( 706 ) مسألة : قال : ( ثم يقول : ربنا ولك الحمد ، ملء السموات وملء الأرض ، وملء ما شئت من شيء بعد ) وجملته أن يشرع قول ( ربنا ولك الحمد ) في حق كل مصل  ، في المشهور عن  أحمد  ، وهذا قول أكثر أهل العلم ; منهم  ابن مسعود  ،  وابن عمر  ،  وأبو هريرة  ، وبه قال الشعبي  ، وابن سيرين  وأبو بردة  ،  والشافعي  ، وإسحاق  ،  وابن المنذر    . وعن  أحمد  رواية أخرى : لا يقوله المنفرد . فإنه قال في رواية إسحاق  في الرجل يصلي وحده ، فإذا قال : ( سمع الله لمن حمده ) . قال : ( ربنا ولك الحمد ) ؟ فقال : إنما هذا للإمام جمعهما ، وليس هذا لأحد سوى الإمام . 
ووجهه أن الخبر لم يرد به في حقه . فلم يشرع له كقول : ( سمع الله لمن حمده ) . في حق المأموم . وقال  مالك  ،  وأبو حنيفة    : لا يشرع قول هذا في حق الإمام ولا المنفرد ; لما روى  أبو هريرة  ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { إذا قال الإمام : سمع الله لمن حمده . فقولوا : اللهم ربنا ولك الحمد ; فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له   } . متفق عليه . 
ولنا أن  أبا هريرة  قال { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : سمع الله لمن حمده حين يرفع صلبه من الركوع ، ثم يقول وهو قائم : ربنا ولك الحمد   } . وعن  أبي سعيد  ، وابن أبي أوفى  ، رواه  مسلم  ، { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رفع رأسه قال : سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد ملء السماء وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد   } متفق عليه . 
ولأنه حال من أحوال الصلاة ، فيشرع فيه ذكر كالركوع والسجود . وما ذكروه لا حجة لهم فيه ; فإنه إن ترك ذكره في حديثهم ، فقد ذكره في أحاديثنا ، وراويه  أبو هريرة  قد صرح بذكره في روايته الأخرى ، فحديثهم لو انفرد لم يكن فيه حجة ، فكيف نترك به الأحاديث الصحيحة الصريحة ؟ والصحيح أن المنفرد يقول كما يقول الإمام ; { لأن النبي صلى الله عليه وسلم روي عنه أنه قال لبريدة    : يا بريدة    : إذا رفعت رأسك في الركوع ، فقل : سمع الله لمن  [ ص: 301 ] حمده ، ربنا ولك الحمد ملء السماء وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد   } . رواه  الدارقطني    . 
وهذا عام في جميع أحواله ، وقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول ذلك ، رواه  أبو هريرة   وأبو سعيد  ، وابن أبي أوفى  ،  وعلي بن أبي طالب  ، وغيرهم ، وكلها أحاديث صحاح ، ولم تفرق الرواية بين كونه إماما ومنفردا ، ولأن ما شرع من القراءة والذكر في حق الإمام شرع في حق المنفرد ، كسائر الأذكار . 
( 707 ) فصل : والسنة أن يقول : " ربنا ولك الحمد " . بواو ، نص عليه  أحمد  في رواية  الأثرم  ، قال : سمعت أبا عبد الله  يثبت أمر الواو ، وقال : روى فيه الزهري  ثلاثة أحاديث ، عن  أنس  ، وعن  سعيد بن المسيب  ، عن  أبي هريرة  ، وعن سالم  ، عن أبيه ، وفي حديث  علي  الطويل ، وهذا قول  مالك    . ونقل ابن منصور  ، عن  أحمد  ، إذا رفع رأسه من الركوع قال : اللهم ربنا لك الحمد . فإنه لا يجعل فيها الواو ، ومن قال : " ربنا " قال : " ولك الحمد " ، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم نقل عنه أنه قال : " ربنا ولك الحمد " ، كما نقل الإمام ، وفي حديث ابن أبي أوفى    { أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : سمع الله لمن حمده ، اللهم ربنا لك الحمد   } ، وكذلك في حديث بريدة    ; فاستحب الاقتداء به في القولين ، وقال  الشافعي    : السنة أن يقول : ربنا لك الحمد ; لأن الواو للعطف ، وليس هاهنا شيء يعطف عليه . 
ولنا أن السنة الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم ولأن إثبات الواو أكثر حروفا ، ويتضمن الحمد مقدرا ومظهرا ، فإن التقدير : ربنا حمدناك ولك الحمد . فإن الواو لما كانت للعطف ولا شيء هاهنا تعطف عليه ظاهرا ، دلت على أن في الكلام مقدرا ، كقوله : " سبحانك اللهم وبحمدك " ، أي وبحمدك سبحانك ، وكيفما قال جاز ، وكان حسنا ; لأن كلا قد وردت السنة به . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					