الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            وفي هذه السنة: ولى الوليد بن يزيد نصر بن سيار خراسان كلها ،  وأفرده بها ، ثم وفد يوسف بن عمر على الوليد فاشترى نصرا وعماله منه ، فرد إليه ولاية خراسان فكتب يوسف بن عمر إلى نصر بن سيار يأمره بالقدوم عليه ، ويحمل ما قدر عليه من الهدايا والأموال ، وأن يقدم عليه بعماله أجمعين ، فلما أتى نصرا كتابه قسم على أهل خراسان الهدايا وعلى عماله ، فلم يدع بخراسان جارية ولا عبدا ولا برذونا فارها إلا أعده ، واشترى ألف مملوك وأعطاهم السلاح وحملهم على الخيل ، وأعد خمسمائة وصيفة ، وأمر بصياغة الأباريق من الذهب والفضة ، وتماثيل الظباء ، ورءوس السباع ، والأيايل وغير ذلك . فلما فرغ من ذلك كله كتب إليه الوليد يستحثه ، فسرح الهدايا حتى بلغ أوائلها بيهق ، وكتب إليه الوليد يأمره أن يبعث إليه ببرابط وطنابير وأباريق ذهب وفضة ، وأن يجمع كل صناجة بخراسان [وكل بازي وبرذون فاره ، ثم يسير بذلك كله بنفسه ووجوه خراسان ] فلم يزل يتوقف حتى وقعت الفتنة ، فتحول نصر إلى قصره بما حاز ، وكان قد أتاه آت وأخبره أن الوليد قد قتل ، ووقعت الفتنة بالشام . وكان المنجمون قد أخبروا نصرا بفتنة تكون ، وألح يوسف على نصر بالقدوم ، وأرسل إليه رسولا في ذلك ، وأمره أن يستحثه أو ينادي في الناس أنه قد خلع . فأرضى نصر الرسول وأجازه ، فلم يمض لذلك إلا يسير حتى وقعت الفتنة . فتحول إلى قصره بماجان واستخلف عصمة بن عبد الله الأسدي على خراسان ، وموسى بن ورقاء بالشاش ، وحسان من أهل الصغانيان بسمرقند ، ومقاتل بن علي السغدي بآمل ، وأمرهم إذا بلغهم خروجه من مرو أن يستجلبوا الترك ليعبروا على ما وراء النهر ليرجع إليهم . وسار إلى العراق .

            فبينا هو يسير إلى العراق طرقه مولى لبني ليث وأعلمه بقتل الوليد ، فلما أصبح أذن للناس ، وأحضر رسل الوليد وقال لهم : قد كان من مسيري ما علمتم ، وبعثي بالهدايا ما رأيتم ، وكان قد قدم الهدايا فبلغت بيهق ، وطرقني فلان ليلا فأخبرني أن الوليد قد قتل ، ووقعت الفتنة بالشام ، وقدم منصور بن جمهور العراق ، وهرب يوسف بن عمر ، ونحن بالبلاد التي قد علمتم حالها وكثرة عدونا . فقال سالم بن أحوز : أيها الأمير إنه بعض مكايد قريش ، أرادوا تهجين طاعتك ، فسر ولا تمتحنا . فقال : يا سالم أنت رجل لك علم بالحرب وحسن طاعة لبني أمية ، فأما مثل هذه الأمور فرأيك فيها رأي أمة هتماء . ورجع بالناس .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية