الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب


            ثم دخلت سنة أربع وثلاثين ومائة

            [ ذكر خلع بسام بن إبراهيم   ]

            وفي هذه السنة خلع بسام بن إبراهيم بن بسام ، وكان من فرسان أهل خراسان ، وسار من عسكر السفاح هو وجماعة على رأيه سرا إلى المدائن ، فوجه إليه السفاح خازم بن خزيمة ، فاقتتلوا ، فانهزم بسام وأصحابه ، وقتل أكثرهم ، وقتل كل من لحقه منهزما .

            ثم انصرف فمر بذات المطامير ، وبها أخوال السفاح من بني عبد المدان ، وهم خمسة وثلاثون رجلا ، ومن غيرهم ثمانية عشر رجلا ، ومن مواليهم سبعة عشر ، فلم يسلم عليهم ، فلما جازهم شتموه .

            وكان في قلبه عليهم ما كان لما بلغه عنهم من حال المغيرة بن الفزع وأنه لجأ إليهم ، وكان من أصحاب بسام ، فرجع إليهم وسألهم عن المغيرة ، فقالوا : مر بنا رجل مجتاز لا نعرفه فأقام في قريتنا ليلة ثم خرج عنا . فقال لهم : أنتم أخوال أمير المؤمنين يأتيكم عدوه ويأمن في قريتكم ! فهلا اجتمعتم فأخذتموه ! فأغلظوا له في الجواب ، فأمر بهم فضربت أعناقهم جميعا ، وهدم دورهم ، ونهب أموالهم ثم انصرف .

            فبلغ ذلك اليمانية فاجتمعوا ، ودخل زياد بن عبد الله الحارثي معهم على السفاح ، فقالوا له : إن خازما اجترأ عليك واستخف بحقك ، وقتل أخوالك الذين قطعوا البلاد وأتوك معتزين بك طالبين معروفك حتى صاروا في جوارك ، قتلهم خازم وهدم دورهم ، ونهب أموالهم بلا حدث أحدثوه .

            فهم بقتل خازم فبلغ ذلك موسى بن كعب ، وأبا الجهم بن عطية ، فدخلا على السفاح وقالا : يا أمير المؤمنين ، بلغنا ما كان من هؤلاء ، وأنك هممت بقتل خازم ، وإنا نعيذك بالله من ذلك ، فإن له طاعة وسابقة ، وهو يحتمل له ما صنع ، فإن شيعتكم من أهل خراسان قد آثروكم على الأقارب والأولاد وقتلوا من خالفكم ، وأنت أحق من تغمد إساءة مسيئهم .

            فإن كنت لا بد مجمعا على قتله فلا تتول ذلك بنفسك وابعثه لأمر إن قتل فيه كنت قد بلغت الذي تريد ، وإن ظفر كان ظفره لك .

            وأشاروا عليه بتوجيهه إلى من بعمان من الخوارج ، وإلى الخوارج الذين بجزيرة ابن كاوان مع شيبان بن عبد العزيز اليشكري ، فأمر السفاح بتوجيهه مع سبعمائة رجل ، وكتب إلى سليمان بن علي ، وهو على البصرة ، بحملهم إلى جزيرة ابن كاوان وعمان ، فسار خازم .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية