الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            وقد روى البيهقي عن الحاكم ، بسنده أن عبد الله بن المبارك سئل عن أبي مسلم; أكان خيرا أم الحجاج؟ فقال : لا أقول إن أبا مسلم كان خيرا من أحد ، ولكن كان الحجاج شرا منه .

            وقد اتهمه بعضهم على الإسلام ، ورموه بالزندقة ، ولم أر فيما ذكروه ما يدل على ذلك ، بل على أنه كان ممن يخاف الله من ذنوبه ، وقد ادعى التوبة مما كان سفك من الدماء في إقامة الدولة العباسية . والله أعلم بأمره .

            وقد روى الخطيب عنه أنه قال : ارتديت الصبر ، وآثرت الكتمان ، وحالفت الأحزان والأشجان ، وسامحت المقادير والأحكام حتى بلغت غاية همتي ، وأدركت نهاية بغيتي . ثم أنشأ يقول :


            قد نلت بالحزم والكتمان ما عجزت عنه ملوك بني مروان إذ حشدوا     ما زلت أضربهم بالسيف فانتبهوا
            من رقدة لم ينمها قبلهم أحد     طفقت أسعى عليهم في ديارهم
            والقوم في ملكهم بالشام قد رقدوا     ومن رعى غنما في أرض مسبعة
            ونام عنها تولى رعيها الأسد

            قال ابن الجوزي: نقلت من خط أبي الوفا بن عقيل قال: وجدت في تعاليق محقق من أهل العلم: أن سبعة مات كل واحد منهم وله ست وثلاثون سنة ، فعجبت من قصر أعمارهم مع بلوغ كل منهم الغاية فيما كان فيه ، وانتهى إليه ، فمنهم: الإسكندر ذو القرنين ، وأبو مسلم صاحب الدولة العباسية ، وابن المقفع صاحب الخطابة والفصاحة ، وسيبويه صاحب التصانيف والمتقدم في علم العربية ، وأبو تمام الطائي وما بلغ من الشعر وعلومه ، وإبراهيم النظام المعمق في علم الكلام ، وابن الريوندي وما انتهى إليه من التوغيل في المخازي . فهؤلاء السبعة لم يجاوز أحد منهم ستا وثلاثين سنة ، بل اتفقوا على هذا القدر من العمر .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية