم في الدين من حرج } . فإن كان الوقت واسعا فالأفضل أن لا يتحلل ، لأنه ربما زال الحصر وأتم النسك . وإن كان الوقت ضيقا فالأفضل أن يتحلل حتى لا يفوته الحج ، فإن اختار التحلل - نظرت فإن كان واجدا للهدي - لم يجز له أن يتحلل حتى يهدي ، لقوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي } فإن كان في
الحرم ذبح الهدي فيه ، وإن كان في غير
الحرم ولم يقدر على الوصول إلى الحرم ذبح الهدي حيث أحصر ، {
nindex.php?page=hadith&LINKID=29531لأن النبي صلى الله عليه وسلم نحر هديه بالحديبية } ، وهي خارج
الحرم ، وإن قدر على الوصول إلى
الحرم ففيه وجهان .
( أحدهما ) يجوز له أن يذبح في موضعه ، لأنه موضع تحلله فجاز فيه الذبح كما لو أحصر في
الحرم .
( والثاني ) لا يجوز أن يذبح إلا في
الحرم لأنه قادر على الذبح في
الحرم فلا يجوز أن يذبح في غيره كما لو أحصر فيه ، ويجب أن ينوي بالهدي التحلل لأن الهدي قد يكون للتحلل وقد يكون لغيره ، فوجب أن ينوي ليميز بينهما ثم يحلق لما روى
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله عنهما {
nindex.php?page=hadith&LINKID=5616أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج معتمرا فحالت كفار قريش بينه وبين البيت فنحر هديه وحلق رأسه بالحديبية } ( فإن قلنا ) إن الحلق نسك حصل له التحلل بالهدي والنية والحلق ( وإن قلنا ) إنه ليس بنسك حصل له التحلل بالنية والهدي ، وإن كان عادما للهدي ففيه قولان . ( أحدهما ) لا بدل للهدي ، لقوله عز وجل {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي } فذكر الهدي ولم يذكر له بدلا ، ولو كان له بدل لذكره كما ذكره في جزاء الصيد .
( والقول الثاني ) له بدل لأنه دم يتعلق وجوبه بإحرام ، فكان له بدل كدم التمتع ( فإن قلنا ) لا بدل للهدي فهل يتحلل ؟ فيه قولان ( أحدهما ) لا يتحلل حتى يجد الهدي ، لأن الهدي شرط في التحلل ، فلا يجوز التحلل قبله ( والثاني )
[ ص: 291 ] أنه يتحلل لأنا لو ألزمناه البقاء على الإحرام إلى أن يجد الهدي أدى ذلك إلى المشقة .
( فإن قلنا ) له بدل ففي بدله ثلاثة أقوال ( أحدها ) الإطعام ( والثاني ) الصيام ( والثالث ) أنه مخير بين الصيام والإطعام ( وإن قلنا ) إن بدله الإطعام ففي الإطعام وجهان ( أحدهما ) إطعام التعديل ، كالإطعام في جزاء الصيد ، لأنه أقرب إلى الهدي ولأنه يستوفى فيه قيمة الهدي ( والثاني ) إطعام فدية الأذى ، لأنه وجب للترفه فهو كفدية الأذى ( وإن قلنا ) إن بدله الصوم ففي الصوم ثلاثة أوجه ( أحدها ) صوم التمتع لأنه وجب للتحلل كما وجب صوم التمتع للتحلل بين الحج والعمرة في أشهر الحج ( والثاني ) صوم التعديل لأن ذلك أقرب إلى الهدي ، لأنه يستوفي قيمة الهدي ثم يصوم عن كل مد يوما ( والثالث ) صوم فدية الأذى ، لأنه وجب للترفه فهو كصوم فدية الأذى . فإن قلنا : إنه مخير فهو بالخيار بين صوم فدية الأذى وبين إطعامها ، لأنا بينا أنه في معنى فدية الأذى ، فإن أوجبنا عليه الإطعام وهو واجد أطعم وتحلل ، وإن كان عادما له فهل يتحلل أم لا يتحلل حتى يجد الطعام ؟ على القولين كما قلنا في الهدي . وإن أوجبنا الصيام فهل يتحلل قبل أن يصوم ؟ فيه وجهان ( أحدهما ) يتحلل كما لا يتحلل بالهدي حتى يهدي ( والثاني ) يتحلل لأنا لو ألزمناه البقاء على الإحرام إلى أن يفرغ من الصيام أدى إلى المشقة لأن الصوم يطول ، فإذا تحلل - نظرت فإن كان في حج تقدم وجوبه - بقي الوجوب في ذمته ، وإن كان في تطوع لم يجب القضاء لأنه تطوع أبيح له الخروج منه ، فإذا خرج لم يلزمه القضاء كصوم التطوع . وإن كان الحصر خاصا بأن منعه غريمه ففيه قولان ( أحدهما ) لا يلزمه القضاء كما لا يلزمه في الحصر العام ( والثاني ) يلزمه لأنه تحلل قبل الإتمام بسبب يختص به فلزمه القضاء كما لو ضل الطريق ففاته الحج ، وإن أحصر فلم يتحلل حتى فاته الوقوف - نظرت فإن زال العذر وقدر على الوصول - تحلل بعمل عمرة ولزمه القضاء وهدى للفوات ، وإن فاته - والعذر لم يزل - تحلل ولزمه القضاء ، وهدى للفوات ، وهدى للإحصار ، فإن أفسد الحج ثم أحصر تحلل ، لأنه إذا تحلل من الحج الصحيح فلأن يتحلل من الفاسد أولى ، فإن لم يتحلل حتى فاته الوقوف لزمه ثلاثة دماء ، دم الفساد ودم الفوات ودم الإحصار ، ويلزمه قضاء واحد لأن الحج واحد )
قَالَ
الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ( وَإِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=3890_3871_3902_3517_27697_3891أَحْصَرَهُ الْعَدُوُّ عَنْ الْوُقُوفِ أَوْ الطَّوَافِ أَوْ السَّعْيِ فَإِنْ كَانَ لَهُ طَرِيقٌ آخَرُ يُمْكِنُهُ الْوُصُولُ مِنْهُ إلَى
مَكَّةَ لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّحَلُّلُ قَرُبَ أَوْ بَعُدَ ، لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى أَدَاءِ النُّسُكِ ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّحَلُّلُ ، بَلْ يَمْضِي وَيُتَمِّمُ النُّسُكَ ، وَإِنْ سَلَكَ الطَّرِيقَ الْآخَرَ فَفَاتَهُ الْحَجُّ تَحَلَّلَ بِعَمَلِ عُمْرَةٍ ، وَفِي الْقَضَاءِ قَوْلَانِ : ( أَحَدُهُمَا ) يَجِبُ عَلَيْهِ . لِأَنَّهُ فَاتَهُ الْحَجُّ فَأَشْبَهَ إذَا أَخْطَأَ الطَّرِيقَ أَوْ أَخْطَأَ الْعَدَدَ .
[ ص: 290 ] وَالثَّانِي ) لَا يَجِبُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ تَحَلَّلَ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ فَلَمْ يَلْزَمْهُ الْقَضَاءُ ، كَمَا لَوْ تَحَلَّلَ بِالْإِحْصَارِ ، فَإِنْ أُحْصِرَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ طَرِيقٌ آخَرُ جَازَ لَهُ أَنْ يَتَحَلَّلَ لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ } وَلِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْصَرَهُ الْمُشْرِكُونَ فِي
الْحُدَيْبِيَةِ فَتَحَلَّلَ ، وَلِأَنَّا لَوْ أَلْزَمْنَاهُ الْبَقَاءَ عَلَى الْإِحْرَامِ رُبَّمَا طَالَ الْحَصْرُ سِنِينَ فَتَلْحَقُهُ الْمَشَقَّةُ الْعَظِيمَةُ فِي الْبَقَاءِ عَلَى الْإِحْرَامِ . وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=78وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ } . فَإِنْ كَانَ الْوَقْتُ وَاسِعًا فَالْأَفْضَلُ أَنْ لَا يَتَحَلَّلَ ، لِأَنَّهُ رُبَّمَا زَالَ الْحَصْرُ وَأَتَمَّ النُّسُكَ . وَإِنْ كَانَ الْوَقْتُ ضَيِّقًا فَالْأَفْضَلُ أَنْ يَتَحَلَّلَ حَتَّى لَا يَفُوتَهُ الْحَجُّ ، فَإِنْ اخْتَارَ التَّحَلُّلَ - نَظَرْت فَإِنْ كَانَ وَاجِدًا لِلْهَدْيِ - لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَتَحَلَّلَ حَتَّى يُهْدِيَ ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ } فَإِنْ كَانَ فِي
الْحَرَمِ ذَبَحَ الْهَدْيَ فِيهِ ، وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ
الْحَرَمِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْوُصُولِ إلَى الْحَرَمِ ذَبَحَ الْهَدْيَ حَيْثُ أُحْصِرَ ، {
nindex.php?page=hadith&LINKID=29531لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحَرَ هَدْيَهُ بِالْحُدَيْبِيَةِ } ، وَهِيَ خَارِجَ
الْحَرَمِ ، وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْوُصُولِ إلَى
الْحَرَمِ فَفِيهِ وَجْهَانِ .
( أَحَدُهُمَا ) يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَذْبَحَ فِي مَوْضِعِهِ ، لِأَنَّهُ مَوْضِعُ تَحَلُّلِهِ فَجَازَ فِيهِ الذَّبْحُ كَمَا لَوْ أُحْصِرَ فِي
الْحَرَمِ .
( وَالثَّانِي ) لَا يَجُوزُ أَنْ يَذْبَحَ إلَّا فِي
الْحَرَمِ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى الذَّبْحِ فِي
الْحَرَمِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَذْبَحَ فِي غَيْرِهِ كَمَا لَوْ أُحْصِرَ فِيهِ ، وَيَجِبُ أَنْ يَنْوِيَ بِالْهَدْيِ التَّحَلُّلَ لِأَنَّ الْهَدْيَ قَدْ يَكُونُ لِلتَّحَلُّلِ وَقَدْ يَكُونُ لِغَيْرِهِ ، فَوَجَبَ أَنْ يَنْوِيَ لِيُمَيِّزَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ يَحْلِقُ لِمَا رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا {
nindex.php?page=hadith&LINKID=5616أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ مُعْتَمِرًا فَحَالَتْ كُفَّارُ قُرَيْشٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ فَنَحَرَ هَدْيَهُ وَحَلَقَ رَأْسَهُ بِالْحُدَيْبِيَةِ } ( فَإِنْ قُلْنَا ) إنَّ الْحَلْقَ نُسُكٌ حَصَلَ لَهُ التَّحَلُّلُ بِالْهَدْيِ وَالنِّيَّةِ وَالْحَلْقِ ( وَإِنْ قُلْنَا ) إنَّهُ لَيْسَ بِنُسُكٍ حَصَلَ لَهُ التَّحَلُّلُ بِالنِّيَّةِ وَالْهَدْيِ ، وَإِنْ كَانَ عَادِمًا لِلْهَدْيِ فَفِيهِ قَوْلَانِ . ( أَحَدُهُمَا ) لَا بَدَلَ لِلْهَدْيِ ، لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ } فَذَكَرَ الْهَدْيَ وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ بَدَلًا ، وَلَوْ كَانَ لَهُ بَدَلٌ لَذَكَرَهُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ .
( وَالْقَوْلُ الثَّانِي ) لَهُ بَدَلٌ لِأَنَّهُ دَمٌ يَتَعَلَّقُ وُجُوبُهُ بِإِحْرَامٍ ، فَكَانَ لَهُ بَدَلٌ كَدَمِ التَّمَتُّعِ ( فَإِنْ قُلْنَا ) لَا بَدَلَ لِلْهَدْيِ فَهَلْ يَتَحَلَّلُ ؟ فِيهِ قَوْلَانِ ( أَحَدُهُمَا ) لَا يَتَحَلَّلُ حَتَّى يَجِدَ الْهَدْيَ ، لِأَنَّ الْهَدْيَ شَرْطٌ فِي التَّحَلُّلِ ، فَلَا يَجُوزُ التَّحَلُّلُ قَبْلَهُ ( وَالثَّانِي )
[ ص: 291 ] أَنَّهُ يَتَحَلَّلُ لِأَنَّا لَوْ أَلْزَمْنَاهُ الْبَقَاءَ عَلَى الْإِحْرَامِ إلَى أَنْ يَجِدَ الْهَدْيَ أَدَّى ذَلِكَ إلَى الْمَشَقَّةِ .
( فَإِنْ قُلْنَا ) لَهُ بَدَلٌ فَفِي بَدَلِهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ ( أَحَدُهَا ) الْإِطْعَامُ ( وَالثَّانِي ) الصِّيَامُ ( وَالثَّالِثُ ) أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الصِّيَامِ وَالْإِطْعَامِ ( وَإِنْ قُلْنَا ) إنَّ بَدَلَهُ الْإِطْعَامُ فَفِي الْإِطْعَامِ وَجْهَانِ ( أَحَدُهُمَا ) إطْعَامُ التَّعْدِيلِ ، كَالْإِطْعَامِ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ ، لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْهَدْيِ وَلِأَنَّهُ يُسْتَوْفَى فِيهِ قِيمَةُ الْهَدْيِ ( وَالثَّانِي ) إطْعَامُ فِدْيَةِ الْأَذَى ، لِأَنَّهُ وَجَبَ لِلتَّرَفُّهِ فَهُوَ كَفِدْيَةِ الْأَذَى ( وَإِنْ قُلْنَا ) إنَّ بَدَلَهُ الصَّوْمَ فَفِي الصَّوْمِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ ( أَحَدُهَا ) صَوْمُ التَّمَتُّعِ لِأَنَّهُ وَجَبَ لِلتَّحَلُّلِ كَمَا وَجَبَ صَوْمُ التَّمَتُّعِ لِلتَّحَلُّلِ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ( وَالثَّانِي ) صَوْمُ التَّعْدِيلِ لِأَنَّ ذَلِكَ أَقْرَبُ إلَى الْهَدْيِ ، لِأَنَّهُ يَسْتَوْفِي قِيمَةَ الْهَدْيِ ثُمَّ يَصُومُ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا ( وَالثَّالِثُ ) صَوْمُ فِدْيَةِ الْأَذَى ، لِأَنَّهُ وَجَبَ لِلتَّرَفُّهِ فَهُوَ كَصَوْمِ فِدْيَةِ الْأَذَى . فَإِنْ قُلْنَا : إنَّهُ مُخَيَّرٌ فَهُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ صَوْمِ فِدْيَةِ الْأَذَى وَبَيْنَ إطْعَامِهَا ، لِأَنَّا بَيَّنَّا أَنَّهُ فِي مَعْنَى فِدْيَةِ الْأَذَى ، فَإِنْ أَوْجَبْنَا عَلَيْهِ الْإِطْعَامَ وَهُوَ وَاجِدٌ أَطْعَمَ وَتَحَلَّلَ ، وَإِنْ كَانَ عَادِمًا لَهُ فَهَلْ يَتَحَلَّلُ أَمْ لَا يَتَحَلَّلُ حَتَّى يَجِدَ الطَّعَامَ ؟ عَلَى الْقَوْلَيْنِ كَمَا قُلْنَا فِي الْهَدْيِ . وَإِنْ أَوْجَبْنَا الصِّيَامَ فَهَلْ يَتَحَلَّلُ قَبْلَ أَنْ يَصُومَ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ( أَحَدُهُمَا ) يَتَحَلَّلُ كَمَا لَا يَتَحَلَّلُ بِالْهَدْيِ حَتَّى يُهْدِيَ ( وَالثَّانِي ) يَتَحَلَّلُ لِأَنَّا لَوْ أَلْزَمْنَاهُ الْبَقَاءَ عَلَى الْإِحْرَامِ إلَى أَنْ يَفْرُغَ مِنْ الصِّيَامِ أَدَّى إلَى الْمَشَقَّةِ لِأَنَّ الصَّوْمَ يَطُولُ ، فَإِذَا تَحَلَّلَ - نَظَرْت فَإِنْ كَانَ فِي حَجٍّ تَقَدَّمَ وُجُوبُهُ - بَقِيَ الْوُجُوبُ فِي ذِمَّتِهِ ، وَإِنْ كَانَ فِي تَطَوُّعٍ لَمْ يَجِبْ الْقَضَاءُ لِأَنَّهُ تَطَوُّعٌ أُبِيحَ لَهُ الْخُرُوجُ مِنْهُ ، فَإِذَا خَرَجَ لَمْ يَلْزَمْهُ الْقَضَاءُ كَصَوْمِ التَّطَوُّعِ . وَإِنْ كَانَ الْحَصْرُ خَاصًّا بِأَنْ مَنَعَهُ غَرِيمُهُ فَفِيهِ قَوْلَانِ ( أَحَدُهُمَا ) لَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ كَمَا لَا يَلْزَمُهُ فِي الْحَصْرِ الْعَامِّ ( وَالثَّانِي ) يَلْزَمُهُ لِأَنَّهُ تَحَلَّلَ قَبْلَ الْإِتْمَامِ بِسَبَبٍ يَخْتَصُّ بِهِ فَلَزِمَهُ الْقَضَاءُ كَمَا لَوْ ضَلَّ الطَّرِيقَ فَفَاتَهُ الْحَجُّ ، وَإِنْ أُحْصِرَ فَلَمْ يَتَحَلَّلَ حَتَّى فَاتَهُ الْوُقُوفُ - نَظَرْت فَإِنْ زَالَ الْعُذْرُ وَقَدَرَ عَلَى الْوُصُولِ - تَحَلَّلَ بِعَمَلِ عُمْرَةٍ وَلَزِمَهُ الْقَضَاءُ وَهَدَى لِلْفَوَاتِ ، وَإِنْ فَاتَهُ - وَالْعُذْرُ لَمْ يَزَلْ - تَحَلَّلَ وَلَزِمَهُ الْقَضَاءُ ، وَهَدَى لِلْفَوَاتِ ، وَهَدَى لِلْإِحْصَارِ ، فَإِنْ أَفْسَدَ الْحَجَّ ثُمَّ أُحْصِرَ تَحَلَّلَ ، لِأَنَّهُ إذَا تَحَلَّلَ مِنْ الْحَجِّ الصَّحِيحِ فَلَأَنْ يَتَحَلَّلَ مِنْ الْفَاسِدِ أَوْلَى ، فَإِنْ لَمْ يَتَحَلَّلْ حَتَّى فَاتَهُ الْوُقُوفُ لَزِمَهُ ثَلَاثَةُ دِمَاءٍ ، دَمُ الْفَسَادِ وَدَمُ الْفَوَاتِ وَدَمُ الْإِحْصَارِ ، وَيَلْزَمُهُ قَضَاءُ وَاحِدٍ لِأَنَّ الْحَجَّ وَاحِدٌ )