( 2668 ) الفصل الرابع ، أن الجزاء لا يجب إلا بقتل الصيد    ; لأنه الذي ورد به النص بقوله تعالى : { لا تقتلوا الصيد    }   . والصيد ما جمع ثلاثة أشياء  ، وهو أن يكون مباحا أكله ، لا مالك له ، ممتنعا . فيخرج بالوصف الأول كل ما ليس بمأكول لا جزاء فيه ، كسباع البهائم ، والمستخبث من الحشرات ، والطير ، وسائر المحرمات . قال  أحمد    : إنما جعلت الكفارة في الصيد المحلل أكله . 
وقال : كل ما يؤذي إذا أصابه المحرم يؤكل لحمه . وهذا  [ ص: 267 ] قول أكثر أهل العلم ، إلا أنهم أوجبوا الجزاء في المتولد بين المأكول وغيره ، كالسبع المتولد من الضبع والذئب ، تغليبا لتحريم ، قتله ، كما علقوا التحريم في أكله . وقال بعض أصحابنا : في أم حبين جدي . وأم حبين : دابة منتفخة البطن . 
وهذا خلاف القياس ; فإن أم حبين لا تؤكل ، لكونها مستخبثة عند العرب    . حكي أن رجلا من العرب  سئل ما تأكلون ؟ قال : ما دب ودرج ، إلا أم حبين . فقال السائل : ليهن أم حبين العافية . وإنما تبعوا فيها قضية  عثمان  رضي الله عنه فإنه قضى فيها بحلان ، وهو الجدي . والصحيح أنه لا شيء فيها . 
وفي القمل روايتان ، ذكرناهما فيما مضى والصحيح ، أنه لا شيء فيه ; لأنه غير مأكول ، وهو من المؤذيات ، ولا مثل له ولا قيمة . قال  ميمون بن مهران    : كنت عند  عبد الله بن عباس  ، فسأله رجل ، فقال : أخذت قملة فألقيتها ، ثم طلبتها فلم أجدها . فقال  ابن عباس    : تلك ضالة لا تبتغي . 
وقال  القاضي    : إنما الروايتان فيما أزاله من شعره ، فأما ما ألقاه من ظاهر بدنه أو ثوبه ، فلا شيء عليه ، رواية واحدة . ومن أوجب فيه الجزاء قال : أي شيء تصدق به فهو خير . واختلفت الرواية في الثعلب ، فعنه : فيه الجزاء . وبه قال  طاوس  ،  وقتادة  ،  ومالك  ،  والشافعي    . وقال : هو صيد يؤكل ، وفيه الجزاء . 
وعن  أحمد    : لا شيء فيه . وهو قول الزهري  ، وعمرو بن دينار  ، وابن أبي نجيح  ،  وابن المنذر    . واختلف فيه عن  عطاء    ; لأنه سبع ، وقد { نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن كل ذي ناب من السباع   } . وإذا أوجبنا فيه الجزاء ، ففيه شاة ; لأنه روي ذلك عن  عطاء    . واختلفت الرواية في السنور ، أهليا كان أو وحشيا والصحيح أنه لا جزاء فيه . وهو اختيار  القاضي    ; لأنه سبع ، وليس بمأكول . 
وقال  الثوري  ، وإسحاق    : في الوحشي حكومة ، ولا شيء في الأهلي ; لأن الصيد ما كان وحشيا . واختلفت الرواية في الهدهد والصرد ; لاختلاف الروايتين في إباحتهما ، وكل ما اختلف في إباحته يختلف في جزائه ، فأما ما يحرم ، فالصحيح أنه لا جزاء فيه ; لأنه مخالف للقياس ، ولا نص فيه . الوصف الثاني ، أن يكون وحشيا ، وما ليس بوحشي لا يحرم على المحرم ذبحه ولا أكله ، كبهيمة الأنعام كلها ، والخيل ، والدجاج ، ونحوها . لا نعلم بين أهل العلم في هذا خلافا ، والاعتبار في ذلك بالأصل . لا بالحال ، فلو استأنس الوحشي وجب فيه الجزاء ، وكذلك وجب الجزاء في الحمام أهليه ووحشيه ، اعتبارا بأصله . 
ولو توحش الأهلي لم يجب فيه شيء . قال  أحمد  ، في بقرة صارت وحشية : لا شيء فيها ; لأن الأصل فيها الإنسي . وإن تولد من الوحشي والأهلي ولد ، ففيه الجزاء ، تغليبا للتحريم ، كقولنا في المتولد بين المباح والمحرم . واختلفت الرواية في الدجاج السندي ، هل فيه جزاء ؟ على روايتين . وروى مهنا  ، عن  أحمد  ، في البط ، يذبحه المحرم إذا لم يكن صيدا . والصحيح أنه يحرم عليه ذبحه ، وفيه الجزاء ; لأن الأصل فيه الوحشي ، فهو كالحمام . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					