الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 172 ) فصل : فإن غسل رأسه بدل مسحه ، فعلى وجهين : أحدهما : لا يجزئه ; لأن الله تعالى أمر بالمسح ، والنبي صلى الله عليه وسلم مسح وأمر بالمسح ; ولأنه أحد نوعي الطهارة ، فلم يجزئ عن النوع الآخر ، كالمسح عن الغسل . والثاني يجزئ ; لأنه لو كان جنبا فانغمس في ماء ينوي الطهارتين ، أجزأه مع عدم المسح ، فكذلك إذا كان الحدث الأصغر منفردا ; ولأن في صفة غسل النبي صلى الله عليه وسلم أنه غسل وجهه ويديه ، ثم أفرغ على رأسه ولم يذكر مسحا ; ولأن الغسل أبلغ من المسح ، فإذا أتى به ينبغي أن يجزئه ، كما لو اغتسل ينوي به الوضوء ، وهذا فيما إذا لم يمر يده على رأسه .

                                                                                                                                            فأما إن أمر يده على رأسه مع الغسل أو بعده أجزأه ; لأنه قد أتى بالمسح . وقد روي عن { معاوية ، أنه توضأ للناس كما رأى النبي صلى الله عليه وسلم توضأ ، فلما بلغ رأسه غرف غرفة من ماء فتلقاها بشماله ، حتى وضعها على وسط رأسه حتى قطر الماء أو كاد يقطر ، ثم مسح من مقدمه إلى مؤخره ، ومن مؤخره إلى مقدمه . } رواه أبو داود . ولو حصل على رأسه ماء المطر ، أو صب عليه إنسان ، ثم مسح عليه يقصد بذلك الطهارة ، أو كان قد صمد للمطر ، أجزأه .

                                                                                                                                            وإن حصل الماء على رأسه من غير قصد أجزأه أيضا ; لأن حصول الماء على رأسه بغير قصد لم يؤثر في الماء ، فمتى وضع يده على ذلك البلل ومسح به فقد مسح بماء غير مستعمل ، فصحت طهارته ، كما لو حصل بقصده . [ ص: 90 ] فإن لم يمسح بيده ، وقلنا إن الغسل يقوم مقام المسح ، نظرنا ; فإن قصد حصول الماء على رأسه أجزأه إذا جرى الماء عليه ، وإلا لم يجزئه . وإن قلنا لم يجزئ الغسل عن المسح ، لم يجزئه بحال .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية