الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 1871 ) فصل : ويكره للمسلم بيع أرضه من ذمي وإجارتها منه ; لإفضائه إلى إسقاط عشر الخارج منها . قال محمد بن موسى : سألت أبا عبد الله ، عن المسلم يؤاجر أرض الخراج من الذمي ؟ قال : لا يؤاجر من الذمي ، إنما عليه الجزية ، وهذا ضرر . وقال في موضع آخر : لأنهم لا يؤدون الزكاة . فإن آجرها منه ذمي ، أو باع أرضه التي لا خراج عليها ذميا ، صح البيع والإجارة .

                                                                                                                                            وهذا مذهب الثوري ، والشافعي ، وشريك ، وأبي عبيد ، وليس عليهم فيها عشر ولا خراج . قال حرب : سألت أحمد عن الذمي يشتري أرض العشر ؟ قال : لا أعلم عليه شيئا ، إنما الصدقة كهيئة مال الرجل ، وهذا المشتري ليس عليه . وأهل المدينة يقولون في هذا قولا حسنا ، يقولون : لا نترك الذمي يشتري أرض العشر . وأهل البصرة يقولون قولا عجيبا . يقولون : يضاعف عليهم .

                                                                                                                                            وقد روي عن أحمد : أنهم يمنعون من شرائها . اختارها الخلال وصاحبه . وهو قول مالك ، وصاحبه . فإن اشتروها ضوعف عليهم العشر ، وأخذ منهم الخمس ; لأن في إسقاط العشر من غلة هذه الأرض إضرارا بالفقراء ، وتقليلا لحقهم ، فإذا تعرضوا لذلك ضوعف عليهم العشر ، كما لو اتجروا بأموالهم إلى غير بلدهم ، ضوعفت عليهم الزكاة ، فأخذ منهم نصف العشر .

                                                                                                                                            وهذا قول أهل البصرة ، وأبي يوسف . ويروى ذلك عن الحسن ، وعبيد الله بن الحسن العنبري . وقال محمد بن الحسن : العشر بحاله . وقال أبو حنيفة : تصير أرض خراج . ولنا ، أن هذه أرض لا خراج عليها ، فلا يلزم فيها الخراج ببيعها ، كما لو باعها مسلما ، ولأنها مال مسلم يجب الحق فيه للفقراء عليه ، فلم يمنع من بيعه للذمي كالسائمة ، وإذا ملكها الذمي فلا عشر عليه فيما يخرج منها ; لأنها زكاة ، فلا تجب على الذمي ، كزكاة السائمة ، وما ذكره يبطل بالسائمة ; فإن الذمي يصح أن يشتريها ، وتسقط الزكاة منها ، وما ذكروه من تضعيف العشر ، تحكم لا نص فيه ، ولا قياس .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية