( 300 ) فصل : وأما طهورية الماء ، فإن الحائض والكافر لا يؤثر غمسهما يديهما في الماء شيئا ; لأن حدثهما لا يرتفع . وأما الجنب فإن لم ينو بغمس يده في الماء رفع الحدث منها فهو باق على طهوريته ; بدليل حديث المرأة التي قالت : غمست يدي في الماء وأنا جنب ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " الماء لا يجنب " . ولأن الحدث لا يرتفع من  [ ص: 136 ] غير نية ، فأشبه غمس الحائض وإن نوى رفع حدثها ، فحكم الماء حكم ما لو اغتسل الجنب فيه للجنابة . 
وقال بعض أصحابنا : إذا نوى رفع الحدث ، ثم غمس يده في الماء ليغترف بها ، صار الماء مستعملا . والصحيح - إن شاء الله - أنه إذا نوى الاغتراف لم يصر مستعملا ; لأن قصد الاغتراف منع قصد غسلها ، على ما بيناه في المتوضئ إذا اغترف من الإناء بعد غسل وجهه . وإن انقطع حيض المرأة ولم تغتسل ، فهي كالجنب ، فيما ذكرنا من التفصيل . وقد اختلف عن  أحمد  في هذا فقال في موضع ، في الجنب والحائض يغمس يده في الإناء : إذا كانا نظيفين ، فلا بأس به . 
وقال في موضع آخر : كنت لا أرى به بأسا ، ثم حدثت عن  شعبة  ، عن  محارب بن دثار  ، عن  ابن عمر  ، وكأني تهيبته . وسئل عن جنب وضع له ماء فأدخل يده ينظر حره من برده  ؟ قال : إن كان إصبعا فأرجو أن لا يكون به بأس ، وإن كانت اليد أجمع فكأنه كرهه . وسئل عن الرجل يدخل الحمام ، وليس معه أحد ، ولا ما يصب به على يده ، أترى له أن يأخذ بفمه ؟ قال : لا ، يده وفمه واحد . وقياس المذهب ما ذكرناه ، وكلام  أحمد  محمول على الكراهة المجردة ; لما فيه من الخلاف . وقال  أبو يوسف    : إن أدخل الجنب يده في الماء لم يفسد ، وإن أدخل رجله فسد ; لأن الجنب نجس ، وعفي عن يده لموضع الحاجة . 
وكره  النخعي  الوضوء بسؤر الحائض    . وقال  جابر بن زيد    . لا يتوضأ به للصلاة . وأكثر أهل العلم لا يرون بسؤرها بأسا ; منهم الحسن   ومجاهد  والزهري   ومالك  والأوزاعي   والثوري   والشافعي   وأبو عبيد    . وقد دللنا على طهارة الجنب والحائض ، والتفريق بين اليد والرجل لا يصح ; لأنهما استويا فيما إذا أصابتهما نجاسة ، فاستويا في الجنابة ، ويحتمل أن نقول به ; لأن اليد يراد بها الاغتراف وقصده هو المانع من جعل الماء مستعملا ، وهذا لا يوجد في الرجل ; لأنها لا يغترف بها ، فكان غمسها بعد إرادة الغسل استعمالا للماء . والله أعلم 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					