الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            فطره - صلى الله عليه وسلم - وأمره به

            روى مسلم ، والترمذي عن جابر ، والشيخان ، وأبو داود ، والنسائي ، والطحاوي عن ابن عباس - رضي الله عنهم - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج من المدينة في غزوة الفتح في رمضان يصوم ويصومون ، حتى بلغ الكديد بين عسفان وقديد ، وفي رواية بين عسفان وأمج ، وفي حديث جابر : كراع الغميم ، بلغه أن الناس شق عليهم الصيام ، وقيل له : إنما ينظرون فيما فعلت ، فلما استوى على راحلته بعد العصر دعا بإناء من لبن ، أو ماء ، وجزم جابر بأنه ماء . وكذا ابن عباس ، وفي رواية : فوضعه على راحلته ليراه الناس ، فشرب فأفطر ، فناوله رجلا إلى جنبه فشرب فقيل له بعد ذلك : إن بعض الناس صام ، فقال : «أولئك العصاة ، أولئك العصاة” فلم يزل مفطرا حتى انسلخ الشهر .

            وروى مسلم عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال سافرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن صيام ، فنزلنا منزلا ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «إنكم قد دنوتم من عدوكم ، والفطر أقوى لكم” وكانت رخصة ، فمنا من صام ، ومنا من أفطر ، ثم نزلنا منزلا آخر ، فقال :

            «إنكم مصبحو عدوكم ، والفطر أقوى لكم ، فأفطروا” فكانت عزيمة ، فأفطرنا
            . ورد أنه - صلى الله عليه وسلم - أفطر بالكديد ، وفي رواية بغيره كما سبق في القصة ، والكل في سفرة واحدة ، فيجوز أن يكون فطره - صلى الله عليه وسلم - في أحد هذه المواضع حقيقة إما كديد ، وإما كراع الغميم ، وإما عسفان ، وإما قديد ، وأضيف إلى الآخر تجوزا لقربه منه ، ويجوز أن يكون قد وقع منه - صلى الله عليه وسلم - الفعل في المواضع الأربعة ، والفطر في موضع منها ، لكن لم يره جميع الناس فيه ، لكثرتهم ، وكرره ليتساوى الناس في رؤية الفعل ، فأخبر كل عن رؤية عين وأخبر كل عن محل رؤيته .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية