. ( قال ) يرمل في الثلاثة الأول في كل شوط منها من الحجر الأسود إلى الحجر الأسود  فالحاصل أن كل طواف بعده سعي فالرمل في الثلاثة الأول منها سنة ، وكل طواف ليس بعده سعي فلا رمل فيه ، والرمل هو الاضطباع ، وهز الكتفين ، وهو أن يدخل أحد جانبي ردائه تحت إبطه ، ويلقيه على المنكب الآخر ، ويهز الكتفين في مشيه كالمبارز الذي يتبختر بين الصفين ، وكان  ابن عباس  رضي الله عنه يقول : لا رمل في الطواف ، وإنما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم إظهارا للجلادة للمشركين على ما روي { أن في عمرة القضاء لما أخلوا له البيت  ثلاثة أيام وصعدوا الجبل طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أصحابه فسمع بعض المشركين يقول لبعض : أضناهم حمى يثرب ، فاضطبع رسول الله صلى الله عليه وسلم رداءه فرمل فقال لأصحابه رضوان الله عليهم أجمعين : رحم الله امرأ أرى من نفسه قوة وجلدا   } فإذا كان ذلك لإظهار الجلادة يومئذ ، وقد انعدم ذلك المعنى الآن فلا معنى للرمل ، والمذهب عندنا أن الرمل سنة لحديث  جابر   ، وابن عمر  رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم { طاف يوم النحر في حجة الوداع فرمل في الثلاثة الأول ، ولم يبق المشركون بمكة  عام حجة الوداع   } . 
وروي { أن  عمر بن الخطاب  رضي الله عنه لما أراد الرمل في طوافه فقال : علام أهز كتفي ، وليس هنا أحد أرائيه ، ولكنني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله فأفعله اتباعا له   } . وأكثر ما فيه أن سببه ما ذكر  ابن عباس  رضي الله عنه ولكنه صار سنة بذلك السبب فيبقى بعد زواله كرمي الجمار سببه رمي الخليل  صلوات الله عليه الشيطان ، ثم بقي بعد زوال ذلك السبب ، والرمل من  [ ص: 11 ] الحجر الأسود إلى الحجر الأسود عندنا . 
وقال  سعيد بن جبير  رضي الله عنه لا رمل بين الركن اليماني والحجر وإنما الرمل من الحجر إلى الركن اليماني 
وروي في بعض الآثار أن النبي صلى الله عليه وسلم { كان يرمل من الحجر الأسود إلى الركن اليماني ; لأن المشركين كانوا يطلعون عليه فإذا تحول إلى الجانب الآخر حال البيت  بينه وبينهم فكان لا يرمل   } . وبهذا أخذ  سعيد بن جبير   وعطاء  رحمهما الله تعالى ، ولكنا نأخذ بحديث  جابر   وابن عمر  رضي الله عنهما { أن النبي صلى الله عليه وسلم رمل في الثلاثة الأول من الحجر إلى الحجر   } 
( قال ) وإن زحمك الناس في رملك فقم فإذا وجدت مسلكا فارمل    ; لأنه تعذر عليه إقامة السنة في الطواف للزحام فليصبر حتى يتمكن من إقامة السنة كالمزحوم يوم الجمعة يصبر حتى يتمكن من السجود ، وتطوف الأربعة الأشواط الأخر مشيا على هينتك على هذا اتفق رواة نسك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكلما مررت بالحجر الأسود في طوافك هذا فاستلمه إن استطعت من غير أن تؤذي مسلما فإن لم تستطع فاستقبله وكبر وهلل ; لأن أشواط الطواف كركعات الصلوات فكما تفتتح كل ركعة تقوم إليها بالتكبير فكذلك تفتتح كل شوط باستلام الحجر ، وإن افتتحت به الطواف ، وختمته به أجزأك كما في الصلوات فترك تكبيرات الانتقال لا يمنع الجواز فكذلك لا بأس بترك استلام الحجر عند افتتاح كل شوط فإذا كان افتتاحه للطواف باستلام الحجر ، وختمه بذلك ففيما بين ذلك يجعل كالمستلم حكما . 
				
						
						
