الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال ) وإذا حلق المحرم رأس محرم آخر فإن فعله بأمره فعلى المحلوق دم ; لأن فعل الغير بأمره كفعله بنفسه ، ومعنى الراحة والزينة له متحقق فيلزمه دم ، وعلى الحالق رأسه صدقة لما بينا أنه جان في أصل فعله ، وإن حلق بغير أمره بأن كان المحرم نائما فجاء ، وحلق رأسه أو أكرهه على ذلك فعلى المحلوق رأسه دم عندنا ، ولا شيء عليه عند الشافعي رحمه الله تعالى بناء على أصله أن الإكراه يخرج المكره من أن يكون مؤاخذا بحكم الفعل ، والنوم أبلغ من الإكراه ; لأن الإكراه يفسد قصده ، وبالنوم ينعدم القصد أصلا ، وعندنا بسبب الإكراه والنوم ينتفي عنه الإثم ، ولكن لا ينتفي حكم الفعل إذا تقرر سببه ، والسبب هنا ما نال من الراحة والزينة بإزالة التفث عن بدنه ، وذلك حصل له فيلزمه الدم . ولا يتخير هنا بين أجناس الكفارات الثلاث بخلاف المضطر ; لأن هناك العذر سماوي وجد ممن له الحق ، وهنا العذر بسبب وجد من جهة العباد فيؤثر في إسقاط الذنب ، ولا يخرج به الدم من أن يكون متعينا عليه ثم لا يرجع المحلوق رأسه بهذا الدم على الحالق ، وقال بعض العلماء : يرجع به ; لأنه هو الذي أوقعه في هذه العهدة ، وألزمه هذا الغرم ، ولكنا نقول إنما لزمه ذلك لمعنى الراحة والزينة ، وهو حاصل له فلا يرجع به على غيره كما لا يرجع المغرور بالعقر ; لأنه بمقابلة اللذة الحاصلة له بالوطء والجواب في قص الأظفار هنا كالجواب في الحلق

التالي السابق


الخدمات العلمية