وفيها كانت خلافة الداخل على بلاد الأندلس ، وهو عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان الهشامي ، كان قد دخل إلى بلاد المغرب فاجتاز بمن معه من أصحابه بقوم يقتتلون على عصبية اليمانية والمضرية ، فبعث مولاه بدرا إليهم فاستمالهم إليه ، فبايعوه ودخل بهم ، ففتح بلاد الأندلس ، واستحوذ عليها ، وانتزعها من يد نائبها يوسف بن عبد الرحمن بن حبيب بن أبي عبيدة بن عقبة بن نافع الفهري وقتله ، وسكن عبد الرحمن قرطبة ، واستمر في خلافته في تلك البلاد من هذه السنة - أعني سنة ثمان وثلاثين ومائة - إلى سنة ثنتين وسبعين ومائة فتوفي فيها ، وله في الملك أربع وثلاثون سنة وأشهر .
ثم قام من بعده ولده هشام ست سنين وأشهرا ثم مات ، فولي ولده الحكم بن هشام ستا وعشرين سنة وأشهرا ، ثم من بعده ولده عبد الرحمن بن الحكم ثلاثا وثلاثين سنة ، ثم من بعده محمد بن عبد الرحمن بن الحكم ستا وعشرين سنة ، ثم ابنه المنذر بن محمد ، ثم أخوه عبد الله بن محمد ، ثم ابن ابنه عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن محمد بن المنذر . وكانت أيامه بعد الثلاثمائة بدهر ، ثم زالت تلك الدولة كما سنذكر ، ثم انقضت تلك السنون وأهلها فكأنهم على ميعاد .