( 2619 ) مسألة : قال : ( ومن وطئ قبل رمي جمرة العقبة  ، فقد فسد حجهما ، وعليه بدنة إن كان استكرهها ، ولا دم عليها ) ( 2620 ) وفي هذه المسألة ثلاثة فصول : الفصل الأول ، أن الوطء قبل جمرة العقبة  يفسد الحج ، ولا فرق بين ما قبل الوقوف وبعده . وبهذا قال  مالك  ،  والشافعي    . 
وقال أصحاب الرأي : إن وطئ بعد الوقوف لم يفسد حجه ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { من أدرك عرفة  فقد تم حجه   } . ولأنه أمن الفوات ، فأمن الفساد ، كما بعد التحلل الأول . 
ولنا ، أن رجلا سأل  ابن عباس   وعبد الله بن عمرو  ، فقال : وقعت بأهلي ونحن محرمان . فقالا له : أفسدت حجك . ولم يستفصلوا السائل . رواه  الأثرم    . ولأنه وطء صادف إحراما تاما فأفسده ، كقبل الوقوف ، ويخالف ما بعد التحلل الأول ، فإن الإحرام غير تام ، والمراد من الخبر الأمن من الفوات ، ولا يلزم من أمن الفوات أمن الفساد ، وبدليل العمرة يأمن فواتها ولا يأمن فسادها . قال  أحمد    : لا أعلم أحدا قال : إن حجه تام . 
غير  أبي حنيفة  ، يقول : الحج عرفات  ، فمن وقف بها فقد تم حجه . وإنما هذا مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم : { من أدرك ركعة من الصلاة ، فقد أدرك الصلاة   } . أي أدرك فضل الصلاة ، ولم تفته ، كذلك الحج . إذا ثبت هذا ، فإنه يفسد حجهما جميعا ; لأن الجماع وجد منهما ، وسواء في ذلك الناسي والعامد ، والمستكرهة والمطاوعة ، والمستيقظة ، عالما كان الرجل أو جاهلا . وقال  الشافعي  ، في أحد قوليه : لا يفسد حج الناسي ; لأنه معذور . 
ولنا ، أنه معنى يوجب القضاء ، فاستوت فيه الأحوال كلها كالفوات ، ولا فرق بين ما بعد يوم النحر أو قبله ; لأنه وطئ قبل التحلل الأول ، ففسد حجه ، كما لو وطئ يوم النحر . ( 2621 ) الفصل الثاني ، أنه يلزمه بدنة    . وبهذا قال  مالك  ،  والشافعي    . 
وقال  أبو حنيفة    : إن وطئ قبل الوقوف فسد حجه وعليه شاة ، وإن وطئ بعده لم يفسد حجه ، وعليه بدنة ; لأن الوطء قبل الوقوف معنى يتعلق به وجوب القضاء ، فلم يوجب بدنة ، كالفوات . ولنا ، أنه قد روي عن  عمر   وابن عباس  مثل قولنا ، ولأنه وطء صادف إحراما تاما ، فأوجب البدنة ، كما بعد الوقوف ، ولأن ما يفسد الحج الجناية به أعظم ، فكفارته يجب أن تكون أغلظ . 
وأما الفوات ، فإنهم يوجبون به بدنة ، فكيف يصح القياس عليه ؟  [ ص: 254 ] الفصل الثالث ، أنه لا دم عليها في حال الإكراه    . وهو قول  عطاء  ،  ومالك  ،  والشافعي  ، وإسحاق  ،  وأبي ثور    . 
وقال أصحاب الرأي : عليها دم آخر ; لأنه قد فسد حجها ، فوجبت البدنة ، كما لو طاوعت . ولنا ، أنها كفارة تجب بالجماع ، فلم تجب على المرأة في حال الإكراه ، كما لو وطئ في الصوم . 
				
						
						
