( 1789 ) مسألة : قال : ( ولا يعطى إلا في الثمانية الأصناف التي سمى الله تعالى    ) يعني قول الله تعالى {    : إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل    } وقد ذكرهم  الخرقي  في موضع آخر ، فنؤخر شرحهم إليه . 
وقد روى زياد بن الحارث الصدائي    . قال : { أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فبايعته . قال : فأتاه رجل فقال : أعطني من الصدقة . فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله لم يرض بحكم نبي ولا غيره في الصدقات ، حتى حكم فيها هو ، فجزأها ثمانية أجزاء ، فإن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك حقك   } . رواه أبو داود    . 
وأحكامهم كلها باقية . وبهذا قال الحسن  والزهري  وأبو جعفر محمد بن علي  وقال الشعبي   ومالك   والشافعي  وأصحاب الرأي : انقطع سهم المؤلفة  بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أعز الله تعالى الإسلام وأغناه عن أن يتألف عليه رجال ، فلا يعطى  [ ص: 280 ] مشرك تالفا بحال . 
قالوا : وقد روي هذا عن  عمر    . ولنا ، كتاب الله وسنة رسوله ; فإن الله تعالى سمى المؤلفة في الأصناف الذين سمى الصدقة لهم ، والنبي صلى الله عليه وسلم قال {   : إن الله تعالى حكم فيها ، فجزأها ثمانية أجزاء . وكان يعطي المؤلفة كثيرا ، في أخبار مشهورة ، ولم يزل كذلك حتى مات   } ، ولا يجوز ترك كتاب الله وسنة رسوله إلا بنسخ ، والنسخ لا يثبت بالاحتمال . 
ثم إن النسخ إنما يكون في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ، لأن النسخ إنما يكون بنص ، ولا يكون النص بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم وانقراض زمن الوحي ، ثم إن القرآن لا ينسخ إلا بقرآن ، وليس في القرآن نسخ كذلك ولا في السنة ، فكيف يترك الكتاب والسنة بمجرد الآراء والتحكم ، أو بقول صحابي أو غيره ، على أنهم لا يرون قول الصحابي حجة يترك لها قياس ، فكيف يتركون به الكتاب والسنة ، قال الزهري    : لا أعلم شيئا نسخ حكم المؤلفة . 
على أن ما ذكروه من المعنى لا خلاف بينه وبين الكتاب والسنة ، فإن الغنى عنهم لا يوجب رفع حكمهم ، وإنما يمنع عطيتهم حال الغنى عنهم ، فمتى دعت الحاجة إلى إعطائهم أعطوا ، فكذلك جميع الأصناف ، إذا عدم منهم صنف في بعض الزمان ، سقط حكمه في ذلك الزمن خاصة ، فإذا وجد عاد حكمه ، كذا هنا . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					