684 - مسألة : والزكاة واجبة في حلي الفضة والذهب إذا بلغ كل واحد منهما المقدار الذي ذكرنا وأتم عند مالكه عاما قمريا . ولا يجوز أن يجمع بين الذهب والفضة في الزكاة ولا أن يخرج أحدهما عن الآخر ولا قيمتهما في عرض أصلا ، وسواء كان حلي امرأة أو حلي رجل ، وكذلك حلية السيف والمصحف والخاتم وكل مصوغ منهما حل اتخاذه أو لم يحل ؟ وقال : بوجوب أبو حنيفة وقال الزكاة في حلي الذهب والفضة : إن كان الحلي لامرأة تلبسه أو تكريه أو كان لرجل يعده لنسائه فلا زكاة في شيء منه ، فإن كان لرجل يعده لنفسه عدة ففيه الزكاة ولا زكاة على الرجل في حلية السيف ، والمنطقة ، المصحف ، والخاتم ؟ وقال مالك : لا زكاة في حلي ذهب ، أو فضة ؟ وجاء في ذلك عن السلف ما قد ذكرناه في الباب الذي قبل هذا عن الشافعي عن إيجابه الزكاة في حلي امرأته . ابن مسعود
وهو عنه في غاية الصحة وروينا من طريق عن محمد بن المثنى عن عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان الثوري عن حماد بن أبي سليمان إبراهيم النخعي عن علقمة قال قالت امرأة : لي حلي ؟ فقال لها : إذا بلغ مائتين ففيه الزكاة ؟ وعن لعبد الله بن مسعود أنه كتب إلى عمر بن الخطاب أبي موسى : مر نساء المسلمين يزكين حليهن - : [ ص: 185 ] ومن طريق عن جرير بن حازم عن أبيه قال : كان عمرو بن شعيب يأمر بالزكاة في حلي بناته ونسائه ؟ ومن طريق عبد الله بن عمرو بن العاص عن حسين المعلم عن عمرو بن شعيب سالم عن أنه كان يأمره بذلك كل عام ؟ وعن عبد الله بن عمر عن عمرو بن شعيب عروة عن عائشة أم المؤمنين قالت : لا بأس بلبس الحلي إذا أعطيت زكاته ؟ وهو قول ، مجاهد ، وعطاء ، وطاوس ، وجابر بن زيد ، وميمون بن مهران وعبد الله بن شداد ، ، وسعيد بن المسيب ، وسعيد بن جبير وذر الهمداني ، واستحبه وابن سيرين الحسن .
قال الزهري : مضت السنة أن في الحلي الزكاة ؟ وهو قول ، ابن شبرمة والأوزاعي ، . والحسن بن حي
وقال : ما كان من حلي يلبس ويعار فلا زكاة فيه ، وما كان من حلي اتخذ ليحرز من الزكاة ففيه الزكاة ؟ وقال الليث ، جابر بن عبد الله : لا زكاة في الحلي ؟ وهو قول وابن عمر أسماء بنت أبي بكر الصديق ; وروي أيضا عن عائشة ، وهو عنهما صحيح ، وهو قول الشعبي ، وعمرة بنت عبد الرحمن ، وأبي جعفر محمد بن علي ; وروي أيضا عن ، طاوس والحسن ، . وسعيد بن المسيب
واختلف فيه قول ، فمرة رأى فيه الزكاة ، ومرة لم يرها قال سفيان الثوري : وهنا قول أبو محمد : إن الزكاة فيه مرة واحدة ، ثم لا تعود فيه الزكاة . أنس
وروينا عن أبي أمامة الباهلي وخالد بن معدان : أن حلية السيف من الكنوز .
وعن إبراهيم النخعي : لا زكاة في قدح مفضض ولا في منطقة محلاة ولا [ ص: 186 ] في سيف محلى . قال وعطاء : أما قول علي فتقسيم غير صحيح ، وما علمنا ذلك التقسيم عن أحد قبله ، ولا تقوم على صحته حجة من قرآن ولا سنة ولا إجماع ، ولا قول صاحب ولا قياس ولا رأي له وجه والعجب أنهم احتجوا في ذلك بأن الزكاة إنما سقطت عن الحلي المتخذ للنساء لأنه مباح لهن ، وكذلك عن المنطقة ، والسيف ، وحلية المصحف ، والخاتم للرجال قال مالك : فكان هذا الاحتجاج عجبا ولقد علم كل مسلم أن الدنانير والدراهم ونقار الذهب والفضة - : مباح اتخاذ كل ذلك للرجال والنساء فينبغي على هذا أن تسقط الزكاة عن كل ذلك ، إن كانت هذه العلة صحيحة ويلزم على هذه العلة أن من أبو محمد - أن تكون فيه الزكاة عقوبة له ، كما أسقط الزكاة عما فيه الزكاة من الذهب والفضة إذا اتخذ منه حلي مباح اتخاذه فإن قالوا : إنه يشبه متاع البيت الذي لا زكاة فيه من الثياب ونحوها ؟ قلنا لهم : فأسقطوا بهذه العلة نفسها - إن صححتموها - الزكاة عن الإبل المتخذة للركوب والسني والحمل والطحن ، وعن البقر المتخذة للحرث ؟ وقبل كل شيء وبعد ، فمع فساد هذه العلة وتناقضها ، من أين قلتم بها ؟ ومن أين صح لكم أن ما أبيح اتخاذه من الحلي تسقط عنه الزكاة ؟ وما هو إلا قولكم جعلتموه حجة لقولكم ولا مزيد ثم أين وجدتم إباحة اتخذ ما لا زكاة فيه - مما لم يبح له اتخاذه ؟ فإن ادعوا في ذلك رواية عن السلف ادعوا ما لا يجدونه وأوجدناهم عن السلف بأصح طريق من طريق اتخاذ المنطقة المحلاة بالفضة والمصحف المحلى بالفضة للرجال دون السرج واللجام ، والمهاميز المحلاة بالفضة في تاريخه [ ص: 187 ] عن البخاري محمد بن إسماعيل عن عبد الله بن محمد المسندي سفيان عن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص عن عمه قال : رأيت على مصعب بن سعد ، سعد بن أبي وقاص ، وطلحة بن عبيد الله خواتيم ذهب ؟ وصح أيضا عن وصهيب . البراء بن عازب
فأسقطوا لهذا ; أو قيسوا حلية السرج واللجام والدرع والبيضة على المنطقة والسيف ; وإلا فلا النصوص اتبعتم ، ولا القياس استعملتم فسقط هذا القول بيقين ؟ وأما قول الزكاة عن خواتيم الذهب للرجال ففاسد أيضا ، لأنه لا يخلو حلي النساء من أن تكون فيه الزكاة أو لا تكون فيه الزكاة ، فإن كانت فيه الزكاة ففي كل حال فيه الزكاة وإن كان لا زكاة فيه فما علمنا على من اتخذ ما لا زكاة فيه ليحرزه من الزكاة زكاة ولو كان هذا لوجب على من الليث أن يزكيها ، وهو لا يقول بهذا ؟ وأما اشترى بدراهمه دارا أو ضيعة ليحرزها من الزكاة فإنه علل ذلك بالنماء . فأسقط الزكاة عن الحلي وعن الإبل ; والبقر والغنم غير السوائم ؟ قال الشافعي : وهذا تعليل فاسد ; لأنه لم يأت به قرآن ولا سنة ولا إجماع ولا نظر صحيح ; وقد علمنا أن الثمار والخضر تنمي ، وهو لا يرى الزكاة فيها وكراء الإبل ، وعمل البقر ينمي ، وهو لا يرى الزكاة فيها والدراهم لا تنمي إذا بقيت عند مالكها ، وهو يرى الزكاة فيها ، والحلي ينمي كراؤه وقيمته ، وهو لا يرى الزكاة فيه ؟ وأما أبو محمد - فأوجب الزكاة في الحلي ، وأسقط الزكاة عن المستعملة من الإبل ، والبقر ، والغنم ; وهذا تناقض واحتج له بعض مقلديه بأن الذهب ، والفضة قبل أن يتخذ حليا كانت فيهما الزكاة ، ثم قالت طائفة : قد سقط عنهما حق الزكاة . [ ص: 188 ] وقال آخرون : لم يسقط ، فوجب أن لا يسقط ما أجمعوا عليه باختلاف ؟ فقلنا : هذه حجة صحيحة ; إلا أنها لازمة لكم في غير السوائم ; لاتفاق الكل على وجوب الزكاة فيها قبل أن تعلف ، فلما علفت اختلفوا في سقوط الزكاة أو تماديها ، فوجب أن لا يسقط ما أجمعوا عليه باختلاف ؟ وقال هذا القائل : وجدنا المعلوفة ننفق عليها ونأخذ منها ، ووجدنا السوائم نأخذ منها ولا ننفق عليها ; والحلي يؤخذ كراؤه وينتفع به ولا ينفق عليه ، فكان أشبه بالسوائم منه بالمعلوفة ؟ فقيل له : والسائمة أيضا ينفق عليها أجر الراعي . وهذه كلها أهواس وتحكم في الدين بالضلال ؟ قال أبو حنيفة : واحتج من رأى أبو محمد بآثار واهية ، لا وجه للاشتغال بها ، إلا أننا ننبه عليها تبكيتا للمالكيين المحتجين بمثلها وبما هو دونها إذا وافق تقليدهم وهي - : خبر رويناه من طريق إيجاب الزكاة في الحلي عن خالد بن الحارث الحسين المعلم عن عن أبيه عن جده { عمرو بن شعيب } . [ ص: 189 ] أن امرأة دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي يدها مسكتان غليظتان من ذهب فقال لها : أتؤدين زكاة هذا ؟ قالت : لا ، قال : أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار ؟ فألقتهما ، وقالت : هما لله ولرسوله
والمالكيون يحتجون برواية عن أبيه عن جده إذا وافق أهواءهم ، ولم يروه هاهنا حجة ؟ - : وخبر من طريق عمرو بن شعيب عتاب عن ثابت بن عجلان عن عن { عطاء قالت كنت ألبس أوضاحا لي من ذهب ، فقلت : يا رسول الله أكنز هو ؟ قال : ما بلغ أن تؤدى زكاته فزكي فليس بكنز أم سلمة أم المؤمنين } . [ ص: 190 ] وعتاب مجهول ، إلا أن المالكيين يحتجون بمثل حرام بن عثمان ، وسوار بن مصعب ، وهذا خير منه ؟ - : ومن طريق يحيى بن أيوب عن عبيد الله بن أبي جعفر : أن - أخبره [ عن ] محمد بن عمرو هو ابن عطاء عبد الله بن شداد بن الهاد قال : { فقالت دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى في يدي سخابا من ورق فقال : أتؤدين زكاته ؟ قلت : لا ، أو ما شاء الله تعالى ، فقال : هو حسبك من النار عائشة أم المؤمنين } . قال دخلنا على : أبو محمد يحيى بن أيوب ضعيف ، والمالكيون يحتجون بروايته ، إذا وافق أهواءهم .
ونقول للحنفيين : أنتم قد تركتم رواية في غسل الإناء من ولوغ الكلب سبعا من أجل أنكم رويتم من طريق لا خير فيها أنه خالف ما روي من ذلك لا حجة لكم في ترك ذلك الخبر الثابت إلا بهذا ، ثم أخذتم براوية أبي هريرة هذه التي لا تصح ; وهي قد خالفته من أصح طريق ، فما هذا التلاعب بالدين ؟ فإن قالوا : قد روي عنها الأخذ بما روت من هذا ؟ قلنا لهم : وقد صح عن عائشة الأخذ بما روى في غسل الإناء من ولوغ الكلب ؟ فإن قالوا : قد روى زكاة الحلي كما أوردتم غير أبي هريرة ، وهو عائشة . قلنا لهم : وقد روى غسل الإناء من ولوغ الكلب سبعا غير عبد الله بن عمرو ، وهو أبي هريرة ; وهذا ما لا انفكاك لهم منه ؟ قال عبد الله بن مغفل : لو لم يكن إلا هذه الآثار لما قلنا بوجوب الزكاة في الحلي ; [ ص: 191 ] ولكن لما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم { أبو محمد } { في الرقة ربع العشر } وكان الحلي ورقا وجب فيه حق الزكاة ، لعموم هذين الأثرين الصحيحين ؟ وأما الذهب فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم { وليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة فإذا بلغ مائتي درهم ففيها خمسة دراهم ما من صاحب ذهب لا يؤدي ما فيها إلا جعل له يوم القيامة صفائح من نار يكوى بها } فوجبت الزكاة في كل ذهب بهذا النص ، وإنما تسقط الزكاة من الذهب عمن لا بيان في هذا النص بإيجابها فيه ; وهو العدد والوقت ، لإجماع الأمة كلها - بلا خلاف منها أصلا - على أنه عليه الصلاة والسلام لم يوجب الزكاة في كل عدد من الذهب ، ولا في كل وقت من الزمان ، فلما صح ذلك ولم يأت نص في العدد والوقت وجب أن لا يضاف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ما صح عنه بنقل آحاد أو بنقل إجماع ; ولم يأت إجماع قط بأنه عليه الصلاة والسلام لم يرد إلا بعض أحوال الذهب وصفاته ، فلم يجز تخصيص شيء من ذلك بغير نص ولا إجماع ؟ فإن قيل : فهلا أخذتم بقول في الحلي بهذا الدليل نفسه ، فلم توجبوا فيه الزكاة إلا مرة واحدة في الدهر ؟ قلنا لهم : لأنه قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم إيجاب الزكاة في الذهب عموما ، ولم يخص الحلي منه بسقوط الزكاة فيه ، لا بنص ولا بإجماع ، فوجبت الزكاة بالنص في كل ذهب وفضة ، وخص الإجماع المتيقن بعض الأعداد منهما وبعض الأزمان ، فلم تجب الزكاة فيهما إلا في عدد أوجبه نص أو إجماع وفي زمان أوجبه نص أو إجماع ، ولم يجز تخصيص شيء منهما ; إذ قد عمهما النص ; فوجب أن لا يفرق بين أحوال الذهب بغير نص ولا إجماع ، وصح يقينا - بلا خلاف - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوجب الزكاة في الذهب والفضة كل عام ، والحلي فضة أو ذهب ، فلا يجوز أن يقال " إلا الحلي " بغير نص في ذلك ولا إجماع - وبالله تعالى التوفيق . [ ص: 192 ] أنس
وأما فإن الجمع بين الفضة والذهب في الزكاة ، مالكا ، وأبا يوسف ، قالوا : من كان معه من الدراهم والدنانير ما إذا حسبهما على أن كل دينار بإزاء عشرة دراهم فاجتمع من ذلك عشرون دينارا أو مائتا درهم - زكى الجميع زكاة واحدة ، مثل أن يكون له دينار ومائة وتسعون درهما ، أو عشرة دراهم وتسعة عشر دينارا أو عشرة دنانير ومائة درهم وعلى هذا الحكم أبدا . فإن كان له أقل من ذلك فلا زكاة عليه ، ولم يلتفتوا إلى غلاء قيمة الدنانير ، أو الدراهم أو رخصها - وهو قول ومحمد بن الحسن الأول ؟ ثم رجع فقال : يجمع بينهما بالقيمة ، فإذا بلغ قيمة ما عنده منهما جميعا عشرين دينارا أو مائتي درهم فعليه الزكاة ، وإلا فلا ، فيرى على من عنده دينار واحد يساوي - لغلاء الذهب - مائتي درهم غير درهم وعنده درهم واحد - : أن الزكاة واجبة عليه ، ولم ير على من عنده تسعة عشر دينارا ومائتي درهم غير درهم - لا تساوي دينارا - زكاة وقال أبي حنيفة ; ابن أبي ليلى وشريك ; ، والحسن بن حي ، والشافعي : لا يضم ذهب إلى ورق أصلا ; لا بقيمة ولا على الأجزاء ، فمن عنده مائتا درهم غير حبة وعشرون دينارا غير حبة - : فلا زكاة عليه فيهما ، فإن كمل أحدهما نصابا زكاه ولم يزك الآخر ؟ قال وأبو سليمان : واحتج من رأى الجمع بينهما بأنهما أثمان الأشياء ؟ قال أبو محمد : فيقال له : والفلوس قد تكون أثمانا أيضا ، فزكها على هذا الرأي الفاسد . علي
والأشياء كلها قد يباع بعضها ببعض ، فتكون أثمانا ، فزك العروض بهذه العلة وأيضا : فمن لكم بأنهما لما كانا أثمانا للأشياء وجب ضمهما في الزكاة ؟ فهذه علة لم يصححها قرآن ، ولا سنة ، ولا رواية فاسدة ، ولا إجماع ، ولا قول صاحب ، ولا [ ص: 193 ] قياس يعقل ، ولا رأي سديد وإنما هي دعوى في غاية الفساد ؟ وأيضا : فإذ صححتموها فاجمعوا بين الإبل والبقر في الزكاة ، لأنهما يؤكلان وتشرب ألبانهما ، ويجزئ كل واحد منهما عن سبعة في الهدي نعم ، واجمعوا بينهما وبين الغنم في الزكاة ، لأنها كلها تجوز في الأضاحي وتجب فيها الزكاة فإن قيل : النص فرق بينهما ؟ قلنا : والنص فرق بين الذهب ، والفضة في الزكاة ، لا يخلو الذهب ، والفضة من أن يكونا جنسا واحدا أو جنسين ، فإن كانا جنسا واحدا فحرموا بيع أحدهما بالآخر متفاضلا ، وإن كانا جنسين فالجمع بين الجنسين لا يجوز ، إلا بنص وارد في ذلك ويلزمهم ، وهم لا يقولون هذا ، لأنهما قوتان حلوان فظهر فساد هذا القول بيقين ؟ وأيضا : فيلزم من رأى الجمع بينهما بالقيمة أن يزكي في بعض الأوقات دينارا أو درهما فقد شاهدنا الدينار يبلغ الجمع بين التمر ، والزبيب في الزكاة بالأندلس أزيد من مائتي درهم ، وهذا باطل شنيع جدا ويلزم من رأى الجمع بينهما بتكامل الأجزاء أنه إن كان الذهب رخيصا أو غاليا فإنه يخرج الذهب عن الذهب ، والفضة بالقيمة .
