( باب صلاة الجمعة ) [ ص: 405 ] من حيث ما تميزت به من اشتراط أمور لصحتها وأخرى للزومها وكيفية لأدائها وتوابع لذلك ومعلوم أنها ركعتان وكان حكمة تخفيف عددها ما يسبقها من مشقة الاجتماع المشترط لصحتها وتحتم الحضور وسماع الخطبتين على أنه قيل : إنهما نابتا مناب الركعتين الأخيرتين وهي بإسكان الميم وتثليثها والضم أفصح سميت بذلك لاجتماع الناس لها أو لأن خلق آدم صلى الله عليه وسلم وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام جمع فيها أو لأنه اجتمع فيها مع حواء في الأرض وهي فرض عين وقيل فرض كفاية وهو شاذ وفي خبر رواه كثيرون منهم أحمد أن يومها سيد الأيام وأعظمها وأعظم عند الله من يوم الفطر ويوم الأضحى وفيه أن فيه خلق آدم وإهباطه إلى الأرض وموته وساعة الإجابة وقيام الساعة وفي خبر الطبراني وفيه دخل الجنة وفيه خرج ، وصحح ابن حبان خبر { لا تطلع الشمس ولا تغرب على يوم أفضل من يوم الجمعة } وفي خبر مسلم { فيه خلق آدم وفيه أدخل الجنة وفيه أخرج منها وفيه تقوم الساعة وأنه خير يوم طلعت عليه الشمس } وصح خبر وفيه تيب عليه وفيه مات وأخذ أحمد من خبري مسلم وابن حبان أنه أفضل حتى من يوم عرفة وفضل كثير من الحنابلة ليلته على ليلة القدر ويردهما أن لذينك دلائل خاصة فقدمت وفرضت بمكة ولم تقم بها لفقد العدد أو لأن شعارها الإظهار وكان صلى الله عليه وسلم بها مستخفيا وأول من أقامها بالمدينة قبل الهجرة أسعد بن زرارة [ ص: 406 ] بقرية على ميل من المدينة وصلاتها أفضل الصلوات ( إنما تتعين ) أي تجب عينا ( على كل ) مسلم كما علم من كلامه أول كتاب الصلاة ( مكلف ) أي بالغ عاقل ومثله كما علم من كلامه ، ثم متعد بمزيل عقله فتلزمه كغيرها فيقضيها ظهرا و إن كان غير مكلف وذكرا وإن لم يختصا بها توطئة لقوله ( حر ذكر مقيم ) بمحلها أو بما يسمع منه النداء ( بلا مرض ونحوه ) ، وإن كان أجير عين ما لم يخش فساد العمل بغيبته كما هو ظاهر وذلك للخبر الصحيح { الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة إلا أربعة عبد مملوك [ ص: 407 ] أو امرأة أو صبي أو مريض } فلا جمعة على غير مكلف ومن ألحق به ولا على من فيه رق ، وإن قل كما يأتي وامرأة وخنثى ومسافر ومريض للخبر ولكن يجب أمر الصبي بها كبقية الصلوات كما مر ويسن لسيد قن أن يأذن له في حضورها ولعجوز في بذلتها حيث لا فتنة أن تحضرها كما علم مما مر أول صلاة الجماعة وكذا مريض أطاقه وضابطه أن يلحقه بالحضور مشقة كمشقة المشي في المطر أو الوحل
وإن نازع فيه الأذرعي ونازع أيضا في قوله ونحوه ، وقال : لم أفهم لها فائدة وأجاب غيره بأن المراد به الأعذار المرخصة في ترك الجماعة ورد بأنه ذكرها عقبها ويرد بأن هذا تصريح ببعض ما خرج بالضابط كقوله ومكاتب إلى آخره وحاصله أنه ذكر الضابط مستوفى ذاكرا فيه المرض ؛ لأنه منصوص عليه في الخبر وما قيس به من بقية الأعذار مشيرا إلى القياس بقوله ونحوه ، ثم بين بعض ما خرج به لأهميته ومنه ما خرج بذلك النحو المبهم [ ص: 408 ] بما شمل المقيس كالمقيس عليه وهو قوله : .


