قتل عبد الرحمن أمير الأندلس وولاية عبد الملك بن قطن
في هذه السنة ، وهي سنة ثلاث عشرة ومائة ، غزا عبد الرحمن بن عبد الله الغافقي أمير الأندلس من قبل عبيدة بن عبد الرحمن السلمي ، وكان هشام بن عبد الملك قد استعمل عبيدة على إفريقية ( والأندلس سنة عشر ومائة ، فلما قدم إفريقية رأى ) المستنير بن الحارث الحريثي غازيا بصقلية ، وأقام هناك حتى هجم عليه الشتاء ثم قفل راجعا ، فغرق من معه وسلم المستنير في مركبه ، فحبسه عبيدة عقوبة له وجلده وشهره بالقيروان .
ثم إن عبيدة استعمل على الأندلس عبد الرحمن بن عبد الله ، فغزا إفرنجة وأوغل في أرضهم وغنم غنائم كثيرة ، وكان فيما أصاب رجل من ذهب مفصصة بالدر والياقوت والزمرد ، فكسرها وقسمها في الناس . فبلغ ذلك عبيدة ، فغضب غضبا شديدا ، فكتب إليه يتهدده ، فأجابه عبد الرحمن ، وكان رجلا صالحا : أما بعد فإن السماوات والأرض لو كانت رتقا لجعل الله للمتقين منها مخرجا . ثم خرج غازيا ( ببلاد الفرنج هذه السنة ، وقيل : سنة أربع عشرة ، وهو الصحيح ) ، فقتل هو ومن معه شهداء .
ثم إن عبيدة سار من إفريقية إلى الشام ومعه من الهدايا والإماء والعبيد والدواب وغير ذلك شيء كثير ، واستعفى هشاما ، فأجابه إلى ذلك وعزله ، وكان قد استعمل على الأندلس بعد قتل عبد الرحمن عبد الملك بن قطن .
ثم إن هشاما استعمل على إفريقية بعد عبيدة عبيد الله بن الحبحاب ، وكان على مصر ، فسار عبيد الله إلى إفريقية سنة ست عشرة ومائة فأخرج المستنير من الحبس وولاه تونس .
ثم إن عبيد الله جهز جيشا مع حبيب بن أبي عبيدة وسيرهم إلى أرض السودان ، فظفر بهم ظفرا لم يظفر أحد مثله وأصاب ما شاء ، ثم غزا البحر ثم انصرف .