( 496 ) فصل : وإذا طهرت لدون الأربعين اغتسلت  وصلت ، وصامت ، ويستحب أن لا يقربها زوجها قبل الأربعين    . قال  أحمد    : ما يعجبني أن يأتيها زوجها ، على حديث  عثمان بن أبي العاص  ، أنها أتته قبل الأربعين ، فقال لا تقربيني ; ولأنه لا يأمن عود الدم في زمن الوطء ، فيكون واطئا في نفاس ، وهذا على سبيل الاستحباب ، فإنا حكمنا لها بأحكام الطاهرات ولهذا يلزمها أن تغتسل وتصلي ، وتصوم . وإن عاد دمها في مدة الأربعين ففيه روايتان . 
إحداهما ، أنه من نفاسها ، تدع له الصوم والصلاة . نقل عنه أحمد بن القاسم   أنه قال : فإن عاودها الدم قبل الأربعين ، أمسكت عن الصلاة والصوم ، فإن طهرت أيضا اغتسلت وصلت وصامت . وهذا قول  عطاء  ، والشعبي    ; لأنه دم في زمن النفاس ، فكان نفاسا كالأول ، وكما لو اتصل . 
والثانية ، أنه مشكوك فيه ، تصوم وتصلي ، ثم تقضي الصوم احتياطا . وهذه الرواية المشهورة عنه ، نقلها  الأثرم  ، وغيره . ولا يأتيها زوجها ، وإنما ألزمها فعل العبادات في هذا الدم ; لأن سببها متيقن ، وسقوطها بهذا الدم مشكوك فيه ، فلا يزول اليقين بالشك ، وأمرها بالقضاء احتياطا ; لأن وجوب الصلاة والصوم متيقن ، وسقوط الصوم بفعله في هذا الدم مشكوك فيه ، فلا يزول بالشك . 
والفرق بين هذا الدم وبين الزائد على الست والسبع في حق الناسية ، حيث لا يجب قضاء ما صامته فيه مع الشك ، أن الغالب مع عادات النساء ست أو سبع ، وما زاد عليه نادر بخلاف النفاس ; ولأن الحيض يتكرر ، فيشق إيجاب القضاء فيه ، والنفاس بخلافه ، وكذلك الدم الزائد عن العادة في الحيض . وقال  مالك    : إن رأت الدم بعد يومين أو ثلاثة ، فهو نفاس ، وإن تباعد ما بينهما ، فهو حيض . ولأصحاب  الشافعي  وجهان فيما إذا رأت الدم يوما وليلة بعد طهر خمسة عشر يوما : أحدهما ، يكون حيضا ، والثاني ، يكون نفاسا . 
وقال  القاضي  إن رأت الدم  [ ص: 211 ] أقل من يوم وليلة بعد طهر خمسة عشر يوما ، فهو دم فساد تصلي وتصوم ولا تقضي . وهذا قول  أبي ثور    . وإن كان الدم الثاني يوما وليلة ، فالحكم فيه كما قلناه ، من أنها تصوم وتصلي وتقضي الصوم ، ولنا أنه دم صادف زمن النفاس ، فكان نفاسا ، كما لو استمر ، ولا فرق بين قليله وكثيره ; لما ذكرناه من جعله حيضا ، فإنما خالف في العبارة ، فإن حكم الحيض والنفاس واحد ، وأما ما صامته في زمن الطهر ، فلا إعادة عليها فيه . 
				
						
						
