( فلو هوى لتلاوة ) أو قتل نحو حية ( فجعله ) عند بلوغه حد الركوع ( ركوعا لم يكف ) بل يلزمه أن ينتصب ثم يركع لصرفه هويه لغير الواجب فلم يقم عنه ، وكذا سائر الأركان ومن ثم لو شرع مصلي فرض في صلاة أخرى سهوا وقرأ ثم تذكر لم يحسب له ما قرأه إن كانت تلك نافلة لأنه قرأ معتقدا النفلية كذا أطلقه غير واحد وليس بصحيح لما يأتي قبيل الثاني عشر ، وفي سجود السهو واختلاف التصوير هنا وثم لا نظر إليه لاتحاد المدرك فيهما بل ذاك أولى كما هو ظاهر ولو شك وهو ساجد هل ركع لزمه الانتصاب فورا ثم الركوع ولا يجوز له القيام راكعا وإنما يحسب هويه عن الركوع كما في الروضة والمجموع فيما لو تذكر في السجود أنه لم يركع ومنازعة الزركشي كالإسنوي فيه مردودة لأنه صرف هويه المستحق للركوع إلى أجنبي عنه في الجملة إذ لا يلزم من السجود من قيام وجود هوي الركوع وبه يفرق بين هذا وما لو شك غير مأموم بعد تمام ركوعه في الفاتحة فعاد للقيام ثم تذكر أنه قرأ فيحسب له انتصابه عن الاعتدال وما لو قام من السجود يظن أن جلوسه للاستراحة أو التشهد الأول فبان أنه بين السجدتين أو للتشهد الأخير .
وذلك لأنه في الكل لم يصرف الركن لأجنبي عنه فإن القيام في الأول والجلوس في الأخيرين واحد وإنما ظن صفة أخرى لم توجد فلم ينظر لظنه بخلافه في مسألة الركوع فإنه بقصده الانتقال للسجود لم يتضمن ذلك قصد الركوع معه لما تقرر أن الانتقال إلى السجود لا يستلزمه وبه يعلم أنه لو شك قائما في ركوعه فركع ثم بان أنه هوى من اعتداله لم يلزمه العود للقيام بل له الهوي من ركوعه [ ص: 60 ] لأن هوي الركوع بعض هوي السجود فلم يقصد أجنبيا فتأمل ذلك كله فإنه مهم وبه يتضح أن قول الزركشي لو هوى إمامه فظنه يسجد للتلاوة فتابعه فبان أنه ركع حسب له واغتفر للمتابعة الواجبة عليه إنما يأتي على نزاعه في مسألة الروضة أما على ما فيها فواضح أنه لا يحسب له لأنه قصد أجنبيا كما قررته وظن المتابعة الواجبة لا يفيد كظن وجوب السجود في مسألة الروضة فلا بد أن يقوم ثم يركع .
وكذا قول غيره لو هوى معه ظانا أنه هوى للسجود الركن فبان أن هويه للركوع أجزأه هويه عن الركوع لوجود المتابعة الواجبة في محلها ، بخلاف مسألة الزركشي لا تأتي إلا على مقابل ما في الروضة أيضا كما علم مما قررته وإشارته لفرق بين صورته وصورة الزركشي مما يتعجب منه بل هما على حد سواء ( وأكمله ) مع ما مر ( تسوية ظهره وعنقه ) بأن يمدهما حتى يصيرا كالصفيحة الواحدة للاتباع ( ونصب ساقيه ) وفخذيه إلى الحقو ولا يثني ركبتيه لفوات استواء الظهر به ( وأخذ ركبتيه بيديه ) ويفرق بينهما كما في السجود ( وتفريق أصابعه ) للاتباع فيهما تفريقا وسطا ( للقبلة ) لأنها أشرف الجهات بأن لا يحرف شيئا منها عن جهتها يمنة أو يسرة ( و ) من جملة الأكمل أيضا أنه ( يكبر في ابتداء هويه ) يعني قبيله ( ويرفع يديه ) كما صح عنه صلى الله عليه وسلم من طرق كثيرة ونقله البخاري عن سبعة عشر صحابيا وغيره عن أضعاف ذلك بل لم يصح عن واحد منهم عدم الرفع ومن ثم أوجبه بعض أصحابنا ( ك ) رفعهما في ( إحرامه ) بأن يبدأ به وهو قائم ويداه مكشوفتان وأصابعهما منشورة مفرقة وسطا مع ابتداء التكبير فإذا حاذى كفاه منكبيه انحنى مادا التكبير إلى استقراره في الركوع لئلا يخلو جزء من صلاته عن ذكر .
وكذا في سائر الانتقالات حتى في جلسة الاستراحة فيمده على الألف التي بين اللازم والهاء لكن بحيث لا يتجاوز سبع ألفات لانتهاء غاية هذا المد من ابتداء [ ص: 61 ] رفع رأسه إلى تمام قيامه ( و ) من جملته أيضا أنه ( يقول ) بعد استقراره فيه ( سبحان ربي العظيم ) وبحمده ( ثلاثا ) للاتباع وصح أنه { لما أنزل { فسبح باسم ربك العظيم } قال صلى الله عليه وسلم اجعلوها في ركوعكم فلما نزلت { سبح اسم ربك الأعلى } قال اجعلوها في سجودكم } وحكمته أنه ورد : أقرب ما يكون العبد من ربه إذا كان ساجدا ، فخص بالأعلى أي عن الجهات والمسافات لئلا يتوهم بالأقربية ذلك ، وقيل لأن الأعلى أفعل تفضيل وهو أبلغ من العظيم والسجود أبلغ في التواضع فجعل الأبلغ للأبلغ وأقله فيهما واحدة وأكمله إحدى عشرة ودونه تسع فسبع فخمس فثلاث فهي أدنى كماله كما في رواية ( ولا يزيد الإمام ) عليها إلا بالشروط المارة في الافتتاح ( ويزيد المنفرد ) ندبا ومثله مأموم طول إمامه ( اللهم لك ركعت وبك آمنت ولك أسلمت خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظمي وعصبي ) وشعري وبشري ( وما استقلت به قدمي ) بالإفراد وإلا لقال : قدماي لله رب العالمين لورود ذلك كله وليصدق حينئذ لئلا يكون كاذبا إلا أن يريد أنه بصورة الخاشع وإنما وجب للقيام والجلوس الأخير ذكر ليتميزا عن صورتهما العادية بخلاف الركوع والسجود إذ لا صورة لهما عادة يميزان عنها وألحق بهما الاعتدال والجلوس بين السجدتين لأن اكتنافهما بما قبلهما وما بعدهما يخرجهما عن العادي على أنهما وسيلتان لا مقصودتان ويسن فيه كالسجود سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي وتكره القراءة في غير القيام للنهي عنها .


