( فرع ) وهو شاة ، وسبق بيانها في آخر باب ما يجب بمحظورات الإحرام ، ولا يجوز العدول عن الشاة إلى صوم ولا إطعام مع وجودها ، ولا يحصل التحلل قبل ذبحها إذا وجدها ، [ ص: 294 ] فإن كان المحصر في الحرم وجب ذبحها فيه وتفرقتها هناك ، وإن كان في غير من تحلل بالإحصار لزمه دم الحرم ولم يمكنه إيصال الهدي وهو الشاة إلى الحرم جاز ذبحه وتفرقته حيث أحصر ويتحلل ، وهكذا الحكم فيما لزمه من دماء المحظورات قبل الإحصار . وكذا ما معه من هدي فكله يذبحه في موضع إحصاره ويفرقه على المساكين هناك ، وإن أمكنه إيصاله إلى الحرم وذبحه فيه ، فالأولى أن يوصله أو يبعثه إليه ، فإن ذبحه في موضع إحصاره ففي إجزائه وجهان ذكرهما المصنف بدليلهما ، وهما مشهوران ( أصحهما ) جوازه .
قال الدارمي وغيره : ولو الحرم فذبح الهدي في موضع آخر غير الحرم لم يجزه ; لأن موضع الإحصار صار في حقه كنفس أحصر في موضع غير الحرم ، هذا كله إذا وجد الهدي بثمن مثله ومعه ثمنه فاضلا عما يحتاج إليه ، فإن لم يجده أو وجده مع من لا يبيعه ، أو يبيعه بأكثر من ثمن مثله في ذلك الموضع وذلك الحال أو بثمن مثله وهو غير واجد للثمن أو واجد وهو محتاج إليه لمؤنة سفره فهل له بدل أم لا ؟ فيه قولان مشهوران ذكرهما المصنف بدليلهما ( أصحهما ) له بدل ، وفي بدله ثلاثة أقوال ( أصحها ) الإطعام ، نص عليه في كتاب الأوسط ( والثاني ) الصيام نص عليه في مختصر الحج ( والثالث ) مخير بينها ، قال الشيخ الشافعي أبو حامد والروياني وغيرهما : هذا الثالث مخرج من فدية الأذى . ( فإن قلنا ) الإطعام ففيه وجهان ( أصحهما ) إطعام بالتعديل ، وتقوم الشاة دراهم ويخرج بقيمتها طعاما ، فإن عجز صام عن كل مد يوما ( الثاني ) إطعام فدية الأذى ، وهو ثلاثة آصع لستة مساكين كما سبق ، ويجيء في كيفية تفرقتها الخلاف السابق في موضعه ( الأصح ) لكل مسكين نصف صاع ، وقيل : يجوز المفاضلة ( وإن قلنا ) هو مخير بين صوم فدية الأذى وإطعامها ، وصومها ثلاثة أيام وإطعام ثلاثة آصع . ودليل الجمع في الكتاب . [ ص: 295 ] وإن قلنا ) بدله الصوم ففيه ثلاثة أقوال مشهورة ذكرها المصنف بدلائلها ( أحدها ) عشرة أيام كالمتمتع ( والثاني ) ثلاثة ( والثالث ) بالتعديل عن كل مد يوما ، ولا مدخل للطعام على هذا القول ، لكن يعتبر به قدر الصيام ، وحيث انكسر بعض مد وجب بسببه صوم يوم كامل ، وقد سبق نظيره في باب محظورات الإحرام . قال الروياني والرافعي : الأصح على الجملة أن بدله الإطعام بالتعديل . فإن عجز صام عن كل مد يوما ، والله أعلم .
قال المصنف والأصحاب : أما فينظر إن كان واجدا للهدي ذبحه ونوى التحلل عند ذبحه ، وهذه النية شرط باتفاق الأصحاب إنما كره وقت التحلل المصنف ثم يحلق ، وهو شرط للتحلل إن قلنا إن الحلق نسك ، وإلا فلا حاجة إليه ، فإن قلنا بالأصح إن الحلق نسك حصل له التحلل بثلاثة أشياء : الذبح والنية والحلق ، وإلا فالذبح والنية ، وهذا كله لا خلاف فيه إلا ما انفرد به الروياني فقال ما ذكرناه ثم قال : وقال بعض أصحابنا بخراسان : في وقت تحلل واجد الهدي قولان ( أحدهما ) هذا ( والثاني ) يجوز أن يتحلل ثم يذبح ، وهذا غلط . وأما إذا فقد الهدي ( فإن قلنا ) لا بدل له ، فهل يتحلل في الحال بالنية والحلق إذا جعلناه نسكا ؟ فيه قولان مشهوران ذكرهما المصنف بدليلهما ( أصحهما ) إذا تحلل في الحال ، فعلى هذا يشترط النية قطعا ، وكذا الحلق إن جعلناه نسكا ( والثاني ) لا يتحلل إلا بذبحه مع النية والحلق .
( وإن قلنا ) للهدي بدل ، فإن قلنا هو الإطعام توقف التحلل عليه ، وعلى النية والحلق إن وجد الإطعام ، فإن فقده فهل يتحلل في الحال ؟ قال المصنف والأصحاب : فيه قولان كما إذا قلنا لا بدل ( الأصح ) يتحلل في الحال ( والثاني ) لا ، حتى يطعم ( وإن قلنا ) بدله الصوم أو مخير واختار [ ص: 296 ] الصوم ، فهل يتحلل في الحال أم لا يتحلل حتى يفرغ من الصوم ؟ فيه خلاف مشهور حكاه المصنف هنا والأكثرون وجهين . وحكاه في التنبيه قولين ( أصحهما ) يتحلل في الحال ، فعلى هذا يحتاج إلى النية بلا خلاف ، وكذا الحلق إن قلنا هو نسك وإلا فالنية وحدها ، والله تعالى أعلم .