ونقل حرب عن أحمد كلاما فيه احتمال إباحة النوح والندب . واختاره الخلال وصاحبه ; لأن واثلة بن الأسقع ، وأبا وائل ، كانا يستمعان النوح ويبكيان . وقال أحمد : إذا ذكرت المرأة مثل ما حكي عن فاطمة ، في مثل الدعاء ، لا يكون مثل النوح . يعني لا بأس به .
وروى البخاري بإسناده عن فاطمة رضي الله عنها أنها قالت : يا أبتاه ، من ربه ما أدناه ، يا أبتاه ، إلى جبريل أنعاه ، يا أبتاه ، أجاب ربا دعاه .
وروي عن علي ، رضي الله عنه أن فاطمة رضي الله عنها أخذت قبضة من تراب قبر النبي صلى الله عليه وسلم فوضعتها على عينها ، ثم قالت :
ماذا على مشتم تربة أحمد أن لا يشم مدى الزمان غواليا صبت علي مصيبة لو أنها
صبت على الأيام عدن لياليا
{ ولعن النبي صلى الله عليه وسلم النائحة والمستمعة } . وقالت أم عطية : { أخذ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم عند البيعة أن لا ننوح } . متفق عليه . وعن أبي موسى ، أن النبي صلى الله عليه وسلم برئ من الصالقة ، والحالقة ، والشاقة . والصالقة : التي ترفع صوتها . وعن ابن مسعود ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { ليس منا من ضرب الخدود ، وشق الجيوب ، ودعا بدعوى الجاهلية } . متفق عليه .
ولأن ذلك [ ص: 214 ] يشبه التظلم والاستغاثة والسخط بقضاء الله ، وفي بعض الآثار : إن أهل البيت إذا دعوا بالويل والثبور ، وقف ملك الموت في عتبة الباب ، وقال : إن كانت صيحتكم علي فإني مأمور ، وإن كانت على ميتكم فإنه مقبور ، وإن كانت على ربكم فالويل لكم والثبور ، وإن لي فيكم عودات ثم عودات . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : { إذا حضرتم الميت ، فقولوا خيرا ; فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون } .


