( 2212 ) فصل : ولا بأس أن يعتمر في السنة مرارا . روي ذلك عن  علي  ،  وابن عمر  ،  وابن عباس  ،  وأنس  ، وعائشة  ،  وعطاء  ،  وطاوس  ، وعكرمة  ،  والشافعي    . وكره العمرة في السنة مرتين الحسن  ،  وابن سيرين  ،  ومالك    . 
وقال  النخعي    : ما كانوا يعتمرون في السنة إلا مرة . ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعله . ولنا ، أن عائشة اعتمرت في شهر مرتين بأمر النبي صلى الله عليه وسلم عمرة مع قرانها ، وعمرة بعد حجها ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما   } . متفق عليه . وقال  علي  رضي الله عنه في كل شهر مرة . 
وكان  أنس  إذا حمم رأسه خرج فاعتمر . رواهما  الشافعي  ، في ( مسنده ) . وقال عكرمة    : يعتمر إذا أمكن الموسى من شعره . وقال  عطاء    : إن شاء اعتمر في كل شهر مرتين . فأما الإكثار من الاعتمار ، والموالاة بينهما  ، فلا يستحب في ظاهر قول السلف الذي حكيناه . وكذلك قال  أحمد    : إذا اعتمر فلا بد من أن يحلق أو يقصر ، وفي عشرة أيام يمكن حلق  [ ص: 91 ] الرأس . فظاهر هذا أنه لا يستحب أن يعتمر في أقل من عشرة أيام . 
وقال في رواية  الأثرم    : إن شاء اعتمر في كل شهر . وقال بعض أصحابنا : يستحب الإكثار من الاعتمار . وأقوال السلف وأحوالهم تدل على ما قلناه ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم ينقل عنهم الموالاة بينهما ، وإنما نقل عنهم إنكار ذلك ، والحق في اتباعهم . قال  طاوس    : الذين يعتمرون من التنعيم ، ما أدري يؤجرون عليها أو يعذبون ؟ قيل له : فلم يعذبون ؟ قال : لأنه يدع الطواف بالبيت ، ويخرج إلى أربعة أميال ويجيء ، وإلى أن يجيء من أربعة أميال قد طاف مائتي طواف ، وكلما طاف بالبيت كان أفضل من أن يمشي في غير شيء . 
وقد اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم أربع عمر في أربع سفرات ، لم يزد في كل سفرة على عمرة واحدة ، ولا أحد ممن معه ، ولم يبلغنا أن أحدا منهم جمع بين عمرتين في سفر واحد معه ، إلا  عائشة  حين حاضت فأعمرها من التنعيم ; لأنها اعتقدت أن عمرة قرانها بطلت ، ولهذا قالت : يا رسول الله ، يرجع الناس بحج وعمرة ، وأرجع أنا بحجة . فأعمرها لذلك . ولو كان في هذا فضل لما اتفقوا على تركه . 
				
						
						
