( 1130 ) مسألة ; قال : ( وإمامة العبد والأعمى  جائزة ) . هذا قول أكثر أهل العلم . وروي عن عائشة  رضي الله عنها أن غلاما لها كان يؤمها . وصلى  ابن مسعود  ،  وحذيفة  ،  وأبو ذر  وراء أبي سعيد مولى أبي أسيد  ، وهو عبد . وممن أجاز ذلك : الحسن  ، والشعبي  ،  والنخعي  ، والحكم  ،  والثوري  ،  والشافعي  ، وإسحاق  ، وأصحاب الرأي . وكره أبو مجلز  إمامة العبد ، وقال  مالك    : لا يؤمهم إلا أن يكون قارئا وهم أميون . 
ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم : { يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله تعالى   } ، وقال  أبو ذر    : { إن خليلي أوصاني أن أسمع وأطيع ، وإن كان عبدا مجدع الأطراف ، وأن أصلي الصلاة لوقتها ، فإن أدركت القوم وقد صلوا ، كنت أحرزت صلاتك ، وإلا كانت لك نافلة   } . رواه  مسلم    . 
ولأنه إجماع الصحابة ، فعلت عائشة  ذلك وروي أن أبا سعيد مولى أبي أسيد  ، قال : تزوجت وأنا عبد ، فدعوت نفرا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجابوني ، فكان فيهم  أبو ذر  ،  وابن مسعود  ،  وحذيفة  ، فحضرت الصلاة وهم في بيتي ، فتقدم  أبو ذر  ليصلي بهم ، فقالوا له . وراءك ؟ فالتفت إلى  ابن مسعود  ، فقال : أكذلك يا  أبا عبد الرحمن  ؟ قال : نعم . فقدموني ، وأنا عبد ، فصليت بهم . رواه  صالح  في " مسائله " بإسناده ، وهذه قصة مثلها ينتشر ، ولم ينكر ولا عرف مخالف لها ، فكان ذلك إجماعا ، ولأن الرق حق ثبت عليه ، فلم يمنع  [ ص: 13 ] صحة إمامته كالدين ، ولأنه من أهل الأذان للرجال يأتي بالصلاة على الكمال فكان له أن يؤمهم كالحر . 
وأما الأعمى فلا نعلم في صحة إمامته خلافا ، إلا ما حكي عن  أنس  ، أنه قال : ما حاجتهم إليه . وعن  ابن عباس    : أنه قال : كيف أؤمهم وهم يعدلونني إلى القبلة . والصحيح عن  ابن عباس  أنه كان يؤم وهو أعمى ، وعتبان بن مالك  ،  وقتادة   وجابر    . وقال  أنس    : { إن النبي صلى الله عليه وسلم استخلف  ابن أم مكتوم  يؤم الناس وهو أعمى   } رواه أبو داود    . . وعن الشعبي  ، أنه قال {   : غزا النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث عشرة غزوة ، كل ذلك يقدم  ابن أم مكتوم  يصلي بالناس   } . رواه أبو بكر    . ولأن العمى فقد حاسة لا يخل بشيء من أفعال الصلاة ولا بشروطها ، فأشبه فقد الشم . فإذا ثبت هذا فالحر أولى من العبد ، لأنه أكمل منه وأشرف ، ويصلي الجمعة والعيد إماما بخلاف العبد . وقال  أبو الخطاب    : والبصير أولى من الأعمى ; لأنه يستقبل القبلة بعلمه ، ويتوقى النجاسات ببصره . وقال  القاضي    : هما سواء ; لأن الأعمى أخشع ، لأنه لا يشتغل في الصلاة بالنظر إلى ما يلهيه ، فيكون ذلك في مقابلة فضيلة البصير عليه ، فيتساويان . 
والأول أصح ; لأن البصير لو أغمض عينيه كان مكروها ، ولو كان ذلك فضيلة لكان مستحبا ، لأنه يحصل بتغميضه ما يحصله الأعمى ، ولأن البصير إذا غض بصره مع إمكان النظر كان له الأجر فيه ، لأنه يترك المكروه مع إمكانه اختيارا ، والأعمى يتركه اضطرارا فكان أدنى حالا ، وأقل فضيلة . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					