الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                            مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

                                                                                                                            الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( الثاني ) تقدم أن المحرم يشمل المحرم من النسب والرضاع والصهر واختلف في عبدها فقيل : إنه محرم وقال ابن القطان : إنه الصحيح وقيل ليس بمحرم ورجحه ابن الفرات وهو الظاهر وقيل إن كان وغدا وعزاه ابن القطان لمالك وابن عبد الحكم وابن القصار قال ابن فرحون : واختلف هل يكون عبدها محرما يخلو بها ويسافر معها ؟ فيه قولان وعلى القول بالجواز فهل يشترط أن يكون وغدا وبه قال مالك أو لا يشترط ذلك ؟ ذهب القاضي إسماعيل وغيره إلى جواز ذلك قال ابن القطان [ ص: 523 ] وهو الصحيح وذهب ابن القصار وابن عبد الحكم إلى المنع من ذلك وللشافعية القولان قال الإسفراييني : والصحيح المنع انتهى من كتاب النظر في أحكام النظر لابن القطان انتهى كلام ابن فرحون من شرحه وذكره في مناسكه أيضا وما ذكره عن ابن القطان هو في الباب الثاني منه .

                                                                                                                            وقال في النوادر : وكره عمر بن عبد العزيز أن يخرج بها عبدها قيل له إنه أخوها من الرضاعة فلم ير بذلك بأسا انتهى . وقال ابن الفرات : وقد سأل ابن جماعة الشافعي عن مذهب مالك في العبد هل هو من ذوي المحارم فيجوز للمرأة النظر له أم لا كذا رأيته في ورقة بخطه ومراده والله أعلم عبدها ولم أر جوابا في الورقة والجواب لا لأنهم صرحوا بأنه يجوز للعبد أن ينظر من سيدته ما يراه ذو المحرم إلا أن يكون له منظر فيكره أن يرى ما عدا وجهها ولها أن تؤاكله إن كان وغدا دينا يؤمن منه التلذذ بها بخلاف الشاب الذي لا يؤمن فهذا لا يقتضي أنه يتنزل منزلة المحرم في أنه يسافر بها وقد تقدم أن مالكا كره السفر مع ربيبها فما بالك بعبدها الذي يحل لها عند زوال ملكها عنه فهو بمنزلة من حرم بصفة كأخت الزوجة وعمتها وخالتها وقد ذكر الفاكهاني المالكي في شرح عمدة الأحكام ضابطا في المحرم الذي يجوز معه سفر المرأة والخلوة عن الشافعية وهو كل من حرم عليه نكاح المرأة لحرمته على التأبيد بسبب مباح فعلى التأبيد احتراز من عبد الزوجة وعمتها وخالتها وقولهم بسبب مباح احتراز من أم الموطوءة بشبهة فإنها ليست محرما فإن وطء الشبهة لا يوصف بالإباحة وقوله لحرمتها احتراز من الملاعنة فإن تحريمها ليس لحرمتها بل تغليظ قال الفاكهاني .

                                                                                                                            ولا أعلم ما يخالف ذلك عندنا انتهى ، وقد نقل الباجي في المنتقى عن القاضي أبي محمد أنه قال ليس عبدها من ذوي محارمها الذي يجوز لها السفر معه لأن حرمتها منه لا تدوم لأنه يمكن أن تعتقه في سفرها فيحل له تزويجها بعد أن قدم الباجي تفسير المحرم في جامع المنتقى بمن تأبد تحريمها على المرء .

                                                                                                                            ( الثالث ) قال ابن فرحون وأما الكافل فإنه لا يخلو بمكفولته ويسافر معها لأنه كالأب لها من الطرر لابن عات نقله من كتاب الاستغناء لابن عبد الغفور وحكاه ابن عيشون انتهى من مناسكه . ونحوه في شرحه وقال في باب الحضانة إن للوصي والولي غير المحرمين أن يسافر بالصبية إذا لم يكن لها أهل تخلف عندهم وكانا مأمونين ويختلف فيه إذا كان للصبية أهل وهو مأمون وله أهل والله أعلم .

                                                                                                                            وانظر من أرسلت معه أمة لشخص هل يجوز له أن يصحبها معه أم لا ؟ والظاهر أنه يجوز له ذلك إذا أمن من أن يقع في الخلوة المحرمة قال اللخمي في أول كتاب الوديعة : لا تودع المحرم لغير ذي محرم إلا أن يكون مأمونا له أهل لقول النبي صلى الله عليه وسلم { لا يخلون رجل بامرأة ليس بينه وبينها محرم } وأجاز مالك لمن ادعى أمة أنه إذا أقام شاهدا أو أقام خطا ووضع القيمة أن يسافر بها إذا كان مأمونا ومنعه أصبغ . والمنع أصوب للحديث لا يخلون ولأن الخوف عليها من المدعي أشد لأنه يقول : هي أمتي وحلال لي فهو يستبيحها إذا غاب عليها انتهى . وفي ابن سلمون ووثائق الجزيري أن الجارية لا تدفع عليه حتى يثبت أنه مأمون عليها أو يأتي بأمين يتوجه بها معه فيستأجره هو والله أعلم

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية