ص ( فصل يجب بالسنة صاع أو جزؤه ) ش لما فرغ - رحمه الله - من الكلام على زكاة الأموال أتبع ذلك بالكلام على زكاة الأبدان ، وهي زكاة الفطر وسميت بذلك لوجوبها بسبب الفطر ويقال  [ ص: 365 ] لها صدقة الفطر  وبه عبر  ابن الحاجب  ، قال بعضهم : كأنها من الفطرة بمعنى الخلقة وكأنه يعني أنها متعلقة بالأبدان ويمكن أن يوجه بكونها تجب بالفطر كما تقدم ، واختلف في حكمها فالمشهور من المذهب أنها واجبة لحديث الموطإ عن  ابن عمر    { فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر من رمضان   } ، وقيل : سنة ، وحمل قوله فرض على التقدير أي قدر وهو بعيد لا سيما ، وقد خرج الترمذي    { بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم مناديا ينادي في فجاج مكة  ألا إن صدقة الفطر من رمضان واجبة على كل مسلم   } ، وعلى القول المشهور بوجوبها فاختلف في دليل الوجوب  ، فالمشهور أنها واجبة بالسنة كما تقدم ، وقيل بالقرآن وعلى وجوبها بالقرآن ، فقيل بعموم آية الزكاة ، وقيل بآية تخصها وهي قوله { قد أفلح من تزكى    } أي أخرج زكاة الفطر { وذكر اسم ربه فصلى    } أي صلاة العيد ، والظاهر أن المراد بقوله تزكى في الآية أي تزكى بالإسلام وصلى الصلوات الخمس ، قال اللخمي    : وهو الأشبه لقوله " تزكى " وإنما يقال لمن أدى الزكاة : زكى ، على أنه ليس في الآية أمر ، وإنما تضمنت مدح من فعل ذلك ، ويصح المدح بالمندوب ، وإلى تشهير القول بوجوبها والقول بأن دليل الوجوب السنة أشار المصنف  بقوله " يجب بالسنة " . 
( فرع ) قال ابن يونس    : لا يقاتل أهل البلد على منع زكاة الفطر  ، انتهى . وحكمة مشروعيتها  الرفق بالفقراء في إغنائهم عن السؤال يوم الفطر ، وأركانها أربعة : المخرج بفتح الراء ، والمخرج بكسرها ، والوقت المخرج فيه ، ومن تدفع إليه ، وتكلم المصنف  على جميعها فبدأ بالكلام على الركن الأول وهو المخرج بفتح الراء ويتعلق بالكلام باعتبار قدره وجنسه ونوعه فبدأ بالكلام على قدره ، فقال : إنه صاع أو جزؤه ، يعني : أن الواجب في زكاة الفطر  قدره صاع بصاع النبي صلى الله عليه وسلم أو جزء صاع ، ولا يجب أكثر من ذلك ، أما الصاع ففي حق المسلم الحر القادر عليه عن نفسه وعن كل واحد ممن تلزمه نفقته بسبب من الأسباب الآتية ، وأما جزء الصاع ففي العبد المشترك والمعتق بعضه كما سيأتي وفي حق من لم يجد إلا جزء صاع ، قاله في الطراز   : ومن قدر على بعض الزكاة  خرجه على ظاهر المذهب لقوله صلى الله عليه وسلم { إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم   } ، انتهى . وحمل الشارح والبساطي  والأقفهسي  كلام المصنف  على هذا الأخير ، وقال ابن غازي    : حمله على الواجب على سيد العبد المشترك والمبعض أولى من حمله على ما قاله سند  ، ولو أراده المصنف  لقال " أو بعضه " قلت    : وحمله على ما ذكرناه أولى فيكون مراده بيان قدر الواجب في زكاة الفطر . 
				
						
						
