( ويسن للمصلي ) أن يتوجه ( إلى جدار [ ص: 157 ] أو سارية ) أي عمود ( أو عصا مغروزة ) أو هنا وفيما بعد للترتيب وفيما قبل للتخيير لاستواء الأولين وتراخي الثالث عنهما فلم يسغ العدول إليه إلا عند العجز عنهما ، وكذا يقال في المصلي مع العصا وفي الخط مع المصلي ( أو بسط مصلى ) بعد عجزه عما ذكر ( أو خط ) خطا ( قبالته ) عرضا أو طولا ، وهو الأولى عن يمينه أو يساره بحيث يسامت بعض بدنه كما هو ظاهر بعد العجز عن المصلى فمتى عدل عن مقدم لمؤخر مع سهولته ولا يشترط تعذره فيما يظهر كانت سترته كالعدم وإذا استتر كما ذكرناه وإن أزالت بنحو ريح أو متعد أثناء صلاته لكن بالنسبة لمن علم بها وقرب من سترته ولو مصلى وخطا لكن العبرة بأعلاهما بأن كان بينها وبين قدميه أي عقبهما أو ما يقوم مقامهما مما يأتي في فصل لا يتقدم على إمامه فيما يظهر ثلاثة أذرع فأقل بذراع الآدمي المعتدل وكان ارتفاع أحد الثلاثة الأول ثلثي ذراع بذلك فأكثر ولم يقصر بوقوفه في نحو مغصوب أو إليه [ ص: 158 ] أو في طريق وألحق بها ابن حبان في صحيحه ، وهو معدود من أصحابنا وتبعه غير واحد الصلاة في المطاف وقت مرور الناس به أو بوقوفه في صف مع فرجة في صف آخر بين يديه لتقصير كل من وراء تلك الفرجة بعدم سدها المفوت لفضيلة الجماعة فللداخل خرق الصفوف وإن كثرت حتى يسدها فإن لم يقصروا لنحو جذب منفرد لمن بها ليصف معه لم يتخط لها أو بسترته بمزوق ينظر إليه أو براحلة نفور أو بامرأة قد يشتغل بها أو برجل استقبله بوجهه .
وإلا فهو سترة فعلم أن كل صف سترة لمن خلفه إن قرب منه ولو شرع مع عدم السترة فوضعت له ، وهو في الصلاة حرم المرور بينه وبينها على ما قاله ابن الأستاذ نظرا لصورتها لا لتقصيره سن له ولغيره الذي ليس في الصلاة ولم يجب على خلاف القياس [ ص: 159 ] احتراما للصلاة لأن وضعها عدم العبث ما أمكن وتوفر الخشوع والدفع ولو من الغير قد ينافيه ( دفع المار ) بينه وبين سترته المستوفية للشروط وقد تعدى بمروره لكونه مكلفا ( والصحيح تحريم المرور ) بينه وبين سترته ( حينئذ ) أي حين إذ سن له الدفع وإن لم يجد المار سبيلا أما سن الصلاة لما ذكر مع تعيين الترتيب السابق فيه للإتباع في الأسطوانة والعصا مع خبر الحاكم { استتروا في صلاتكم ولو بسهم } وفي رواية صحيحة أيضا { ولو بدقة شعرة } وخبر أبي داود { إذا صلى أحدكم فليجعل أمام وجهه شيئا فإن لم يجد فلينصب عصا فإن لم يكن معه عصا فليخط خطا ثم لا يضره ما مر أمامه } أي في كمال صلاته [ ص: 160 ] إذ مذهبنا أنه لا يبطل الصلاة مرور شيء للأحاديث فيه وقاسوا المصلي بالخط بالأولى لأنه أظهر منه في المراد ولذا قدم عليه كما مر .
وجدت تلك الشروط وإلا حرم دفعه لأنه لم يرتكب محرما بل خلاف الأولى ، وهو مراد من عبر بالكراهة ولو في محل السجود خلافا للخوارزمي بل ولو قصر المصلي بما مر لم يكره المرور بين يديه فللخبر الصحيح { إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان } أي معه شيطان أو هو شيطان الإنس وأفاد قوله صلى الله عليه وسلم { فإن أبى } أنه يلزم الدافع تحري الأسهل فالأسهل كالصائل ولا يدفعه بفعل كثير متوال وإلا بطلت صلاته وعليه يحمل قولهم ولا يحل المشي إليه لدفعه وأما حرمة المرور عليه حينئذ فللخبر الصحيح { لو يعلم المار بين يدي المصلي } أي المستتر بسترة يعتد بها كما أفاده الحديث السابق { ماذا عليه من الإثم لكان أن يقف أربعين خريفا أي سنة } كما في رواية { خيرا له من أن يمر بين يديه } والخبر الدال على عدم الحرمة ضعيف ويسن وضع السترة عن يمينه أو يساره ولا يستقبلها بوجهه للنهي عنه ومع ذلك هي سترة محترمة كما هو ظاهر لأن الكراهة لأمر خارج لا لذات كونها سترة [ ص: 161 ]
( تنبيه ) هل العبرة هنا في حرمة المرور المقتضية للدفع باعتقاد المصلي أو المار أو هما كل محتمل إذ قضية جعلهم هذا من باب النهي عن المنكر الثاني إذ لا ينكر إلا المجمع عليه أو الذي اعتقد الفاعل تحريمه ، وقولهم ما مر في ثم لا يضره ما مر أمامه الأول لأن هذا حقه لصونه به عن نقص صلاته فليعتبر اعتقاده ، وقولهم لو لم يستتر بسترة معتبرة حرم الدفع الثالث ، وهو الذي يتجه لأن الذي دل عليه كلامهم أن علة الدفع مركبة من عدم تقصير المصلي وحرمة المرور بدليل أن المراهق لا يدفع وإن وجدت السترة المعتبرة فإذا قصر المصلي بأن لم توجد سترة معتبرة في مذهبه لم يدفع المار وإن اعتقد حرمة المرور كما لو استتر بما لم يعتقد المار الحرمة معها نعم إن ثبت أن مقلده ينهاه عن إدخاله النقص على صلاة مقلد غيره رعاية لاعتقاده دفعه حينئذ ولو تعارضت السترة والقرب من الإمام أو الصف الأول مثلا فما الذي يقدم كل محتمل وظاهر قولهم يقدم الصف الأول في مسجده صلى الله عليه وسلم وإن كان خارج مسجده المختص بالمضاعفة تقديم نحو الصف الأول .


