( باب في سجود التلاوة والشكر ) وقدم سجود السهو لاختصاصه بالصلاة ثم التلاوة ؛ لأنه يوجد فيها وخارجها وأخر الشكر لحرمته فيها ( تسن سجدات ) بفتح الجيم ( التلاوة ) للإجماع على طلبها ولم تجب عندنا ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم { تركها في سجدة والنجم } متفق عليه وصح عن ابن عمر رضي الله عنه التصريح بعدم وجوبها على المنبر ولا يقوم الركوع مقامها كذا عبروا به وظاهره جوازه وهو بعيد والقياس حرمته وقول الخطابي يقوم شاذ ولا اقتضاء فيه للجواز عند غيره كما هو ظاهر ( وهن في الجديد أربع عشرة ) سجدة ( منها سجدتا ) سورة ( الحج ) لما جاء عن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنه بسند حسن وإسلامه إنما كان بالمدينة قبيل فتح مكة { أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس عشرة سجدة في القرآن منها ثلاث في المفصل وفي الحج سجدتان } وروى مسلم عن أبي هريرة وإسلامه سنة سبع { أنه سجد مع النبي صلى الله عليه وسلم في الانشقاق واقرأ بسم ربك } وخبر ابن عباس { لم يسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء من المفصل منذ تحول إلى المدينة } ناف وضعيف على أن الترك إنما ينافي الوجوب ومحالها معروفة نعم الأصح أن آخر آيتها في النحل { يؤمرون } وقيل { يستكبرون } [ ص: 205 ] وفي النمل { العظيم } وقيل { تعلنون } وانتصر له الأذرعي ورد قول المجموع إنه باطل وفي ص { وأناب } ، وقيل { مآب } وفي فصلت { يسأمون } وقيل { تعبدون } وفي الانشقاق { يسجدون } ، وقيل آخرها .
( تنبيه ) إن قيل لم اختصت هذه الأربع عشرة بالسجود عندها مع ذكر السجود والأمر به له صلى الله عليه وسلم في آيات أخر كآخر الحجر وهل أتى قلنا لأن تلك فيها مدح الساجدين صريحا وذم غيرهم تلويحا أو عكسه فشرع لنا السجود حينئذ لغنم المدح تارة والسلامة من الذم أخرى ، وأما ما عداها فليس فيه ذلك بل نحو أمره صلى الله عليه وسلم مجردا عن غيره ، وهذا لا دخل لنا فيه فلم يطلب منا سجود عنده فتأمله سبرا وفهما يتضح لك ذلك .
وأما { يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون } فهو ليس مما نحن فيه ؛ لأنه مجرد ذكر فضيلة لمن آمن من أهل الكتاب


