الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            عن سعيد بن المسيب ، عن عمر بن الخطاب ، قال: ولد لأخي أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم غلام فسموه الوليد ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "سميتموه اسم فراعينكم ، ليكونن في هذه الأمة رجل يقال له الوليد هو شر على هذه الأمة من فرعون لقومه" .

            وفي رواية عن الأوزاعي ، قال: سألت عن هذا الحديث الزهري ، فقال: إن استخلف الوليد بن يزيد ، وإلا فهو الوليد بن عبد الملك .

            قال ابن الجوزي رحمه الله: والوليد بن يزيد أحق من الوليد بن عبد الملك ، وكان الوليد بن يزيد مشهورا بالإلحاد ، مبارزا بالعناد ، مطرحا للدين ، وإنما قال عليه السلام: "سميتموه بأسماء فراعينكم" لأن اسم فرعون موسى الوليد .

            فلما ولي الوليد زاد ما كان يفعله من اللهو. والشراب والأغاني حتى إنه أحضر معبدا المغني من المدينة ، فحضر وهو على بركة مملوءة خمرا ، فغناه فقذف نفسه في البركة ، فنهل منها ثم خرج فتلقي في الثياب والمجامر ، فأعطاه خمسة عشر ألف دينار ، وقال: انصرف بها إلى أهلك واكتم ما رأيت . وقد روى أبو عبيدة المرزباني ، قال: حدثنا أحمد بن كامل ، قال: كان الوليد بن يزيد زنديقا ، وأنه فتح المصحف يوما فرأى فيه واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد فألقاه ورماه بالسهام ، وقال:


            تهددني بجبار عنيد فها أنا ذاك جبار عنيد     إذا ما جئت ربك يوم حشر
            فقل يا رب حرقني الوليد]

            قال حلم الوادي المغني : كنا مع الوليد وأتاه خبر موت هشام وهنئ بولاية الخلافة ، وأتاه القضيب والخاتم ، ثم قال : فأمسكنا ساعة ونظرنا إليه بعين الخلافة ، فقال : غنوني :

            طاب يومي ولذ شرب السلافه     وأتانا نعي من بالرصافه
            وأتانا البريد ينعي هشاما     وأتانا بخاتم للخلافه
            فاصطبحنا من خمر عانة صرفا     ولهونا بقينة عرافه


            وحلف أن لا يبرح من موضعه حتى يغنى في هذا الشعر ويشرب عليه ففعلنا ذلك ، ولم نزل نغني إلى الليل .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية