( 2547 ) فصل : والحلق والتقصير نسك في الحج والعمرة  ، في ظاهر مذهب  أحمد  ، وقول  الخرقي  ، وهو قول  مالك  ،  وأبي حنيفة  ،  والشافعي    . وعن  أحمد  أنه ليس بنسك ، وإنما هو إطلاق من محظور كان محرما عليه بالإحرام ، فأطلق فيه عند الحل ، كاللباس والطيب وسائر محظورات الإحرام . 
فعلى هذه الرواية لا شيء على تاركه ، ويحصل الحل بدونه . ووجهها أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالحل من العمرة قبله ، فروى { أبو موسى  ، قال : قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي : بم أهللت ؟ . قلت : لبيك بإهلال كإهلال رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : أحسنت . فأمرني فطفت بالبيت  ، وبين الصفا  والمروة  ، ثم قال لي : أحل   } . متفق عليه . وعن  جابر  ، { أن النبي صلى الله عليه وسلم لما سعى بين الصفا  والمروة  ، قال : من كان منكم ليس معه هدي فليحل ، وليجعلها عمرة   } رواه  مسلم    . وعن سراقة  ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { إذا قدمتم فمن تطوف بالبيت  ، وبين الصفا  والمروة  ، فقد حل ، إلا من كان معه هدي   } . رواه أبو إسحاق الجوزجاني  ، في ( المترجم ) . ولأن ما كان محرما في الإحرام ، إذا أبيح ، كان إطلاقا من محظور ، كسائر محرماته ، والرواية الأولى أصح ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به ، فروى  ابن عمر  ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { من لم يكن معه هدي ، فليطف بالبيت  ، وبين الصفا  والمروة  ، وليقصر ، وليحلل   } . وعن  جابر  ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { أحلوا من إحرامكم بطواف بالبيت  وبين الصفا  والمروة  ، وقصروا   } . وأمره يقتضي الوجوب . ولأن الله تعالى وصفهم به ، بقوله سبحانه : { محلقين رءوسكم ومقصرين    } . ولو لم يكن من المناسك لما وصفهم به ، كاللبس وقتل الصيد ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم  [ ص: 224 ] ترحم على المحلقين ثلاثا ، وعلى المقصرين مرة ، ولو لم يكن من المناسك ، لما دخله التفضيل ، كالمباحات ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فعلوه في جميع حجهم وعمرهم ، ولم يخلوا به ، ولو لم يكن نسكا لما داوموا عليه ، بل لم يفعلوه إلا نادرا ، لأنه لم يكن من عادتهم ، فيفعلوه عادة ، ولا فيه فضل ، فيفعلوه لفضله . وأما أمره بالحل ، فإنما معناه - والله أعلم - الحل بفعله ; لأن ذلك كان مشهورا عندهم ، فاستغني عن ذكره ، ولا يمتنع الحل من العبادة بما كان محرما فيها ، كالسلام من الصلاة . 
				
						
						
