( 315 ) مسألة قال : ( فإن أسبغ بدونهما أجزأه ) معنى الإسباغ  أن يعم جميع الأعضاء بالماء بحيث يجري عليها ; لأن هذا هو الغسل ، وقد أمرنا بالغسل : قال  أحمد    : إنما هو الغسل ليس المسح ، فإذا أمكنه أن يغسل غسلا وإن كان مدا أو أقل من مد ، أجزأه . وهذا مذهب  الشافعي  وأكثر أهل العلم ، وقد قيل : لا يجزئ دون الصاع في الغسل والمد في الوضوء . وحكي هذا  [ ص: 142 ] عن  أبي حنيفة    ; لأنه روي عن  جابر  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { يجزئ من الوضوء مد ، ومن الجنابة صاع   } . والتقدير بهذا يدل على أنه لا يحصل الإجزاء بدونه . 
ولنا ، أن الله تعالى أمر بالغسل وقد أتى به ، فيجب أن يجزئه ، وقد روي عن  عائشة    { أنها كانت تغتسل هي والنبي صلى الله عليه وسلم من إناء واحد ، يسع ثلاثة أمداد ، أو قريبا من ذلك   } رواه  مسلم    . وعن  عبد الله بن زيد ،  أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ بثلثي مد . 
وحديثهم إنما دل بمفهومه . وهم لا يقولون به ، ثم إنه إنما يدل بشرط أن لا يكون للتخصيص فائدة سوى تخصيص الحكم به ، وهاهنا إنما خصه لأنه خرج مخرج الغالب ; لأنه لا يكفي في الغالب أقل من ذلك ، ثم ما ذكرناه منطوق ، وهو مقدم على المفهوم اتفاقا . 
وقد روى  الأثرم  ، عن القعنبي  ، عن  سليمان بن بلال  ، عن عبد الرحمن بن عطاء  ، أنه سمع  سعيد بن المسيب  ، ورجلا من أهل العراق  يسأله عما يكفي الإنسان من غسل الجنابة ؟ فقال  سعيد    : إن لي تورا يسع مدين من ماء ونحو ذلك ، فأغتسل به ، ويكفيني ، ويفضل منه فضل . فقال الرجل : فوالله إني لأستنثر وأتمضمض بمدين من ماء ونحو ذلك . فقال  سعيد بن المسيب    : فبم تأمرني إن كان الشيطان يلعب بك ؟ فقال له الرجل : فإن لم يكفني ، فإني رجل كما ترى عظيم . فقال له  سعيد بن المسيب    : ثلاثة أمداد . فقال : ثلاثة أمداد قليل . فقال له  سعيد  فصاع . وقال  سعيد    : إن لي ركوة أو قدحا ما يسع إلا نصف المد ماء أو نحوه ، ثم أبول ثم أتوضأ وأفضل منه فضلا . قال عبد الرحمن    : فذكرت هذا الحديث الذي سمعت من  سعيد بن المسيب   لسليمان بن يسار  ، فقال سليمان    : وأنا يكفيني مثل ذلك . قال عبد الرحمن    : فذكرت ذلك لأبي عبيدة بن عمار بن ياسر  ، فقال أبو عبيدة    : وهكذا سمعنا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم 
. وقال  إبراهيم النخعي    : إني لأتوضأ من كوز الحب مرتين . 
				
						
						