أو تخرج الفضة عن الذهب والفضة بالقيمة وهذا ضد ما جمع به بينهما ، فمرة راعى القيمة لا الأجزاء ، ومرة راعى الأجزاء لا القيمة ، في زكاة واحدة وهذا خطأ بيقين ولا فرق بين هذا القول وبين من قال : بل أجمع الذهب مع الفضة بالقيمة وأخرج عنهما أحدهما بمراعاة الأجزاء ; وكلاهما تحكم بالباطل ؟ وأيضا : فيلزمه إذا اجتمع له ذهب وفضة تجب فيهما عنده الزكاة - وكان الدينار قيمته أكثر من عشرة دراهم - فإنه إن أخرج ذهبا عن كليهما فإنه يخرج ربع دينار وأقل عن زكاة عشرين دينارا ، وهذا باطل عندهم ، وإن أخرج دراهم عن كليهما - وكان [ ص: 194 ] الدينار لا يساوي إلا أقل من عشرة دراهم - وجب أن يخرج أكثر من عشرة دراهم عن مائتي درهم ، وهذا باطل بإجماع ؟ فإن قالوا : إنكم تجمعون بين الضأن والماعز في الزكاة ، وهما نوعان مختلفان ؟ قلنا نعم ، لأن الزكاة جاءت فيهما باسم يجمعهما ، وهو لفظ " الغنم " " والشاء " ولم تأت الزكاة في الذهب ، والفضة بلفظ يجمعهما ولو لم تأت الزكاة في الضأن إلا باسم " الضأن " ولا في الماعز إلا باسم " الماعز " لما جمعنا بينهما ، كما لم نجمع بين البقر ، والإبل ولو جاءت الزكاة في الذهب ، والفضة بلفظ واسم جمع بينهما لجمعنا بينهما ؟ قال : وهم مجمعون على أن الذهب غير الفضة ، وأنه يجوز بيع درهم من أحدهما بمائة من الآخر ، وأن أحدهما حلال للنساء والرجال ، والآخر حلال للنساء حرام على الرجال ، وهم مقرون أن الزكاة لا تجب في أقل من مائتي درهم ، ولا في أقل من عشرين دينارا ثم يوجبونها في عشرة دنانير ومائة درهم وهذا تناقض لا خفاء به ؟ قال أبو محمد : وحجتنا في أنه لا يحل الجمع بينهما في الزكاة هو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : { أبو محمد } فكان من جمع بين الذهب ، والفضة قد أوجب الزكاة في أقل من خمس أواق وهذا خلاف مجرد لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وشرع لم يأذن الله تعالى به ; وهم يصححون الخبر في ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة ثم يوجبونها في أقل . إسقاط الزكاة في أقل من عشرين دينارا
وهذا عظيم جدا وقد صح عن ، علي ، وعمر : وابن عمر ، ولا مخالف لهم من الصحابة رضي الله عنهم - وبالله تعالى التوفيق . إسقاط الزكاة في أقل من مائتي درهم
وأما ، فإن إخراج الذهب عن الورق ، والورق عن الذهب ، مالكا [ ص: 195 ] أجازاه ومنع منه وأبا حنيفة ، الشافعي ، وبه نأخذ ; لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { وأبو سليمان } فمن أخرج غير ما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإخراجه فقد تعدى حدود الله . { في الرقة ربع العشر ، وفي مائتي درهم خمسة دراهم ومن يطع الرسول فقد أطاع الله } . { ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه } . ولم يأت بما أمر ، ومن لم يأت بما أمر فلم يزك ؟
( وأما الذهب فالأمة كلها مجمعة على أنه إن أخرج في زكاتها الذهب ) فقد أدى ما عليه ، ووافق ما أمره به رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ واختلفوا فيمن ، أو غير ما جاء به النص ( عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ) فيما عداهما فلا يجوز أن ينسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حكما بغير نص ولا إجماع - وبالله تعالى التوفيق . أخرج فضة عن ذهب ، أو عرضا عن أحدهما